بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله رب العالمين ،والصلاة والسلام على نبينا محمد الذي بعثه لله بالهدى ،ودينا الحق ،ليظهره على الدين كله،فبلغ الرسالة وأدى الأمانة، ونصح الأمة،وجاهد في الله حق جهاده ،وتركناعلى المحجة البيضاء ليلها كنهارها لايزيغ عنهاإلاهالك.

                    وبعد:

فلماكان الداخلون فيالإسلام يزيدون ،وقوافل المهتدين في هذاالزمان تتوالى؛كان لزاماًعلى أهل الدعوة بيان دور المكاتب الدعوية في ثبات المسلمين الجدد،والطريقة المثلى في التعامل معهم ،وتبني مشروعات وبرامج عملية لتثبيتهم وكسبهم لصالح امة الإسلام.

وحيث كانت هذه البادرة من مكتب الدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بشمال الرياض بإقامة هذا الملتقى المبارك (وقولوا للناس حسنا)

جزاهم الله عنا وعن الإسلام خيرا ،وحيث طلب مني تقديم ورقة عمل في:

 (دور المكاتب الدعوية في تثبيت المسلمات الجدد وبحث أسباب الإنتكاس)

 

وبناء عليه أقدم لهذا الموضوع بأربع مقدمات هامةوأربع مرتكزات هامة ،تعتبر انطلاقة لدعوة غير المسلمين ومن خلالها تبرز دور المكاتب الدعوية في دعوتهم وأسباب ثباتهم على الإسلام

وأبدأ بذكر المقدمات :

الأولى:-الدين الاسلامي دين عالمي وهو دين الفطرة

وهذه الفطرة تستجيب بمجرد معرفة الحق والوصول إليه

 

 

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : " كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ , فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُمَجِّسَانِهِ , كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ " .

الثانية:-الإسلام هو الدين الحق الذي تكفل الله بحفظه ،فهو محفوظ بحفظ الله له كماقال تعالى:(إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون (

وجميع الأديان حرفت وبدلت

الثالثة:-الإسلام هو الدين المعجز بعقيدته و تشريعاته ،وهو الدين السماوي الباقي الناسخ لجميع الديانات،والقرآن هو الكتاب السماوي المعجز المشتمل على جميع ماجاء في كتب الأنبياء السابقين

قال الله تعالى: (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ) [المائدة: 48].


وقال تعالى: (وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ) يونس: 37

 

الرابعة:-هداية شخص واحد خير من حمر النعم

فعن أبي العباس سهل بن سعدٍ الساعدي- رضي الله عنه- أنرسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر:" لاُعطين الراية غداً رجلاً يفتح اللهعلى يديه، يحبُ الله ورسوله ، ويحبه الله ورسولهُ" فبات الناسُ يدوكُون ليلتهم أيهميعطاها ، فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم :" كلهم يرجو أنيعطاها، فقال :"أين على بن أبي طالب؟" فقيل : يا رسول الله هو يشتكي عينيه قال:" فأرسلوا إليه" فأتى به ، فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه، ودعا لهُ،فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع فأعطاهُ الرايةُ، فقال على- رضي الله عنه-: يا رسولالله أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ فقال:" انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهمإلى الإسلام، وأخبرهم بما يجبُ من حق الله تعالى فيه، فو الله لأن يهدي الله بكرجلاً واحداً خير لك من حُمرِ النعم" متفق عليه

وهي سبب مضاعفة الحسنات والأجور

روى أبوهريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا))

وفي حديث أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:(من دل على خير فله مثل أجر فاعله)

خرجهما مسلم في صحيحه.

 

وبعد هذه المقدمة أتناول أربعة محاور هامة :

أولا:ماهي الخلفية الدينية للمسلم الجديد

_من أهل الكتاب (اليهود والنصارى)

-وثني من بوذية وهندوس وملاحدة

وبناء عليه تبرز احتياجات هذا المسلم وتثبيته على الإسلام ،وتثبيت القلب وغسله من الشبهات

قال الحافظ ابن حجر:"قوله-صلى الله عليه وسلم-: "إنك تقدم" الخ، كالتوطئة للوصية، لتستجمع همته عليها،لكون أهل الكتاب علم في الجملة، فلا تكون مخاطبتهم كمخاطبة أهل الجهل من عبدةالأوثان".اهـ

الثاني: تعليمه شعائر الإسلام

والمقصود استشعار المسئولية تجاه هذا المسلم الذي لايعرف من الإسلام شيئا،وليس المقصود أن ينطق بالشهادتين فحسب ثم لاندري عنه بعد ذلك ولكن تبدأ بعد إعلان الإسلام رحلة التزكية والتربية والتعليم.

قال تعالى:(هوالَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ )

وفي الحديث عن ابن عباس - رضي اللهعنهما - قال: لما بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - معاذ بن جبل إلى نحو أهل اليمنقال له: ( إنك تقدم على قوم من أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا اللهتعالى، فإذا عرفوا ذلك فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم، فإذاصلوا فأخبرهم أن الله افترض عليهم زكاة في أموالهم تؤخذ من غنيهم فترد على فقيرهم،فإذا أقرّوا بذلك فخذ منهم، وتوق كرائم أموال الناس ) متفق عليه .

ومن هنا أشير إلى بعض النقاط المهمة في دور المكاتب الدعوية ومنها :

1-الصبر على الدعوة ،وأن ذلك طريق الأنبياء والرسل

وتخليص المسلم الجديد من أدران الجاهلية وعدم المداهنة في ذلك

2-إعداد حقيبة دعوية شاملة لكل مسلم بلغته تحتوي على أهم مايتعلمه في بداية إسلامه ،يستلمها فور إعلان اسلامه.

تحتوي على كتاب فيمايلي:

-التوحيد

-الصلاة

_الزكاة

-الصوم

-الحج

وتشتمل على مصحف مفسر وأذكار

وتعتبر مرحلة أولى يتابع فيها المسلم الجديد

3-إعداد مدارس ومباني مجهزة بجميع مايحتاجه المسلم على أحسن نظام وأجمله ،تشتمل على معامل لتعليم القرآن الكريم واللغة العربية وسائر العلوم ،وتشتمل على برامج ترفيه وجذب كالرياضة والسباحة ونحوها.

4- التدرج في دعوتهم ، بمستويات وكل ما انتهى من مستوى يتم نقله إلى المستوى الذي يليه

6-تشكل لجان على مستوى عال بسائر التخصصات لوضع المناهج المقررة وفق المستويات السابقة

7-عقد شراكة مع جهات أكاديمية ودعوية لوضع المناهج والخطط ،والمشاركة في التعليم ،والإستفادة من بعض البرامج والمشاريع الدعوية في هذه الجهات.

وتوجيه دعوات رسمية لبعض الشخصيات المهمة في بعض البلدان ودعوتهم للإسلام

وعقد دورات للمبتعثين في نشر الإسلام والدعوة إلى الله

8-تسجيل معلومات كافية الإسم والجوال والعمل والجنسية لكل مسلم يتم إرسالها مباشرة لفريق العمل المكلف لمتابعة كل مسلم جديد .

9--الإستفادة من التقنيات في متابعة المسلمين الجدد والتواصل معهم من خلال وسائل التواصل الإجتماعي وتعليمهم بواسطتها لمن لايتمكن من الحضور المستمر

والإستمرار معهم بعد سفرهم لتثبيتهم وإعدادهم لدعوة في بلادهم

10-إعداد إسطول سيارات متجولة تحت  شعار (علمني الإسلام)بمشاركة جميع مكاتب الدعوة.

ويشحذههم أصحاب المال لدعم هذا العمل .

11-ضرورة التواصل بين مكاتب الدعوة في جميع المناطق وتوحيد الجهود والإستفادة من البرامج والمبادرات

12-تفعيل الدور الإعلامي والتعريف بدور المكاتب ،وتفعيل التطبيقات الدعوية في المتجر الدعوي والدعاية لها

13-الإستفادة من شاشات العرض المتحركة في المراكز الدعوية وفي المستشفيات وأماكن تجمع العمالة .

14-إنشاء أكاديمية للتعليم عن بعد مفتوحة لجميع النساء وبسائر اللغات

 

الثالث:الإحتواء

ومن يطلع على جهود بعض أهل البدع يرى العجب من صبرهم وجلدهم وبذلهم في احتواء عامة الناس .

ولاشك أن أهل السنة أولى بذلك ،والمتأمل لهذا المسلم الجديد الغريب عن وطنه ،الذي فارق عقيدة قومه ونبذها ليجد أن حقهم علينا عظيم ومهما بذلنا لهم من حق الأخوة فهو قليل في حقهم!

ومن هنا أرى أنه من الأهمية بمكان مراعاة مايلي:

-عمل ملتقيات تضم الجاليات بصفة دورية على الأقل مرة في الشهر،والإهتمام بأسرهم وأطفالهم

-توفير وسائل للترفيه الهادف

-استغلال رحلات الحج والعمرة في برامج دعوية هادفة

-صرف الزكاة للمحتاجين منهم

-إعداد مساكن إيواء للفقراء منهم

-توجيه الكفلاء للإهتمام بالعمالة وحسن التعامل وإعطاء الحقوق،وتمكينهم من حضور الدروس والملتقيات

حيث تعتبر مشكلة عدم تعاون الكفلاء من المشاكل الرئيسية التي تعيق المسلم الجديد عن فهم دين الإسلام و الثبات عليه  

و يتمثل عدم التعاون بالضغط عليهم و تحميلهم فوق ما يطيقون و عدم الاستبشار بإسلامهم أو  عدم الحرص على تعليمهم وقد يصل في بعض الأحيان إلى حرمانها من تعاليم الدين ،بحجة انشغالهم بالعمل! ولاحولولاقوة إلا بالله .

 

-بذل أسباب تثبيتهم علىالإسلام.

ولنا في هذا المنهج النبوي خير أسوة

ففي صحيح مسلم عن أنس -رضي الله عنه- قال: (ما سُئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيئاً إلا أعطاه، فجاء رجل فأعطاه غنماً بين جبلين، فرجع إلى قومه فقال: يا قوم أسلموا فإن محمداً يعطي عطاء من لا يخشى الفاقه" قال أنس: إن كان الرجل ليُسلم ما يريد إلا الدنيا فما يُمسي حتى يكون الإسلام أحبَّ إليه من الدنيا وما عليها).

والمراد: "أنهيظهرالإسلامأولاللدنيا،لابقصدصحيحبقلبه،ثملميلبثإلاقليلاحتىينشرحصدرهبحقيقةالإيمان،ويتمكنمنقلبه،فيكونحينئذأحبإليهمنالدنياومافيها"

وكذاكانيعطيمنكانمتردداأوكانضعيفالإيمان كما في الحديث عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنِّي أُعْطِي قُرَيْشًا أَتَأَلَّفُهُمْ، لأَنَّهُمْ حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ»

 

-السعي في قضاء حوائجهم

فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم  يهتمبأحوالالمسلمينالجدد،ويسعىفيعلاجمريضهموحوائجهم

وفي الحديث عن أنس أن نفرا من عكل ثمانية قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعوه على الإسلام فاستوخموا الأرض وسقمت أجسامهم فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ألا تخرجون مع راعينا في إبله فتصيبون من أبوالها وألبانها فقالوا بلى فخرجوا فشربوا من أبوالها وألبانها فصحوا فقتلوا الراعي وطردوا الإبل فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث في آثارهم فأدركوا فجيء بهم فأمر بهم فقطعت أيديهم وأرجلهم وسمر أعينهم ثم نبذوا في الشمس حتى ماتوا)

-أسلوب الرفق واللين

ومن يتأمل موقفه صلى الله عليه وسلم مع الأعرابي الذي بال في المسجد، فلما زجره بعض الصحابة بشدة قال – صلى الله عليه وسلم –  "لا تزرموه "، أي لا تقطعوا عليه بوله وقال اتركوه حتى إذا انتهى من بوله دعاه فقال له: "إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر إنما هي لذكر الله عز وجل والصلاة وقراءة القران"[

وموقفه صلى الله عليه وسلم في قصة اسلام ثمامة بن أثال رضي الله عنه

 

والداعية إلى الله تعالى عليه ان يراعي الرفق واللين في دعوته لجهال المسلمين كي يؤثر في قلوبهم  ويقبلون منه التعليم والتوجيه.

 

رابعا: حمل هم تبليغ الإسلام للعالم والحرص على هداية الناس

ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة في ذلك حتىخاطبهربهتباركوتعالىبقوله تعالى (فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا (الكهف: ٦] أي: مهلك نفسك مماتحرص عليهم وتحزن(

وفي سورة الشعراء يقول الله عز وجل يخاطب نبيه الكريم الذي أرسله هادياً للعالمين:

﴿لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ﴾

 

عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما:
(
أن النبي صلّى الله عليه وسلّم تلا قول الله تعالىفي إبراهيم صلى الله عليه وسلم:"ربّ إنهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعني فإنهمني....الآية",وقال عيسى صلى الله عليه وسلم:"إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهمفإنك أنت العزيز الحكيم"
فرفع يديه وقال :الـــلــهم أمّــتي, أمّـــتي,وبكى...
فقال الله عزّ وجل :"يا جبريل اذهب إلى محمد - وربّك أعلم – فسله ما يبكيك ؟
فأتاه جبريل عليه السلام فسأله فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بماقال - وهو أعلم -
فقال اللهتعالى:"يا جبريل اذهب إلى محمد فقل إنا سنرضيك في أمتك ولانسوؤك")رواه مسلم


·
وهذا الحديث مشتمل على أنواعمن الفوائد كما ذكر النووي _رحمه الله تعالى_ ومنها:
-
بيان كمال شفقته صلى الله عليهوسلم على أمته واعتنائه بمصالحهم واهتمامه بأمرهم.
-البشارة العظيمة لهذه الأمة بما وعده الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم بقوله:"إنا سنرضيك فيأمتك ولا نسوؤك"وهذا من أرجى الأحاديث لهذه الأمة أو أرجاها"

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنّة؟ قلنا: نعم، قال: أترضون أن تكونوا ثلث أهل الجنّة؟ قلنا: نعم، قال: أترضون أن تكونوا شطر أهل الجنّة؟ قلنا: نعم، قال: والّذي نفس محمّد بيده إنّي لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنّة، وذلك أنّ الجنّة لا يدخلها إلّا نفس مسلمة، وما أنتم في أهل الشّرك إلّا كالشّعرة البيضاء في جلد الثّور الأسود، أو كالشّعرة السّوداء في جلد الثّور الأحمر) رواه البخاري. وفي رواية مسلم: (أما ترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة؟ قال: فكبَّرنا، ثم قال: أما ترضونَ أن تكونوا ثلث أهل الجنة؟ قال: فكبَّرنا، ثم قال: إني لأرجو أن تكونوا شطر أهل الجنة، وسأخبرُكم عن ذلك، ما المسلمونَ في الكفار إلا كشعرةٍ بيضاءَ في ثورٍ أسود، أو كشعرةٍ سوداء في ثورٍ أبيض)

 

وكم برقت أساريروجهه عليه الصلاة والسلام فرحا وسرورا

بإسلام عدد من الصحابة من أمثال عدي بن حاتم وعكرمة بن أبي جهل وخالد بن الوليد وغيرهم

ومن الأمثلة أيضا حرصه على اسلام اليهودي الذي كان يخدمه:

فعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كَانَ غُلَامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَمَرِضَ ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ لَهُ : أَسْلِمْ !! فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ ، فَقَالَ لَهُ : أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَأَسْلَمَ ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ :

( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنْ النَّارِ ) .
رواه أحمد وأبو داود

ومن منهجه الدعاء لبعضهم بالإسلام:

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : جاء الطفيل بن عمرو الدوسي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم – فقال:"إن دوسا قد هلكت ، عصت وأبت ، فادع الله عليهم ، فظن الناس أنه يدعو عليهم ، فقال : ( اللهم اهد دوسا وأت   بهم" متفق عليه

 

 

وعَنْ أَبِى كَثِيرٍ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قال: حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: كُنْتُ أَدْعُو أُمِّي إِلَى الإِسْلاَمِ وَهِيَ مُشْرِكَةٌ فَدَعَوْتُهَا يَوْمًا فَأَسْمَعَتْنِي فِي رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- مَا أَكْرَهُ فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأَنَا أَبْكِى قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ أَدْعُو أُمِّي إِلَى الإِسْلاَمِ فَتَأْبَى عَلَيَّ فَدَعَوْتُهَا الْيَوْمَ فَأَسْمَعَتْنِي فِيكَ مَا أَكْرَهُ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَهْدِىَ أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم-: « اللَّهُمَّ اهْدِ أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ». فَخَرَجْتُ مُسْتَبْشِرًا بِدَعْوَةِ نَبِيِّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- فَلَمَّا جِئْتُ فَصِرْتُ إِلَى الْبَابِ فَإِذَا هُوَ مُجَافٌ فَسَمِعَتْ أُمِّي خَشْفَ قَدَمَيَّ فَقَالَتْ: مَكَانَكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ. وَسَمِعْتُ خَضْخَضَةَ الْمَاءِ قَالَ: - فَاغْتَسَلَتْ وَلَبِسَتْ دِرْعَهَا وَعَجِلَتْ عَنْ خِمَارِهَا فَفَتَحَتِ الْبَابَ ثُمَّ قَالَتْ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ – قَالَ- فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- فَأَتَيْتُهُ وَأَنَا أَبْكِي مِنَ الْفَرَحِ - قَالَ - قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَبْشِرْ قَدِ اسْتَجَابَ اللَّهُ دَعْوَتَكَ وَهَدَى أُمَّ أَبِى هُرَيْرَةَ. فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ خَيْرًا - قَالَ - قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: ادْعُ اللَّهَ أَنْ يُحَبِّبَنِي أَنَا وَأُمِّي إِلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ وَيُحَبِّبَهُمْ إِلَيْنَا - قَالَ- فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم:« اللَّهُمَّ حَبِّبْ عُبَيْدَكَ هَذَا - يَعْنِى أَبَا هُرَيْرَةَ وَأُمَّهُ - إِلَى عِبَادِكَ الْمُؤْمِنِينَ وَحَبِّبْ إِلَيْهِمُ الْمُؤْمِنِينَ ». فَمَا خُلِقَ مُؤْمِنٌ يَسْمَعُ بِي وَلاَ يَرَانِي إِلاَّ أَحَبَّنِي )

 

وكان يدعو على منلايأمنغائلتهم ومن اشتدتشوكتهم،وكثرأذاهم،وربماقنت عليهم

 

-       تبشيرهم بالجنة والمغفرة

)حينما حضر عمرو بن العاص الموت .. بكى طويلا .. و حول وجهه إلى الجدار , فقال له إبنه :ما يبكيك يا أبتاه ؟ أما بشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم
فأقبل عمرو رضي الله عنه إليهم بوجهه و قال : إن أفضل ما نعد شهادة أن لا إله إلا الله , و أن محمدا رسول الله ..
إني كنت على أطباق ثلاث ..
لقد رأيتني و ما أحد أشد بغضا لرسول الله صلى الله عليه و سلم مني , و لا أحب إلى أن أكون قد استمكنت منه فقتلته , فلو مت على تلك الحال لكنت من أهل النار
فلما جعل الله الإسلام في قلبي , أتيت النبي صلى الله عليه و سلم فقلت : إبسط يمينك فلأبايعنك , فبسط يمينه , قال : فقضبت يدي ..
فقال : ما لك يا عمرو ؟
قلت : أردت أن أشترط
فقال : تشترط ماذا ؟
قلت : أن يغفر لي .
فقال : أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله , و أن الهجرة تهدم ما كان قبلها , و أن الحج يهدم ما كان قبله ؟
و ما كان أحد أحب إلي من رسول الله صلى الله عليه و سلم و لا أحلى في عيني منه , و ما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالا له , و لو قيل لي صفه لما إستطعت أن أصفه , لأني لم أكن أملأ عيني منه ,
و لو مت على تلك الحال لرجوت أن أكون من أهل الجنة ,
ثم ولينا أشياء , ما أدري ما حالي فيها ؟
فإذا أنا مت فلا تصحبني نائحة و لا نار , فإذا دفنتموني فسنوا علي التراب سنا ثم أقيموا حول قبري قدر ما تنحر جزور و يقسم لحمها , حتى أستأنس بكم , و أنظر ماذا أراجع به رسل ربي ؟

رواه مسلم

 

أسباب الإنتكاسات للمسلمين  الجديد

 

الأول: عدم الرسوخ في الدين وعدم تعليمهم الإسلام الصحيح كماسبقبيانه،فيؤدي ذلك إلى الإنتكاس والردة والعياذ بالله

 

الثاني:إثارة  الشبهات حول الإسلام من اعداء الإسلام والمنافقين وعدم وجود إجابات شافية كافية

ومن ذلك مايثار من المطالبة بحقوق المرأة وظلمها،القوامة،الإرث،الحجاب،التعدد وغير ذلك من الشبهات التي يراد بها تشويه صورة الإسلام.

الثالث: المعتقدات القديمة و  الاستمرار في ممارسة الشعائر غير الإسلامية 

تواجه بعض المسلمين  الجدد مشكلات عقدية تتمثل بالتمسك ببعض المعتقدات التي كبرعليها و عند دخولهم الإسلام يصعب عليهم التخلص منها دفعة واحدة . 

وربما كان سبب في الردة

 

الرابع: عدم متابعة التعليم بعد الدخول بالإسلام. 

ينبغي الحذر من انقطاع المسلمالجديد عن التعليم والذي له بالغ الأثر في عدم ثباته 

و يكون ذلك بسبب عدم اهتمام أصحاب العمل بتعليمهكما ذكر آنفا، مما يتوجب توجيه أنظارهم وتسليط الضوء إلى أهمية الاهتمام بالمسلمالجديد ومتابعته بعد إسلامه،وتعليمهأمور الدين ومساعدته في أداء الفرائض، ووضع آليات للمتابعة، وتجهيز الأماكن، وتوفير الإمكانيات اللازمة . 

و يجب أن تكون المناهج مدروسة وفق تسلسل منهجي  و بالتدريج تتناول الأساسيات أركان الإسلام و الإيمان و مواضيع العقيدة.  

و ممكن أن يكون انقطاعه عن التعليم بسبب عدم وجود وقت أو بعد المكان و عدم توفر المواصلات ففي حال تعذر  حضورهإلى المكتب ينبغي إرشاده إلى مصادر موثوقة و ميسرة على شبكة النت للاستفادة منها بقدر الإمكان. 

كما ينبغي  متابعة المسلم الجديد بعد عودته إلى بلاده من خلال تواصل الدعاة معها عبر التطبيقات الهاتفية المنتشرة أو مواقع التواصل الاجتماعي . 

 

الخامس: مشكلاتهم من أسرهم الذين مازالوا على الكفر. 

تعتبر  مشكلة النبذ من الأسرة أو البيئة المحيطة الكافرة و التهديدات التي يتلقاها المسلم الجديد من أهله  و محاولات التشكيك التي يقومون بها  و الخوف من ردة فعل المحيطين بها من غير المسلمين وكيفية التعامل معهم من أهم المشكلات التي تواجه المسلم الجديد 

والحل لهذه المشكلة هي توعية المسلم الجديد وتنبيهه لمثل هذه الأمور ومتابعتها حتى لا ينفرد به هؤلاء المشككين بالإضافة  إلى تعليمه كيفية التعامل مع والديهوأهله بحسن الخلق و دعوتهم للإسلام. 

وحثه على الإستعانة بالله و الدعاء لهم بالهداية  و تعليمهسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم  واحتواءه واشعاره بأخوة الإسلام.

 

سادسا: عدم مراعاة الحالة النفسية للمسلم الجديدوشعوره بالفتور بعد الإسلام 

من الأهمية بمكان الإشارة إلى ضرورة إظهار الفرح و الاستبشار بالمسلم الجديد عند إسلامهكما سبق -مع أهمية احتواءه و مراعاة حالته النفسية  و إحاطتهبالمسلمين , و تشجيعه و تأليف قلبه بالهدايا.

وأخيرا أقول ينبغي أن يستشعر المجتمع باكمله أفردا ومؤسسات صغارا وكبارا دورهم في دعوة غير المسلمين

والإهتمام به بعد دخوله في الإسلام

هذا ماتيسر بيانه بفضل الله وإعانته ،وأسأل الله تعالى يجعلنا جميعا من الدعاه إليه بالحكمة والموعظة الحسنة ،هداه مهتدين على صراطه المستقيم ،وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم أجمعين .

 

 

جمع وإعداد

مديرة القسم النسائي بمكتب الدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بالسلي

د.قذلة بنت محمد بن عبدالله آل حواش القحطاني

حرر في 28ربيع الآخرة 1437