1 بدون عنوان

 

المحاضرة المقامة بمعهد معلمات القرآن شرق الرياض
الأربعاء 9صفر 1438

 

د.قذلة بنت محمد القحطاني

رابط الموقع/

www.d-gathla.com

 

 تعريف الإيمان

 

أقوال السلف وأئمة السنة في تفسير الإيمان:

اختلفت عبارات السلف في تعريف الإيمان وبيان حقيقته، فتارة يقولون: هو قول وعمل. وتارة يقولون: هو قول وعمل ونية. وتارة يقولون قول وعمل ونية واتباع السنة. وتارة يقولون: قول باللسان، واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح، وكل هذا صحيح. فإذا قالوا: قول وعمل؛ فإنه يدخل في القول قول القلب واللسان والجوارح جميعاً

والإقرار القلبي يشتمل على أمرين:

الأول: اعتقاد القلب، وهو تصديقه بالأخبار.

الثاني: عمل القلب، وهو إذعانه وانقياده للأوامر.

 

 

الأدلة على زيادة الإيمان ونقصانه

 

والزيادة قد نطق بها القرآن في عدة آيات ; كقوله تعالى : { إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا }

 وهذه زيادة إذا تليت عليهم الآيات أي وقت تليت ليس هو تصديقهم بها عند النزول وهذا أمر يجده المؤمن إذا تليت عليه الآيات زاد في قلبه بفهم القرآن ومعرفة معانيه من علم الإيمان ما لم يكن ; حتى كأنه لم يسمع الآية إلا حينئذ ويحصل في قلبه من الرغبة في الخير والرهبة من الشر ما لم يكن ; فزاد علمه بالله ومحبته لطاعته وهذه زيادة الإيمان .

وقال تعالى : { الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل } فهذه الزيادة عند تخويفهم بالعدو لم تكن عند آية نزلت فازدادوا يقينا وتوكلا على الله وثباتا على الجهاد وتوحيدا بأن لا يخافوا المخلوق ; بل يخافون الخالق وحده.

 وقال تعالى : { وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون } { وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم } . وهذه " الزيادة " ليست مجرد التصديق بأن الله أنزلها بل زادتهم إيمانا بحسب مقتضاها ; فإن كانت أمرا بالجهاد أو غيره ازدادوا رغبة وإن كانت نهيا عن شيء انتهوا عنه فكرهوه ولهذا قال : { وهم يستبشرون } والاستبشار غير مجرد التصديق

 

أركان الإيمان

أركانه ستة:

 الإيمان بالله

الإيمان بالملائكة

الإيمان بالكتب

الإيمان بالرسل

الإيمان باليوم الآخر

الإيمان بالقدر خيره وشره

 

الإيمان بالغيب

 

تحقيق العبودية لله تعالى

قال تعالى:  (وماخلقت الإنس والجن إلا ليعبدون)

 

ففي هذه الآية بيان للحكمة الشرعية التي خلق الله من أجلها الناس، وهي أن يكلفهم بعبادته، بالامتثال لأوامره والانتهاء عن نهيه.

 

أركان العبودية:

كمال الذل

كمال الحب

 

الإخلاص

والإخلاص في العبادة أساس الحنيفية (ملة إبراهيم) وهو الأمر الذي تميز به الحنفاء أتباع الأنبياء عن غيرهم من الأدعياء الذين ينتسبون إلى الأديان السماوية وهي منهم براء. فالفارق الأساس هو التوحيد الخالص .

 مخلصونّ مما يدل على أن هذا الأمر تفرد به المسلمون.

والإخلاص هو حقيقة معنى شهادة أن لا إله إلا الله.

قال الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب –رحمهم الله-

:((النوع الثالث: توحيد الإلهية المبني على إخلاص التأله لله تعالى، من المحبة والخوف، والرجاء والتوكل، والرغبة والرهبة، والدعاء لله وحده. ويبنى على ذلك إخلاص العبادات كلها ظاهرها وباطنها لله وحده لا شريك له، لا يجعل

فيها شيء لغيره، لا لملك مقرب، ولا لنبي مرسل، فضلاً عن غيرهما...

وهذا التوحيد هو أول الدين وآخره، وباطنه وظاهره، وهو أول دعوة الرسل وآخرها، وهو معنى قول: لا إله إلا الله. فإن الإله هو المألوه المعبود بالمحبة والخشية والإجلال والتعظيم، وجميع أنواع العبادة، ولأجل هذا التوحيد خلق الخليقة، وأرسلت الرسل، وأنزلت الكتب، وبه افترق الناس .( إلى مؤمنين وكفار، وسعداء أهل الجنة، وأشقياء أهل النار))

تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد، ص36

 

صدق الإتباع

هو حقيقة معنى شهادة أن محمدًا رسول الله  وصدق المتابعة للرسول  صلى الله عليه وسلم.

 

قال ابن رجب -رحمه الله-:((وتحقيقه بأن محمدًا رسول الله، ألايعبد الله بغير ما شرعه الله على لسان محمد))

 

العلـــــــــــــــــــــم

والمراد أن الإيمان الصحيح الراسخ المؤثر على صاحبه تطهيرًا وتزكية وتحصيناً، هو الذي يقوم على العلم المستقى مما جاء به النبي صلى الله  الوحي.

وهو أمر لازم لتحقيق جميع الأسس المتقدمة، فلا يتسنى له -مثلاً- تحقيق الكفر بالطاغوت إلا بالعلم بصفات الطواغيت وخصائصهم وأحوالهم.

وهكذا سائر الأسس وغيرها من المطالب الإيمانية، لا يمكن القيام  إلا بالعلم بما ورد من تفاصيلها في كتاب الله، وسنة رسول الله .

قال: فالعلم أساس هام في الإيمان بالله، وركن بارز في دعوة النبي  صلى الله عليه وسلم ( قُلْ هِذه سبيلي أدعوا إِلَى الله على بصيرة)

قال الإمام البخاري رحمه الله في الجامع الصحيح:

{فَاعلَم أَنَّه لاَ إِلَه إِلاَّ الله }  ((باب العلم قبل القول والعمل، لقول الله تعالى(فاعلم انه لاإله إلا الله واستغفر لذنبك) ( فبدأ بالعلم)).

وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب-رحمه الله-:

 (اعلم رحمك الله أنه يجب علينا تعلم أربع مسائل:

(الأولى) العلم، وهو معرفة الله، ومعرفة نبيه، ومعرفة دين الإسلام بالأدلة.

(الثانية) العمل به.

(الثالثة) الدعوة إليه.

(الرابعة) الصبر على الأذى فيه.

 

سبب اختلاف الناس بعد أن تأتيهم العلم والبينة

 

كان من دعائه  إذا قام من الليل: ((اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك  ( إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم))

رواه مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب الدعاء في صلاة الليل

 

 البــــــــــغي

كما قال تعالى : }بغيا بينهم{ (البقرة:213)

والبغي هو: ((طلب تجاوز الاقتصاد فيما يتحرى، فتارة يعتبر في ( القدر الذي هو الكمية، وتارة يعتبر في الوصف الذي هو الكيفية))

((والبغي المذموم هو: تجاوز الحق إلى الباطل أو تجاوزه إلى الشبه))

فالاختلاف على هذا يكون سببه الظلم، والاعتداء، والطغيان في طلب العلم، حيث يؤدي إلى تجاوز العلم الذي أنزله الله، وتطلب الحق في غيره مما يقود إلى الاختلاف المذموم.

 

التنافس على الدنيا

ومن الدوافع التي تدفع بعض طلاب العلم إلى هذا التجاوز هو تنافسهم في الدنيا وحب الرئاسة وحسد بعضهم لبعض.

 

تقديم العقل على النقل

فقد اغتر كثير من الناس بعقولهم، وأعطوها أكبر من قدرها، وظنوا أنهم قادرون على إدراك علم وحقيقة سائر الموجودات، المشاهدات منها والمغيبات، فحملهم ذلك مع شهوة حب الاستطلاع، وطلب المزيد إلى عدم الاكتفاء بالوحي.

فقد خاض بعض العلماء في تلك العلوم التي خاض فيها الفلاسفة، وراق لهم زخرف القول، واستهوتهم تلك المصطلحات والمناهج، وظنوا أنهم قادرون على الجمع بين الوحي الإلهي وبين تلك العلوم الفلسفية، وسولت لهم أنفسهم أن الوحي لا يعارض تلك العلوم العقلية، بل يجب أن يؤيدها لأن كلا من العقل والوحي من عند الله، فلا يتصور تعارضهما، وهم بذلك لم يفرقوا بين العلم الذي جاء به الوحي من عند الله، والذي يستمد كماله وصلاحه من كمال الله وشمول علمه، وبين

العلم البشري الذي يتميز بالضعف والقصور والحيرة نتيجة لضعف العقل البشري الذاتي وتأثير الشهوات والغرائز والعواطف والموروثات البيئية.

 

الطائفة المنصورة

وقد فسر كثير من السلف الطائفة المنصورة الظاهرة الباقية على الحق إلى أن يأتي أمر الله بأنهم: ((أصحاب الحديث)) منهم علي بن المديني، ومحمد بن إسماعيل البخاري، وأحمد بن حنبل، وعبد الله بن المبارك وغيره.

قال الخطيب البغدادي مبيناً شرف أصحاب الحديث وثباتهم علىالحق:

((فقد جعل الله الطائفة المنصورة حراس الدين، وصرف عنهم كيد المعاندين لتمسكهم بالشرع المتين، واقتفائهم آثار الصحابة والتابعين، فشأنهم حفظ الآثار، وقطع المفاوز والقفار، وركوب البراري والبحار في اقتباس ما شرع الرسول المصطفى لا يعوجون عنه إلى رأي ولا هوى، قبلوا شريعته قولاً وفعلاً، وحرسوا سنته حفظاً ونقلاً، حتى أثبتوا بذلك

أصلها وكانوا أحق بها وأهلها، وكم من ملحد يروم أن يخلط بالشريعة ما ليس منها، والله تعالى يذب بأصحاب الحديث عنها، فهم الحفاظ لأركانهاا والقوامون بأمرها وشأنها إذا صدف الناس عن الدفاع عنها، فهم دونها) يناضلون.. ((أولئك حزب الله، ألا إن حزب الله هم المفلحون))    (شرف أصحاب الحديث، للخطيب البغدادي ص ١٠ )

 

الطواغيت الأربعة التي هدمت الدين

قال ابن القيم رحمه الله: ((الفصل الخامس والعشرون: في ذكر الطواغيت الأربعة التي هدم ا أصحاب التأويل الباطل معاقل الدين، وانتهكوا ا حرمة القرآن، ومحوا رسوم الإيمان وهي:

قولهم: أن كلام الله، وكلام رسوله أدلة لفظية، لا تفيد علماً ولا يحصل منها يقين.

وقولهم: إن آيات الصفات، وأحاديث الصفات مجازات لا حقيقة لها.

الصحيحة التي رواها العدول.

وقولهم: إن أخبار رسول الله وتلقتها الأمة بالقبول لا تفيد العلم، وغايتها أن تفيد الظن.

وقولهم: إذا تعارض العقل ونصوص الوحي، أخذنا بالعقل، ولم نلتفت إلى الوحي.

فهذه الطواغيت الأربعة التي فعلت بالإسلام ما فعلت، وهي التي محت رسومه، وأزالت معالمه، وهدمت قواعده، وأسقطت حرمة النصوص من القلوب، وجت طريق الطعن فيها لكل زنديق وملحد، فلا يحتج عليه المحتج بحجة من كتاب الله أو سنة رسوله، إلا لجأ إلى طاغوت من هذه الطواغيت، واعتصم به واتخذه جنةيصد به عن سبيل الله، والله تعالى بحوله وقوته» الصواعق المنزلة على الطائفة الجهمية والمعطلة لابن القيم، تحقيق د. أحمد ٣٨٠ ،٣٧٩ الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، ط: الأولى / عطية الغامدي ٢ ١٤

الصراع بين الحق والباطل له ثلاثة أشكال:

الصراع بين الحق والباطل يأخذ أشكالاً متعددة أهمها ما يلي:

١- الصراع الفكري القائم على المحاجة والجدال.

٢- الصراع الفكري القائم على المكر، والكيد ونشر الأفكار

الهدامة، من قبل قوى الضلال.

٣- الصراع المسلح.

 

تعريف الغزو الفكري

الغزو الفكري هو مصطلح حديث يعني مجموعة الجهود التي تقوم بها أمة من الأمم للاستيلاء على أمة أخرى أو التأثير

عليها حتى تتجه وجهة معينة.

أسباب ظهور الفرق:

١- ضعف الإيمان وغلبة الجهل، وذلك أن الإيمان الراسخ القائم على التوحيد الخالص، والعلم المستمد من الكتاب والسنة، هو الحصن الحصين الذي يحصن الله به عباده من الفكر الهدام وسائر الفتن.

٢- إظهار القائلين بهذه الأفكار، الداعين إليها للزهد والورع والحماس، وادعاء الحرص على الإسلام، وتحملهم الكثير من التضحيات والمشاق، مما جعل كثيرًا من الناس يغترون وينخدعون بهم.

٣- تقبل بعض المعروفين بالعلم لبعض هذه الأفكار، ومدحهم لأساطين الفلاسفة وعلومهم.

٥- استيلاء بعض الحكام المنتمين إلى بعض الفرق الضالة على الحكم، في بعض البلاد الإسلامية.

 

كيف يكون الإيمان حصن ضد الإنحراف الفكري

العناية بأهم سبب لحصول الولاية.

الإيمان سبب لتحصيل ولاية الله.

صفات المستحقين لولاية الله.

الأثر ولاية الله في تخليص المؤمنين وتحصينهم من الأفكار الهدامة.

مظاهر الولاية الكاملة للكمل من عباد الله

إن أعلى مراتب ولاية الله تكون لعباد الله الذين كملوا الإيمان وحققوا التقوى، وسارعوا في الخيرات، وكمل توحيدهم

وتوكلهم على الله.

وقد بين الله سبحانه أنه يتولاهم ولاية خاصة، ويحوطهم بعنايته الفائقة، ويحفظ جوارحهم الناقلة للشبهات أو لمثيرات الشهوات إلى القلب، فلا تنبعث إلا إلى الخير، ولا تتجاوب إلا مع ما يحبه الله ويرضاه. فقد ورد البيان لمظاهر ولاية الله الكاملة في حديث الأولياء المشهور:

((إن الله تعالى قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته r وفيه قال الرسول بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إليَّ مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ( ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذهن))

قال ابن رجب –رحمه الله-: ((قوله: (فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها))

(ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولاهم  يحزنون. الذين آمنوا وكانوا يتقون)

وهم على نوعين:

النوع الأول: المقتصدون الأبرار أصحاب اليمين، الذين جاؤوا بكمال الإيمان الواجب، الذي هو أول مراتب التقوى الموجبة لولاية الله وعنايته والسلامة والأمن في الدنيا والآخرة.

النوع الثاني: المقربون المحسنون السابقون بالخيرات، الذين جاؤوا بكمال الإيمان المستحب الذي هو أعلى مراتب التقوى.

وقد بين الله هذين النوعين من أوليائه في حديث أبي هريرة حيث بين النوع الأول بقوله: ((وما تقرب إلي عبدي بأحب إلي مما افترضته عليه)).

وبين النوع الثاني بقوله: ((وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه..)الحديث

أمثلة

قصة يوسف عليه السلام

ققصة أصحاب الكهف حيث بين الله تعالى في سورة الكهف

قصة مجموعة من الفتيان تولاهم الله وأشاد بهم في كتابه حامدًا صنيعهم. (إنهم فتيه آمنوا بربهم وزدناهم هدى)

الجيل يحتاج ضرب أمثلة لحفظ الله لأهل ولايته ومحبته

 

(القصص أسلوب قراني لتربية والتأثير)

قصة أصحاب الغار ويتبين فيها أهمية إخلاص العبادةo:p>

في استجلاب ولاية الله، ومعونته ونصره لعباده عند الشدائد، هذه القصة

ععن عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله

يقول: (انطلَق ثلاثةُ رَهطٍ ممن كان قبلَكم ، حتى أوَوُا المبيتَ إلى غارٍ فدخَلوه ، فانحدَرَتْ صخرةٌ منَ الجبلِ فسَدَّتْ عليهمُ الغارَ ، فقالوا : إنه لا يُنجيكم من هذه الصخرةِ إلا أن تدعوَ اللهَ بصالحِ أعمالِكم ، فقال رجلٌ منهم : اللهمَّ كان لي أبَوانِ شيخانِ كبيرانِ ، وكنتُ لا أَغبِقُ قبلَهما أهلًا ولا مالًا ، فناء بي في طلبِ شيءٍ يومًا ، فلم أرُحْ عليهما حتى ناما ، فحلَبتُ لهما غَبوقَهما فوجَدتُهما نائمَينِ ، وكرِهتُ أن أَغبِقَ قبلَهما أهلًا أو مالًا ، فلبِثتُ والقَدَحُ على يدي أنتظِرُ استيقاظَهما حتى برَق الفجرُ ، فاستيقَظا فشرِبا غَبوقَهما ، اللهمَّ إن كنتُ فعَلتُ ذلك ابتغاءَ وجهِك ففرِّجْ عنا ما نحن فيه من هذه الصخرةِ ، فانفرَجَتْ شيئًا لا يستَطيعونَ الخروجَ ، قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : وقال الآخَرُ : اللهمَّ كانتْ لي بنتُ عَمٍّ كانتْ أحبَّ الناسِ إليَّ ، فأرَدتُها عن نفسِها فامتنَعتْ مني ، حتى ألَمَّتْ بها سَنَةٌ منَ السنينَ ، فجاءَتْني فأعطَيتُها عشرينَ ومِائَةَ دينارٍ على أن تُخَلِّيَ بيني وبين نفسِها ، ففعَلَتْ حتى إذا قدَرتُ عليها قالتْ : لا أُحِلَّ لك أن تَفُضَّ الخاتَمَ إلا بحقِّه ، فتحرَّجتُ منَ الوُقوعِ عليها ، فانصرَفتُ عنها وهي أحبُّ الناسِ إليَّ وترَكتُ الذهبَ الذي أعطيتُها ، اللهمَّ إن كنتُ فعَلتُ ذلك ابتغاءَ وجهِك فافرُجْ عنا ما نحن فيه ، فانفرَجَتِ الصخرةُ غيرَ أنهم لا يستَطيعونَ الخروجَ منها ، قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : وقال الثالثُ : اللهمَّ إني استأجَرتُ أُجَراءَ فأعطيتُهم أجرَهم غيرَ رجلٍ واحدٍ ترَك الذي له وذهَب ، فثمَّرتُ أجرَه حتى كثُرَتْ منه الأموالُ ، فجاءني بعد حينٍ ، فقال : يا عبدَ اللهِ أَدِّ إليَّ أجري ، فقلتُ له : كلُّ ما تَرى من أجرِك ، منَ الإبلِ والبقرِ والغنمِ والرقيقِ ، فقال : يا عبدَ اللهِ لا تَستَهزِئْ بي ، فقلتُ : إني لا أستَهزِئُ بك ، فأخَذه كلَّه فاستاقَه فلم يترُكْ منه شيئًا ، اللهمَّ فإن كنتُ فعَلتُ ذلك ابتغاءَ وجهِك فافرُجْ عنا ما نحن فيه ، فانفرَجَتِ الصخرةُ فخرَجوا يَمشونَ ) .

الثاني: تطهير القلوب من الشكوك، ودواعي الكفر الساترة لأبصار القلوب:

فالقلوب تصح وتمرض, وأساس صحتها وحياتها هو الإيمان الصحيح، القائم على العلم المستمد من الوحي، وعلى الإخلاص، وما ينتج عن ذلك من العمل الصالح.

ومرض القلب في مقابل ذلك هو الدافع إلى الكفر والنفاق والمعاصي، وهداية الله للمؤمنين وإخراجهم من الظلمات إلى النور، يلزم منها تطهير قلوبهم من الدوافع الجانحة.


الثالث: تثبيت المؤمن عند الشدائد


رابعا:الأثر القلبي

 

وظائف القلب وأحواله

فالقلب هو ملك الأعضاء، وسيدها وأشرفها، والمتصرف فيها، فهو مركز الاعتقاد والإرادة، وموجه السلوك، وبصلاحه يكون الإنسان صالحاً، ويفسد بفساده.

 قال صلى الله عليه وسلم : ((...ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد. كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب))

فإذا كان للقلب هذه المترلة من التأثير على السلوك وتوجيهه، فإن جهود شياطين الإنس والجن متوجهة في المقام الأول إلى قلوب العباد، لا لإفسادها بالأفكار المهلكة لها، بقذف الشبهات وتزيين الشهوات.

وفي مقابل ذلك جعل الله الإيمان وما يحدثه من الآثار في قلب المؤمن السبب -بعد عناية الله- في سلامته وتحصينه منهم.b>

أأحوال القلب

فالقلوب عامة لا تخلو من ثلاث حالات، فإما أن يكون القلب حياً صحيحاً، وإما أن يكون مريضاً، وإما أن يكون ميتاً، وهذه الأحوال قد يمر فيها قلب واحد، فيتقلب من حال إلى حال، وقد تلازم حال منها بعض القلوب دائماً.

فالحال الأولى: هي حال القلب السليم.

قال -تبارك وتعالى- عن خليله إبراهيم عليه السلام أنه قال في (ولا تخزني يوم يبعثون *يوم لا ينفع مال ولا بنون * إلا من أتى  اللَّه بِقَلْبٍ ) دعائه:[الشعراء: ٨٩ ،٨٧ ]، وقال: {إلا من أتى الله بقلب سليم ) [الصافات: ٨٤ ،٨٣]

صفاته:

والقلب السليم هو الذي عمر بالعلم والإيمان، والعقائد والعواطف المستمدة منها، وسلم من ضد ذلك.

قال ابن القيم رحمه الله: ((وقد اختلفت عبارات الناس في معنى القلب السليم، والأمر الجامع لذلك: إنه الذي قد سلم من كل شهوة تخالف أمر الله، ومن كل شبهة تعارض خبره... هو الذي سلم من أن يكون لغير الله فيه شرك بوجه ما، بل قد خلصت عبوديته لله تعالى:

إرادة ومحبة وتوكلاً، وإنابة وإخباتاً وخشية، وخلص عمله لله، فإن أحب، أحب في الله، وإن أبغض، أبغض في الله، وإن أعطى، أعطى لله، وإن منع، منع لله، ولا يكفيه هذا حتى يسلم من الانقياد والتحكيم لكل من عدا فيعتقد قلبه معه عقدًا محكماً على الائتمام والاقتداء به وحده، رسوله  صلى الله عليه وسلم  .( دون كل أحد...))

 

ومن أوصافه أنه منيب، قال تعالى ((أواه منيب ))

والقلب المنيب هو التائب من ذنوبه، الراجع مما يكرهه الله إلى ما .( يرضيه)

 

ومن أوصافه أنه مطمئن.

قال تعالى: {إلا من اكره وقلبه مطمئن بالإيمان }. .[ [النحل: ١٠٦ ] وقال: { أَلاَ بِذِكْرِاللّهِ تَطْمئِن الْقُلُوب } [الرعد: ٢٨ فالقلب المطمئن هو الذي انشرح للإيمان، وركن إليه، وارتاح واستأنس به، قد أدرك من الأدلة المشاهدة والمتلوة -على ما يتطلب الإيمانُ التصديق به- ما أكسبه اليقين، وهو الذي يأنس ويرتاح لذكر الله. ومن أوصافه أنه طاهر. قال الله تعالى:

إذا سألتموهنً متعا فسئلوهنً من  ورآء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهنً) [الأحزاب: ٥٣ ]

ومن أوصافه أنه قلب لين. { ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهنً)

قال تعالى:(( الله نزل أحسن الحديث كتبا متشبها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم  إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فماله من هاد ))   [الزمر: ٢٣ }

انظر: جامع البيان لابن جرير(١٧٣/ ١)

 

القلب الميت

الحالة الثانية: القلب الميت:

وهو القلب الخالي من الإيمان، قد أقفر من الخير، وأصيح مرتعاً للشر.

قال ابن القيم رحمه الله: ((وهو القلب الميت الذي لا حياة به، فهو لا يعرف ربه، ولا يعبده بأمره وما يحبه ويرضاه، بل هو واقف مع شهواته .( ولذاته، ولو كان فيها سخط ربه وغضبه...))

ومن صفاته أنه قد غلفه لران فختم وطُبع عليه، فهو مقفل عن كل خير أعمى لا يبصر الهدى.

..{ كَلا بلْ ران علَى قُلُوبِهِم ما كَانوُا يْكسِبون } [المطففين: ١٤ ]

 قال تعالى: ((ختَم اللّه على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى ابصارهم))

 

ومن أوصاف القلب الميت

ومن أوصاف القلب الميت أنه لاه غافل، قد أشرب حب اللهو فاشتغل به.

قال تعالى:  ((اقترب لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (1) مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (2) لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ ))

[الأنبياء: ١ -3]

وقال تعالى :((وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ))  [الكهف: ٢٨.١١]

 "ولا تطع" قال ابن جرير رحمه الله: ((يقول تعالى ذكره لنبيه محمد من شغلنا قلبه من الكفار...، بالكفر وغلبة الشقاء، (واتبع هواه) وترك اتباع أمر الله، وآثر هوى نفسه على طاعة ربه)) .

 

ومن أوصافه أنه قاسٍ: قال تعالى:

((أفَمن  شرح اللَّه صدره الإسلام فَهو عَلى نُورٍ من ربهِ فَويلٌ لِّلقَاسِية ِقُلُوبهم من ذكر الله أُولَئِك فِي ضَلاٍلمبِينٍ))

[الزمر: ٢٢ ]

 ( والقسوة هي غلظ القلب وجفافه، وأصله من حجر قاس)

قال الشوكاني رحمه الله: ((والقسوة: الصلابة واليبس، وهي عبار ( عن خلوها من الإنابة والإذعان لآيات الله...)

 

الحال الثالثة :القلب المريض

والحال الثالثة: هي حال القلب المريض.

قال ابن القيم رحمه الله في وصف هذا القلب: ((قلب له حياة وبه علة، فله مادتان، تمده هذه مرة، وهذه أخرى، وهو لما غلب عليه منهما، ففيه محبة الله تعالى والإيمان به والإخلاص له، والتوكل عليه ما هو مادة حياته، وفيه من محبة الشهوات وإيثارها والحرص على تحصيلها والحسد والكبر والعجب، وحب العلو والفساد في الأرض بالرياسة، ما هو مادة هلاكه وعطبه، وهو ممتحن بين داعيين: داع يدعوه إلى الله ورسوله والدار الآخرة، وداع يدعوه إلى العاجلة، وهو إنما يجيب أقرما منه باباً، وأداما إليه جوارًا.

فالقلب الأول، حي خبت لين واع، والثاني يابس ميت، والثالث مريض، فإما إلى السلامة أدنى، وإما إلى العطب أدنى.

 

أأمراض القلوب

وأمراض القلوب نوعان:

مرض شك وريب، يصيب المعتقدات، ويتولد من الخوض في الشبهات، ومنه يكون الكفر والنفاق.o:p>

وومرض الشهوات، يصيب العواطف والرغبات، ومنه تكون المعاصي وبعض البدع.

وقد أشار الله تعالى إلى أن هذين الأمرين هما أساس فساد الدين: (( كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا ۚ أُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ)) 

قال ابن تيمية رحمه الله: ((وجمع سبحانه بين الاستمتاع بالخلاق، وبين الخوض: لأن فساد الدين إما أن يقع بالاعتقاد الباطل والتكلم به، أويقع في العمل بخلاف الاعتقاد الحق...  ( والأول: من جهة الشبهات. والثاني: من جهة الشهوات)

 

من صفات القلب المريضo:p>

ققال تعالى: (( فلما زاغوا ازاغ الله قلوبهم )) أي: لما عدلوا وجاروا عن قصد السبيل أزاغ الله قلوبهم فأمالها عنه( ١)، عقوبة منه لعدم موافقة لفعلهم.

فالقلب الزائغ هو الذي عرف الحق، ثم مال عنه بسبب الشهوات، كحال أهل الأهواء والبدع، لذلك شرع الله للمهتدين سؤال التثبيت : (رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ).[ [آل عمران: ٨ ] ومن صفاته أنه مرتاب.

قال تعالى: [إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ]o:p>

[التوبة ٤٥ }

 ففالريب والشك الحاصل في هذا القلب بسبب الجهل والخوض في الشبهات، هو الداء الحقيقي الذي ترتب عليه الزيغ والنفاق، والسلوك السيئ. والنوع الثاني من أمراض القلوب: هو مرض ومن الأمراض التي تصيب القلب: عاطفة حب المال، الباعث على الحرص عليه، والتعلق به، وحب الرئاسة الباعثة على إرادة العلو والاستكبار، والكبر والعجب، وهي ترجع إلى عاطفة حب الذات.

ويشتد خطر هذه الأمراض عندما يتمكن حب شيء من ذلك في القلب، حتى يصبح ((عاطفة سائدة)) ولا يكون متوجهاً إلى الله، فإنه والحالة هذه يكون شريكاً، وذلك أن القلب لا ينبعث لشيء إلا وفق هذه العاطفة المستحكمة، وبذلك يكون هوى القلب وميله موافقاً لها فيسري أثرها على كافة وظائف القلب، وهذا داء خطير يميت القلب.

أثر الإيمان في تطهير القلوب
أثر الإيمان في تطهير القلب من الران و المعاصي ويكون ذلك بتكفير الذنوب، فقد جعل الله الإيمان سبباً لتكفير الذنوب.

وذلك أن الذنوب يغطي ران القلب، وينتج عن ذلك ثلاثة أمور لها أثر بالغ في إضعاف أو فقدان حصانة القلب ضد الأفكار الهدامة ومسببتها، وهي:

١- تقطع الصلة بالله: وقد تقدم أن أول وأهم أثر للإيمان

2- تظلم القلب:span style="mso-spacerun:yes">  ووذلك أن الران إذا زاد في القلب حجب بصيرته، وأضعف وظيفة التعقل، فيظلم قلبه ويسير في الحياة بلا نور يتخبط في الظلمات، ومنها الأفكار الهدامة التي تحيط به من كل الاتجاهات، ويروج لها كل شيطان.

قال ابن القيم رحمه الله في بيان بعض آثار المعاصي على قلب العاصي: ((يجد ظلمة في قلبه حقيقية يحسها، كما يحس بظلمة الليل، فتصير ظلمة المعصية لقلبه كالظلمة الحسية لبصره، فإن الطاعة نور  ) الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي ص ٨٧ ) . ( المصدر السابق ص ٨٣ )

والمعصية ظلمة، وكلما قويت ازدادت حيرته حتى يقع في البدع والضلالات والأمور المهلكة، وهو لا يشعر...))

 وقال ابن عباس رضي الله عنها: ((إن للحسنة ضياء في الوجه، ونورًاُ في القلب، وسعة في الرزق، وقوة في البدن، ومحبة في قلوب الخلق، وإن للسيئة سوادًا في الوجه، وظلمة في القلب، ووهناً في البدن، ونقصاً في الرزق، وبغضة في قلوب الخلق))

وكما أن المعصية تضعف البصيرة، فهي أيضاً تضعف التعقل، وقد تقدم أن الإيمان له تأثير في وظيفة التعقل، وكلما كان الإيمان قوياً، كان العقل أقوى وأرشد، وإذا ضعف الإيمان باقتراف المعاصي، وزاد الران أضعف هذه القوة.
قال ابن القيم رحمه الله: (إن المعاصي تفسد العقل، فإن للعقل نورًا، والمعصية تطفئ نور العقل ولا بد، وإذا طفئ نوره ضعف ونقص)

3- تغذي مادة الشر في القلب:

إن المعاصي تصرف القلب عن صحته واستقامته إلى مرضه وانحرافه، فلا يزال مريضاً معلولاً لا ينتفع بالأغذية التي  حياته وصلاحه، فتأثير الذنوب في القلوب كتأثير الأمراض في الأبدان، بل الذنوب أمراض القلوب أشار إلى ذلك العلامة ابن القيم -رحمه الله- بقوله: (ومنها أن المعاصي تزرع أمثالها، وتولد بعضها بعضاً حتى يعز على العبد مفارقتها والخروج منها، كما قال بعض السلف: إن من عقوبة السيئة، السيئة بعدها، وإن من ثواب الحسنة، الحسنة بعدها، فالعبد إذا عمل حسنة قالت أخرى إلى جنبها اعملني أيضاً، فإذا عملت قالت الثالثة كذلك وهلم جرا، فيتضاعف الربح وتزايدت الحسنات، وكذلك كانت السيئات أيضاً حتى تصير الطاعات والمعاصي هيئات راسخة، وصفات لازمة وملكات ثابتة، فلو عطل المحسن الطاعة لضاقت عليه نفسه، وضاقت عليه الأرض بما رحبت... حتى يعاودها فتسكن نفسه وتقر عينه، ولو عطل المعصية، وأقبل على الطاعة، لضاقت عليه نفسه وضاق صدره وأعيت عليه مذاهبه حتى يعادوها، حتى إن كثيرًا من الفساق ليواقع المعصية من .( غير لذة يجدها...))

 

أسباب المغفرة

فمن أعظم أسباب تكفير الذنوب وتطهير القلوب من آثارها:

التوحيد:

قال ابن رجب رحمه الله: ((من أسباب المغفرة التوحيد، وهو السبب الأعظم، فمن فقده فقد المغفرة، ومن جاء به فقد أتى بأعظم أسباب المغفرة... فإن كمل توحيد العبد وإخلاصه لله فيه، وقام بشروطه كلها بقلبه ولسانه وجوارحه، أو بقلبه ولسانه عند الموت، أوجب ذلك مغفرة ما سلف من الذنوب كلها، ومنعه من دخول النار بالكلية، فمن تحقق بكلمة التوحيد قلبه أخرجت منه كل ما سوى الله، محبة وتعظيماً وإجلالاً ومهابة وخشية ورجاء وتوكلاً، وحينئذ تحرق ذنوبه وخطاياه كلها ولو كانت مثل زبد البحر، وربما قلبتها حسنات... فإن هذا التوحيد هو السر الأعظم، فلو وضع ذرة منه على

( جبال الذنوب والخطايا لقلبها حسنات))

 

ومن المكفرات: التوبة والاستغفار


ومن المكفرات كثرة الذكر/span>
..

 

أثر الإيمان في تزكية القلوب
قال ابن القيم رحمه الله: ((والمقصود: أن زكاة القلب موقوفة على طهارته، كما أن زكاة البدن موقوفة على استفراغه من أخلاطه الرديئة الفاسدة)) وقال أيضاً: ((... فكذلك القلب إذا تخلص من الذنوب بالتوبة، فقد استفرغ من تخليطه، فتخلصت قوة القلب وإرادته للخير، فاستراح من تلك الجواذب الفاسدة، والمواد الردية، فزكا ونما وقوي واشتد، وجلس على سرير ملكه، ونفذ حكمه في رعيته، فسمعت له وأطاعت، فلا سبيل .( إلى زكاته إلا بعد طهارته...))

فأثر الإيمان على القلوب دائربين تطهيرها وتزكيتها، وكلا هذين الأمرين من التطهير والتزكية لهما دور هام في تحصين القلب من الأفكار الفاسدة.

والتطهير مقدم على التزكية من ويمكن حصر أهم العواطف الفاسدة التي تقوم في قلوب الناس فتحرف سلوكهم عن الصراط المستقيم فيما يلي:o:p>

١١- محبة غير الله.

إن محبة الله هي أساس التوحيد والعبودية، فكذلك محبة غير الله حب العبادة، هي أساس الضلال والكفر، وعلى ذلك فالتزام الإيمان قولاً وعملاً واعتقادًا كفيل بتطهير القلب من محبة غير الله، أو ما يمت إليه بصلة في أي ناحية من النواحي.

2-حب الشهوات المحرمة.

((قال صلى الله عليه وسلم ما ذئبان جائعان ُأرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه)).

 والحرص على المال والشرف مرضان قلبيان يجمعهما حب الدنيا، والقوة والعلو فيها.

 قال ابن رجب رحمه الله: ((وقد تبين... ذكرنا أن حب المال والرياسة والحرص عليهما يفسد دين المرء، حتى لا يبقى منه إلا ما شاء الله، كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم وأصل محبة المال والشرف حب الدنيا، وأصل حب الدنيا اتباع الهوى.

 قال وهب بن منبه : ((من اتباع الهوى الرغبة في الدنيا، ومن الرغبة فيها حب المال والشرف، ومن حب المال والشرف استحلال المحارم.وهذا كلام حسن، فإن حب المال والشرف يحمل على الرغبة في الدنيا، وإنما تحصل الرغبة في الدنيا من اتباع الهوى، لأن الهوى داع إلى الدنيا ))

3- الحقد والحسد. (وهما مرضان نابعان من عاطفة الكراهة لمحقود عليه والمحسود، وشهوة التشفي منه).

 

أأثر الصلاة في تخليص القلب من محبة غير الله

للصلاة أثر عظيم في صلة العبد بربه، لما فيها من إظهار العبودية، والخضوع، والافتقار ، والذكر، والدعاء، والاستغفار الذي هو أعظم الأسباب مع التوحيد لنيل ولاية الله تعالى، كما أن للصلاة أثرًا في تطهير فهي جامعة لأركان الإيمان الثلاثة:  القول والعمل والاعتقاد.

 

أثر الصيام في تخليص القلب من الميل للفواحش

: ((يا معشر الشباب، من r الأصل في هذا الأثر هو قول النبي صلى الله عليه وسلم (( استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج،ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء))

متفق عليه: واللفظ لمسلم، البخاري، كتاب النكاح، باب من لم يستطع الباءة ) , مسلم، كتاب النكاح، الباب الأول ح( ١٤٠٠ /٩ ( فليصم، ح( ٥٠٦٦) ١٠١٨ تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي. /٢

 

أثر الإيمان في تطهير القلب من الحقد والحسد

الحقد والحسد مرضان مصدرهما عاطفتا الكراهية والبغضاء للمحسود والمحقود عليه( ١)، وقد يكون الدافع للحسد حب الذات، وكراهية أن يفوقه أحد من جنسه في شيء من الفضائل والحسد هو تمني زوال نعمة عند غيره، وقد يتمنى أن تؤول إليه،وقد لا يتمنى، كما أنه قد يعمل بموجب حسده فيسعى لإزالة نعمةالمحسود بالبغي عليه بالفعل أو بالقول، وقد لا يعمل. وأشده فتكاً وأعظمه خطرًا وحرمة الحسد الذي يعمل صاحبه  ((ولهذا قيل أول ذنب عصي الله به ثلاثة: الحرص، والكبر، والحسد، فالحرص من آدم، والكبر من إبليس، والحسد من قابيل حيث ( قتل هابيل))  فأصول المعاصي ترجع إلى: شهوة، أوكبر، أو حسد. الله، وعدم الرضى بالمقدور. وعلاج هذا إنما يكون بالعلم بالتوحيد والقدر واستشعار ذلك، وبالمحافظة على الصلوات، والتوجه إلى الله بالدعاء والضراعة، وحسن الظن به، والرضى بفعله وقدره.

إن الحقد والحسد والكراهية والبغضاء ثغور في حصن القلب والمجتمع المسلم إذا انتشرت بين الأفراد، وهي منفذ خطير للأفكار المنحرفة، وأن أثر الإيمان يتجلى في إزالة الدوافع لها بتقوية الإيمان بتعليم الناس بأسماء الله وصفاته وأفعاله، وغيرها من حقائق التوحيد، وبفرض الزكاة والحث على الإنفاق، وتحريم الربا، والتحريض على التعاون والتكافل بين المسلمين، والأمر بإفشاء السلام وحسن الخلق. وإصلاح النفس وعلاج الخوف النفسي والانهزام والتردد  .. والشعور بالعزة في الإسلام ..  و نشر محاسن الدين .. فالمسلم بحاجة لمعرفة محاسن هذا الدين وأنه دين كامل ..

 قال تعالى : (  الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ۚ ) " المائدة : 3 "

ـ اصلاح العقل وحفظ الفكر .  لا يسلم العقل لاي شخص وانما يكون منهجنا الكتاب والسنة ..  منهجية التلقي من الكتاب والسنة

 

 

                                        تصحيح المفاهيم/span>

تصحيح المفاهيم المنتشرة بين الناس والتي هي سبب الضعف والإنتكاس.

مثلاً :

(الدين في القلب ) قول المرجئة .

ونصحح المفاهيم في الايمان  وفي طلب العلم الشرعي ..

-وظاهرة الإستعجام  

تحرر النساء ومحاربة شريعة الله

  

وختاما

أوصي بالعناية بتربية النساء والإهتمام بإعدادهن إيمانيا وخلقيا وسلوكيا   ونحرص على تخريج المرأة العالمة والفقيهة والداعية  ودراسة سير نساء الأمة   العالمات العظيمات اللآتي  خرجن على هذه الأمة نور يستضاء بها .. كيف عاشوا وكيف كانت طريقتهم ؟ !  ونقتدي بهم

 

أهم المراجعo:p>

1-تفسير ابن جرير

2-تفسير ابن كثير

3-تفسير السعدي

4- إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان لابن القيم

5-الفوائد لابن القيم

6-الداء والدواء لابن القيم

7-أثر الإيمان في تحصين الأمة الإسلامية ضد المبادئ الهدامة د.عبدالله الجربوع

8-كتاب الإيمان لابن تيمية