إن الإيمان بالله جل وعلا يشمل الإيمان بربوبيته وألوهيته، وما يجب له من صفات وأسماء تليق بجلاله جل وعلا مما أخبر به في كتابه أو ثبت من سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
وهذه المذكورة هي أقسام التوحيد، والتي يتعارف أهل العلم على تقسيمها إلى:
* توحيد الربوبية.
* توحيد الأسماء والصفات.
* توحيد الإلوهية.

والقسم الأول والثاني يُشار إليهما بـ (التوحيد العلمي الخبري).
وأمّا القسم الأخير فيشار إليه بأنه: الإنشائي الطلبي، وهو توحيد القصد والإرادة الذي دعت إليه الرسل، ومن أجله أنزلت الكتب، وقد أبى المشركون قبوله والاعتراف به.(1)

• تعريف الربوبية:
والرب في اللغة: " المالك، والسيد، والمدبر، والمربي، والقيم، والمنعم "(2)
وقال ابن الأنباري(3):
"والرب ينقسم على ثلاثة أقسام: يكون الرب المالك، ويكون الرب السيد المطاع، قال تعالى: (فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً). [يوسف: 41]. يكون الرب المصلح، ربَّ الشيء إذا أصلحه... ". أ. هـ (4)
والله عز وجل هو المالك المتصرف، الخالق الرازق، المحيي المميت، المدبر، السيد، المطاع... الذي:
(لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ). [الأنبياء: 23]. له صفات الكمال المطلق، وله ينبغي صرف العبادة، إذ هو الإله الحق.
إنّ الإيمان بربوبية الله جلا وعلا مركوز في الفطرة، فلا ينكره إلا معاند مكابر، والاستدلال عليه إنّما يكون من قبيل التنبيه وإيقاظ الفطرة الغافلة.
ولقد اعترف المشركون بهذه القضية ولم يجادلوا في توحيد الربوبية، فقال تعالى مبيّناً ذلك:
(قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ). [يونس: 31].
وقوله تعالى:
(قُل لِّمَنِ الْأَرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ{85} قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ * قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ). [المؤمنون: 84- 89].
وقوله تعالى:
(وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ). [الزمر: 38].
لكن مع اعترافهم به فلم يدخلهم في الإسلام ولم ينجهم من عذاب الله وسخطه، وذلك لعدم اعترافهم بلازمه والذي هو (توحيد العبادة)، فقد صرفوا العبادة لغير الله.
والمتأمل في هذا الكون الهائل بأرضه وسمائه الناظر في بره وبحره إجرامه وكواكبه، يعلم يقيناً أنه لا يمكن أن يوجد هذا العالم إلا بموحد أوجده حي قادر لا يعتريه الحدوث والتجدد وهو الرب جل وعلا.
قال تعالى:
(أَفِي اللّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ). [إبراهيم: 10]
وقوله تعالى:
(أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ). [الطور: 35].
وقوله تعالى:
(قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ). [يونس: 101]

المبحث الأول: الاستدلال بالآيات الكونية على الربوبية:
لقد اشتملت سورة يونس عليه السلام على كثير من آيات الله جل وعلا في الكون، وهذا كما هو حال غالب السور المكية، وقد جعلت الحديث في هذا المبحث دائراً تحت المسائل التالية:
1- خلق السماوات والأرض.
2- تدبير الأمر.
3- خلق الشمس والقمر.
4- اختلاف الليل والنهار.
5- ما خلق الله في السماوات والأرض.
6- جريان الفلك في البحر.
7- الرياح.
8- الرزق.
9- خلق السمع والبصر.
10- إخراج الحي من الميت وإخراج الميت من الحي.
11- بدء الخلق وإعادته.
واستعين بالرب جل وعلا في بيان هذه الآيات وتوضيحها وإيضاحها مرتبة حسب ورودها في السورة الكريمة فأقول:

1- خلق السماوات والأرض:
قال تعالى:
(إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأَمْرَ مَا مِن شَفِيعٍ إِلاَّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ). [يونس: 3].
وقوله تعالى:
(قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ). [يونس: 31].
مما لا شك فيه أن خلق السماوات والأرض من أعظم الدلائل على ربوبية الله عز وجل فلو نظرنا إلى:

أ?- السماء:
لرأينا هذا البناء الشامخ الذي ليس به خلل ولا فطور قد رفعه الله تعالى بلا أعمدة، وزينة بالنجوم وجعلها فيه كالمصابيح المضيئة.
قال ابن جرير رحمه الله عند تفسير قوله تعالى:
(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ). [البقرة: 164]:
إن الله تعالى ذكره نبه عباده على الدلالة على وحدانيته وتفرده بالالوهية دون كل ما سواه من الأشياء بهذه الآية". أ. هـ (5) أي آية خلق السماوات والأرض.

ب?- الأرض:
وهاهي الأرض آية أخرى، دلالة ثانية على إبداع البارئ جلا وعلا وعلى ربوبيته فقد جعلها قرارا ومستقرا لجميع الكائنات وسخرها للإنسان ثم اقتضت حكمته تعالى أن يجعل الجبال لها أوتادا ولو لم يجعل عليها الجبال الشامخات لم تكن مستقرة كما نشاهد ولأصبحت تتكفأ تكفؤ السفينة فلا يمكن أن يستقر عليها بنيان أو كائن.
وتأمل في خلق هذه الأرض من جوهر التراب ولم تكن من الذهب أو الفضة أو الياقوت أو غير ذلك من الجواهر النفسية إذ لو كانت منها لفاتت مصالح الإنسان عليها وكذلك الحيوان (6)
وتأمل العيون التي تتفجر من باطنها على نحو لا يعلمه إلا الله تعالى ثم انظر إلى تلك الأراضي المتجاورة ومع ذلك فبعضها يختلف عن بعض فمنها ما يصلح للنبات والرعي ومنها قيعان لا تصلح لشيء من ذلك (7)
وفي سورة يونس - عليه السلام – يبين الرب تعالى، ويلفت أنظار العباد إلى خلق السماوات والأرض في ستة أيام ولا شك أن ذلك من دلائك ربوبيته والوهيته وانه الإله المستحق للعبادة ولذلك قال تعالى:
(ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ). [يونس: 3].
ويقول أيضا:
(إِنَّ فِي اخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَّقُونَ). [يونس: 6].
و يقول جلّ ذكره في سورة النحل:
(خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ). [النحل: 3].
ويقول تعالى:
(قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ ٍ). [إبراهيم: 10]
إلى غير ذلك من الآيات التي لو تتبعتها لطال المقام وكلها تشير إلى عظيم خلق السموات والأرض وما خلق فيها الله تعالى من عظيم الآيات وبين المعجزات الدالة على ربوبيته.

- تدبير الأمر:
قال تعالى:
(إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأَمْرَ مَا مِن شَفِيعٍ إِلاَّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ). [يونس: 3].
وقوله تعالى:
(قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ). [يونس: 31].
إن تدبير الأمر في هذا العالم لمن آيات الله الباهرة:
فمن الذي سخر الشمس إن تطلع صباحا وتغرب مساء؟!.
ومن الذي أجرى القمر في فلك معين لا يحيد عنه قيد أنملة؟!.
ومن الذي أجرى الأفلاك بما لا يعلم كنهه إلا خالقه؟! ومن الذي أحيا وأمات؟!.
ومن الذي أوجد من العدم؟!.
ومن الذي أغنى وأفقر؟!.
ومن الذي انزل من السماء ماءاً فأحيا به الأرض بعد موتها؟!.
ومن الذي أخرج لنا من الأرض ثمرات مختلفاً ألوانها مع تساوي التربة والغذاء؟!.
ومن الذي يدبر أمر السماء والأرض؟!.
إنه بلا شك ولا ريب: الله سبحانه وتعالى.
وهو سبحانه مع هذا التدبير لا يشغله شأن عن شأن، بل هو محيط بعلم كل شيء، ليس معه شريك ولا ند.
قال تعالى:
(اللّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاء رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ). [الرّعد: 2].
قال الإمام الشوكاني في تفسير قوله تعالى: (يُدَبِّرُ الأَمْرَ). [يونس: 3]:
"قيل: يبعث الأمر، وقيل: ينزل الأمر، وقيل: يأمر به ويمضيه.
واشتقاقه من الدبر والأمر والشأن، وهو أحوال ملكوت السماوات والأرض والعرش وسائر الخلق".(8)
وإذا كان الرب جل وعلا هو مدبر جميع أمور الدنيا والمعاش فله الحق في تدبير أمور الآخرة وذلك بإرسال الرسل وإنزال الكتب وتشريع الشرائع فلا أحد غيره يستحق أن يتفرد بتلك الأمور العظيمة.

3- خلق الشمس والقمر:
وها هي آية خلق الشمس والقمر آية أخرى ودلالة عظيمة على ربوبية الله عز وجل قال تعالى:
(هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ). [يونس: 5]
ونستطيع أن نعدّد بعض الآيات الباهرات في خلق الشمس والقمر لنرى عظمة الرب تعالى في خلق هذين النيرين.
فمن الآيات: طلوع الشمس وغروبها على نمط معين، وكذلك جريان القمر بنظام دقيق لا يتخلّف عنه، ولا يعتريه اضطراب.
وتأمل ماذا سيحصل لو طال النهار ولم تغرب الشمس أو العكس فلو حصل ذلك لأحرقت الشمس ما على الأرض من نبات، ولو حصل العكس لتجمّد كل ما على الأرض(9).
قال تعالى:
(وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ). [يس: 38- 40].
ومن الآيات ما احتوته الشمس في خلقها من الآيات الباهرات حيث
"يبلغ قدر الشمس كما أثبته العلم الحديث حوالي (864000) ميل، ويبلغ وزنها حوالي (ألفي بليون بليون طن) وكلها مكونة من الغازات الملتهبة الشديدة السخونة وذراتها الغازية الملتهبة تتجول داخل الشمس بحرية مطلقة... وتتحمل الشمس ما يقع عليها من هصر بسبب تفجير الطاقة النووية فوق ما يخطر بالبال، أو يتصوره العقل البشري إن ذلك الطوفان الطاغي من تفجير النوى يرفع درجة حرارة الشمس إلى ما لا يقل عن (14 مليون درجة مئوية) وتسخن هذه الحرارة لا كرتنا الأرضية فحسب بل تسخن جميع المجموعة الشمسية"(10).
ومن الآيات أيضاً ما يخزن من أشعة الشمس في النبات بواسطة ما يسمى
(علمية التمثيل الغذائي) في النبات حيث يتم تصنيع الغذاء في الورقة الخضراء بواسطة أشعة الشمس وبإيقادنا لهذه الأجزاء الشجرية تنطلق الطاقة المخزونة.
وقد تتحول هذه الطاقة إذا طمرت وتراكمت إلى فحم حجري أو بترول (11)،فسبحان من بيده ملكوت كل شيء:
(الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَاراً فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ). [يس: 80].
ومن الآيات أيضاً في خلق القمر تقدير منازله فهو أقرب الأجرام الأرض وقطره
(3478 ك. م) وهو يدور حول الأرض ببطء وله كل ليلة منزل، وعدد منازلة ثمانية وعشرون منزلاً، ويمكن رؤيته في جميع المنازل عدا ليلة أو ليلتين فيحتجب فيها عن الأنظار(12).
وفي هذا حكمة عظيمة بينها جل وعلا في قوله:
(لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ). [يونس: 5]. وقوله تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ). [البقرة: 189].

4- اختلاف الليل والنهار:
إنّ في اختلاف الليل والنهار وفي تعاقبهما لأية عظيمة لمن ألقى السمع وهو شهيد ولهذا أكثر الله تعالى من ذكرها في القرآن العظيم في آيات كثيرة وبأساليب متنوعة.
وقال تعالى:
(إِنَّ فِي اخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَّقُونَ). [يونس: 6].
ويقول تعالى:
(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ). [آل عمران: 190].
وقوله تعالى:
(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً). [الفرقان: 62]
وقوله تعالى:
(وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ). [الروم: 23].
فتأمل كيف جعل الله سبحانه وتعالى الليل سكناً تسكن فيه الخلائق، وجعل النهار لخروجهم وطلبهم الرزق في الأرض!.
ولنتأمل:
كيف سيكون الحال لو جعل الله تعالى النهار سرمداً بلا ليل نسكن فيه؟!.