من الأمثال الشائعة المعروفة قولهم: ( الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك). وهو تشبيه رائع يوحي بأهمية هذه الدقائق والثواني في  حياتنا .. والتي أصبحت أهون شيء تضيع على المرء ... وأصبح السيف يقطعنا قطعاً دون أن نشعر !!

لقد تربينا منذ الصغر على المحافظة على المال والمحافظة على الصحة ، لكننا .. وللأسف الشديد لم نترب على المحافظة على الوقت !!

مع أن الإسلام بيّن أهمية الوقت واعتباره حتى الدقائق والثواني اعتبرها .. فلو أن شخصاً صلى الصلاة قبل وقتها بدقائق لم تصح .. ولو أن حاجاً خرج من عرفات قبل غروب الشمس بدقائق لزمته الفدية إذن فهذا الوقت أمانة سيسأل عنها العبد أمام الله تعالى كما جاء في الحديث عن أبي برزه الأسلمي – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه ؟ وعن علمه فيم فعل ؟ وعن ماله من أين اكتسبه ؟ وفيم أنفقه ؟ وعن جسمه فيما أبلاه ) رواه الترمذي وقال : حسن صحيح .

وقال الحسن – رحمه الله - : )ابن آدم ، إنما أنت بين راحلتين مطيتين يوضعانك يوضعك الليل إلى النهار ، والنهار إلى الليل حتى يسلمانك إلى الآخرة ، فمن أعظم منك يا ابن آدم خطراً) أ.هـ .

ولو أراد أحدنا أن يعرف كم يستفيد من وقته ، فعليه أن يحسب مقدار ما يهدر منه وهنا ستكون المفاجأة !!

ولا شك أن هناك أسباب هي السبب في ضياع أوقاتنا وهي:

·       طول الأمل والتسويف .

·       العقلة والاستغراق فيما لا يفيد .

·       عدم وجود رسالة في الحياة ، وعدم وجود أهداف سامية .

·       أن الوقت معنوي وليس حسي ولذا لا نشعر بضياعه .

·       الانشغال بأعمال لا تجدي وقد تكون محرمة ..!!

ولو سأل سائل الآن كم يستغرق الناس هذه الأيام في مشاهدة القنوات والأفلام ، وفي الانترنت لهالك الأرقام والإحصائيات. وإذا كان المرء يقضي ثلث عمره أو أكثر في النوم فكم يكون الناتج وكما يقول ابن الجوزي – رحمه الله

ومن تفكر في الدنيا قبل أن يوجد رأى مدة طويلة .... فإذا عاد إلى النظر في مقدار بقائه في الدنيا فرضنا ستين سنة مثلا فإنه يمضي منها ثلاثون سنة في النوم ونحو من خمس عشرة في الصَّبا ، فإذا حسب الباقي كان أكثره الشهوات والمطاعم والمكاسب ، فإذا خلص ما للآخرة وجد فيه من الرياء والغفلة كثيرا فبماذا تشتري الحياة الأبدية وإنما الثمن هذه الساعات " أ.هـ.

·       البحث عن الكمال الزائف ! والتردد في اتخاذ القرار .

·       الشعور بالنقص لدى المرء ، فيشعر أنه لا يحسن أن يعمل عملا فيرضى بالدون وضياع العمر !!

·       سوء ترتيب الأعمال وسوء استخدام الإمكانات المتاحة وسوء الاتصال .

·  الزيارات غير الهادفة ، والاجتماعات العشوائية وهي أغلب ما يقضي على الأوقات ، فكثيراً ما نتعامل بالخجل مع الأهل والأقارب ومن لا يهتمون بالوقت ، وقد نهدر كثيرا من الوقت مجاملة لمن نجالسه !!

بل قد نعتذر عن محاضرة مهمة أو موعد عاجل لأجل أمر من هذه الشاكلة مع عدم أهميته !!

لذا أقول: إن علينا تحمل مسئولية تربية المجتمع على حمل الرسالة وحفظ الوقت واستغلاله حتى لا يقطعنا السيف ! ولا يكن عدم تعود المجتمع على ذلك عاملا يثبطنا ويغير هممنا...

بل نقيس ذلك على النجاح الذي حققه المهتمون بأمور المجتمع الأخرى كالمظاهر . والزنية ... واللباس ...ووسائل المواصلات والعادات الاجتماعية التي استطاعوا بتصميمهم تغييرها ، وجبر الناس عليها في زمن يسير ..!! بل والأعجب أن بعضها قد يخالف الشريعة والسنة فتندثر بسببها تلك السنن وتظهر البدع ...

ولا شك أن الإنسان الذي لديه هدف واضح في حياته ينتج ويبتكر وتتولد لديه أفكار عظمى وكما يقول ابن القيم – رحمه الله – :( لو أن رجلا وقف أمام جبل وعزم على إزالته وكان مأمورا بذلك لأزاله )

والأنبياء كانوا يحملون هم إعادة الأمم إلى التوحيد ، فحقق الله لهم ما أرادوا ... وهكذا الهمم والأهداف تكبر على قدر منزلة حامليها .. ﭧ ﭨ ﮠ   ﮡ  ﮢ  ﮣ  ﮤﮥ    [العنكبوت: ٦٩] فلنعد حساباتنا وترتيب أوقاتنا ولنجعلها عزيمة وإرادة وليس أماني وعجز .... وليكن سلاحنا الصبر والذكر والعبادة والاستعانة بالله العظيم ...