الكثير من العلماء و القرّاء يعجبون من حسن أسلوب وتأثير العلامة ابن القيم _ رحمه الله _  ، ويصابون بالدهشة من براعة كلامه في جميع علوم الشريعة ، وعلى وجه الخصوص في مداواة النفوس وتزكيتها على  المنهج اﻻيماني الشرعي دون انحراف ، ولعل السر في ذلك بعد توفيق الله تعالى ، هو ماذكره معاصروه وتلاميذه عن سيرته .. :
 
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله عنه:
ﻻأعرف في هذا العالم في زماننا أكثر عبادة منه ، وكانت له طريقة في الصلاة يطيلها جداً ، ويمد ركوعها وسجودها ، ويلومه كثير من أصحابه في بعض اﻷحيان فلا يرجع وﻻينزع عن ذلك رحمه الله ،
وكان كثير القراءة والخلق ، كثير التودد ، ﻻيحسد أحداً وﻻيؤذيه ، وﻻيستعيبه ، وﻻيحقد على أحد ، وبالجملة كان قليل النظر في مجموعه وأموره وأحواله ، والغالب عليه الخير واﻷخلاق الفاضلة .
 
وقال تلميذه العلامة ابن رجب رحمه الله:
كان _ رحمه الله _ ذا عبادة وتهجد وطول صلاة إلى الغاية القصوى ، وتألّه ولهج بالذكر ،  وشغف بالمحبة ، واﻹنابة واﻻستغفار ، واﻻفتقار الى الله واﻻنكسار بين يديه ، واﻻطراح بين يديه على عتبة عبوديته ، لم أشاهد مثله في ذلك ، وﻻ رأيت أوسع منه علماً، وﻻأعرف بمعاني القرآن والسنة وحقائق اﻻيمان منه _ وليس هو المعصوم _ ولكن لم أرَ في معناه مثله ..
وكان في مدة حبسه مع شيخه شيخ اﻻسلام ابن تيمية رحمهما الله مشتغلاً بتلاوة القرآن بالتدبر والتفكير ، ففُتح عليه من ذلك خير كثير.. وحج مرات كثيرة وجاور بمكة ، وكان أهل مكة يذكرون عنه من شدة العبادة ، وكثرة الطواف أمراً يتعجب منه ..
 
 
هكذا يكون تأثير العالم العامل الرباني بقدر تقواه وصلته بربه ، وحسن أخلاقه وسلامة صدره وطهارته ، وزهده في الدنيا وإقباله على اﻵخرة ،،