كلمة ألقيت في حفل تكريم الحافظات لكتاب الله في مسابقة القرآن الكريم في مكتب الإشراف التربوي
اللهم لك الحمد كما خلقتنا ورزقتنا وهديتنا وعلمتنا . وفرجت عنا لك الحمد بالإيمان ولك الحمد بالقرآن ولك الحمد بالأهل والمال والمعافاة ..
سلام معطر بالورد ... سلام مليء بالزهر والفل .. سلام محمل بالرياحين ... سلام على زهرات الحفل اللاتي أبهجن صدرونا وأبهجن خواطرنا بما تنافسن فيه من تلاوة كتاب الله والحرص على حفظه جعلهن الله من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته قال صلى الله عليه وسلم " أن لله عز وجل اهلين من الناس قيل يا رسول الله ومن هم قال : هم أهل القرآن أهل الله وخاصته" .
إن هذا القرآن هو مأدبة الله وهو كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم هو الفصل ليس بالهزل من تركه من جبار قصمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله وهو حبل الله المتين وهو الذكر الحكيم وهو الصراط المستقيم وهو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسنة ولا يشبع منه العلماء ولا يخلق على كثرة الرد . ولا تنقضي عجائبه هو الذي لم تنته الجن إذ سمعته حتى قالوا : ( إنا سمعنا قرءانا عجبا يهدي إلى الرشد فأمنا به ) .
من قال به صدق ، ومن عمل به اجر ، ومن حكم به عدل ، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم .
لو انزل على جبل لرايته خاشعاً متصدعاً من خشية الله (لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) يعني متذللا متصدعا من خشية على قساوته حذرا أن لا يؤدي حق الله المفترض عليه في تعظيم القرآن وقد انزل على ابن ادم وهو بحقه مستخف وعنه عما فيه من العبر والذكر معرض كان لم يسمعها كان في أذنيه وقرا .. تفسير ابن جرير . وهذا القرآن فيه السعادة والهداية والبشرى للمؤمنين .
{إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً }الإسراء9
{وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى }طه124
والقرآن ما انزل إلا ليتدبر ويعمل به.
{كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ }ص29
قال عثمان بن عفان رضي الله عنه " لو طهرت القلوب ما شبعت من ذكر الله "
وقال محمد بن واسع "إنما القرآن بستان العارفين، فأينما حلو حلوا في نزهة".
يقول ابن جرير " لو أنزلنا هذا القرآن على جبل وهو حجر لرأيته يا محمد خاشعاً يقول : متذللا متصدعاً من خشية الله على قساوته حذرا منان لا يؤدي حق الله المفترض عليه في تعظيم القرآن وقد انزل على ابن ادم وهو بحق مستخف وعنه عما فيه من العبر والذكر معرض كان لم يسمعها كان في أذنيه قرا عن قتادة في تفسير هذه الآية يعذر الله الجبل الأصم ولم يعذر شقي ابن ادم هل رأيتم أحدا قط تصدعت جوانحه من خشية الله" .
أين العمل بالقرآن :
{إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً }الإسراء9
{كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ }ص29
{إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ }فاطر29
{لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ }الحشر21
{وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى }طه124
فهنيئا لهذه الوجوه النيرة التي تنافست على تلاوة وحفظ كتاب الله وهنيئا لمن كان سببا في هذا الفضل .
يا فوز حامل القرآن .. يا بنجاتها .. يا سعد دنياها .. يا انس وحشتها ... فالقرآن في الدنيا رحمة للمؤمنين يهبهم السكينة والطمأنينة ويهدهم إلى سواء السبيل وهو كنز لا ينفذ من الحسنات .

فضل حامل القرآن :
قال عثمان رضي الله عنه : "لو طهرت القلوب ما شبعت من ذكر الله ". ط
وقال ابن واسع : "إنما القرآن بستان العارفين .. فأينما حلوا حلوا في نزهة" .
وأما في الآخرة فنعم الصديق وقت الضيق فهو لا يترك صاحبه منذ أن ينشق عنه قبره حتى يدخله الجنة .. وترتفع منزلة حامل القرآن بمقدار الآيات التي يحفظها ويحشر مع السفرة الكرام البررة والصديقين على قدر حفظه ومهارته بكتاب الله قال عليه الصلاة والسلام ( يقال لصاحب القرآن اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فان منزلتك عند آخر آية تقرأها ).ولا يقتصر الفضل على حالم القرآن بل يتعداه إلى أهله وأقاربه فيكرم والديه ويشفع في عشرة من أهله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما من رجل يعلم ولده القرآن إلا توج يوم القيامة بتاج في الجنة )
وعبر ختام كلمتي ثلاث رسائل عاجلة

الأولى إلى مربيات الجيل من مشرفات ومديرات ومعلمات:

 أقول لهن اتقين الله في الأمانة التي حملتموها والي هي مهمة الأنبياء والرسل .
واحرصن على تربية من وليتم تربيتهن على أخلاق القرآن واعلمي إن لك مثل أجورهن لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ، ابذلن الجهد والوقت في تربية هذا الجيل ولا تتركيهن فريسة لوسائل الشر وأساليب المكر واعلمي أن السلاح قوي والعدو ماكر والمواجهة ضعيفة .
تشجيع الطالبات في دخول المسابقة


الثانية : إلى الأمهات وأولياء الأمور:

أقول طوبى لمن أعان ولده على بره . هذا رجل جاء يشتكي إلى أبي بكر من عقوق ابنه فقال الولد : لقد عقني من قبل فلم يحسن اختيار والدتي .. ولم يحسن اسمي .. ولم يعلمني القرآن .
فاحرصي على غذاء الروح وكوني اشد حرصا عليه من غذاء الجسد واجعلي القرآن العظيم حليه منذ نعومة أظفاره فابنك أن وعي القرآن في صغره سيكون ذلك سبب صلاحه وهدايته وفلاحه لا تنشغلي عنه بملهيات الحياة ومغرياتها واعلمي إنها مسئولية ستألين عنها أمام الله هل حفظت أم ضيعت .
هذه رسالة وجهها احد الأبناء إلى أبيه يقول
يا أبتي دعني أقدم لك الشكر كله على ما بذلته من اجلي وفي سبيل راحتي وسعادتي فأنت قد جلبت لي أفضل المطاليب والمشارب والمراكب .. وأسكنتني أجمل وأهنأ المساكن .
ولكنك يا أبتي قد قصرت في أهم الجوانب وأعظم المطالب .. إنها مطالب الروح والقلب والإيمان وكل هذه الأمور غذاؤها الطاعة وزادها التقوى ووقودها العبادة وبلسمها العمل الصالح .
فهل قمت بحقوقها كما قمت بحقوق الجسد ؟!

يا خادم الجسم كم يسعى لراحته أتعبت نفسك فيما فيه خسران
اقبل على الروح فاستكمل فضائلها فأنت بالروح لا بالجسم إنسان

فمتى أخذت بيدي يوماً وذهبت بي إلي محاضرة قيمة يزداد فيها علمي وعملي ..؟
ومتى أهديتني كتابا دينيا يأخذ بيدي وينير لي دربي في هذا الزمان الذي كثرت ظلماته واولهمت شبهاته وشهواته ؟
ومتى ألصقت قدمي بقدمك وكتفي بكتفك لأداء الصلاة ..
ومتى حفظتني القرآن ؟ ومتى علمتني السنة ؟ ومتى فقهتني في الدين ؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله سائل كل راع عما استرعاه أحفظ ذلك أم ضيع حتى يسأل الرجل عن أهل بيته ".
الثالثة : إلى زهرات الحفل والى بناتنا جميعا:

 أقول احرصن على الإخلاص لله تعالى فإياكن أن يكن همكن التنافس الدنيوي والفوز به ليكن هدفكن أسمى وأعلى وان لم يقدر الله تعالى فوزك فأنت فائزة بإذن الله تعالى ولم تصلي إلى هنا إلا وقد بذلت جهدا كثيرا في الحفظ والإتقان .
"من طلب العلم ليماري به السفهاء أو يكاثر به العلماء أو يصرف به وجوه الناس فليتبوأ مقعده من النار "
العمل بالقرآن (كتاب الله وسنتي ) {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ }ص29
كان خلقه القرآن ..
قال أبو عبد الرحمن السلمي : (حدثنا الذين كانوا يقرءوننا القرآن عثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما إنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات لم يتجاوزها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعاً )
( رب قاري للقرآن والقرآن يلعنه )
يقول ابن مسعود رضي الله عنه : "ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون وبنهاره إذا الناس مفطرون وبحزنه إذا الناس يفرحون وببكائه إذا الناس يضحكون وبصمته إذا الناس يخوضون وبخشوعه إذا الناس يختالون" .
وعن الحسن – رحمه الله – قال : ( إن من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربهم فكانوا يتدبرونها بالليل وينفذونها في النهار )
المراجعة والحفظ وعدم النسيان .
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

{mosimage}إن هذا القرآن هو مأدبة الله وهو كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم هو الفصل ليس بالهزل من تركه من جبار قصمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره