" بسم الله الرحمن الرحيم "

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له  ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} .

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِ ي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ  فَقَدْ فَازَ   فَوْزاً عَظِيماً}

أما بعد أحيكم بتحية الإسلام تحية من عند الله مباركة طيبة فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

وهذا اللقاء الذي هو أعظم المناجاة ..

ـ كيف نتعلم أدب المناجاة مع الله سبحانه وتعالى؟

ـ ماذا يسمع المؤذن ويقوم المسلم يتوضأ ويستعد للصلاة؟

ـ ماذا يعني لكل مسلم عندما يخرج من بيته للمسجد؟

ـ ما ذا تعني هذه المناجاة؟

فهذا المقام مقام اشرأبت له الاعناق، مقام ارتعدت له فرائس وقلوب الصا دقين ـ ويروى عن بعض السلف إذا قام للصلاة ارتجف كما يرتجف العصفور وكان علي بن زيد العابدين يصفر لونه ويرتعد أطرافه عندما يقبل ويريد الدخول في الصلاة ـ وكانوا يسألونه ماذا بك؟

قال من بين يدي سأقوم ـ هذه مناجاة ـ لقاء بين يدي الله عزوجل ..

هذا الركن العظيم الذي جعله الله خمس مرات في اليوم والليلة .

الصيام مرة في السنة والزكاة مرة في السنة إذا حال الحول والحج مرة في العمر أما الصلاة فهي خمس مرات في اليوم والليلة يقوم بها المسلم بين يدي الله ..

ـ ما سر هذا المقام ؟

ـ ما سر هذه المناجاة ؟

ـ لماذا خمس مرات في اليوم والليلة؟

لذلك لابد من معرفة أسراره ـ نعرف تعظيم هذا المقام ـ هذا الدخول ليس دخول عادي، عندما تسمع المؤذن ينادي  حي على الصلاة , حي على الفلاح ، عندما ينادي المنادي الله أكبر ـ ماذا تعني هذه الكلمة ؟

أنه سبحانه جل وعلا أكبر من كل شيء من المال والولد والدنيا وما فيها ..

ـ كيف تتأدب بالدخول على ملك الملوك سبحانه؟

لذلك لابد أن نقف عندما نقوم إلى هذه المشاهد الربانية وأنت تقوم الى الصلاة وقبل الدخول للصلاة ينبغي أن تتأدب  بالطهارة فتتطهر ظاهرا وباطنا. طهارة حسية وطهارة معنوية. تطهر الباطن وتطهر الظاهر فكل قطرة تخرج من جسد المؤمن في الوضوء تتقاطر معها الذنوب والسيئات. وهذا الوضوء فبهذه الطهارة أنت تتهيأ للدخول على الملك، للوقوف بين يدي الملك جل وعلا، ولله المثل الأعلى لو أن شخص لديه موعد مع مسؤول أو شخص لديه منزلة لاستعد لها عدتها ورتب نفسه ولبس أحسن اللباس وراجع نفسه ماذا يقول عند دخوله " ولله المثل الأعلى "

            السؤال  استعددنا للدخول على ملك الملوك جل وعلا في أعظم مقام وفي أجل مقام وفي مقام                    " إياك نعبد وإياك نستعين "

فينبغي للمؤمن اتقان الوضوء فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "   (( عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ    ...... الحديث ))    رواه البخاري ومسلم

فقد جعل الصلاة إيمان والطهور شطره إذا اتقنت الطهارة اتقنت القيام وإذا اختلت الطهارة ودخلت على الله بطهارة مسروقة أو ناقصة لم يتم القيام . فيجب معرفة الوضوء وكيف يتقن الوضوء , كيف تتوضأ بوضوء كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ومتابعة الرسول عليه الصلاة والسلام  في الوضوء كما أمر ؟

أتوضأ بماء قليل ولا أسرف في الوضوء وأطبق السنة في الوضوء وأبالغ الوضوء وأسبغ الوضوء على أعضاء الجسم كاملة بدون نقص ولا إسراف. فقد يُحرم الانسان الخشوع في الصلاة بسبب عدم إتمام الوضوء أو بسبب الاسراف في الماء ويحرم المقام ولذة المناجاة بسبب اختلال الوضوء .

فإذا أردت أن تدخل على الملك فأحسن الطهارة ـ تدخل بوضوء كامل كما أن النبي صلى الله عليه وسلم فالرسول كان يتوضأ أمام أصحابه وعثمان بن عفان كان يتوضأ أمام طلابه ـ يعلمونهم السنة  .

ويستشعر الانسان إذا توضأ ان الذنوب تتقاطر مع قطرات الماء مع قولك

" اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين "

 ثم من السنة ذكر أدعية الوضوء " سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك "

كما في  الحديث عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُبْلِغُ أَوْ فَيُسْبِغُ الْوَضُوءَ ثُمَّ يَقُولُ : أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ  وَرَسُولُهُ ، إِلا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ )  ( رواه مسلم (234) .

هل استشعرنا هذا الافتتاح ؟ !

هل استشعرنا هذه الجنان؟!

فحري بنا أن نعرف أدب الدخول على رب العزة والجلال ـ 

الصلاة ما أثرها على القلب ؟ !

هل لها حلاوة ، هل لها انشراح ؟ !

قيام الليل ما أثره على القلب؟

ـ  فمن أعظم أثار الصلاة الخاشعة أن صاحبها يخرج منها بانشراح عظيم أوسع من الدنيا وما فيها

 ـ  ومن آثارها أنها تزيل الهم والغم من قلب المؤمن ؟

 ـ   من آثار الصلاة الخاشعة أن المؤمن إذا دخل بها لا يريد أن يخرج منها ..

وهذه مقايس تطبق على الصلاة لتصل إلى درجة وصلت إلى الصلاة الخاشعة ..

فهذا المقام أعظم مقام وأجل مقام . والشيطان يريد أن يصد المؤمن عنه باي طريقة فهناك شيطان مخصص للصلاة يسمى  " خنزب  "  هذا الشيطان يصد المؤمن عن الخشوع في الصلاة ..

فالله تعالى يقبل على العبد فإذا أقبل عليه أقبل وإذا انصرف العبد انصرف جل جلاله . فنعوذ بالله من الخذلان إذا دخل المؤمن في الصلاة يكون قد فرغ قلبه ، قد فرغ باطنه،  قد فرغ حوائجه ، قد استعد للوقوف بين يدي الله .

قد تجمل لله تعالى كما قال تعالى : " ((يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِد)) ( الأعراف:31 )

فالرجل إذا ذهب للمسجد ينبغي أن يلبس أحسن الثياب ويتجمل ويتطهر ويتطيب وكذلك المرأة إذا في بيتها ينبغي أن تتجمل لله تعالى بأجمل لباس وأجمل طيب فهذه لها أثر في تعظيم الله تعالى فالله جميل يحب الجمال . فكيف وأنت بهذا  الدخول وهذا المقام  ؟

فإذا دخل العبد بين يدي الله تعالى اتجه إلى القبلة وهذا الاتجاه إلى القبلة في حد ذاته له حلاوة وله مناجاة  .

قال تعالى : " ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ﴾

هذه القبلة التي جعلها الله قبلة للمسلمين يتجهون إلى بيت عظيم وهذه الكعبة التي رفعها إبراهيم عليه السلام أبو التوحيد قال تعالى : " وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ )

  ( 127 البقرة ) رفعوها بالإيمان والإخلاص والتقوى والصدق ويرجون من الله القبول ، صادقين مخلصين ـ هذه القبلة التي تتوجه إليها وأنت في صلاتك قد قصدت في صلاتك الله سبحانه وتعالى  ، جرد قلبك من اتباع الهواء والشهوات من الدنيا ومشاغلها فإذا دخلت في الصلاة تكبر تكبيرة الإحرام " الله أكبر" إذا قلت هذه الكلمة حرم عليك الكلام وحرم عليك الأكل والشرب والالتفات حرمت عليك كل الأمور التي كنت تفعلها ودخلت على ملك الملوك "

الله أكبر " أكبر من المال والولد والزوج والقريب والبعيد والدنيا وما فيها ، بل إن هذه الكلمة ذلت لها الجباه وخضعت لها الرقاب لننظر نظرة الى الحرم في الحج والعمرة الناس في حركة مستمرة ومجرد الإمام يقف ويكبر كل الصفوف اصطفت "   وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ " ( طه 111 )

منظر الصفوف في الحرم ، منظر التوحيد  ، منظر التعظيم ، منظر القوة ، منظر الجبروت  ، وكان هذا المنظر سبب اسلام أحد الكفار ، رجل أمريكي رأى هذا المنظر فقال : ما هذا ؟ قال هذه الأعداد في الملايين لا ينظمها ولا آلاف  الفرق الكشفية والمنظمات ورجال الأمن وفي  جزء من الدقيقة واحدة كلها اصطفت ماهذا ؟ 

فهذا المنظر يهز القلوب ويقوي الإيمان " لا إله إلا الله " ألوف البشر كلهم خضعوا له سبحانه جل وعلا  فشهد هذا الرجل ( أن لا إله إلا الله  ) ودخل في الإسلام !!

هذا لا يمكن أن يكون أمر عادي  هذا دليل على صدق هذه الرسالة ودليل عل وجود الرب سبحانه وتعالى الذي خضعت له الرقاب وذلت له الجباه ، فمجرد استشعار هذا عند قول  " الله أكبر "

فقد قطعت الشواغل وعلمت أن أكبر من كل شيء  تستفتح بدعاء الاستفتاح ودعاء الاستفتاح ثناء على الله ، والله سبحانه يحب الثناء فالإنسان يفعل ما يحبه سبحانه وتعالى فأكثر من الثناء عليه، وتعلم آداب الثناء على الله ،لا أحب من الثناء على الله وهو أهل المجد وأهل الثناء سبحانه وتعالى لا أحد يليق به المدح والثناء والتعظيم إلا هو سبحانه جل وعلا  ، ووردت عد د من أنواع الاستفتاح ينبغي للعبد أن يتعلمها فكلما نوع العبد في الصيغ التي يقولها في الصلاة كلما أدى الى الخشوع منها قوله " هو ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم:

ففي الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسكت بين التكبير وبين القراءة إسكاتة، فقلت: بأبي وأمي يا رسول الله، إسكاتك بين التكبير والقراءة ما تقول؟ قال: "أقول:

اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلـج والبرد".

وقد وردت صيغ أخرى للاستفتاح منها " سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك"   " رواه الترمذي مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم   "

 ومن أدعية الاستفتاح "  التي كان يقولها عليه الصلاة والسلام عند قيام الليل "ما رواه علي رضي الله عنه قال: كان النبي ﷺ إذا قام إلى الصلاة قال: «وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ, إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ, لاَ شَرِيكَ لَهُ, وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ, اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لاَ

 إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ, أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُكَ, ظَلَمْتُ نَفْسِي وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي, فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعاَ إِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ [وَاهْدِنِي لأَحْسَنِ الأَخْلاَقِ لاَ يَهْدِي لأَحْسَنِهَا إِلاَّ أَنْتَ, وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا, لاَ يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلاَّ أَنْتَ] , لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ وَأَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ» رواه أحمد ومسلم

وأبو داود والنسائي " ومن ذلك ما روت عائشة: أَنَّ النَّبِيُّ ﷺ كَانَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ افْتَتَحَ صَلاَتَهُ: «اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ, عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ, أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ, اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ, إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ»  " رواه الجماعة إلا البخاري "  

وفي رواية لأحمد وأبي داود " «كَانَ إِذَا قَامَ كَبَّرَ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرَائِيلَ» الحديث 

ما روى [أبو العباس]: أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كَانَ يَقُولُ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ: «اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ, وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيَّامُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ, وَلَكَ الْحَقُّ أَنْتَ الْحَقُّ، وَقَوْلُكَ الْحَقُّ, وَوَعْدُكَ الْحَقُّ, وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ, وَالْجَنَّةُ حَقٌّ, وَالنَّارُ حَقٌّ, وَالسَّاعَةُ حَقٌّ, وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ, اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ, وَبِكَ آمَنْتُ, وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ, وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ, وَبِكَ خَاصَمْتُ, وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ, فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ, وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ, أَنْتَ [الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ -أَوْ لاَ إِلَهَ غَيْرُكَ-]»

رواه الجماعة. وفي رواية لأبي داود: «كَانَ فِي التَّهَجُّدِ يَقُولُ بَعْدَ مَا يَقُولُ: اللهُ أَكْبَرُ»

ومن أدعيته قوله : ما روي عن عائشة رضي الله عنها: أنها سُئلت: بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ يَسْتَفْتِحُ النَّبِيُّ ﷺ قِيَامَ اللَّيْلِ؟

فَقَالَتْ: «كَانَ إِذَا قَامَكَبَّرَ عَشْرًا, وَحَمِدَ اللهَ عَشْرًا, وَسَبَّحَ عَشْرًا, وَهَلَّلَ عَشْرًا, وَاسْتَغْفَرَ عَشْرًا, وَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَاهْدِنِي وارْزُقْنِي وَعَافِنِي وَيَتَعَوَّذُ مِنْ ضِيقِ الْمَقَامِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»  " رواه أحمد وأبو داود "

وعن عبد الله بن عمرو: أنه كان إذا افتتح الصلاة قال: «الله أكبر كبيراً, والحمد لله كثيراً, وسبحان الله بكرةً وأصيلاً, اللهم اجعلك أحبَّ وأحسن شيء إليَّ وأخشى شيء عندي»

فحري بنا أن نتعلم الثناء على الله ولو يجلس الإنسان ساعة يثني على الله في قيام الليل فكلما أثناء العبد على الله كلماحقق التوحيد وكلما غفر الله ذنوبه وكلما ابتعد عنه عدوه ـ فيقوم قيام الأوابين ،  قيام الصادقين ،  قيام الذي استشعر الذي ينظر إلى ربه فوق عرشه سبحانه جل وعلا ..

كما قيل لبعض السلف : كيف أنت في صلاتك ؟

قال إذا دخلت في صلاتي تمثلت القبلة بين عيني ، وتمثلت الصراط تحت قدمي وتمثلت الجنة عن يميني والنار عن شمالي وملك الموت خلفي سيقبض علي ناصيتي "

 صلاته صلاة مودع آخر صلاة في حياته . كيف تكون ؟ !

فيكون الاستفتاح بالتحميد والتهليل والثناء على الله والاستغفار والتوبة ..

ثم يعتصم بالله من عدوه " أعوذ بالله من الشيطان الرجيم "

 وجوباً ويستشعر الاستعاذة من الشيطان من هذا العدو الذي يريد أن يسرق صلاتك الذي يجلب عليك بخيلك ورجلك ويصدك عن هذا المقام .

فإذا قال العبد : " بسم الله الرحمن الرحيم "

" بسم الله " اسم الله الأعظم وهذا يفتتح بها كل أمر بسم الله يفتتح بها كل أمور الحياة  ، نأكل بسم الله ، ونشرب بسم الله  ، وندخل بسم الله ، ونخرج بسم الله ، وسائر الأحوال كلها بالله فما سر هذا الاسم الذي جعله الله مفتاح  لجميع العبادات ومفتاح  لجميع أمور الحياة  ؟ !

ذكر العلماء خصائص هذا الاسم الذي هو اسم لفظ الجلالة وهو اسم الله الأعظم  ـ

ـ من خصائص اسم  الله جل جلاله : ـ

ـ    هذا الاسم ما أطلق على غير الله تعالى فإن العرب كانوا يسمون الأوثان آلهة إلا هذا الاسم فإنهم ما كانوا يطلقونه على غير الله سبحانه وتعالى والدليل عليه قوله تعالى: "

 وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ  " ( [لقمان: 25]

ـ  هذا الاسم هو الأصل في أسماء الله سبحانه وتعالى وسائر الأسماء مضافة إليه.

قال تعالى: "  وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا  " ( [الأعراف: 180]

  ـ  من خصائص اسم الله أضاف  سائر الأسماء إليه،  قال تعالى "

" هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " ( الحشر 22 ـ 24 )

 قال بعض العلماء اسم الله " وهو اسم الله الأعظم الذي إذا سؤل به أعطى وإذا استرحم رحم  " شرح الأربعين النووية   ـ   من خصائص اسم الله قال ابن القيم:

 ((الإله هو الجامع لجميع صفات الكمال ونعوت الجلال، فيدخل في هذا الاسم جميع الأسماء الحسنى، ولهذا كان القول الصحيح أن الله أصله الإله كما هو قول سيبويه وجمهور أصحابه إلا من شذ منهم، وأن اسم الله تعالى هو الجامع لجميع معاني الأسماء الحسنى والصفات العلى))   بدائع الفوائد (1/212)

ـ  من خصائص اسم الله ((تعرف الرب تبارك وتعالى إلى موسى باسمه الله: تعرف الله إلى عباده باسمه ((الله)) كثيرًا، ومن هؤلاء نبي الله موسى عليه السلام عندما أرسله إلى قومه، فعندما كان موسى عليه السلام، عائدًا بأهله من مدين في طريقه إلى مصر في ليلة ظلماء باردة، رأى على البعد بجانب الطور نارًا، فقال لأهله: "  امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ * فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِن شَاطِئِ الْوَادِي الأَيْمَنِ فِي

الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ  " ( [القصص: 29-30]

وقال له:  " وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى * إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي  " ( [طه: 13-14].

 فتعريف الله نبيه موسى بأنه اللهُ ربُّ العالمين، وأنه اللهُ الحق الذي لا يستحق العبادة إلا هو.

وقد تعـرف الله إلى عـباده في كتابه المـنزل على عـبده ورسـوله محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم بمثل ذلك، ومن هذا ما جاء في فاتحة أعظم آيات هذا الكتاب، وهي آية الكرسـي، فقد جاء في أولها   ..

" اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ  " ( [البقرة: 255]   " أسماء الله الحسنى الهادية إلى الله والمعرفة به (ص 33-34)

ـ ((ومن خصائصه أنه الاسم الذي اقترنت به عامة الأذكار المأثورة، فالتهليل والتكبير والتحميد والتسبيح والحوقلة والحسبلة والاسترجاع والبسملة وغيرها من الأذكار مقرنة بهذا الاسم غير منفكة عنه، فإذا كبًّر المسلم ذكر هذا الاسم، وإذا حمد ذكره، وإذا هلل ذكره، وهكذا في عامَّة الأذكار.  "

ـ  ومن خصائصه ... قد افتتح الله جلَّ وعَلا به ثلاثا وثلاثين آية))  " فقه الأسماء الحسنى (ص 90-91)"

 ـ من خصائص هذا الاسم انه ذكر في القرآن اكثر من 2724 مرة .

هذا مما يؤكد أنه اسم الله الأعظم لأن بعض أسماء الله ذكرت مرة أو أربع مرات أو مرتين ولكن اسم الله ذكر في كتاب الله أكثر من 2724مرة "  

ـ ((هذا الاسم يختص عن سائر الأسماء بخواص أولها: - أنه أولها. وثانيها: أنه أعظمها. وثالثها: أنه أعمها مدلولا.

ورابعا: أن مدلولاته لا تنحصر. وخامسها: أنه أولى بالاسمية وسائر أسمائه أولى بالأوصاف. وسادسها: اختصاصه بالله شرعًا ونقلًا. وسابعها: أن الله سبحانه قبض عنه الأفئدة والألسنة فلم يتجاسر أحد على التسمي به.

 وثامنها: أنه الذي يفتتح به كل أمر تبركـًا وتيمنًا. وتاسعها: أنه متعارف عند الجميع لم تنكره أمة من الأمم.

وعاشرها: أنه إذا ارتفع من الأرض قامت الساعة))  "  الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى (ص 279)

 ـ هو اسم لا يُثنى ولا يُجمع ولا يُكبر ولا يُصغر  .

 ـ  اسم ثقلت به السماوات والأرض .

ـ  يذكر في اليوم خمس مرات في الصلاة ..

مقترن بالتهليل والتكبير والتحميد والنصر على الأعداء فتفتج به المدن  بالتكبير والتهليل يُنتصر على أعداء الله وتفتح مدينة القسطنطينية كما جاء في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه؛ وهذا من علامات الساعة  إذا قيل الله أكبر سقطت المدن وفتحت المدن ..

وقال العلامة ابن القيم رحمه الله: ((أما خصائصه المعنوية فقد قال أعلم الخلق صلي الله عليه وسلم: ((لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك))، وكيف تُحصي خصائص اسم لمسماه كل كمال على الإطلاق، وكل مدح، وكل حمد، وكل ثناء وكل مجد، وكل جلال، وكل إكرام، وكل عز، وكل جمال، وكل خير وإحسان وجود وبر وفضل؛ فله ومنه.فما ذكر هذا الاسم في قليل إلا كثره، ولا عند خوف إلا أزاله، ولا عند كرب إلا كشفه، ولا عند هَمٍّ وغَمٍّ إلا فرجه، ولا عند ضيق إلا وسعه، ولا تعلق به ضعيف إلا أفاده القوة، ولا ذليل إلا أناله العز، ولا فقير إلا أصاره غنيا، ولا مستوحش إلا آنسه، ولا مغلوب إلا أيده ونصره، ولا مضطر إلا كشف ضره، ولا شريد إلا آواه.

فهو الاسم الذي تكشف به الكربات، وتستنزل به البركات، وتجاب به الدعوات، وتقال به العثرات، وتستدفع به السيئات، وتستجلب به الحسنات. وهو الاسم الذي قامت به السموات والأرض، وبه أنزلت الكتب، وبه أرسلت الرسل، وبه شرعت الشرائع، وبه قامت الحدود، وبه شرع الجهاد، وبه انقسمت الخليقة إلى السعداء والأشقياء، وبه حقت الحاقة، ووقعت الواقعة، وبه وضعت الموازين القسط، ونصب الصراط، وقام سوق الجنة والنار، وبه عبد رب العالمين وحمد، وبحقه بعثت الرسل، وعنه السؤال في القبر ويوم البعث والنشور، وبه الخصام، وإليه

المحاكمة، وفيه الموالاة والمعاداة، وبه سعد من عرفه وقام بحقه، وبه شقي من جهله وترك حقه، فهو سر الخلق والأمر، وبه قاما، وثبتا، وإليه انتهيا، فالخلق والأمر به، وإليه، ولأجله، فما وجد خلق، ولا أمر، ولا ثواب، ولا عقاب، إلا مبتدئا منه، ومنتهيا إليه، وذلك موجبه ومقتضاه، ) "  رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ "  

( [آل عمران: 191]))  تيسير العزيز الحميد (1/115-116)،

لا لا إله الا الله " فليستشعر العبد وهو يقول الله أكبر وهل يليق بالمؤمن وهو يستشعر هذه المعاني أن ينصرف أو يلتفت ببصره  ، فالله سبحانه يقبل على العبد في صلاته فإذا التفت انصرف الله عنه ولهذا يحرص  أن يصرف الانسان عن صلاته والشيطان يشتغل على القلب فإذا انصرف انصرف الله عنه .

     وروى الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن خزيمة في ((صحيحه)) من حديث أبي ذر ، عن النبي – صلى الله عليه وسلم  قال : ((لا يزال الله مقبلا على العبد وهو في صلاته ما لم يلتفت ، فإذا التفت انصرف عنه)) .

ولمدافعة هذه الوساوس ...

استشعر الإيمان ، استشعر التوكل ، استشعر التعظيم لله جل وعلا ، استشعر التوحيد ، استشعر عظمته وقوته وجبروته استشعر أنه الذي أقامك جل وعلا ..

 " بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين "

يبدأ بسورة الفاتحة الشافية الكافية المنجية هذه السورة التي هي أم الكتاب هذه السورة التي هي السبع المثاني والقران العظيم الذي أوتيه محمد صلى الله عليه وسلم لم ينزل في التوراة ولا في الانجيل ولا في الزبور مثلها انزلت من كنز تحت العرش هذه السورة من خصائص هذه الأمة هذه السورة جمعت جميع الكتب فدلائل التوحيد وبراهين التوحيد قائمة بهذه السورة أعظم قيام بل أن هذه السورة جمعت جميع الأسماء والصفات . جميع أصول الأسماء والصفات كما ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى .

ففيها الله والرب والرحمن وهذه الصفات الثلاثة جمعت جميع أصول الأسماء والصفات

ـ صفات الربوبية   وصفات الألوهية   ـ وصفات الجود والبر والإحسان ـ فلا إله إلا الله ما أعظمها ..

فهي الشافية شفاء القلوب وشفاء الأرواح وشفاء الأبدان تشفي قلبك وتشفي روحك وتشفي بدنك ..

ولا يوجد مثلها في سور القرآن فهي أعظم سورة في القرآن . جمعت هذه السورة الأسماء الحسنى والصفات العلى شملت هذه السورة  الرد على جميع والممل والنحل  ..

   " اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ  صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ "

فرد على اليهود والنصارى وكل ما شبههم وكل من سار على طريقهم وفيها لزوم الصراط المستقيم  ..

فما سرهذه الفاتحة ؟

كيف نتدبرها ؟

كم نقرأهذه السورة ؟

وجوباً نقرأها سبعة عشر مرة من لم يقرأها في صلاته بطلت صلاته ومن زاد فيها حرفاً بطلت صلاته من نقص فيها حرفاً بطلت فيه صلاته حتى شداتها وحروفها لابد أن تقيمها ...

 مالسر فيها؟

كيف حالنا أثناء قرأتها؟

كيف أدخل على ملك الملوك وقد تهيأت للدخول ؟ !

إذا دخلت في الصلاة تفرغت من الدنيا وهذه رحمة الله بك أن أخرجك من الدنيا وشتاتها وآلامها وسجنها وأدخلك روح الإيمان وفرح الإيمان وجنة الإيمان لكن هل استشعر العبد هذا أما أنه في سجن في صلاته يريد أن يخرج إلى الشهوات إذا لابد من صلاح القلب لنستشعر هذه المناجاة   ....

ففي الحديث القدسي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم (( قال : قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، قال الله تعالى: حمدني عبدي، وإذا قال: الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، قال الله تعالى: أثنى علي عبدي، وإذا قال: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، قال: مجدني عبدي، فإذا قال: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ

 نَسْتَعِينُ، قال هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، فإذا قال اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ، قال هذا لعبدي ولعبدي ما سأل))  ( رواه مسلم برقم ( 395 )

وهذا الحديث من أعظم فضائل الفاتحة ، ومما استدل به الجمهور على وجوبها بعينها في كل ركعة من ركعات الصلاة ..

 

قال الشوكاني في شرح المنتقى: قوله ( قسمت الصلاة ) قال النووي : قال العلماء المراد بالصلاة الفاتحة سميت بذلك لأنها لا تصح إلا بها، والمراد قسمتها من جهة المعنى لأن نصفها الأول تحميد لله وتمجيد وثناء عليه وتفويض إليه، والنصف الثاني سؤال وطلب وتضرع وافتقار.

 قوله: ( حمدني وأثنى علي ومجدني ) الحمد الثناء بجميل الفعال، والتمجيد الثناء بصفات الجلال، والثناء مشتمل على الأمرين، ولهذا جاء جوابا للرحمن الرحيم لاشتمال اللفظين على الصفات الذاتية والفعلية  .. ( انتهى )

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: فهذا الحديث يدل على أن الله يستمع لقراءة المصلي حيث كان مناجيا له ، ويرد عليه جواب ما يناجيه به كلمة كلمة. انتهى  ( موقع اسلام ويب  شرح حديث: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين رقم الفتوى ( 140759 )

" الحمد لله رب العالمين "

هنا تبدأ المناجاة بين العبد وربه في مقام عظيم وموقف عظيم  . فإذا قال العبد : الحمد لله رب العالمين ، قال الله تعالى : حمدني عبدي

" الحمد لله "

قال العلماء ( ال ) الألف واللام في: {الحمد} لاستغراق الجنس، والمعنى لا يستحق الثناء الكامل، والحمد التام الوافي، إلاّ الله ربّ العالمين، فهو الإله المنعوت بصفات الكمال، المستحق لكل تمجيد وتعظيم وتقديس  ..

" الحمد لله "  استغراق جميع المحاميد فهو سبحانه محمود في أسمائه وصفاته وأفعاله وأمره وخلقه وأحكامه فهذه الكلمة لا تعدلها الدنيا وما فيها .. 

قال ابن جرير : معنى الحمد لله الشكر لله خالصا دون سائر ما يعبد من دونه ، ودون كل ما برأ من خلقه ، بما أنعم على عباده من النعم التي لا يحصيها العدد ، ولا يحيط بعددها غيره أحد ، في تصحيح الآلات لطاعته ، وتمكين جوارح أجسام المكلفين لأداء فرائضه ، مع ما بسط لهم في دنياهم من الرزق ، وغذاهم به من نعيم العيش ، من غير استحقاق منهم ذلك عليه ، ومع ما نبههم عليه ودعاهم إليه ، من الأسباب المؤدية إلى دوام الخلود في دار المقام في النعيم المقيم ، فلربنا الحمد على ذلك كله أولا وآخرا  " " انتهى "  ( تفسير الطبري لسورة الفاتحة)

" الحمد لله رب العالمين " يجيبك الرب المؤمن السلام المهيمن  ..

أقامك بين يديه وأعانك أن تقف بين يديه ومع ذلك يثني عليك سبحانه وتعالى ويجيبك ويناجيك ..

" قال رب العالمين "  ليعرف العباد به سبحانه ..

قال ابن كثير في تفسير ه : "

والرب هو : المالك المتصرف ، ويطلق في اللغة على السيد ، وعلى المتصرف للإصلاح ، وكل ذلك صحيح في حق الله تعالى .[ ولا يستعمل الرب لغير الله ، بل بالإضافة تقول : رب الدار ، رب كذا ، وأما الرب فلا يقال إلا لله عز وجل ، وقد قيل : إنه الاسم الأعظم ] .

 والعالمين : جمع عالم ، [ وهو كل موجود سوى الله عز وجل ] ، والعالم جمع لا واحد له من لفظه ، والعوالم أصناف المخلوقات [ في السماوات والأرض ] في البر والبحر ، وكل قرن منها وجيل يسمى عالما أيضا .

قال بشر بن عمارة ، عن أبي روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس : ( الحمد لله رب العالمين ) [ الفاتحة : 2 ]

 الحمد لله الذي له الخلق كله ، السماوات والأرضون ، ومن فيهن وما بينهن ، مما نعلم ، وما لا نعلم  " ( انتهى )

إذا قيل لك بما عرفت ربك ؟

فقل أعرفه بآياته ومخلوقاته .. قال تعالى : ﴿وَمِنْ آَيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾   ( فصلت : 37   )

إذا قيل لك من ربك ؟

فَقُلْ: (  رَبِّيَ اللَّهُ الَّذِي رَبَّانِي وَرَبَّى جَمِيعَ العَالَمِينَ بِنِعَمِهِ وهو معبودي ليس لي معبود سواه )

كيف تحقق هذا بهذا المقام ؟

 لابد من استشعار التوحيد ، استشعار عظمة الله ، استشعار ربوبيته ، استشعار الوهيته ،

أنه رب العالمين رب الخلق ـ  كم نسبتك من هذا العالم وقفت بين يديه تحمده وتثني عليه وهو مقبل عليك قد قربك وأكرمك    ـ

جلوسك بين يديه كرامة فالحمد لله الذي أذن لنا بذكره   ..

فهذه الآية تحقق فيها الربوبية وتحقق فيها الألوهية  ..

إذا قال العبد  : " الرحمن الرحيم ، قال الله تعالى : أثنى علي عبدي  "

ثناء تثني على الله بصفة الرحمة وهو الرحمن الرحيم ..

"الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ" اسمان دالان على أن الله ذو الرحمة الواسعة العظيمة المطلقة الشاملة التي وسعت كل شيء ..  

 الرحمن رحمة عامة بجميع خلقه  .

 الرحيم صفة  خاصة بعباده المؤمنين  .

فهو يرحمهم ويعطيهم حتى وهم كفار ينسبون له الصاحبة والولد ويرزقهم ويعافيهم ويعطيهم الأنهار والأشجار والطعام فلنستشعر رحمته سبحانه وأنه أرحم من الوالدة بولدها  ، لذلك لا يموت الإنسان إلا وهو يحسن الظن بالله تعالى ربنا رحيم ربنا ودود ربنا شكور يشكر العبد ويعطيه ويقربه فلا إله إلا الله ما أعظم من حجب عن الله  فأنت في هذه الآية تثني على الله والله جل وعلا يجيبك " اثنى علي عبدي " أنت في مقام العبودية في أشرف مقام عبد لله تعالى لكن هذه العبودية هي عبودية العز لله تعالى التي تخضع له الرقاب التي تذل له الجباه فإذا ذلت لغيره وعبدت غيره هلكت وضاعت وذلت   ..

وقيل في الفرق بين الرحمن والرحيم ..

الاسمان مشتقان من الرحمة و(الرحمن) أشدّ مبالغة من (الرحيم)، ولكن ما الفرق بينهما؟ هناك قولان في الفرق بين هذين الاسمين: القول الأول:

إنّ اسم (الرحمن) :هو ذو الرحمة الشاملة لجميع الخلائق في الدنيا وللمؤمنين في الآخرة.

و(الرحيم) :هو ذو الرحمة للمؤمنين يوم القيامة واستدلوا بقوله تعالى: { ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ}، وقوله:

{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} ،فذكر الاستواء باسمه (الرحمن) ليعم جميع خلقه برحمته: فكما أن العرش يعم جميع مخلوقاته فرحمته تتسع لجميع مخلوقاته ....

وقال: { وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا}. فخصّ المؤمنين باسمه  (الرحيم  )

القول الثاني:

هو أنّ (الرحمن) دال على صفة ذاتية و(الرحيم) دال على صفة فعلية.

فالأول دال على أنّ الرحمة صفته، والثاني دال على أنه يرحم خلقه برحمته  وإذا أردت فهم هذا فتأمل قوله : { وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا}.وقوله " أنه بهم رؤوف رحيم " ولم يجيء قط  " رحمن بهم " فعلم أن " رحمن " هو الموصوف بالرحمة و" رحيم " هو الراحم برحمته " ( انظر المنهج الأسنى )

" وإذا قال : مالك يوم الدين ، قال الله  : مجدني عبدي  "

وفي قراءة ملك يوم الدين ـ هذا اليوم الذي مافيه ملك غير ملكه "

  " يَوْمَ هُم بَارِزُونَ لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ"   ( غافر 16 )

يوم القيامة تزول الدنيا ويزول الملك لا ملك إلا ملكه فاستشعر وأنت في صلاتك يارب يا ملك تتذكر يوم القيامة تتذكر الوقوف بين يديه سبحانه حافياً عارياً انقطعت الأسباب لا ولد ، ولا مال تتذكر ذلك اليوم الذي تكون فيه وحيداً وتسأل الله أن يرحمك فلابد أن تستعد لذلك اليوم بالعمل الصالح بالقرب من الله بترك مظالم الخلق . يأتي ناس يوم القيامة مفاليس يأتي بأعمال أمثال الجبال ولكنه يأتي وقد ظلم هذا ،  وأخذ مال هذا  ، واغتاب هذا فيوزع حسناته  ...

عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. فقال: إن المفلس من أمتي، من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإذا فنيت حسناته، قبل أن يقضي ما عليه، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار))  ( رواه مسلم : 2581 )

ـ فبقدر وقوفك بين يدي الله في صلاتك يخفف عنك الوقوف يوم القيامة !

بقدر خوفك من هذا اليوم بقدر فرحك في ذلك اليوم يوم العرض الأكبر يوم تشيب فيه الرؤوس يوم يلجم العرق الناس الجاماً يوم يفر الوالد من ولده والصاحب من صاحبه ، يوم الكل يقول نفسي نفسي ..

فهناك ثلاث مواطن لا يذكر أحد أحد ..

وعن أبي داود عن عائشة رضي الله عنها: ((أنها ذكرت النار فبكت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يبكيك؟ قلت:

 ذكرت النار فبكيت، فهل تذكرون أهليكم يوم القيامة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما في ثلاثة مواطن فلا يذكر أحد أحداً: عند الميزان حتى يعلم أيخف ميزانه أو يثقل، وعند الكتاب حين يقال: هاؤم اقرءوا كتابيه [الحاقة: 19] حتى يعلم أين يقع كتابه أفي يمينه, أم في شماله, أم من وراء ظهره، وعند الصراط إذا وضع بين ظهري جهنم)

  رواه أبو داود برقم ( 4755 ـ والحاكم / 622 / 4 )

والملك في الحقيقة هو الله عز وجل ؛ قال الله تعالى : ( هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام) .

وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا : أخنع اسم عند الله رجل تسمى بملك الأملاك ولا مالك إلا الله ، وفيهما عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يقبض الله الأرض ويطوي السماء بيمينه ثم يقول أنا الملك أين ملوك الأرض ؟ أين الجبارون ؟ أين المتكبرون ؟  ( انظر تفسير ابن كثير لسورة الفاتحة )

ولذلك لابد من صلاح القلب مع الله وإن قال الناس ما قالوا لانك ستلقى الله وحدك وستدخل قبر ك وحدك وستبعث وحدك وستدخل الجنة وحدك ..

  " فإذا قال : "  إياك نعبد وإياك نستعين "  ، قال  الله : هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل "

هذه الآية شملت الدين كله فالدين عبادة واستعانة ..

وهذه الآية آية عظيمة وجمعت الفاتحة ، والفاتحة جمعت القرآن ، والقرآن جمع الكتب السماوية فاجتمع  القرآن والكتب السماوية ـ التوراة والإنجيل والزبور والفرقان  في "   " إياك نعبد وإياك نستعين "

قال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-:

قال ابن تيمية: تأملت أنفع الدعاء فإذا هو سؤال العون على مرضاته ثم رأيته في (إياك نعبد وإياك نستعين)..

 ويقول أيضا (اياك نعبد) تدفع الرياء، (واياك نستعين) تدفع الكبرياء، فإذا عوفي من مرض الرياء ب (اياك نعبد) ومن مرض الكبر والعجب ب (اياك نستعين) ومن مرض الجهل والضلال ب (اهدنا الصراط المستقيم) عوفي من أمراضه وأسقامه وتمت عليه النعمة وكان من المنعم عليهم غير المغضوب عليهم. " مدارج السالكين - (1 /78 )

" إياك نعبد "

يارب لا نعبد غيرك لا نخلص لغيرك  ، أخلصت قلبي لك ، ليس في قلبي هواء ، ليس في قلبي تعلق بغيرك ، ليس في قلبي شرك ، كيف أحقق " إياك نعبد وإياك نستعين " لا حول لنا ولا قوة إلا بك " والله لو فضله ما ركعت لله ركعة والله لو فضله ما سجدت لله سجدة فالحمد لله الذي أذ ن لنا بذكره . فنحن عبيده ، فقراء إليه ومع ذلك يتودد لنا ويفرح بقربنا ويفرح بتوبتنا وهو الغني سبحانه ، بل أن العبد يرفع إليه يديه ، أيدي خلقها ، أيدي ضعيفة مخلوقة ومع ذلك يستحي الله من العبد أن يرد يديه صفر. فماظنك بربك ؟

ما ظنك بالكريم الرحمن الرحيم ؟ !

كم حرم العبد من الدخول على الله بسبب الشهوات والمعوقات والقواطع التي تقطعه عن السير الى الله .

اتصال يليق بعظمته ويليق  بجبروته ويليق بكبريائه سبحانه جل وعلا وهو الذي يقول : " عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( قال الله عز وجل : الكبرياء ردائي ، والعظمة إزاري فمن نازعني واحداً منهما قذفته في النار ) ، وروي بألفاظ  منها ( عذبته ) و( وقصمته ) و( ألقيته في جهنم )  و( أدخلته جهنم ) و( ألقيته في النار ) "  الحديث أصله في صحيح مسلم وأخرجه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجة وابن حبان في صحيحه وغيرهم وصححه الألباني  "

فهي صفته جل وعلا فليستشعر العبد كبريائه وعظمته ويخضع لله جل وعلا

فإذا قال العبد : اهدنا الصراط المستقيم ، صراط الذين أنعمت عليهم ، غير المغضوب عليهم ولا الضالين ، قال الله : هذا لعبدي ولعبدي ما سأل  وفي رواية : ( قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ، فنصفها لي ونصفها لعبدي )

 فأعظم موضع تسأل الله تعالى فيه هو الصلاة فالله تعالى يقول : أسأل يا عبدي فإذا أردت أن يستجاب لك فأسأل الله تعالى في الصلاة بل أن العبد أٌقرب ما يكون لله  وهو في سجوده ، فاستشعر هذا القرب وألح على الله بالدعاء بث همومك ، بث أحزانك ، بث آلامك  ، بث دعواتك ـ فالله تعالى لن يرد لك سؤالك وقد حققت اليقين في هذا المقام .

لكن أين القلوب المقبلة على الله ؟

لكن نصلى بقلوب لاهية ، يدخل المرء في صلاته وهو مضيع لصلاته والصلاة تقول كما في الحديث :

" إذا توضأ العبد فأحسن وضوءه ثم قام إلى الصلاة فأتم ركوعها وسجودها والقراءة فيها قالت له الصلاة: حفظك الله كما حفظتني ثم أصعد بها إلى السماء لها ضوء ونور وفتحت لها أبواب السماء حتى ينتهي إلى الله عز وجل فتشفع لصاحبها وإذا ضيع وضوءها وركوعها وسجودها والقراءة فيها قالت له الصلاة: ضيعك الله كما ضيعتني ثم أصعد بها إلى السماء وعليها ظلمة فغلقت دونها أبواب السماء ثم تلف كما تلف الثوب الخلق ثم تضرب بها وجه

صاحبها " " الحديث أخرجه الطبراني في الأوسط من حديث أنس بسند ضعيف والطيالسي والبيهقي "

   لذلك يخرج العبد مهموماً مغموماً ـ صلاته صلاة مسروقة، صلاة مضيعة ، صلاة ليس فيها خشوع ، صلاة ليس فيها طمأنينة قد خلت أركانها فضلاً عن واجباتها وسننها ،

فالله تعالى يعطيك أعظم سؤال وهو سؤال الهداية

" اهدنا الصراط المستقيم ، صراط الذين أنعمت عليهم ، غير المغضوب عليهم ولا الضالين  "

تسأل الله الهداية  ـ يارب اهديني إلى صراطك المستقيم إلى جنة عرضها السماوات والأرض

ما هو هذالصراط ؟ ماهي معالمه ؟ من هم أهله ؟

صراط الذين أنعم الله عليهم قال تعالى : " ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً     ( النساء : 69 )

إلزم الرفقة تريد الصراط المستقيم إلزم هذه الرفقة ـ  " من النبين والصدقين والشهداء والصالحين "

وهناك سبل وكفر ودعاة على أبواب جهنم لكن هذا الصراط لا يختلط بغيره لأن أصحابه أهل الهداية ، أهل الثبات ، أهل الإيمان .  .. ذكر ابن القيم ان الهداية هديتين الهداية :  إلى الإسلام ـ الهداية إلى الصراط ..

         الهداية  الثانية هداية في الصراط  كيف أكما هذه الهداية ؟

كيف أنا أُعلى مقامات الهداية لأصل إلى مرتبة الإحسان وأكون من الذي قال الله تعالى فيهم : "

﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُو " ( فصلت : 30 )

بشراكم لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون ..

قال الله في شأنهم " الذين  قالوا ربنا الله أي دخلوا في الإيمان ثم استقاموا .

هذه الجنة عظيمة ، سلعة الله غالية يتطلب منك دخولها عمل  تريد منك ثبات ، تريد منك قيام ، تريد منك بعد عن الشهوات لانها حفت بالمكاره فالذين تركوا النوم وتركوا الفرش الوفيرة وقاموا بين يدي ربهم قال تعالى : " تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ  " ( السجدة 16 ـ 17 )

ذكر أهل العلم في كلامهم على سورة الفاتحة أن أولها رحمة قال تعالى (الرحمن الرحيم), وأوسطها هداية قال تعالى (اهدنا الصراط المستقيم), وآخرها نعمة قال تعالى (الذين أنعمت عليهم), فبقدر ما للعبد من النعمة بقدر ما له من الهداية وبقدر ما له من الهداية بقدر ما له من الرحمة, وهذا نظير قوله تعالى (أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية ابراهيم واسرائيل وممن هدينا واجتبينا اذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا )   ( سورة مريم  )

فتدبروا القرآن وأصلحوا القلوب وأسالوا الله أن يمن عليكم بصلاح القلوب لتقف بين يدي الله لتعظم الله لتتذوق هذه المناجاة ، هذا المقام الذي هو أعظم مقام   ـ

والله تعالى قال " وأقيموا الصلاة " لان فيها مقام وفيها لقاء واتصال برب العالمين جلا وعلا وهي سر الإيمان وسر الثبات وكل الأنبياء أمروا بالصلاة ..

والله تعالى ذكر محاريبهم في القرآن  منها قوله تعالى :

 " كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا  " ﴿٣٧ آل عمران﴾

 " فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ  " ﴿٣٩ آل عمران﴾

 " فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا  " ( مريم 11 )

وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي قام حتى تفطرت قدماه وسار على ذلك السلف الصالح وقاموا حتى تفطرت أقدامهم وكان الواحد منهم يدخل في صلاته ما يشعر بمن حوله يدخل المسجد يخرج الناس ويحترق البيت ما السبب ؟

لأنهم دخلوا على الله دخول حقيق حتى نسوا من حولهم وأحيانًا ينسى بدنه يقوم حتى تتفطر قدماه بعضهم يتوكأ على العصي ،  بعضهم يبرك كما يبرك البعير ، تذوقوا حلاوة الإيمان حبوا الله فأحب الله لقائهم ، أحب الله فأحبوا الاتصال به جل وعلا وبعضهم تمنى الصلاة حتى بعد الموت ومنهم " كان ثابت البناني يقول كابدت نفسي على القيام عشرين سنة !! وتلذذت به عشرين سنة "

وقال أيضاً : " اللهم إن أذنت لأحد أن يصلي في قبره فأذن لي أن أصلي في قبري  "

وأخيرأً وأوصيكم بالتضرع لله تعالى أن يذقكم حلاوة الإيمان وحلاوة المناجاة واسأل الله أن يجعل الصلاة قرة عين لك كما جعلها قرة عين نبيه محمد صلى الله عليه وسلم والله سيجيب الدعوات إذا علم صدق العبد بإصلاح قلبه كما في الحديث :

جاء في الحديث القدسي الشريف على ما يليق به، قال تعالى في الحديث القدسي : ((إذا تقرب إليَّ العبد شبراً؛ تقربت إليه ذراعاً، وإذا تقرب إليَّ ذراعاً؛ تقربت منه باعاً، وإذا أتاني ماشياً؛ أتيته هَرْوَلَة)).  رواه البخاري، ومسلم

 

      وصلى الله على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين

 

 

قالته الفقيرة إلى عفو ربها القدير

قذلة بنت محمد بن عبدالله آل حواش القحطاني