بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العلمين , والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد

فهذا ملخص للدورة العلمية التي أقيمت في الفترة من 25-27 / 4/ 1435هـ بإشراف الإدارة العامة للإشراف التربوي بمنطقة الرياض

جمع وتقديم
د.قذلة بنت محمد آل حواش القحطاني

رابط الموقع / 
http://www.d-gathla.com

معنى الشبهة:

وجمعُ الشُّبْهةِ شُبَهٌ وهو اسم من الاشْتِباهِ

واشتبهت الأمور وتشابهت: التبست لإشباه بعضها بعضاً. ...

وشبه عليه الأمر: لُبّس عليه، وإياك والمشبهات: الأمور المشكلات. ووقع في الشبهة والشبهات.

تعريف الشبهات:

جاء في المعجم الوسيط: "الشُبْهَةُ: الالتباس، واشتبه الأمر عليه: اختلط، واشتبه في المسألة: شكَّ في صحتها .

         و قال المناوي في التعاريف:

         الشبهة الظن المشتبه بالعلم ذكره أبو البقاء وقال بعضهم الشبهة مشابهة الحق للباطل والباطل للحق من وجه إذا حقق النظر فيه ذهب.

          و يقول ابن القيم رحمه الله في كتابه مفتاح دار السعادة:

         والشبهة وارد يرد على القلب يحول بينه وبين انكشاف الحق له. ا هـ

ما المقصود بفتن الشبهات

         كل ما يؤدي إلى بدعة أو ضلالة أو فرقة وخروج عن جماعة المسلمين، أهل السنة والجماعة، أو خروج عن السنة، وكل ما يؤدي إلى خلل في العقيدة أو المنهج الذي تمثله العقيدة، وكل ما يؤدي إلى خلل في المواقف تجاه مشكلات الحياة؛

         لأن العقيدة الصحيحة الصافية كما أنها علم فهي كذلك عمل.

         كما أنها أمور اعتقادية علمية فهي كذلك أمور اعتقادية عملية، تتمثل بالأقوال والأفعال وبالمواقف، وهذا نجده في أصول العقيدة التي رسمها السلف الصالح على ضوء القرآن والسنة، نجدهم حينما تحدثوا عن العقيدة وحينما بينوها وشرحوها بيّنوها على أساس أنها تمثّل جميع أصول الدين، وجميع ثوابت الدين، وجميع مسلّمات الدين، سواء منها ما كان علمياً اعتقادياً كأركان الإيمان وما يتفرّع منها، أو ما كان منها عملياً كأركان الإسلام وما يتفرّع منها

الفرق بين الشبهات والشهوات

         وقد حصر بعض العلماء أسباب الوقوع في مخالفة الحق علماً وعملاً ، في سببين :
اتباع الشبهات ، والميل إلى الشهوات

          فالشبهات تعرض في العلم ، وتمنع القلب من معرفة الحق من الوحي ، وتشوش عليه صورة المعلوم منه ،

         وأما الشهوات فهي اتباع ما تشتهيه النفس .

         كما أن الشبهات اتباع ما يقع في النفس مما يظن أنه من العلم ، أو من أدلته ، فيقدم على الوحي ، أو يعارض به الوحي ، فيحصل بذلك الميل عن الحــق .وقد قال تعالى: "وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً" (النساء 27
وأصل الميل العدول والانحراف ، ولا بد منه للذين يتبعون الشهوات.

قال ابن القيم رحمه الله:

الفتنة نوعان: فتنة الشبهات ، وهي أعظم الفتنتين ، وفتنة الشهوات.وقد يجتمعان للعبد ، وقد ينفرد بإحداهما.
ففتنة الشبهات من ضعف البصيرة ، وقلة العلم ، ولا سيما إذا اقترن بذلك فساد القصد ، وحصول الهوى، فهنالك الفتنة العظمى،والمصيبة الكبرى،فقل ما شئت في ضلال سيء القصد ، الحاكم عليه الهوى لا الهدى ، مع ضعف بصيرته ، وقلة علمه بما بعث الله به رسوله ، فهو من الذين قال الله فيهم إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ)(النجم: من الآية23(
هذه الفتنة مآلها إلى الكفر والنفاق ، وهي فتنة المنافقين ، وفتنة أهل البدع على حسب مراتب بدعهم. فجميعهم إنما ابتدعوا من فتنة الشبهات التي اشتبه عليهم فيها الحق بالباطل ، والهدى بالضلال...

ولا ينجي من هذه الفتنة إلا تجريد اتباع الرسول وتحكيمه في دق الدين وجله ، ظاهره وباطنه ، عقائده وأعماله ، حقائقه وشرائعه، فيتلقى عنه حقائق الإيمان وشرائع الإسلام.

 أما النوع الثاني من الفتنة ففتنة الشهوات.

وقد جمع سبحانه بين ذكر الفتنتين في قوله تعالى )كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالاً وَأَوْلاداً فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ)(التوبة: من الآية69)

 أي استمتعوا بنصيبهم من الدنيا وشهواتها ، والخلاق هو النصيب المقدر ، ثم قال : (وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا)(التوبة: من الآية69).

فهذا الخوض بالباطل وهو الشبهات.

فأشار سبحانه في هذه الآية إلى ما يحصل به فساد القلوب والأديان من الاستمتاع بالخلاق والخوض بالباطل؛لأن فساد الدين إما أن يكون باعتقاد الباطل والتكلم به أو بالعمل بخلاف العلم الصحيح. فالأول هو البدع وما والاها، والثاني : فسق العمل.
ثم قال : ففتنة الشبهات تدفع باليقين ، وفتنة الشهوات تدفع بالصبر ، ولذلك جعل سبحانه إمامة الدين منوطة بهذين الأمرين ، فقال : (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ) (السجدة:24).فدل على أنه بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين. وبكمال العقل والصبر تدفع فتنة الشهوة ، وبكمال البصيرة واليقين تدفع فتنة الشبهة والله المستعان.

انتهى كلامه رحمه الله  إغاثة اللهفان

                 أنواع الشبهات

         أنواع الشبهات
الشبهات أنواع:النوع الأول: شبهات عارضة، وهذه خاصة، يعني: تحدث لشخص بسبب ما عنده من أفكار ومن خيالات وأحياناً تصل إلى حد الوساوس وغيره، هذه فتن وشبه خاصة يتعرض لها بعض الأفراد وتكون مرضاً خاص به عندما يصل الأمر إلى حد الوسوسة،

         النوع الثاني: الشبهات التي تؤثر في أصول الاعتقاد، وتصبح مذاهب يدعو إليها أصحابها، سواء كانت مستوردة أو مخترعة من قبل أشخاص أنفسهم، وسواء كانت بسبب أوهام ووساوس  أو كانت مقننة بفكر وثقافة معينة، كل ذلك يعتبر من الشبهات غير العارضة، بل من الشبهات الدائمة التي تبقى ويكون لها ضحايا من أبناء الأمة

         الشبهات الدائمة التي تؤدي إلى فرقة بين المسلمين.

         والفرقة أنواع: فرقة ظاهرة، وفرقة خفية سواء كانت فرقة عن عموم الأمة، أو عن عموم أهل السنة والجماعة..

         والفرقة في الدين كالبدع والمحدثات وغيرها.

         والفرقة في المصالح العظمى كالخروج على العلماء والخروج على الولاة، وعن مقتضى السمع والطاعة.والخروج عما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم من ضرورة الجماعة والسمع والطاعة بالمعروف لولاة الأمر، وضرورة اجتماع الكلمة وحفظ الحقوق المعتبرة بين الأمة لأفرادها ومجموعاتها.والخروج الذي يؤدي إلى الإخلال بمصالح الأمة العظمى.

         والله عز وجل قد حذر من هذه الشبهات التي يشبه للإنسان أنها من الدين وليست من الدين

         والشريعة محكمة ولهذا يقول الله تعالى:

         " هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ "( آل عمران :7 )

         فأصل كلام الله عز وجل من جهة تنزيله ومقصوده أنه محكم بيّن ظاهر ولكن ثمة أمور مشتبه وأخر متشابهات وهذه المتشابهات هي نسبية ليست مطلقة وإنما ترجع النسبية للعالم ليُثبت الله عز وجل له عدم إحاطته بالعلم الذي جعل الله في إمكان أن يعلمه ! فكيف فيما لا يعلمه من علم الله مما لم يجعل الله للإنسان أسباب بالعلم به , وهذا من حكمة الله سبحانه .

          حديث عام عن الفتن:

َعنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَقْتَتِلَ فِئَتَانِ عَظِيمَتَانِ، يَكُونُ بَيْنَهُمَا مَقْتَلَةٌ عَظِيمَةٌ، دَعْوَتُهُمَا وَاحِدَةٌ، وَحَتَّى يُبْعَثَ دَجَّالُونَ  كَذَّابُونَ قَرِيبٌ مِنْ ثَلَاثِينَ، كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، وَحَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ، وَتَكْثُرَ الزَّلَازِلُ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، وَتَظْهَرَ الْفِتَنُ، وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ، (وَهُوَ الْقَتْلُ)، وَحَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمْ الْمَالُ، فَيَفِيضَ حَتَّى يُهِمَّ رَبَّ الْمَالِ مَنْ يَقْبَلُ صَدَقَتَهُ، وَحَتَّى يَعْرِضَهُ عَلَيْهِ، فَيَقُولَ الَّذِي يَعْرِضُهُ عَلَيْهِ: (لَا أَرَبَ لِي بِهِ)، وَحَتَّى يَتَطَاوَلَ النَّاسُ فِي الْبُنْيَانِ، وَحَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرَّجُلِ، فَيَقُولُ: (يَا لَيْتَنِي مَكَانَهُ)، وَحَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَإِذَا طَلَعَتْ وَرَآهَا النَّاسُ، يَعْنِي آمَنُوا أَجْمَعُونَ، فَذَلِكَ حِينَ ﴿ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا ﴾، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ، وَقَدْ نَشَرَ الرَّجُلَانِ ثَوْبَهُمَا بَيْنَهُمَا، فَلَا يَتَبَايَعَانِهِ، وَلَا يَطْوِيَانِهِ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ انْصَرَفَ الرَّجُلُ بِلَبَنِ لِقْحَتِهِ، فَلَا يَطْعَمُهُ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ، وَهُوَ يُلِيطُ حَوْضَهُ، فَلَا يَسْقِي فِيهِ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ، وَقَدْ رَفَعَ أُكْلَتَهُ إِلَى فِيهِ فَلَا يَطْعَمُهَا»

(رواه البخاري).

أسباب انحراف أهل البدع عن الحق وأبرز شبههم

    أولاً : الخلل في منهج التلقي والاستدلال

ويرجع ذلك إلى سببين رئيسين:
   أحدهما  : معارضة الوحي بما يظن أنه كشوف إلهية ، وإلهامات ربانية ، من الملكوت الأعلى ، ومـن أذواق يجدونها في نفوسهم وقلوبهم ، يعتقد أصحابها أنها من عند الله ، وأن الله خصهم بها من العلم اللدني .


    والثاني : الخطأ في فهم الوحي والتأويل الفاسد:

كما هو عند المعارضة الجهمية بطوائفها الثلاث : الجهمية الأولى ، والمعتزلة ، والأشعرية الكلابية ، وقد تولد منهم ما تولد من الآراء المنحرفة ، والأفكار المتردية المخالفة للحق والهدى في كثير من أبواب العلم ، في أسماء الله وصفاته ، وفي القضاء والقدر ، وفي الأسماء والأحكام ، لاسيما اسم الإيمان وما يدخله فيه .

ثانياً : الهوى
     (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ)

         (وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ)

         وهل ضل أهل البدع وضل أهل الجهل وضل أهل الخرافة إلا بسبب إتباع الهوى لما اتبعوا أهوائهم ..بل من أعظم ما وُوجِهَ به الأنبياء والرسل في دعوتهم من قبل أعدائهم( إتباع الهوى )

وسمي الهوى بالهوى لأنه يهوي بصاحبه في الضلال ويهوي بصاحبه في الانحراف وربما يهوي بصاحبه في النار

والهوى حاجز وحائل بين الشخص وبين رؤية الحق فهو حجاب يستر الإنسان أن يرى نور الحق فيستمر في ضلاله وانحرافه .

         وقد قال احد أئمة السلف : «ما ذكر الله عز وجل الهوى إلا ذمه»

ثالثاً : إتباع المتشابه من القرآن

ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ۗ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ) ، ولهذا ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سما الله فاحذروهم.

رابعاً : مجالسة أهل البدع

           الله أمرنا أمر إيجاب لا خيار لنا فيه أننا إذا سمعنا من يخوض في آيات الله أن نجتنب هذه المجالس فقال تعالى:  (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ) ، الجهم ابن صفوان رأس التعطيل رأس الضلال من أعظم أسباب انحرافه وخروجه إلى الناس بهذه الضلالات وبهذه البدع الكبار انه ناظر طائفة من طوائف ملاحدة الهند يقال لهم السمنية طرحوا عليه بعض الشبه ...فأوقعت هذه الشبهة في نفسه ما أوقعت فأحتار في أمره واعتزل الناس واحتجب عنهم يقال أربعين ليلة ثم خرج إلى الناس بهذا الضلال ودعا الناس إلى أن وجود الله هو الوجود المطلق بشرط الإطلاق والسبب انه جلس إلى هؤلاء الضُلالْ ولم يكن متسلحاً بالعلم بحيث يستطيع أن يدفع عن نفسه هذه الشبهة .

         وعمران بن حطان رأس من رؤوس الخوارج بلغ من ضلاله نسأل الله السلامة والعافية انه قال يمدح عبد الرحمن بن ملجم الخارجي الآخر قاتل علي  بن أبي طالب رضي الله عنه فيقول:

         " يا ضربة من تقي ما أراد بها  ...  إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا **

                  إني لأذكره يوما فأحسبه ...أزكى البرية عند الله ميزانا !!

«  هذا الرجل يقال انه كان على مذهب أهل السنة لكنه كانت له ابنة عم على مذهب الخوارج فتزوجها رغبةً في هدايتها إلى مذهب أهل السنة فطرحت عليه بعض الشبه فانقدحت في نفسه فضل وانحرف وصار رأس من رؤوس الخوارج.

خامساً : البعد عن مجالسة العلماء وسؤال أهل العلم

          قال تعالى (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ)

         (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُون) والعلماء ورثة الأنبياء

سادساً : إتباع المتشابه من أقوال العلماء

فكما إن نصوص الوحيين فيها محكم ومتشابه ولا يوفق الإنسان للحق والصواب إلا إذا اخذ بهما جميعا رد المتشابه إلى المحكم وآمن بهذا وعمل بذاك ..

كذلك أقوال أهل العلم فيها أحيانا المتشابه وفيها المحكم فأهل الضلال أحيانا من كلام هؤلاء ما يشهد لبدعتهم ما يشهد لضلالهم وانحرافهم ويتركون المحكم من أقوالهم الذي يبين هذا المتشابه ، وهذا مثل كثيراً ممن ضل في مسائل التكفير واستند في ذلك إلى بعض أقوال شيخ الإسلام أو أقوال الإمام ابن قيم أو أقوال أئمة الدعوة فإنما أوتي من حيث انه اخذ بالمتشابه من أقوالهم وترك المحكم .

 

سابعاً : الانحراف في الأسماء والصفات

إن هذا الانحراف والإلحاد قد حصل في هذه الأمة ، كما حصل في الأمم السابقة ، فإن الله تعالى أمر عبيده بمعرفته بذاته ونعوته ، وعدله وحكمته ، وكماله في صفاته ونفوذ مشيئته ، ولن تتكامل المعرفة بهذا كله إلا بنفي النقائص عنه ، وإثبات أوصاف الكمال له ، من غير تحريف ولاتشبيه ولاتمثيل ولا تعطيل.

عوامل انتشار الشبهات

1-   الجهل بالدين

2-   انتشار الفكر الدخيل

3-   وسائل الإعلام بشتى أنواعها.

   4 - أعداء الدين من اليهود والنصارى والرافضة والصوفية والقدرية والمرجئة ومنكرو السنة.

ابرز شبهات الرافضة وأصول اعتقادهم وعلاقتها باليهودية والنصرانية والمجوسية

الأولى: دعوى الوصية لعلي بن أبي طالب ومانتج عن ذلك من تقديسه وتأليهه

الثانية: تحريف القرآن وكتمانه

الثالثة: الإمامة

الرابعة: سب الصحابة

الخامسة: التقية

السادسة: الحلول والتناسخ

السابعة: البداء

نماذج من أقوالهم

القواعد العقدية في منهجية التعامل مع الفتن وطرق النجاة منها

القاعدة الأولى: إن الافتراق أمر واقع في الأمة

قال تعالى:{ومن يشاقق الرسولَ من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نولِّه ما تولى ونُصلِه جهنم وساءت مصيراً}  [النساء- 115]

حديث الافتراق

         فقال في الحديث المشهور : (( افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة ، فواحدة في الجنة وسبعون في النار ، وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة ، فإحدى وسبعون في النار وواحدة في الجنة والذي نفس محمد بيده لتفترقن أمتي على ثلاث وسبعين فرقة ، واحدة في الجنة وثنتان وسبعون في النار ، قيل : يا رسول الله من هم ؟ قال : الجماعة )وفي رواية قال : ((  من كان على ما أنا عليه اليوم وأصحابي )

         وأول ما يمكن ملاحظته على هذا الحديث الشريف :

         أنه ربط بين افتراق هذه الأمة والأمم السابقة ،فكما أن الأمم السابقة قد افترقت وتشتت في باب العقيدة ، فإن هذه الأمة ستتفرق .

         سبيل  النجاة  المنجي من هذه المحنة ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم : (( من كان على ما أنا عليه اليوم وأصحابي

القاعدة الثانية:  خطورة الافتراق على العقيدة وأهمية حراستها

خطر الافتراق إما أن يكون:

-علميٌ منهجي

-عمليٌ سياسي وقد يجتمعان

: وإن أهمية التمييز بين أنواع الافتراق المذكورة آنفاً تتمثل في معرفة مناط الخطر من هذا الافتراق أهو الأمن العقدي العلمي الذي يُخشى أن يفتتن الناس به في دينهم.
أم هو الأمن الحسي الجماعي الذي يُخشى أن يتخطف به الناس من أمنهم واستقرارهم.
فهذا الافتراق ليس مسألة جماعة من الناس اختارت لنفسها رأياً أو طريقاً خاصاً يحتمل السكوت عنه تحت تأثير وَهم (حرية الرأي والتعبير)، وإنما هو خطر حقيقي يضر بأمن المسلمين علمياً وعملياً.

القاعدة الثالثة :الأصل في المسلم السلامة

اتباع منهج السلف الصالح واتباعهم بإحسان بعدم امتحان المسلم في ايمانه وقبول ظاهره

: قال الله تعالى: {يأيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبيَّنوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً تبتغون عرض الحياة الدنيا} [النساء -94]،

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله فلا تُخفروا الله في ذمته) [صحيح البخاري]،

قال الحافظ ابن حجر في شرحه: (وفيه أن أمور الناس محمولة على الظاهر , فمن أظهر شعار الدين أجريت عليه أحكام أهله ما لم يظهر منه خلاف ذلك).

القاعدة الرابعة: ضوابط التكفير

فتوعد أهل الافتراق والبدع بالنار لا يستلزم كفرهم ،فالحديث من أحاديث الوعيد والوعيد كما أنه يصح لأهل الكفر يصح لعصاة الموحدين وأصحاب الكبائر من أهل القبلة، فإذا عُلم هذا فليعلم كل مسلم أن أهل النجاة هم أتباع صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في فهم وتطبيق الكتاب والسنة، وكل من عداهم قد سلكوا من الضلال مسلكاً قد يقف بهم عند حدود المخالفة والفسق فيكون وعيدهم بالنار من جنس وعيد عصاة الموحدين من أصحاب الكبائر.

وقد يفضي بهم مسلك الضلال إلى مهالك الكفر فيكون وعيدهم بالنار من جنس ما وعد الله تعالى به الكفار والمشركين والمنافقين.

        القاعدة الخامسة: الاعتصام بالكتاب والسنة(علما وتعلما وتعليما)

قال تعالى: : {ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خيرٌ وأحسن تأويلاً} [النساء 59]،

وقال تعالى: {ومن يشاقق الرسولَ من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نولِّه ما تولى ونُصلِه جهنم وساءت مصيراً} [النساء- 115]،

قال الإمام أحمد رحمه الله: (أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم) [أصول السنة].

وقال عليه الصلاة والسلام:( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي )

" وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " ( الأنعام :153)

هذه السبل التي نهى الله سبحانه وتعالى عنها قد جاء تفسيرها عن غير واحد من المفسرين جاء عن عبد الله بن عباس ومجاهد ابن جبر كما روى ابن جرير الطبري في كتابه التفسير قال مجاهد بن جبر "السبل هي البدع والشبهات " .
ولهذا فإنك مهما وجدت صاحب فرقة وهوى يزعم الانتساب إلى الكتاب والسنة فإنك لن تجده ينتسب إلى منهج االسلف البتة بل إن علامة أهل الفرقة ترك منهج السلف ومن تبعهم بإحسان.

وتأمل تاريخ الفرق وأهل الأهواء  لن تجده ينتهج منجهج سلف الأمة البته.

   القاعدة السادسة:كثرة العبادة

العبادة في أوقات الفتن، سبب في ثبات المؤمن.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ)

أخرجه مسلم، باب: فضل العبادة في الهرج، رقم الحديث 5242.

قال الإمام النَّوَوِي في شرح مسلم (18/88)"قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((العبادة في الهَرْج كهجرة إليَّ)).

المراد بالهَرْج هنا: الفتنة، واختلاط أمور الناس.

وسبب كثرة فضل العبادة فيه: أن الناس يَغْفُلون عنها ويَشْتَغلون عنها، ولا يتفرَّغ لها إلا أفراد".

وقال الطَّحَاوِي في "شرح مشكل الآثار" (15/250):

"فوجدنا الهَرْج إذا كان شُغل أهلِه في غيره، مما هو أَوْلى بهم من عبادة ربهم - عز وجل - ولزوم الأحوال المحمودة التي يجب عليهم لزومها، فكان مَن تشاغَل في العبادة في تلك الحال متشاغلاً بما أمر بالتشاغل به، تاركًا لما قد تشاغل به غيرُه من الهَرْج المذموم، الذي قد نُهِي عن الدخول فيه والكونِ من أهله، فكان بذلك مستحقًّا للثواب الذي ذكره النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث" انتهى.

وقال ابن حَجَر في فتح الباري (13/75):

"قال القرطبي: إن الفتن والمشقَّة البالغة، ستقع حتى يَخِفَّ أمر الدين، ويَقِلَّ الاعتناء بأمره، ولا يَبْقَى لأحد اعتناء إلا بأمر دنياه ومعاشِه نفسِه، وما يتعلق به؛ ومن ثَمَّ عَظُم قدرُ العبادة أيام الفتنة«

وقال ابن الجوزي في "كشف المشكل من حديث الصحيحين" (2/42):

"الهَرْج: القتال والاختلاط، وإذا عَمَّت الفتن اشتغلت القلوب، وإذا تعبَّد حينئذٍ متعبِّدٌ، دلَّ على قُوَّة اشتغال قلبه بالله - عز وَجل - فيَكْثُر أجره".

القاعدة السابعة:لزوم الجماعة المسلمين وإمامهم.

لزوم جماعة المسلمين وإمامهم، والحذر من الفرقة والاختلاف، وهذا أمر واجب في كل وقت وحين، ويتأكد في أوقات الفتن والمحن،

وهي وصية النبي صلى الله عليه وسلم لحذيفة بن اليمان رضي الله عنه، (عَنْ أَبُي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ يَقُولُ كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ قَالَ نَعَمْ وَفِيهِ دَخَنٌ قُلْتُ وَمَا دَخَنُهُ قَالَ قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ قُلْتُ فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ نَعَمْ دُعَاةٌ إِلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا فَقَالَ هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا قُلْتُ فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ قَالَ تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ قُلْتُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ قَالَ فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ) ().

() أخرجه البخاري، باب:  علامات النبوة في الإسلام رقم الحديث 3338

 القاعدة الثامنة:الصبر على الابتلاء والرجوع إلى الله تعالي

           يجب أن نعلم علم اليقين أن المخرج من الفتن الصبر على الدعوة

 والثبات على المنهج و التوبة النصوح, وكثرة الاستغفار

عن الحسنِ البصْرِي -رحِمَه اُلله تعالى- قال: "السُّنَّةُ -وَالّذي لا إلهَ إِلاَّ هُو- بيْن الغَالِي والجَافيِ فاصْبِروا عليها رَحِمَكُمُ اللهُ، فإنَّ أهلَ السُّنَّة كانوا أقلَّ النَّاسِ فيما مَضَى، وَهمْ أّقَلُّ الناَّس ِفِيماَ بَقِيَ: الَّذينَ لمْ يَذهبُوا معَ أَهْلِ الإِتْرافِ في إتِراَفِهمْ، ولاَ مع أهلِ البِدَعِ في بِدَعِهمْ، صَبَرُوا علىَ سُنَّتِهِمْ حتَّى لَقَوْا ربَّهِمْ فَكَذَلِكَ إن شاءَ اللهُ فَكُونُوا" [إغاثة اللهفان، لابن القيم: 1/70].

وقال محمد بن أسلم :(ما بلغني سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا عملت بها...)

خطورة الشبهات على القلوب

         حذر النبي (صلى الله عليه وسلم) من قبول الشبه ممن عرف بها ، روى البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها قالت:(تلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: {هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخرمتشابهات} إلى قوله: {أولو الألباب} قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((فإذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم)

         تأمل قوله صلى الله عليه وسلم فاحذروهم

         قول تعالى : ﴿ وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [ الأنعام : 153 ]

         وذهب جمهور المفسرين إلى أن الصراط المشار إليه في هذه الآية هو الدين ، فالدين بيّنٌ واضحٌ لمن أراد الحق ، والسير على صراط مستقيم
*وعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((من سمع بالدجال فلينأ عنه فإن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه صادق تبعه مما يبعث به من الشبهات)

تحذير السلف من أهل البدع

ذكر الحافظ الذهبي في السير 7/261

عن الثوري أنه قال: (من أصغى بسمعه إلى صاحب بدعة وهو يعلم خرج من عصمة الله وأوكله إلى نفسه)
قال الحافظ الذهبي: (قلت : أكثر أئمة السلف على هذا التحذير يرون أن القلوب ضعيفة والشبه خطافة).

وقال الإمام ابن بطة في "الإبانة": (... فكرت في السبب الذي أخرج أقواما من السنة والجماعة
واضطرهم إلى البدعة والشناعة وفتح باب البلية على أفئدتهم وحجب نور الحق عن بصيرتهم
فوجدت ذلك من وجهين أحدهما: البحث والتنقير وكثرة السؤال عما لا يغني ولا يضر العاقل جهله ولا
ينفع المؤمن فهمه، والآخر: مجالسة من لا تؤمن فتنته وتفسد القلوب صحبته

وقال العلامة ابن القيم رحمه الله:

(... والقلب يتوارده جيشان من الباطل جيش شهوات الغي وجيش شبهات الباطل فأيما قلب أصغى إليها وركن إليها تشرّبها وامتلأ بها فينضح لسانه وجوارحه بموجبها فإن أشرب شبهات الباطل تفجرت على لسانه الشكوك والشبهات والإيرادات فيظن الجاهل أن ذلك لسعة علمه وإنما ذلك من عدم علمه ويقينه .

وقال لي شيخ الإسلام وقد جعلت أورد عليه إيرادا بعد إيراد: لا تجعل قلبك للإيرادات والشبهات مثل السفنجة فيتشربها فلا ينضح إلا بها، ولكن اجعله كالزجاجة المصمتة تمر الشبهات بظاهرها ولا تستقر فيها فيراها بصفائه ويدفعها بصلابته وإلا فإذا أشربت قلبك كل شبهة تمر عليها صار مقرا للشبهات. فما أعلم أني انتفعت بوصية في دفع الشبهات كانتفاعي بذلك.

آثار الشبهات على الأمة

         ﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ ﴾ [ الأنعام : 159 ] ، وقد ذكر المفسرون أخباراً كثيرة في نسبة هذه الآية إ، قال ابن كثير – بعد أن أورد هذه الأخبار - : (( والظاهر أن الآية عامة في كل من فارق دين الله ، وكان مخالفاً له ، فإن الله بعث رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ، وشرعه واحد لا اختلاف فيه ولا افتراق ، فمن اختلف فيه وكانوا شيعاً كأهل الملل والنحل والأهواء والضلالات ))() ،

أولاً :انتشار الشرك الأكبر في الأمة

         ومن أمثلته:

         تقديس الرجال والأولياء والصالحين

         وصرف أنواع من العبادات لهم

         الشرك في الربوبية

ثانياً : الانحراف في السياسة الشرعية

كان الانحراف السياسي أول انحراف عقائدي يظهر في هذه الأمة ،

         فعن أبي سلمة وعطاء بن يسار أنهما أتيا أبا سعيد الخدري فسألاه عن الحرورية قال : لا أدري ما الحرورية سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : (( يخرج في هذه الأمة - ولم يقل منها - قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم يقرءون القرآن لا يجاوز حلوقهم أو حناجرهم ، يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية ، فينظر الرامي إلى سهمه إلى نصله إلى رصافه ، فيتمارى في الفوقة هل علق بها من الدم شيء ؟ )

         وقد ذكر غير واحد من أهل العلم أن هذا الحديث يشير إلى ظهور الخوارج بعد وفاته صلى الله عليه وسلم..والمطلع على تاريخ الخوارج يدرك أن هذا الفكر السياسي الخارجي كان من أكثر الانحرافات السياسية في جسد الأمة ، ويعود السبب في ذلك –كماذكر  ابن حزم الظاهري – إلى غياب الوعي الفقهي، والأساس المنهجي فهم قرأوا القرآن قبل أن يتفقوا في السنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يكن فيهم أحدٌ من الفقهاء ولا الصحابة ... ولهذا تجدهم يكفر بعضهم بعضاً عند أقل نازلة تنـزل بهم من دقائق الفتيا وصغارها

          والفكر الخارجي هو فكر متجدد في تاريخ الأمة ، يظهر في حقب تاريخية متباينة.

 ثالثاً : الابتداع في الدين

         ومنها:

         الحسينيات

         الموالد

         السماع الشيطاني

         صلاة الفاتح

         الغلو في الدين

خاتمة

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : (( إن أحق الناس بأن تكون هي الفرقة الناجية أهل الحديث والسنة ، الذين ليس لهم متبوع يتعصبون له إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهم أعلم الناس بأقواله وأحواله وأعظمهم تمييزا بين صحيحها وسقيمها ، وأئمتهم فقهاء فيها وأهل معرفة بمعانيها واتباعاً لها تصديقاً وعملاً وحباً وموالاة لمن والاها ومعاداة لمن عاداها ، الذين يروون المقالات المجملة إلى ما جاء به من الكتاب والحكمة ، فلا ينصبون مقالة ويجعلونها من أصول دينهم وجمل كلامهم إن لم تكن ثابتة فيما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، بل يجعلون ما بعث به الرسول صلى الله عليه وسلم من الكتاب والحكمة هو الأصل الذي يعتقدونه ويعتمدونه ))().

أهم المراجع

         اغاثة اللهفان لابن القيم

         تبديد الظلام وتنبيه النيام الى خطر التشيع تأليف/ابراهيم الجبهان

         تفسير ابن كثير

         تلبيس ابليس لابن الجوزي

         صحيح البخاري

         صحيح مسلم مع شرحه للنووي

         الشيعة والسنة تأليف الشيخ/إحسان إلهي ظهير

         الشيعة والقرآن تأليف الشيخ /إحسان إلهي ظهير

         مكايد الشيطان في مسائل الاعتقاد / د. قذله القحطاني

         دراسات في الفرق د.صابر طعيمة

         محاضرة فتن الشبهات لفضيلة الشيخ د.ناصر العقل

          المنهج العقدي في التعــامل مع الفتن في ضــــــــــوء  القرآن والسنة النبوية تأليف/ د. محمد بن أحمد بن يحيى خضي ود. محمد بن بشير بن محمد البشير

         الموجز في الأديان والمذاهب المعاصرة / د. ناصر القفاري ود. ناصر العقل