أعظم ما يتقرب به العبد إلى الله بعد الفرائض هو العلم , فالعلم هو الطريق الموصل إلى الله تعالى مراتب الدين :الإسلام، الإيمان ،الإحسان .

الإسلام  يعتمد على الإعمال الظاهرة , والإيمان يعتمد على الأعمال الباطنة .

الإيمان شجرة مثل النخلة , عروقها ممتدة أصلها ثابت والفرع في السماء , والفروع هي الأعمال الماء الذي يسقيها هو الوحي من( الكتاب والسنة ) وثمرته الإيمان كما النخلة ثمرتها التمرة .

فالعقيدة هي الروح والدم والهواء الذي نتنفسه ,و من لم يتذوق التوحيد لم

يذق الإيمان

إذا ترسخت العقيدة في القلب , وذاق العبد لذة الإيمان لا يمكن أن يرتد أبدا

 

أثر العقيدة

 

بدأ الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين مقدمة كتابه(شرح أصول الإيمان) بتعريف الدين الإسلام :

فقال رحمه الله:

هو الدين الذي بعث الله به محمدا صلى الله عليه وسلم. ختم الله به الأديان، وأكمله لعباده، وأتم به عليهم  النعمة، ورضيه لهم دينا ,فلا يقبل من أحد دينا سواه 0

  فمن مزايا الدين العظيم :

1.   أن هذا الدين ناسخ لجميع الأديان .

2.   هذا الدين بين أن محمد عليه الصلاة والسلام , هو خاتم الأنبياء .

3.   أن هذا الدين صالح لكل زمان ومكان .

ذكر بعض الأمور التي تنص في الدين مثال : يأمر بالتوحيد وينهى عن الشرك , يأمر بالصدق وينهى عن الكذب , يأمر بالعدل وينهى عن الجور , يأمر بالإيمان و وينهى عن الخيانة , يأمر بالوفاء وينهى عن الغدر , يأمر ببر الوالدين وينهى عن العقوق , يأمر بصلة الرحم وينهى عن القطيعة, يأمر بكل عمل صالح وينهى عن كل سيء. هذه الشرائع التي قام عليها الدين وهذه الأخلاق التي قام عليها الدين , ذكر قصة الأوس والخزرج وكيف أن الإسلام آخى بينهم .

مثال: على قوة العقيدة ما حدث في عهد الرسول صل الله عليه وسلم في غزوة بني المصطلق  ينقل عن عبد الله بن أبي سلول عندم رجع الرسول عليه الصلاة والسلام من غزوة بني المصطلق قال لئن رجعنا الى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل هُوَ الَّذِي قَالَ : { لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَة لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزّ مِنْهَا الْأَذَل ) (المنافقون اية 8 )يقصد الرسول عليه الصلاة والسلام ولما علم ابنه بذلك ذهب الى الرسول علية الصلاة والسلام وقال يارسول الله قد علمت المدينة انه لا يوجد أحد أبر بأبيه مني فأمرني أنا فأني لا أصبر على قاتل أبي وعندما تقدم الجيش للمدينة بعد الغزوة تقدم عبدالله بن عبد الله بن أبي سلول الجيش ووقف بسيفيه على مدخل المدينة حتى إذا قدم أبوه داخلاً المدينة أشهر السيف في وجه وقال :والله لا تدخل حتى يأذن لك رسول الله } كل هذا لإن العقيدة قوية وراسخة في القلب

 

أركان الإسلام

 

بيان أركان الإسلام الخمسة , شهادة أن لا اله إلا الله وأن محمد رسول الله , أقام الصلاة , إيتاء الزكاة ,صوم رمضان ,وحج البيت . فقال رجل الحج وصيام رمضان , قال لا صيام رمضان والحج , هكذا سمعتها من رسول الله صلَ الله علية وسلم .

وعد الله من حقق الإيمان أن يستخلفهم في الأرض قال الله تعالى { (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)( سوره النور ايه55)

ومن أصدق من الله قيلا , فيمكنهم في الإسلام ويبدل أمنهم خوفا بشرط يعبدونني ولا يشركوا بي شيئا , وبشرط لا إله إلا الله

لا إله نكرة في سياق النفي , والنكرة في سياق النفي تفيد العموم.

لابد من الخوف من الشرك , فإبراهيم خاف على قومه من الشرك , ويعقوب قال لأبنائه ما تعبدون من بعدي , والأمه في الوقت الحالي في غزو بالتوحيد , فهناك السحر والكهانة والتعلق بالصالحين .فالشيطان أوقع قوم نوح بالشرك , حيث أنهم كانوا من قبل قوما صالحين , فالشيطان أمرهم بتصوير هؤلاء الصالحين وقال لهم ذلك أدعى للعبادة , وبعد مئة سنة قال : اعبدوهم , فوقعوا بالشرك .

عنِ ابنِ عباسٍ رضي اللهُ عنهما قال: صارَتِ الأوثانُ التي كانتْ في قومِ نوحٍ في العربِ بعدُ، أما وُدٌ : كانتْ لكلبٍ بدَومَةِ الجندَلِ، وأما سُواعٌ : كانتْ لهُذَيلٍ، وأما يَغوثُ : فكانتْ لمُرادٍ، ثم لبني غُطَيفٍ بالجَوفِ عِندَ سبَأ، وأما يَعوقُ : فكانتْ لهَمدانَ، وأما نَسرٌ : فكانتْ لحِميَرَ، لآلِ ذي الكُلاعِ، أسماءَ رجالٍ صالحينَ من قومِ نوحٍ، فلما هلَكوا أوحى الشيطانُ إلى قومِهم : أنِ انصِبوا إلى مجالِسِهمُ التي كانوا يَجلِسونَ أنصابًا وسمُّوها بأسمائِهم، ففَعلوا، فلم تُعبَدْ، حتى إذا هلَك أولئك، وتنَسَّخَ العلمُ عُبِدَتْ .. ( رواه البخاري)

 

 

   الأمة الآن تمر بثلاث أزمات : التوحيد والصلاة والتوبة.

1- من  ثمرات الشهادة العظيمة0

تحرير النفس والقلب من الرق للمخلوقين ,

2 - من ثمرات إقام الصلاة التعبد لله تعالى بفعلها على وجه الاستقامة والتمام  في أوقاتها وفعلها فمن ثمراتها , انشراح الصدر , وقرة العين , والانزجار عن الفحشاء والمنكر 0

 3_إيتاء الزكاة فهو التعبد لله تعالى ببذل القدر الواجب في الأموال الزكوية المستحقة ,ومن ثمراتها تطهير النفس من الخلق الرذيل(البخل),وسد حاجة الإسلام والمسلمين 0

4- صوم رمضان فهو التعبد لله تعالى بالإمساك عن المفطرات في نهار رمضان ,ومن ثمراته ترويض النفس عن ترك المحبوبات طلبا لمرضاة الله عز وجل 0 _

5- أما حج البيت فهو التعبد لله تعالى بقصد البيت الحرام للقيام بشعائر الحج فمن ثمرات الحج ترويض النفس على بذل المجهود المالي والبدني في طاعة الله تعالى , ولهذا كان الحج نوعا من الجهاد في سبيل الله  .

وهذه الثمرات التى ذكرناها  لهذه الأسس وما ولم نذكره تجعل من الأمة , أمة طاهرة نقية  0قال الله  تعالى(وْلو أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ  (الاعرف  )(آية 96 ) ولينظر في تاريخ ما سبق فإن في التاريخ عبرة لأولى الألباب وبصيرة لمن لم يحل دون قلبه حجاب .

 

أسس العقيدة

 

  العقيدة الإسلامية أساسها الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره قال الله تعالى ( لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ والملائكة وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ.) (البقرة اية177)

الإيمان بالقدر قال الله تعالى: ( إنا كل شيء خلقناه بقدر وَمَا أَمْرُنَا إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ) (القمراية 49,50)

  وفي سنة رسول الله صل الله عليه وسلم حديث جبريل عليه السلام عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب ، شديد سواد الشعر ، لا يرى عليه أثر السفر ، ولا يعرفه منا أحد ، حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبته إلى ركبتيه ، ووضع كفيه على فخذيه ، وقال : " يا محمد أخبرني عن الإسلام " ، فقال له : ( الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا ) ، قال : " صدقت " ، فعجبنا له يسأله ويصدقه ، قال : " أخبرني عن الإيمان " قال : ( أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، وتؤمن بالقدر خيره وشره ) ، قال : " صدقت " ، قال : " فأخبرني عن الإحسان " ، قال : ( أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ) ، قال : " فأخبرني عن الساعة " ، قال : ( ما المسؤول بأعلم من السائل ) ، قال : " فأخبرني عن أماراتها " ، قال : ( أن تلد الأمة ربتها ، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء ، يتطاولون في البنيان ) ثم انطلق فلبث مليا ، ثم قال : ( يا عمر ، أتدري من السائل ؟ ) ، قلت : "الله ورسوله أعلم " ، قال : ( فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم ) رواه مسلم .

 

الإيمان بالله تعالى يتضمن أربعة أمور

 

1.   الإيمان بوجود الله تعالى.

2.   الإيمان بربوبيته .

3.   الإيمان بإلوهيته.

4.   الإيمان بأسمائه وصفاته .

 

أولا/ الإيمان بوجود الله

 

    دل على وجود الله تعالى الفطرة والعقل و الشرع والحس 0

1_أما دلالة الفطرة فكل مخلوق قد فطر على الإيمان بخالقه من غير سبق تفكير أو تعليم 0 قال صلى الله عليه وسلم ( ما من مولود يولد  إلا على الفطرة , فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ) رواه البخاري .

الآن خرج  لنا الإلحاد والفتن فنحن نمر بأزمة أكثر من الأزمة التي عاشها الإمام محمد بن عبد الوهاب في زمنه فنحن في هذا الزمن نواجه الإلحاد وإنكار الربوبية وتحكيم العقل وانتشار الفلسفة لأنهم  يحكمون العقل ويقولون أن العقل إله , وأن العقل يدخل في مسائل الغيب والنقل , ولكن العقل الصحيح يقوده الوحي فالعقل منقاد للوحي , والعقل لا يعارض النقل..

ذكر الله تعالى الدليل العقلي والبرهاني على وجوده قال تعالى  )أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون أم خلقوا السموات والأرض بل لا يوقنون أم عندهم خزائن ربك أم هم المسيطرون ). (الطور اية35,36)

وكان –جبير- يومئذ مشركا قال :( كاد قلبي أن يطير ,وذلك أول ما وقر الإيمان في قلبي) رواه-البخاري.

 

أعظم إثبات بوجود الله تعالى الخلق, نضرب مثال : لو حدث أن لشخص قصرا مشيد أحاطت به الحدائق وقال لك أن هذا القصر ومافيه من كمال أوجد نفسه بالصدفة , لبادرت إلى الإنكار .

جاء رجل حاور قوم , فقال لهم حدثوني عن سفينة بدجلة تأتي تحمل حمولتها , قال كيف خلقت السفينة بنفسها! مستحيل , إذا لابد أن نؤمن بوجود الله تعالى , فهذه السفينة لا تمثل شيء مقارنة بالكون الفسيح , فإذا كانت السفينة لاتستطيع أن تخلق نفسها فكيف هذا الكون يخلق نفسه .

تأمل خلق الله في الشمس والجبال والكون , فكيف بالخالق سبحانه وتعالى   .

(وفي أنفسكم أفلا تبصرون )( الذريات آية21) في نفس الإنسان ما يدل على وجوده سبحانه وتعالى  الإنسان ضعيف لابد أن يخضع القلب مع الله تعالى .

2/أدلة الشرع , (علموا الناس القران والسنه) , الله أرسل الكتب فيها الأحكام الشرعية دعوتنا بالقران أعظم وسيلة  للدعوة.

3/ أدلة الحس , أننا نرى ونشاهد من إجابة الداعين بشائر الإستجابة لذلك لايحصل الشك, عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ- رضي الله عنه – قَالَ: أَصَابَتِ النَّاسَ سَنَةٌ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَبَينما النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ قَامَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ: هَلَكَ الْمَالُ، وَجَاعَ الْعِيَالُ، فَادْعُ اللهَ لَنَا. فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَمَا نَرَى فِي السَّمَاءِ قَزَعَةً فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا وَضَعَهُمَا حَتَّى ثَارَ السَّحَابُ أَمْثَالَ الْجِبَالِ، ثُمَّ لَمْ يَنْزِلْ عَنْ مِنْبَرِهِ حَتَّى رَأَيْتُ الْمَطَرَ يَتَحَادَرُ عَلَى لِحْيَتِهِ صلى الله عليه وسلم فَمُطِرْنَا يَوْمَنَا ذَلِكَ وَمِنَ الْغَدِ وَبَعْدَ الْغَدِ وَالَّذِي يَلِيهِ حَتَّى الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى، وَقَامَ ذَلِكَ الْأَعْرَابِيُّ أَوْ قَالَ غَيْرُهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ تَهَدَّمَ الْبِنَاءُ وَغَرِقَ الْمَالُ فَادْعُ اللهَ لَنَا، فَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ: ( اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا) فَمَا يُشِيرُ بِيَدِهِ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ السَّحَابِ إِلَّا انْفَرَجَتْ وَصَارَتِ الْمَدِينَةُ مِثْلَ الْجَوْبَةِ وَسَالَ الْوَادِي قَنَاةُ شَهْرًا، وَلَمْ يَجِئْ أَحَدٌ مِنْ نَاحِيَةٍ إِلَّا حَدَّثَ بِالْجود )( صحيح البخاري)

آيات الأنبياء دليل وبرهان على وجود الله تعالى  , موسى عليه السلام تحولت عصاه الى حية بأمر من الله , سحرة فرعون كانوا في الصباح كفره وبالمساء شهداء برره  قال تعالى ( فأوحينا الى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم).( الشعراء ايه 63)

عيسى عليه السلام , يحيى الموتى بإذن الله يخرجهم من قبورهم بإذن الله , قال تعالى (وأحيي الموتى بإذن الله )( آل عمران 49)

وقال (وإذ تخرج الموتى بإذني).{ المائدة 110}

وقال (ويبرئ الأكمه والأبرص)( آل عمران 190)

ومثال ثالث لمحمد  عليه الصلاة والسلام حين طلبت قريش منه آية أن ينشق القمر , فأشار الى القمر فانفلق فلقتين , فرآه الناس , قال تعالى( اقتربت الساعة وانشق القمر  * وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر) (سوره القمر )1,2 .

وهذه النصرة للأنبياء تدل على وجود الله تعالى .

المؤمن لا يخاف , الطمأنينة لا تكون إلا بالعقيدة , فالعقيدة من عقد الشيء وربطه وكأنها تربط على القلب .

 

 

ثانيا/توحيد الربوبية

 

تفصيل الشيخ رحمه الله له أثر في زمننا هذا , الإيمان بالربوبية وحده لا يدخل في التوحيد إنما لابد من الألوهية.

توحيد الربوبية هو إفراد الله بالربوبية , إفراد الله بالملك والخلق والتدبير , وهذه الصفات تجتمع كلها في صفات الربوبية (ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير ). (فاطر 13)

من أنكر الخلق فليخلق , لا يوجد أحد ينكر الربوبية إلا شواذ , هم فرعون و الدهرية , هناك من يشرك في الربوبية , فجعلوا لعيسى ولد , والصوفية يدعون أن هناك أولياء والرافضة عندهم اعتقادات في الأئمة .

توحيد الربوبية يستلزم توحيد الألوهية , وتوحيد الألوهية متضمن توحيد الربوبية , إذا آمن العبد بالربوبية , فيستلزم ذلك العبادة , وإذا عبدت الله تعالى يلزم أن تعرف أن الله هو الخالق المدبر .

لهذا كان المشركون يقرون بربوبية الله وإشراكهم في الألوهية , قال تعالى (قُل لِّمَنِ الْأَرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (84) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (85) قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (87) قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (88) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ) .(المؤمنون 84 -89 )

 

وأمر الله سبحان و تعالى شامل الأمر الكوني والشرعي فكما أنه مدبر الكون القاضي فيها يريد حسب ما تقتضيه حكمته فهو كذلك الحاكم فيه بشرع العبادات وأحكام المعاملات حسب ما تقتضيه حكمته فمن اتخذ مع الله مشرعاً في العبادات أو حاكماً في المعاملات فقد أشرك به ولم يحقق الإيمان.

 

ثالثاً/ الإيمان بألوهيته

 

العبادة هي التذلل والخضوع لله تعالى , و معنى الله :  المألوه أي المعبود حباً وتعظماً , قال الله تعالى : (وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ )( البقرة 163)

و قال الله تعالى: (شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ). (آل عمران آية 18)

العبادة شرعاً: اسم جامع لكل ما يحب الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة و الباطنة .

  فهناك عبادة 0

1-   قلبيه

2-   قوليه

3-   جوارح

وتوحيد الألوهية يعني لاإله إلاالله ومعناها (لا معبود بحق إلا الله )

أي لا إله : تعني النفي وهي لا معبود بحق إلا الله

إلا الله : وتعني الإثبات وهي إثبات العبودية لله وحده

والنفي بمعنى التخلية وهي نفي جميع المعبودات إلا لله ,  والإثبات هو إثبات العبادة لله وحده أي التحلية بالتوحيد .

 

أمور تنافي التوحيد :-

1- الشرك الأكبر

2-الشرك الأصغر

3-الرياء.

 

وكل من اتخذ إلها مع الله يعبد من دونه فألوهيته باطلة قال الله تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) (سوره الحج 62 )

وتسميتها الآلهه أي لا يعظمها حق الألوهية قال الله تعالى : (إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا ) (النجم 23)

 

    شروط تحقيق التوحيد:-

1-   العلم      (كمال العلم بالله تعالى)

2- الإعتقاد    ( الإخلاص , المحبة , التوكل ) و كمال الإعتقاد قد ينقص على حسب العقيدة.

3-   العمل       ( وهو كمال الإنقياد لله )

 

   أركان العبودية :-

1-   كمال الحب

2-   كمال الذل

3-   كمال الخوف و الرجاء.

 

 قوله تعالى) : ياصاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) (يوسف 39-40 )

لهذا كان الرسل عليهم الصلاة والسلام يقولون لأقوامهم ( اعبدو الله مالكم من إله غيره ) (الأعراف آية59)

 

  وقد أبطل الله تعالى اتخاذ المشركين هذه الآلهه ببرهانين :

1- أن هذه الآلهه ليس لها شيء من خصائص الألوهية لا تملك خلق و لا نفع ولا موت ولا حياة  قال الله تعالى : (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا)( الفرقان آية3)

أن هؤلاء المشركين كانوا يقرون أن الله تعالى وحده الرب الخالق الذي بيده ملكوت كل شيء و هذا يستلزم أن يوحدوه بالألوهية كما وحدوه بالربوبية  قال الله تعالى  (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ . الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ) (البقره17-18,)

2-    بهذا أقامت عليهم الحجة  بأن لا معبود إلا الله تعالى .

 

 

رابعاً: توحيد الأسماء والصفات

 

  هو اثبات أسماء الله وصفاته من غير تحريف ولا تعطيل ولا تشبيه ولا       تمثيل 0

-       التحريف هو الميل عن معناها الحقيقي بدون صفه.

-       تحريف اللفظي هو زيادة كلمة أو نقص كلمة

-       تحريف معنوي هو العدول به عن وجهته وحقيقته

-       التكيف هو تعين كيفية الصفة

-       التعطيل هو نفي صفات الله تعالى

     كيفية تحقيق هذا التوحيد 0

1-   تنزيه الله عما يشبه شيء من صفات المخلوقين

2-   الإيمان بما سمى الله به نفسه  و سماه به رسوله

3-   نفي الكيفية  و التشبيه و التمثيل

و أصل الإيمان التنزيه  قال الله تعالى( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) (الشورى 11 )

ثمرات الإيمان بالله تعالى:

1- تحقيق توحيد الله بحيث لا يتعلق  بغيره رجاء و لا خوف و لا محبة ولا يعبد غيره

2- كمال محبة الله تعالى وتعظيمه بمقتضى اسمائه الحسنى و صفاته العلى .

3- تحقيق عبادة الله بتحقيق ما أمر به واجتناب ما نهى عنه

 

 

الإيمان بالملائكة

 الملائكة (هم عالم غيبي مخلوقون عابدون لله تعالى ليس لهم من خصائص الربوبية والألوهية خلقهم الله تعالى من نور و منحهم الإنقياد التام لأمره والقوةعلى تنفيذه , و مساكنهم السماء )

قال الله تعالى: (وَمَنْ عِندَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ) (الانبياء19)

-   التصديق بهم يستلزم الإيمان بهم على مايلي , لاننكرهم لإن إنكارهم فيه إنكارللرسل والكتب .

-       الإيمان بهم يشمل وجودهم , صفاتهم , أعمالهم , أسمائهم .

-       من صفاتهم : الجمال , القوة, الشدة, عظمة الخلق

-   وقد يتحول الملك بأمر الله الى هيئة رجل كما حصل لجبريل عليه السلام حين أرسله الله تعالى الى مريم حيث تمثل على هيئة رجل , بشر سوياً.

-   وحين جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم حين كان مع أصحابه وفي حديث جبريل عليه السلام كما عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – قال: بينما نحن عند رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يُرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه. وقال: يا محمد! أخبرني عن الإسلام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً )) قال: صدقت. فعجبنا له يسأله ويصدقه. قال: فاخبرني عن الإيمان قال: (( أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره)) قال: صدقت. قال: فأخبرني عن الإحسان، قال: ((أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك)) قال: فأخبرني عن الساعة: قال: ((ما المسؤول عنها بأعلم من السائل)) قال: فأخبرني عن أماراتها قال: ((أن تلد الأمة ربتها وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاة الشاء يتطاولون في البنيان)) قال: ثم انطلق فلبثت ملياً ثم قال لي: ((يا عمر! أتدري من السائل)) قلت: الله ورسوله اعلم، قال: ((فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم )) (صحيح الإمام مسلم)

-       من أعظم الملائكة هم حمله العرش ( الكربيون )

-       يتفاوتون بالمنزلة والمقدار .

-       من صفاتهم : الحسن والجمال

-       كرام برره

-       حب الملائكة من علامات حب الله تعالى

-   العلم ( قال تعالى )(وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين (31 ) قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ) (البقره 32-31)

-   الحياء  (عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مضطجعا في بيته ، كاشفا عن فخذيه - أو ساقيه - فاستأذن أبو بكر ، فأذن له وهو على تلك الحال ، فتحدث ، ثم استأذن عمر ، فأذن له وهو كذلك ، فتحدث ، ثم استأذن عثمان فجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسوى ثيابه ، فلما خرج قالت عائشة : دخل أبو بكر فلم تهتش له ولم تباله ، ثم دخل عمر فلم تهتش له ولم تباله ، ثم دخل عثمان فجلست وسويت ثيابك فقال : ( ألا أستحيي من رجل تستحيي منه الملائكة ؟ ) . وفي رواية قال : ( إن عثمان رجل حيي ، وإني خشيت إن أذنت له على تلك الحالة أن لا يبلغ إلي في حاجته . رواه مسلم .)

-       مساكنهم بالسماء

-       يهبطون الى الأرض بأمر الله

-       يسبحون الله سبحانه وتعالى  ( فلا تجد موضع في السماءإلا و فيها ملك ساجد)

-       لا يوصفون بالأنوثة

-       لا يعصون الله

-       لا تصدر منهم ذنوب

-       لا يفترون عن العبادة

الإيمان بما علمنا من أعمالهم ومنها:-

-       جبريل الوحي

-       ميكائيل القطر أي المطر والنبات

-       اسرافيل النفخ في الصور عند قيام الساعة

-       ملك الموت موكل بقبض الأرواح عند الموت

-       ملك موكل بالنار وهو خازن النار

-       الملائكة الموكلين بالأجنه بالأرحام

-       الملائكة الموكلين بحفظ أعمال بني آدم

-       الملائكة الموكلين بسؤال الميت اذا وضع في قبره

-   ملائكة الرحمة و البركة التي تنزل ولا تدخل البيت الذي فيه كلب أوصورة 0فالملائكة تحفظ العبد بإذن الله تعالى

-       الملائكة تصلى على المؤمنين وتستغفر لهم في مواطن كثيرة :

1-   إذا كان الإنسان على مصلاه

2-   إذا كان معلم للناس بالخير

 فيجب محبة الملائكة على ما قاموا به من محبتهم لنا و دعائهم لنا .

ثمرات الإيمان بالملائكة:

1-   العلم بعظمة الله تعالى و عظمة وسلطانه فإن عظمة المخلوق من عظمة الخالق .

2- شكر الله تعالى على عنايته ببني آدم حيث وكل من هؤلاء الملائكة من يقوم بحفظهم.

3-   محبه الملائكة على ما قاموا به من عبادة لله تعالى

 

الإيمان بالكتب

1-الإيمان بنزولها من عند الله سبحانه وتعالى و الإيمان بما علمنا اسمه منها بإسمه كـالتوراة على موسى , والانجيل على عيسى , والزبور على داوود .

2-تصديق بما صح من أخبارها

3-جميعها منسوخ في القران الكريم

القران ملزومون بتصديقه و العمل به قال الله تعالى: ( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) ( المائدة48 _49

  ثمرات الإيمان بالكتب

1-   العلم بعناية الله تعالى بعباده

2-   العلم بحكمة الله تعالى بشرعة

3-شكر الله على هذه النعمة.

 

الإيمان بالرسل

أصل من أصول الإيمان

في صحيح البخاري ذكر في الحديث عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ مَاجَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ فَيَقُولُ لَسْتُ لَهَا وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِإِبْرَاهِيمَ فَإِنَّهُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ فَيَقُولُ لَسْتُ لَهَا وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمُوسَى فَإِنَّهُ كَلِيمُ اللَّهِ فَيَأْتُونَ مُوسَى فَيَقُولُ لَسْتُ لَهَا وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِعِيسَى فَإِنَّهُ رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ فَيَأْتُونَ عِيسَى فَيَقُولُ لَسْتُ لَهَا وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَأْتُونِي فَأَقُولُ أَنَا لَهَا فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فَيُؤْذَنُ لِي وَيُلْهِمُنِي مَحَامِدَ أَحْمَدُهُ بِهَا لَا تَحْضُرُنِي الْآنَ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ وَأَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا فَيَقُولُ يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ وَسَلْ تُعْطَ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَقُولُ يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي فَيَقُولُ انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مِنْهَا مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ شَعِيرَةٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ ثُمَّ أَعُودُ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا فَيُقَالُ يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ وَسَلْ تُعْطَ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَقُولُ يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي فَيَقُولُ انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مِنْهَا مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ أَوْ خَرْدَلَةٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجْهُ فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ ثُمَّ أَعُودُ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا فَيَقُولُ يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ وَسَلْ تُعْطَ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَقُولُ يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي فَيَقُولُ انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ أَدْنَى أَدْنَى أَدْنَى مِثْقَالِ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجْهُ مِنَ النَّارِ فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ) فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ أَنَسٍ قُلْتُ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا: لَوْ مَرَرْنَا بِالْحَسَنِ وَهُوَ مُتَوَارٍ فِي مَنْزِلِ أَبِي خَلِيفَةَ فَحَدَّثْنَاهُ بِمَا حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ فَأَتَيْنَاهُ فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَأَذِنَ لَنَا فَقُلْنَا لَهُ : يَا أَبَا سَعِيدٍ جِئْنَاكَ مِنْ عِنْدِ أَخِيكَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَلَمْ نَرَ مِثْلَ مَا حَدَّثَنَا فِي الشَّفَاعَةِ ، فَقَالَ: هِيهْ ، فَحَدَّثْنَاهُ بِالْحَدِيثِ فَانْتَهَى إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ فَقَالَ : هِيهْ فَقُلْنَا لَمْ يَزِدْ لَنَا عَلَى هَذَا فَقَالَ لَقَدْ حَدَّثَنِي وَهُوَ جَمِيعٌ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً فَلَا أَدْرِي أَنَسِيَ أَمْ كَرِهَ أَنْ تَتَّكِلُوا ، قُلْنَا : يَا أَبَا سَعِيدٍ فَحَدِّثْنَا ، فَضَحِكَ وَقَالَ : خُلِقَ الإِنْسَانُ عَجُولا مَا ذَكَرْتُهُ إِلا وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُحَدِّثَكُمْ حَدَّثَنِي كَمَا حَدَّثَكُمْ بِهِ قَالَ : ( ثُمَّ أَعُودُ الرَّابِعَةَ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا فَيُقَالُ يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ يُسْمَعْ وَسَلْ تُعْطَهْ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَقُولُ يَا رَبِّ ائْذَنْ لِي فِيمَنْ قَالَ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ فَيَقُولُ وَعِزَّتِي وَجَلالِي وَكِبْرِيَائِي وَعَظَمَتِي لأُخْرِجَنَّ مِنْهَا مَنْ قَالَ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ) رواه البخاري

-       كل رسول نبي و ليس كل نبي رسول

-       الرسالة أعم من النبوة

-   الإيمان بهذا الركن يستلزم الإيمان بأنهم بشر مخلوقين ليس لهم من خصائص الألوهية والربوبية شيء

-       يلحقهم خصائص البشرية من المرض والموت و الحاجة الى الطعام

-       الإيمان بأولي  العزم منهم

-وصفهم الله تعالى بالعبودية في أعلى مقاماتهم

 

    الإيمان بالرسل يتضمن 4 أمور:

1-   الإيمان بأن رسالتهم حق من الله سبحانه وتعالى

2-   الإيمان بمن علمنا اسمه منهم

3-   تصديق ما صح عنهم من أخبارهم

4-   العمل بشريعة من أرسل إلينا منهم وهو خاتمهم محمد عليه الصلاة والسلام

 

ثمرات الإيمان بالرسل :

1-   العلم برحمة الله وعناية بعباده

2-   شكر الله تعالى على هذه النعمة

3-   محبة الرسل و تعظيمهم والثناء عليهم بما يليق بهم 0

 

الإيمان باليوم الآخر

   الإيمان باليوم الآخر يتضمن 3 أمور :

1-   يتضمن الإيمان بالبعث

2-   الإيمان بالحساب والجزاء

3-   الإيمان بالجنة والنار

 

علامات الساعة الكبرى :

1-   طلوع الشمس من مغربها

2-   الدجال

3-   الدابة

4-   النار

5-   خروج المهدي

6-   انشقاق القمر

7-   خسف بالمغرب وخسف في جزيرة العرب

8-   الدخان

    تلحق الإيمان باليوم الأخر كل ما يكون بعد الموت من :

1-   فتنة عذاب القبر  ( سؤال الميت بعد دفنه )

2-   عذاب القبر ونعيمه  ( متعلق بالجسد والروح )

عَنْ مِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ زَاذَانَ ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ : خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ محمد صل الله عليه وسلم فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ مِنَ الانْصَارِ فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ ، وَلَمَّا يُلْحَدْ ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ محمد صل الله عليه وسلم وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ ، وَكَأَنَّ عَلَى رُءُوسِنَا الطَّيْرَ ، وَفِي يَدِهِ عُودٌ يَنْكُتُ فِي الارْضِ ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ ، فَقَالَ : "اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ" ، مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا ، ثُمَّ قَالَ : إنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ ، إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا ، وَإِقْبَالٍ مِنَ الاخِرَةِ ، نَزَلَ إِلَيْهِ مَلائِكَةٌ مِنَ السَّمَاءِ ، بِيضُ الْوُجُوهِ كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الشَّمْسُ ، مَعَهُمْ كَفَنٌ مِنْ أَكْفَانِ الْجَنَّةِ ، وَحَنُوطٌ مِنْ حَنُوطِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَجْلِسُوا مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ ، ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَيْهِ السَّلام حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ ، فَيَقُولُ : أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ ، اخْرُجِي إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ ، قَالَ : فَتَخْرُجُ تَسِيلُ كَمَا تَسِيلُ الْقَطْرَةُ مِنْ فِي السِّقَاءِ فَيَأْخُذُهَا ، فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ ، حَتَّى يَأْخُذُوهَا فَيَجْعَلُوهَا فِي ذَلِكَ الْكَفَنِ ، وَفِي ذَلِكَ الْحَنُوطِ ، وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَطْيَبِ نَفْحَةِ مِسْكٍ ، وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الارْضِ ، قَالَ فَيَصْعَدُونَ بِهَا ، فَلا يَمُرُّونَ - يَعْنِي بِهَا - عَلَى مَلا مِنَ مَلائِكَةٌ، إِلا قَالُوا : مَا هَذَا الرُّوحُ الطَّيِّبُ فَيَقُولُونَ : فُلانُ بْنُ فُلانٍ ، بِأَحْسَنِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانُوا يُسَمُّونَهُ بِهَا فِي الدُّنْيَا حَتَّى يَنْتَهُوا بِهَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا ، فَيَسْتَفْتِحُونَ لَهُ ، فَيُفْتَحُ لَهُمْ ، فَيُشَيِّعُهُ مِنْ كُلِّ سَمَاءٍ مُقَرَّبُوهَا إِلَى السَّمَاءِ الَّتِي تَلِيهَا ، حَتَّى يُنْتَهَى بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ ، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : اكْتُبُوا كِتَابَ عَبْدِي فِي عِلِّيِّينَ وَأَعِيدُوهُ إِلَى الارْضِ ، فَإِنِّي مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى قَالَ فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ ، فَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ ، فَيَقُولانِ لَهُ : مَنْ رَبُّكَ ، فَيَقُولُ : رَبِّيَ اللَّهُ ، فَيَقُولانِ لَهُ : مَا دِينُكَ ، فَيَقُولُ : دِينِيَ الاسْلامُ فَيَقُولانِ لَهُ : مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ ، فَيَقُولُ : هُوَ رَسُولُ اللَّهِ محمد صل الله عليه وسلم ، فَيَقُولانِ لَهُ : وَمَا عِلْمُكَ ، فَيَقُولُ ، قَرَأْتُ كِتَابَ اللَّهِ فَآمَنْتُ بِهِ وَصَدَّقْتُ ، فَيُنَادِي مُنَادٍ فِي السَّمَاءِ ، أَنْ صَدَقَ عَبْدِي فَأَفْرِشُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ ، وَأَلْبِسُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ ، قَالَ : فَيَأْتِيهِ مِنْ رَوْحِهَا ، وَطِيبِهَا ، وَيُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ ، قَالَ : وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ ، حَسَنُ الثِّيَابِ ، طَيِّبُ الرِّيحِ ، فَيَقُولُ : أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكَ ، هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ ، فَيَقُولُ لَهُ : مَنْ أَنْتَ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالْخَيْرِ ، فَيَقُولُ : أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ ، فَيَقُولُ : رَبِّ أَقِمِ السَّاعَةَ ، حَتَّى أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي وَمَالِي . قَالَ : وَإِنَّ الْعَبْدَ الْكَافِرَ ، إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا ، وَإِقْبَالٍ مِنَ الاخِرَةِ ، نَزَلَ إِلَيْهِ مِنَ السَّمَاءِ مَلائِكَةٌ سُودُ الْوُجُوهِ ، مَعَهُمُ الْمُسُوحُ ، فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ ، ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ، حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ ، فَيَقُولُ : أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ اخْرُجِي إِلَى سَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَغَضَبٍ ، قَالَ : فَتُفَرَّقُ فِي جَسَدِهِ ، فَيَنْتَزِعُهَا كَمَا يُنْتَزَعُ السَّفُّودُ مِنَ الصُّوفِ الْمَبْلُولِ ، فَيَأْخُذُهَا ، فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ ، حَتَّى يَجْعَلُوهَا فِي تِلْكَ الْمُسُوحِ ، وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَنْتَنِ رِيحِ جِيفَةٍ ، وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الارْضِ ، فَيَصْعَدُونَ بِهَا ، فَلا يَمُرُّونَ بِهَا عَلَى مَلا مِنَ الْمَلائِكَةِ ، إِلا قَالُوا مَا هَذَا الرُّوحُ الْخَبِيثُ ، فَيَقُولُونَ : فُلانُ بْنُ فُلانٍ ، بِأَقْبَحِ أَسْمَائِهِ ، الَّتِي كَانَ يُسَمَّى بِهَا فِي الدُّنْيَا ، حَتَّى يُنْتَهَى بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا ، فَيُسْتَفْتَحُ لَهُ ، فَلا يُفْتَحُ لَهُ ... فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : اكْتُبُوا كِتَابَهُ فِي سِجِّينٍ فِي الارْضِ السُّفْلَى فَتُطْرَحُ رُوحُهُ طَرْحًا .. فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ ، وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ ، فَيُجْلِسَانِهِ ، فَيَقُولانِ لَهُ : مَنْ رَبُّكَ فَيَقُولُ : هَاهْ هَاهْ لا أَدْرِي ، فَيَقُولانِ لَهُ : مَا دِينُكَ ، فَيَقُولُ هَاهْ هَاهْ لا أَدْرِي فَيَقُولانِ لَهُ : مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ ، فَيَقُولُ : هَاهْ هَاهْ لا أَدْرِي فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ ، أَنْ كَذَبَ ، فَافْرِشُوا لَهُ مِنَ النَّارِ ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى النَّارِ ، فَيَأْتِيهِ مِنْ حَرِّهَا وَسَمُومِهَا ، وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ ، حَتَّى تَخْتَلِفَ فِيهِ أَضْلاعُهُ ، وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ قَبِيحُ الْوَجْهِ ، قَبِيحُ الثِّيَابِ ، مُنْتِنُ الرِّيحِ ، فَيَقُولُ : أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُوءكَ ، هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ ، فَيَقُولُ : مَنْ أَنْتَ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالشَّرِّ ، فَيَقُولُ : أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيثُ ، فَيَقُولُ : رَبِّ لا تُقِمِ السَّاعَةَ ( صحيح البخاري)

    ثمرات الإيمان باليوم الآخر 0

1-   الرغبة بفعل الطاعات والحرص عليها

2-   الرهبة من فعل المعصية والرضى بها خوفاً من عقاب ذلك اليوم  

3-   تسلية المؤمن عما يفوته من الدنيا بما يرجوه من نعيم الآخره

 

   البعث يكون للجسد والروح.

وقد أنكر الكافر البعث بعد الموت وقد دل على اثباتة الكتاب والسنة والإجماع والعقل والحس 

, قال الله تعالى: زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ. التغابن:7.

أما الحس 0فقد أرى الله عباده احياء الموتى في هذي الدنيا في سورة البقرة في خمس أمثلة وهي:

1-    قال الله تعالى: (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ (55) ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ(55) ) (البقره)

2- في قصة القتيل الذي اختصموا به بني اسرائيل و قال الله تعالى: (وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (72) فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (73) ) البقره

 

3-  في قصة القوم الذين خرجوا من ديارهم فراراً من الموت وهم ألوف فـأماتهم الله ثم أحياهم قال الله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللّهُ مُوتُواْ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ(243). ) البقرة

 

 

4- في قصة الذي مر على قرية ميته فاستبعد أن يحيها الله فأماته الله مئة سنة ثم احياه قال الله تعالى: (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِـي هَـَذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) البقره259

 

5- في قصة ابراهيم الخليل حين سأل الله أن يريه كيف يحي الموتى , قال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }البقرة260

 

أوجه الأدلة من العقل :

1-   أن الله سبحانه وتعالى فاطر السماوات والأرض وما فيهما

قال الله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) {سوره الروم27}

2-   أن الأرض تكون ميتة هامدة فينزل عليها المطر فتهتز خضراء حية

قال الله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ ۚ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَىٰ ۚ إِنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. ){فصلت 39 }

وقد ظل قومٌ من أهل الزيغ فأنكروا عذاب القبر ونعيمه وهذا الزعم باطل بالشرع والحس و العقل .

أما في الشرع : في صحيح البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنه قال : (عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال : مرّ النبي بقبرين ، فقال : إنهما ليعذبان ، وما يعذبان في كبير ؛ أما أحدهما فكان لا يستتر من البول ، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة ، ثم أخذ جريدة رطبة فشقها نصفين ، فغرز في كل قبر واحدة . فقالوا : يا رسول الله لم فعلت هذا قال : لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا . ( صحيح البخاري )

أما الحس 0 فان النائم يرى في منامه أنه كان في مكان فسيح بهيج يتنعم فيه , وأنه كان في مكان ضيق موحش يتألم منه , وربما يستيقظ احياناً مما يرى ومع ذلك هو في فراشه , فالنوم اخو الموت

قال الله تعالى:  ( اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَتِي قَضَى عَلَيْهَا المَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُّسْمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) الزمر42

وكذلك النائم يرى في منامه رؤيا الحق المطابقة للواقع وربما يرى النبي صلى الله عليه وسلم ومع ذلك فالنائم في حجرته على فراشه

فإذا كان هذا ممكن في أحوال الدنيا أفلا يكون ممكن في أحوال الآخره , أما اعتمادهم لو زعموا أنه لو كشف عن الميت في قبره لوجدوه كما كان لم يتغير , جوابه على وجوه منها

1-   أنها لا تجوز معارضة ما جاء به الشرع في مثل هذه الشبهات

2-   أن أحوال البرزخ من أمور الغيب التي لا يدركها الحس

3- أن العذاب والنعيم , وسعة القبر وضيقه إنما يدركها الميت دون غيره وهذا كما يرى النائم في منامه أن في مكان ضيق موحش أومكان واسع بهيج

4- أن إدراك الخلق محدود بما أمكنهم الله من إدراكه , ولا يمكن أن يدركوا كل موجود , وكل شيء يسبح بحمد الله تسبيحاً يسمعه الله تعالى من شاء من خلق

قال الله تعالى: ( تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ ۚ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ۗ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) الاسراء 44

وهكذا الشياطين يسعون في الأرض ذهابا وإياباً , وقد حضرت الجن الى رسول الله و استمعوا الى قراءته قال الله تعالى: (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ) (الاحقاف29)

 فإذا كان الخلق لا يدركون كل موجود فلا يجوزأن ينكروا ما ثبت من أمور الغيب ولم يدركوه .

 

معنى الإيمان بالقدر وحكمه

 

 

إن من أسباب سعادة المؤمن، وانشراح صدره في هذه الحياة، إيمانه بالقضاء والقدر، لأنه يعلم أن الأمور كبيرها وصغيرها كلها بتقدير الله تعالى فيرضى ويسلم، والإيمان بالقضاء والقدر من أهم ركائز العقيدة الإسلامية، وهو ركن من أركانها كما سيأتي، وقبل بيان ذلك نبدأ بتعريف القضاء والقدر في اللغة وفي الشرع.

 

   تعريف القضاء والقدر:

القضاء في اللغة "أصله قَضَايٌ لأنه من قضيت، إلا أن الياء لما جاءت بعد الألف همزت والجمع الأقضية" (1)

ومن معانيه في اللغة الحكم (2) ، وهو أوضح معاني القضاء وأشدها ارتباطاً به، ويأتي بمعنى الوجوب والوقوع (3) ، قال تعالى: (قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ{41}) [يوسف:41] وبمعنى الإكمال والإتمام (4) ومنه قولـه تعالى: (فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ)[القصص:29] الآية ويأتي أيضاً بمعنى الأمر (5) ولـه معانٍ أُخرى (6) وأما القدر فهو "مصدر قَدَّر، يَقدِرُ قَدَراً، وقد تُسكَّن داله" (7)

ومن معانيه الحكم والقضاء (8) ، والشرف، والعظمة (9) ومنه قوله تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) [القدر:1] ويأتي بمعنى التضييق في المكان أو الرزق (10) ففي المكان كما في قولـه تعالى: (وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ) [الأنبياء:87] الآية.

وفي الرزق كما في قولـه تعالى: (وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً) [الطلاق:7] الآية ويأتي بمعنى التقدير (11) ، وبمعنى القدرة والقوة(12) . وهناك معانٍ أخرى (13)

 

  وأما في الشرع:

 

هناك من العلماء من جعل القضاء والقدر بمعنى واحد، وهناك من ذكر بينهما فروقاً فقيل: "القضاء من الله تعالى أخص من القدر، لأنه الفصل بين التقدير فالقدر هو التقدير، والقضاء هو الفصل والقطع" (14)

وقيل: القدر قبل وقوعه يمكن دفعه، بخلاف القضاء فلا راد له (15) وقيل: "القضاء هو الحكم الكلي الإجمالي في الأزل، والقدر جزئيات ذلك الحكم وتفاصيله" (16)

وبتأملي لهذه الفروق، لم أجد هناك أثراً مترتباً على هذا الخلاف كما أنه لا يوجد دليل فاصل بين القولين (17) ، والله تعالى أعلم.

ومعنى الإيمان بالقضاء والقدر، الإيمان بعلم الله بما الخلق عاملون، بعلمه القديم الذي هو موصوف به أزلاً، وكتابته في اللوح المحفوظ مقادير كل شيء، ثم الإيمان بمشيئته جل وعلا، فما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن ووقوعهما على التقدير السابق زماناً، وصفةً.

وهذا ما عليه أهل السنة والجماعة (18)

 

وللإيمان بالقضاء والقدر أربع مراتب، شملها التعريف السابق، ويجب الإيمان بها جميعاً.

 

المرتبة الأولى: العلم، ومعناه الإيمان بأن الله تعالى يعلم ما كان وما يكون، وما لم يكن لو كان كيف يكون، وهو تعالى يعلم ما الخلق عاملون وعلم أحوالهم، وآجالهم وأرزاقهم، وهو متصف بهذا العلم أزلاً وأبداً، وهذا ما اتفقت عليه هذه الأمة، عدا فرقة القدرية الضالة التي ظهرت في أواخر عهد الصحابة (19)

ومنكر هذه المرتبة كافر بالإجماع (20)

ودليلها من سورة يونس – عليه السلام – في قوله تعالى:

(وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) [يونس:18[

وقوله: ( بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ)

]يونس:39] الآية.

وقوله: (وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ) [يونس:61[

وقوله: (وَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [يونس:65[

 

 

المرتبة الثانية: مرتبة الكتابة، ومعناها أن الله تعالى كتب مقادير كل شيء في اللوح المحفوظ، وعلى ذلك أجمع أهل السنة.

قال ابن القيم – رحمه الله – : "وأجمع الصحابة والتابعون، وجميع أهل السنة والحديث أن كل كائن إلى يوم القيامة فهو مكتوب في أم الكتاب" ا. هـ (21 )

ودليلها في سورة يونس – عليه السلام – في قوله تعالى: (وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ) [يونس:61]

وهذه الآية جمعت بين مرتبتي العلم والكتابة، وهذا يقع كثيراً في القرآن الكريم (22) كقوله تعالى: ( أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) [الحج:70[

 

وعن عبدالله بن عمرو بن العاص – رضي الله عنه – قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة قال وعرشه على الماء" (23)

والأدلة على هذه المرتبة من الكتاب والسنة كثيرة جداً (24)

 

 

المرتبة الثالثة:  المشيئة، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، قال ابن القيم – رحمه الله – : "وهذه المرتبة قد دل عليها إجماع الرسل من أولهم إلى آخرهم، وجميع الكتب المنزلة من عند الله، والفطرة التي فطر الله عليها خلقه، وأدلة العقول والعيان ..، والمسلمون من أولهم إلى آخرهم مجمعون على أنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن" ا.هـ (25)

 

والإيمان بالمشيئة إيمان بحقيقة الربوبية، إذ لا يجري في الكون إلا ما يشاؤه الرب تعالى، فالخلق خلقه، والعباد عباده، والرزق رزقه، والعطاء عطاؤه، والمنع منعه، إذ لا مالك غيره، ولا رب سواه (26)

ودليلهما من السورة قوله تعالى: ( قُل لَّوْ شَاء اللّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُم بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ) [يونس:16[

وقولـه: (وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) [يونس:25[

وقولـه تعالى: ( قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ( .

[يونس:49].

وقوله جل ذكره: ( وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ{99} وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ{100} ) [يونس:99-100] .

وهذه المشيئة متعلقة بالأمر الكوني القدري، وهي مستلزمة لوقوع المراد ولا يلزم منها الحب والبغض، كما شاء الله تعالى خلق إبليس والشياطين والكفار وهو يبغضهم، وكذلك خلقه من الأفعال ما يبغضه ويسخطه، كالكفر والشرك والنفاق، فهو سبحانه يهدي من يشاء، ويضل من يشاء، لا يسأل عما يفعل.

وأما المحبة والرضا فمتعلقها أمره تعالى الديني، وهو لا يستلزم الوقوع، إذ قد يحب الله تعالى أمراً ولا يشاؤه فلا يقع لعدم المشيئة، وقد يشاؤه ويحبه فيقع (27)

والأحاديث في إثبات هذه المرتبة كثيرة وقد عقد البخاري – رحمه الله – في صحيحه لذلك باب ساق فيه جملة من الأحاديث (28)

 

المرتبة الرابعة: الخلق، وتعني الإيمان بأن الله خالق كل شيء، بما في ذلك أفعال العباد، وقدرهم، وآجالهم، وهذه المرتبة اتفق عليها أهل الإسلام، واتفقت عليها الكتب الإلهية ونازع فيها التي قبلها طوائف من القدرية (29) كما سيأتي بيانه إن شاء الله (30)

ودليلها في السورة، في قولـه تعالى: (إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) [الأعراف:54] الآية.

وقولـه: (إِنَّ فِي اخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَّقُونَ) [يونس:6[

وفي سورة الزمر يقول الله تعالى: (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) (الزمر:62)

قال ابن القيم – رحمه الله – : "وهذا عام محفوظ لا يخرج عنه شيء من العالم أعيانه وأفعاله، وحركاته وسكناته، وليس مخصوصاً بذاته وصفاته، فإن الخالق بذاته وصفاته وما سواه مخلوق له" ا.هـ (31)

ومنكر هذه المرتبة مبتدع ضال، ولا يحكم بكفره، ما لم ينكر العلم(32)

هذه هي مراتب القدر التي لا يكتمل إيمان المسلم، إلا بإيمانه بجميعها(33)

والإيمان بالقضاء والقدر واجب لابد منه، وهو الركن السادس

من أركان الإيمان الستة، كما جاء في حديث جبريل عندما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما الإيمان قال: أن تؤمن بالله وملائكته، وكتابه، ولقائه، ورسله، وتؤمن بالبعث وتؤمن بالقدر كله، قال: صدقت .." الحديث (34)

 

رُوي عن أبي الدرداء – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لكل شيء حقيقة وما بلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه" (35)

 

وقال ابن عباس – رضي الله عنه – : "القدر نظام التوحيد، فمن وحد الله عز وجل وكذب بالقدر كان تكذيبه بالقدر نقضاً للتوحيد ومن وجد الله وآمن بالقدر، كانت العروة الوثقى" (36)

 

قال الإمام النووي – رحمه الله – : "تظاهرت الأدلة القطعية من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة، وأهل الحل والعقد، من السلف والخلف على إثبات قدر الله سبحانه وتعالى" ا.هـ (37)

 

وقال الإمام الشوكاني – رحمه الله – : "الإيمان بالقدر خيره وشره فهي الخصلة العظمى التي تتفاوت فيها الأقدام بكثير من الدرجات، فمن رسخ قدمه في هذه الخصلة ارتفعت طبقته في الإيمان" ا.هـ (38)

ــــــــــــــــــــــــــ

(1) الصحاح (6/2463)، وانظر لسان العرب (15/186).

(2) النهاية في غريب الحديث (4/78)، وانظر الصحاح (6/2463)، وانظر لسان العرب (15/186)، وانظر بصائر ذوي التمييز (4/276).

(3) انظر بصائر ذوي التمييز (4/277).

(4) انظر الصحاح (6/2463)، وانظر لسان العرب (15/187)، وانظر بصائر ذوي التمييز (4/277).

(5) انظر لسان العرب (15/186)، وانظر بصائر ذوي التمييز (4/276).

(6) انظر الصحاح (6/2463-2464)، وانظر مختار الصحاح ص266، وانظر لسان العرب (15/186-189)، وانظر بصائر ذوي التمييز (4/276-278).

(7) النهاية في غريب الحديث (4/22).

(8) انظر الصحاح (2/786)، وانظر المفردات في غريب القرآن ص 395، وانظر النهاية في غريب الحديث (4/22)، وانظر لسان العرب (5/76).

(9) انظر بصائر ذوي التمييز (4/243).

(10) انظر بصائر ذوي التمييز (4/243).

(11) انظر الصحاح (2/786)، وانظر المفردات، ص395، وانظر النهاية في غريب الحديث (4/23)، وانظر لسان العرب (5/76).

(12) انظر الصحاح (2/787)، وانظر بصائر ذوي التمييز (4/244).

(13) انظر الصحاح (2/786) وما بعدها، وانظر لسان العرب (5/74) وما بعدها، وانظر بصائر ذوي التمييز (4/243-246).

(14) المفردات في غريب القرآن ص406-407.

(15) انظر المرجع السابق ص407.

(16) فتح الباري (11/486)، وانظر الدين الخالص (3/154).

(17) وانظر القضاء والقدر في ضوء الكتاب والسنة للشيخ عبدالرحمن المحمود، ص19-22، رسالة ماجستير مقدمة إلى جامعة الإمام محمد بن سعود، قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة.

(18) انظر مجموع الفتاوى (3/148-149)، (8/449، 452، 459)، وانظر الواسطية، ص22-23 وانظر التدمرية ص209، وانظر شرح العقيدة الطحاوية، ص251، وانظر لوامع الأنوار (1/348).

(19) فرقة القدرية ظهرت في أواخر عهد الصحابة رضوان الله تعالى عليهم، وأول من قال بنفي القدر معبد الجهني كما ذكرت أكثر المصادر، وقتل صبراً في زمن الحجاج عند خروجه من ابن الأشعث، وقد قيل: إنه مات مصلوباً بدمشق لبدعته في القدر، وكان القدرية الغلاة ينفون العلم السابق وأن الله تعالى لا يعلم الأشياء إلا بعد وقوعها وأن الأمر أنف ثم ظهرت بعد ذلك فرقة القدرية المجوسية نفاة المشيئة والخلق وهم جمهور المعتزلة ومن وافقهم من الخوارج والمرجئة والشيعة، انظر الفصل في الملل والنحل (3/82)، انظر الملل والنحل للشهرستاني (1/30) (1/45)، وانظر مجموع الفتاوى (7/264)، وانظر ميزان الاعتدال (4/141)، وانظر تهذيب التهذيب (10/203-204).

(20) انظر السنة للخلال، ص 529-530، وانظر الإبانة ص203 وانظر شرح أصول الاعتقاد (4/706 وما بعدها) وانظر مجموع الفتاوى (8/491-497)، وانظر شفاء العليل ص 55-63، وانظر معارج القبول (2/328) وانظر (3/920-923).

(21) شفاء العليل، ص77.

(22) انظر تفسير الكريم الرحمن (3/366).

(23) رواه مسلم في كتاب القدر، باب حجاج آدم وموسى – عليهما السلام – رقم 2653 (4/2044).

(24) انظر شفاء العليل من ص73 إلى ص 79، وانظر معارج القبول (3/924-940).

(25) شفاء العليل، ص80.

(26) انظر المرجع السابق ص80-90.

(27) انظر مجموع الفتاوى (8/188-190) و(8/197-200)، وانظر منهاج السنة (3/16-17) (3/180، 156-158)، وانظر شفاء العليل ص (88-90)، (445-448)، وانظر فتح الباري (13/458-459)، وانظر لوامع الأنوار (1/338-339).

(28) انظر صحيح البخاري كتاب التوحيد، باب في المشيئة والإرادة (6/2715).

(29) انظر منهاج السنة (3/12-13، 128-129)، وانظر شفاء العليل، ص91.

(30) انظر ص 488 وما بعدها.

(31) شفاء العليل، ص97.

(32) انظر الإيمان لابن تيمية ص369.

(33) انظر الواسطية ص 22-23، وانظر جامع العلوم والحكم (1/103-104)، وانظر لمعة الاعتقاد مع شرحها للشيخ محمد بن عثيمين (92-93)، وانظر القضاء والقدر في ضوء الكتاب والسنة "رسالة ماجستير" بجامعة الإمام محمد بن سعود للشيخ عبدالرحمن المحمود 23-58.

(34) رواه مسلم في كتاب الإيمان باب بيان الإيمان والإسلام ووجوب الإيمان بإثبات قدر الله سبحانه وتعالى رقم 10 (1/40).

(35) رواه أحمد في مسنده (6/441-442)، ورواه أبو عاصم في السنة رقم: 2476 (1/110) عن أبي الربيع به بنحوه، وقال الألباني في تخريجه: حديث صحيح، رجاله ثقات على ضعف هشام، ولكنه قد توبع، ولحديثه شواهد ا.هـ ظلال الجنة، ص(1/110).

(36) رواه الآجري في الشريعة ص 21، ورواه اللالكائي في شرح أصول الاعتقاد برقم 1112 (3/623) من طريق أخرى بنحوه، ورواه أيضاً برقم: 1224 (4/670) بأطول منه، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (7/197) ثم قال: "رواه الطبراني في الأوسط وفيه هانئ بن المتوكل وهو ضعيف، وقال الألباني: "ضعيف موقوفاً ومرفوعاً" تخريج العقيدة الطحاوية، ص250، قلت: وإن كان ضعيفاً فمعناه صحيح.

(37) شرح مسلم (2/155).

(38) قطر الولي على حديث الولي ص 413