بسم الله الرحمن الرحيم

الله جل جلال

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أن محمدا عبده ورسوله.

الحمد لله اللهم ربنا لك الحمد بما خلقتنا ورزقتنا ، وهديتنا وعلمتنا ، وأنقذتنا وفرجت عنا ، لك الحمد بالإيمان ، ولك الحمد بالإسلام ، ولك الحمد بالقرآن ، ولك الحمد بالأهل والمال والمعافاة ، كبت عدونا ، وبسطت رزقنا ،وأظهرت أمننا ، وجمعت فرقتنا ، وأحسنت معافاتنا ، ومن كل ما سألناك ربنا أعطيتنا ، فلك الحمد على ذلك حمداً كثيراً ، لك الحمد بكل نعمة أنعمت بها علينا في قديم أو حديث ، أو سر أو علانية ، أو خاصة أو عامة ، أو حي أو ميت ، أو شاهد أو غائب ، لك الحمد حتى ترضى ، ولك الحمد إذا رضيت ، لك الحمد بكل نعمة أنعمت بها علينا في قديم أو حديث . أو خاصة أو عامة، أو سر أو علانية، لك الحمد بالإيمان، ولك الحمد بالإسلام ولك الحمد بالقرآن، ولك الحمد بالمال والأهل

ونسخت الآجال, القلوب لك مُفضية، والسر عندك علانية، الحلال ما أحللت، والحرام ما حرمت، والدين ما شرعت، والأمر ما قضيت .. والخلق خلقك لا اله الا انت .. اللهم قربنا في هذه الساعة يا حي يا قيوم ..

 " اللَّهُمَّ أَنْتَ أَحَقُّ مَنْ ذُكِرَ ، وَأَحَقُّ مَنْ عُبِدَ ، وَأَنْصَرُ مَنِ ابْتُغِيَ ، وَأَرْأَفُ مَنْ مَلَكَ ، وَأَجْوَدُ مَنْ سُئِلَ ، وَأَوْسَعُ مَنْ أَعْطَى ، أَنْتَ الْمَلِكُ لا شَرِيكَ لَكَ ، وَالْفَرْدُ لا تَهْلِكُ ، كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَكَ ، لَنْ تُطَاعَ إِلا بِإِذْنِكَ ، وَلَنْ تُعْصَى إِلا بِعِلْمِكَ ، تُطَاعُ فَتَشْكُرُ ، وَتُعْصَى فَتَغْفِرُ ، أَقْرَبُ شَهِيدٍ ، وَأَدْنَى حَفِيظٍ ، حُلْتَ دُونَ الثُّغُورِ وَأَخَذْتَ بِالنَّوَاصِي ، وَكَتَبْتَ الآثَارَ وَنَسَخْتَ الآجَالَ ، الْقُلُوبُ لَكَ مُفْضِيَةٌ وَالسِّرُّ عِنْدَكَ عَلانِيَةٌ ، الْحَلالُ مَا أَحْلَلْتَ وَالْحَرَامُ مَا حَرَّمْتَ ، وَالدِّينُ مَا شَرَعْتَ ، وَالأَمْرُ مَا قَضَيْتَ ، وَالْخَلْقُ خَلْقُكَ ، وَالْعَبْدُ عَبْدُكَ ، وَأَنْتَ اللَّهُ الرَّءُوفُ الرَّحِيمُ ، أَسْأَلُكَ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ ، وَبِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَكَ ، وَبِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْكَ ، أَنْ تَقْبَلَنِي فِي هَذِهِ الْغَدَاةِ أَوْ فِي هَذِهِ الْعَشِيَّةِ وَأَنْ تُجِيرَنِي مِنَ النَّارِ بِقُدْرَتِكَ "اللهم أوجب لنا فيهذه الساعة محبتك وأوجب لنا رضوانك .

وأوجب لنا في هذه الساعة جنتك وأوجب لنا رضاك فلا تسخط علينا أبدا يا ذا الجلال والإكرام ..

أما بعد ..

فاللقاء عظيم والموضوع عظيم وماذا عسانا أن نتكلم في هذا الموضوع في التعريف في الله جل جلاله وكماله

 وقوته وقيوميته سبحانه وقال تعالى : { للَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّه السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ}( البقرة (255) 

فهذه أعظم أية في القرآن الكريم وصف الله تعالى بها نفسه .

(( ففي آية الكرسي ذكر الحياة التي هي أصل جميع الصفات ، وذكر معها قيوميته المقتضية لذاته وبقائه وانتفاء الآفات جمعيها عنه من النوم والسنة والعجز وغيرها ، وغيرها ثم ذكر كمال ملكه . ثم عقبة بذكر وحدانيته في ملكه وأنه لا يشفع أحد عنده إلا بإذنه ، ثم ذكر سعة علمه وإحاطته ، ثم عقبه بأنه لا سبيل للخلق إلى علم شيء من الأشياء إلا بعد مشيئته لهم أن يعلموه ، ثم ذكر سعة كرسيه منبهاً به على سعته سبحانه وعظمته وعلوه ، وذلك توطئة بين ذكر علوه وعظمته ، ثم أخبر عن كمال اقتداره ولا تعب . ثم ختم الآية بهذين الاسمين الجليلين الدالين على علو ذاته وعظمته في نفسه وقال في سورة طه " " يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا " طه (110) [1]

 ( هذه الآية الكريمة المباركة متكونة من عشر جمل فيها من توحيد الله وتمجيده وتعظيمه وبيان تفرده بالكمال والجلال ما يحقق لمن قرأها الحفظ والكفاية ، وفيها من أسماء الله الحسنى خمسة أسماء ، وفيها من صفات الله ما يزيد على العشرين صفة وقد بدئت بذكر تفرد الله بالألوهية ، وبطلان ألوهية كل من سواه ـ

وفيها بيان عظمة الله تعالى بذكر عظمة بذكر عظمة مخلوقاته ، فإذا كان الكرسي وهو مخلوق من مخلوقات الله تعالى وسع السموات والأرض ، فكيف بالخالق الجليل والرب العظيم وفيها بيان كمال اقتداره سبحانه وأنه من كمال قدرته لا يؤده أي لا يثقله حفظ السموات والأرض ثم ختمت الآية بذكر اسمين عظيمين لله وهما العلي العظيم ، وفيهما إثبات علو الله سبحانه ذاتاً وقدراً وقهراً وإثبات عظمته سبحانه بالإيمان بأن له جميع معاني العظمة والجلال وأنه لا يستحق أحد التعظيم والتكبير والإجلال سواه ، فهي آية عظيمة فيها من المعاني الجليلة والدلالات العميقة والمعارف الإيمانية ما يدل على عظمها وجلاله شأنها ))[2]

ففي هذه الآية براهين دالة على توحيد الله تعالى وبراهين ربوبيته والوهيته ...

من حافظ عليها بعد كل صلاة دخل الجنة هذه الآية تقرأ قبل النوم وبعد الصلاة وفي أذكار الصباح وفي أذكار المساء ومشروعية قرأتها .. ثمان مرات في اليوم والليلة .. عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ إِلَّا أَنْ يَمُوتَ )[3]

فلنتدارس هذا الاسم العظيم الذي وزنت به السماوات والأرض هذا الأسم الذي عرف الله بها نفسه ولم يتسمى به أحد على الأطلاق حتى أن الكفار على شدة مقتهم للدعوة المحمدية وشدة كفرهم ما استطاع أحد منهم أن يتسمى بهذا الأسم فلا إله إلا الله ما أعظمه ولا إله إلا الله ما أجله ، وما قدرناه حق قدرة ..

وهذا الاسم تضاف إليه جميع الأسماء فقد قال تعالى : " { وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ( الأعراف (180)

وقال تعالى في وصف نفسه ... " قال تعالى :{ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَه ُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }الحشر 22 ـ 25

موضوعنا في هذا اليوم حديث عن العظمة والجلال في الحديث عن الله جل وعلا لا نحصي ثناء عليه وكيف نحصي صفاته وأسمائه سبحانه جل وعلا ، لا نحصي ثناء عليه وقد أثنى على نفسه سبحانه وتعالى كما جاء في الحديث : ـ

عن علي بن أبي طالب – رضي الله عنهما- أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يقول في آخر وتره:

( اللهم إنا نعوذ برضاك من سخطك وبعفوك من عقوبتك وبك منك لا نحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك )

وقال تعالى :{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ }الزمر (67)

كيف لنا أن نعرف به تعالى وجوده ونحن خلقه خلقنا ، وحرك أطرافنا ، وحرك أعيننا ، وخلق ألستنا ، نتكلم لنعرف به تعالى بألسنة خلقها وأجرى الدماء في عروقها ، نتكلم بألسنة أنطقها . فلا إله إلا هو ما أعظمه ،

ولهذا إليه تصمد الخلائق ..قال تعالى : {قلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ} .

" الله صمد تقصده الملوك إذا اضطربت الأمور، ووقع المحذور، وضاقت بالحوادث الصدور. الله صمد ترتفع إليه أكف الضارعين تطلبه الغيث إذا تأخر نزوله، وتسأله الرزق إذا أبطأ حلوله، وترجوه رفع الضر إذا خيّم بظلاله، ومن للمبتلي إذا اشتدت بليته وأدلهمت كربته، وانعقدت غمته، من له غير الصمد يصمد إليه، من له غير الصمد يشكو إليه، من له غير الصمد يفضي إليه، من للمريض على فراشه إذا بارت الحيل، وانقطعت السبل، وضعف الأمل، وعم القلب الوجل، وقال الطبيب لا مفر قد حان الأجل، من له عندها إلا العظيم الصمد، صمد إليه وبكى بين يديه، وألح عليه، فإذا بالصمد يشافيه، ومن المرض يعافيه، وصدق وربي صدق يوم أن قال:  {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} " ( الشعراء : 80 )

قال تعالى : {وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} فهذا دعاء الكرب ..

قال تعالى : { أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ} ( النمل : 62 )

الله الصمد يصمد إليه الفقير إذا أوصدت أمامه الأبواب، وأسدل دون حاجته الحجاب، وألصق بطنه بالتراب، فيأتي الفرج من الصمد، ويأتي المخرج من الصمد، ويغنيه عن كل البشر ..

قال تعالى {وَاللّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} ( البقرة : 212) [4]

وهذا الاسم العظيم الذي يفتتح به كل أمر تبركاَ كل أمر وعند الصلاة وعند قراءة القرآن وعند دخول البيت

وعند الأكل والشرب وما ذكر بشي هذا الاسم إلا كثرة بركته ..

ومن خصائص هذا الاسم العظيم : ـ

ساق فخر الدين الرازي في كتابه ((شرح أسماء الله الحسنى)) حجج من قال: إن الاسم الأعظم هو الله منها:

*. إن هذا الاسم ما أطلق على غير الله تعالى فإن العرب كانوا يسمون الأوثان آلهة إلا هذا الاسم فإنهم ما كانوا يطلقونه على غير الله سبحانه وتعالى والدليل عليه قوله تعالى: { وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ } [لقمان:25]

وقال تعالى: { هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} ( [مريم: 65]

 معناه هل تعلم من اسمه الله سوى الله، ولما كان هذا الاسم في الاختصاص بالله تعالى على هذا الوجه،

وجب أن يكون أشرف أسماء الله سبحانه وتعالى.

*. إن هذا الاسم هو الأصل في أسماء الله سبحانه وتعالى وسائر الأسماء مضافة إليه. قال تعالى:

{ وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا } [الأعراف: 180]

فأضاف سائر الأسماء إليه، ولا محالة أن الموصوف أشرف من الصفة، ولأنه يقال: الرحمن الرحيم الملك القدوس كلها من أسماء الله تعالى، ولا يقال الله اسم الرحمن الرحيم فدل هذا على أن الاسم هو الأصل.

*. [قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: ولا يأتي تابعًا للأسماء إلا في آية واحدة، وهي قول الله تعالى:

{إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ * اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ } [إبراهيم: 1-2]

 لكن لفظ الاسم الكريم هنا بدل العزيز، وليست صفة، لأن جميع الأسماء إنما تكون تابعة لهذا الاسم العظيم] اهـ. [5]

.* قوله تعالى: ( قُلِ ادْعُواْ اللَّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ ) [الإسراء: 110]

خص هذين الاسمين بالذكر وذلك يدل على أنهما أشرف من غيرهما، ثم إن اسم (الله) أشرف من اسم (الرحمن).

* وأما أولاً: فلأنه يقال قدمه في الذكر.

* وأما ثانيًا: فلأن اسم الرحمن يدل على كمال الرحمة ولا يدل على كمال القهر والغلبة والعظمة والقدوس والعزة، وأما اسم الله فإنه يدل على كل ذلك، فثبت أن اسم (الله) تعالى أشرف.

* هذا الاسم له خاصية غير حاصلة في سائر الأسماء وهي في سائر الأسماء والصفات إذا دخل عليه النداء أسقط عنه الألف واللام، ولهذا لا يجوز أن يقال: يا الرحمن يا الرحيم، بل يقال: يا رحمن يا رحيم، أما هذا الاسم فإنه يحتمل هذا المعنى فيصح أن يقال: يا الله. وذلك أن الألف واللام في هذا الاسم صار كالجزء الذاتي فلا جرم لا يسقط حالة النداء وفيه إشارة لطيفة، وذلك لأن الألف واللام للتعريف فعدم سقوطهما عن هذا الاسم يدل على أن هذه المعرفة لا تزول أبدًا البته اهـ باختصار [6]

* أنه الاسم الوحيد الذي ورد في كل الأحاديث التي أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن فيها اسم الله الأعظم.

* كثرة وروده في كتاب الله تعالى، ورد في كتاب الله (2724) مرة.

* اسم الله مستلزم لجميع معاني أسمائه الحسنى، دال عليهما بالإجمال، وكل أسـمائه وصـفاته تفصـيل وتبيين

لصـفات الألوهـية التي اشتق منها اسم الله، واسم الله يدل على كونه – سبحانه - معبودًا، تألهه الخلائق محبة وتعظيمًا وخضوعًا وفزعًا إليه في النوائب والحاجات.

* قال ابن القيم: ((الإله هو الجامع لجميع صفات الكمال ونعوت الجلال، فيدخل في هذا الاسم جميع الأسماء الحسنى، ولهذا كان القول الصحيح أن الله أصله الإله كما هو قول سيبويه وجمهور أصحابه إلا من شذ منهم، وأن اسم الله تعالى هو الجامع لجميع معاني الأسماء الحسنى والصفات العلى)) اهـ [7]

* ((تعرف الرب تبارك وتعالى إلى انبياءه ورسله باسمه الله: تعرف الله إلى عباده باسمه ((الله))

 كثيرًا، ومن هؤلاء نبي الله موسى عليه السلام عندما أرسله إلى قومه، فعندما كان موسى عليه السلام،

عائدًا بأهله من مدين في طريقه إلى مصر في ليلة ظلماء باردة، رأى على البعد بجانب الطور نارًا، فقال لأهله

{امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْجَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ * فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِن شَاطِئِ الْوَادِي الأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } [القصص: 29-30]

 وقال له: { وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى * إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي } ( [طه: 13-14].

*. فتعريف الله نبيه موسى بأنه اللهُ ربُّ العالمين، وأنه اللهُ الحق الذي لا يستحق العبادة إلا هو.

*. وقد تعـرف الله إلى عـباده في كتابه المـنزل على عـبده ورسـوله محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم بمثل ذلك، ومن هذا ما جاء في فاتحة أعظم آيات هذا الكتاب، وهي آية الكرسـي، فقد جاء في أولها { اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255].

*. دعائه – تبارك وتعالى - بهذا الاسم: أكثر ما يدعى الله – تبارك وتعالى – بلفظ: ((اللهم))، ومعنى: اللهم، يا الله، ولهذا لا تستعمل إلا في الطلب، فلا يقـال: اللهم غفـور رحيم، بل يقال: اللهم اغفـر لي وارحمني [راجع: التفسير القيم: 202])) اهـ [8]

* ((ومن خصائصه أنه الاسم الذي اقترنت به عامة الأذكار المأثورة، فالتهليل والتكبير والتحميد والتسبيح والحوقلة والحسبلة والاسترجاع والبسملة وغيرها من الأذكار مقرنة بهذا الاسم غير منفكة عنه، فإذا كبًّر المسلم ذكر هذا الاسم، وإذا حمد ذكره، وإذا هلل ذكره، وهكذا في عامَّة الأذكار.

* ومن خصائصه ... قد افتتح الله جلَّ وعَلا به ثلاثا وثلاثين آية)) اهـ [9]

* ((هذا الاسم يختص عن سائر الأسماء بخواص أولها: - أنه أولها. وثانيها: أنه أعظمها. وثالثها: أنه أعمها

مدلولا. ورابعا: أن مدلولاته لا تنحصر. وخامسها: أنه أولى بالاسمية وسائر أسمائه أولى بالأوصاف. وسادسها:

اختصاصه بالله شرعًا ونقلًا. وسابعها: أن الله سبحانه قبض عنه الأفئدة والألسنة فلم يتجاسر أحد على التسمي به.

وثامنها: أنه الذي يفتتح به كل أمر تبركـًا وتيمنًا. وتاسعها: أنه متعارف عند الجميع لم تنكره أمة من الأمم. وعاشرها:

أنه إذا ارتفع من الأرض قامت الساعة)) اهـ [10]

*. إن أول آية من القرآن هو قوله سبحانه وتعالى بسم الله الرحمن الرحيم على قول بعض العلماء وعلى قول الباقين هو قوله الحمد لله رب العالمين وهذا الاسم مذكور في كلتي هاتين الآيتين أولاً فكون هذا الاسم أول الأسماء المذكورة في كتاب الله تعالى يدل على أنه أشرف الأسماء ... فكذلك آخر الأسماء المذكورة فيه هو هذا الاسم قال تعالى (قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس) فلما كان المذكور في آخر القرآن وأوله هو هذا الاسم علمنا أن هذا الاسم أشرف الأسماء)) اهـ [11]

*. ((كيف ما تصرف في هذا الاسم الشريف يدل على الإلهية، فلو حذفت منه ألفـًا بقي لله، أو حذفت منه لامًا بقي إله، أو حذفت لامًا وقدمت اللام على الألف بقي لاه. قال أبو الحسين بن فارس اللغوي: اللاهُ: اسم الله عز وجل. وأدخلت الألف واللام للتفخيم، انتهى.والعرب يقصدون بقولهم (لاه) ما يقصدون بقولهم لله، يقول: لاه درُّك، أى: لله درُّك.

قال ذو الأصبع العدواني:لاه ابنُ عَمِّكَ ما أنصفت في نسبٍ *** عَنِّي ولا أنت دَيَّاني فتَخْزُوني

ويضيفون إليها الميم فيقولون: ((لاهم اغفر لي)). ويلحقون بذلك الألف واللام فيقولون: ((اللهم))، فكيف ما تصرف في هذا الاسم الشريف يدل على الإلهية)) [12]

*. ((منها: أن حروفها كلها مهملة، ما فيها نقط.

*. ومنها: أن حروفها لثوية، ما فيها حرف شفوي، فيستطيع الإنسان أن يذكر الله دون أن يحرك شفتيه، وكذلك بقية حروف لا إله إلا الله.

*. ومنها: أنه لا يُثنى ولا يُجمع.

*. ومنها: أنه يُحذف فيه حرف النداء من أوله، ويُعوَّض عنها الميم في آخره، فيقال: اللهم.

*. ومنها: أنهم التزموا تعويض (أل) عن همزته بعين إله، فيُقال: الله.

*. ومنها: أنهم عند النداء جعلوا همزته همزة قطع، مع أنها همزة وصل فيقولون: يا ألله.

*. ومنها: أنهم جمعوا فيه حرف النداء وأل التعريف، فقالوا: يا الله، ولا يجوز في غيره، فلا يُقال: يا الإنسان، يا الرجل، ونحوه.

*. ومنها: أنه خاص بالقسم خاصة.

*. ومنها: أنك لا تجد معرفة، إلا وأصلها نكرة، إلا اسم الله تعالى؛ لأنه لا شريك له ولا مثيل له ولا ند له في ذاته  واسماءه وصفاته ، ومنها أن التاء من حروف القسم لا تدخل إلا على لفظ الجلالة ولا تدخل على غيره.

*. ومنها: أنهم حذفوا منه الألف في الخط، فلا تكتب (اللاه) تنزيهًا له عن تشبيهه بالجمادات إذا وُقف عليه.)) [13]

*. ((هو خالٍ من الحروف الشديدة الثمانية، وعارٍ عن حروف الاستعلاء السبع)) [14]

*. قال مقيده سدده الله: من خصائصه وهي أجلها أنه لا يثقل معه شيء كما جاء في حديث البطاقة ((لا يثقل مع اسم الله شيء)).

*. وهو الاسم الذي يبقي ذكره في الأرض كما في الحديث ((لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض لا إله إلا الله)).

*. لا تفتتح الصلاة إلا به ولا تصح بغيره من الأسماء الحسنى على الراجح من أقوال أهل العلم.

*. به يرتفع النداء لصلاة في كل يوم خمس مرات.

( في الحرم إذا قال الامام الله أكبر . اصطفت الصفوف وانتظمت في ثواني .. فهذا من دلائل قدرة الله ومن دلائل عظمة الله سبحانه كما قال بعضهم أن هذا المنظر كان سبب اسلام بعض الأمريكان ، عندما رأي هذا المشهد وكيف انتظمت هذه الألوف بثواني وبمجرد قول (الله أكبر )انتظمت الصفوف وانتظمت ملايين البشرفي ثواني " لا إله إلا الله " فاسلم ) !!

وهذه من مشاهد الربوبية التي نشاهدها كل يوم ..

*. بالتكبير والتهليل يُنتصر على أعداء الله وتفتح مدينة القسطنطينية كما جاء في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه؛ وهذا من علامات الساعة.

قال الحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي رحمه الله: ((لهذا الاسم الشريف من الخصائص اللفظية والمعنوية ما لا يُحصَى، وكل من أطنب في نعته فذاك منسوب إلى العيّ)) [15]

وقال العلامة ابن القيم رحمه الله: ((أما خصائصه المعنوية فقد قال أعلم الخلق صلي الله عليه وسلم: ((لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك))، وكيف تُحصي خصائص اسم لمسماه كل كمال على الإطلاق، وكل مدح، وكل حمد، وكل ثناء وكل مجد، وكل جلال، وكل إكرام، وكل عز، وكل جمال، وكل خير وإحسان وجود وبر وفضل؛ فله ومنه.

 فما ذكر هذا الاسم في قليل إلا كثره، ولا عند خوف إلا أزاله، ولا عند كرب إلا كشفه، ولا عند هَمٍّ وغَمٍّ إلا فرجه، ولا عند ضيق إلا وسعه، ولا تعلق به ضعيف إلا أفاده القوة، ولا ذليل إلا أناله العز، ولا فقير إلا أصاره غنيا، ولا مستوحش إلا آنسه، ولا مغلوب إلا أيده ونصره، ولا مضطر إلا كشف ضره، ولا شريد إلا آواه.

فهو الاسم الذي تكشف به الكربات، وتستنزل به البركات، وتجاب به الدعوات، وتقال به العثرات، وتستدفع به السيئات، وتستجلب به الحسنات. وهو الاسم الذي قامت به السموات والأرض، وبه أنزلت الكتب، وبه أرسلت الرسل، وبه شرعت الشرائع، وبه قامت الحدود، وبه شرع الجهاد، وبه انقسمت الخليقة إلى السعداء والأشقياء، وبه حقت الحاقة، ووقعت الواقعة، وبه وضعت الموازين القسط، ونصب الصراط، وقام سوق الجنة والنار، وبه عبد رب العالمين وحمد، وبحقه بعثت الرسل، وعنه السؤال في القبر ويوم البعث والنشور، وبه الخصام، وإليه المحاكمة، وفيه الموالاة والمعاداة، وبه سعد من عرفه وقام بحقه، وبه شقي من جهله وترك حقه، فهو سر الخلق والأمر، وبه قاما، وثبتا، وإليه انتهيا، فالخلق والأمر به، وإليه، ولأجله، فما وجد خلق، ولا أمر، ولا ثواب، ولا عقاب، إلا مبتدئا منه، ومنتهيا إليه، وذلك موجبه ومقتضاه، ) رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ( [آل عمران: 191])) اهـ [16]

 ومن خصائص هذا الاسم انه لا يثقل معه شيء في السماوات ولا في الأرض ولهذا لما قال موسى عليه السلام ..

عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله*:* "قال موسى*: يا رب علمني شيئًا أذكرك وأدعوك به قال قل يا موسى لا إله إلا الله قال يا رب كل عبادك يقولون هذا قال يا موسى لو أن السماوات السبع عامرهن غيري والأرضين السبع في كفة ولا إله إلا الله في كفة مالت بهن لا إله إلا الله" [17]

هذا الكون بجباله ووديانه وصحرائه كل هذا الكون إنما على أصبع القوي القهار يوم القيامة .

لا إله إلا الله ما أجلها من عظمة ـ ولا إله إلا الله ما أجلها من قدرة ولا إله إلا الله الجبار القهار القوي المتين ..

يالله . يالله . نداء لكل مغلوب وكل معلول وكل ضعيف وكل فقير وكل مهموم وكل مكروب . فما معنى هذا النداء وما معنى هذا الاسم ؟ ومن هو المسمى جل وعلا ؟

العظيم . القهار سبحانه وتعالى . قال تعالى : { وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ } ( الذاريات : 21 )

فتأمل خلق الله في نفسك وفي بدنك وما أعطاك الله سبحانه وتعالى من القدرة ومن القوة فأنت مخلوق له ضعيف لا حول لك ولا قدرة . صداع بسيط يقعدك . ألم ووخزة شوكة قد لا تستطيع أن تتحرك من مكانك . إنه الله ، أنه الله ، خلقك فسواك ، أوجدك ورباك ، أنه الله نعمك وحباك ، وأعطاك وأغناك ، أنه الله ربك ومولاك ، {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ } [المؤمنون ـ 12ـ 14]

هذه الآية في الطب أساس كل معلومات الطب فيما يخص علم الأجنة ..

تأمل رعاك الله وتفكر حباك الاله . تفكر الاعجاز في خلقك . وتفكر الحكمة في جسدك من قطرة بدأت ومن نطفة أوجدك قال تعالى : " إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًاً ) ( الانسان : 2 )

ومسألة الخلق هي رد على كل من عاند وكل من ادعى الربوبية وكل من ألحد .

 فليخلقوا ذرة اخلقوا حبة شعير ..

فهذه المضغة العالقة بجدار الرحم بشكل التوت ، هذه عظمة تبهر عقولنا ثم تبدأ تتدرج حتى يكتمل خلق الانسان وثم جمل الانسان وهذه العظمة التي تجعلنا نسجد لله تعالى ليلاً ونهاراً .. ونرفع اكف الضراعة له سبحانه ..

فهذه الكف وهذه المفاصل المخلوقة كيف نؤدي شكرها ؟ !

. يصبح على كل سلامى من الناس صدقة كما ورد في الحديث ..

عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه: عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ ، وَنَهْيٌ عَنْ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنْ الضُّحَى»[18]

وتأمل أيها الانسان خلقك ومافيه من مظاهرالاعجاز ودلائل التوحيد ..

 أنت أيها الإنسان معجزة ـ في رأسك 300 ألف شعره لكل شعره بصيلة وشريان وعضلة وعصب وغدة صبغية وغدة دهنية لكل شعره ـ هذه عظمة الله في الشعر اعجاز عظيم ..

 تأمل عينيك هذا الكشاف الرباني : في العين شبكة العين الواحدة حوالي 140 مليون مستقبل للضوء وهي ما يسمى بالمخاريط والعصي، ويخرج من العين الى الدماغ عصب بصري يحوي (500 الف) ليف عصبي , ولو درجنا اللون الاخضر مثلا الى (800 الف درجه) لاستطاعت العين السليمة أن تميز بين أدق درجتين....أليست هذه معجزة؟

 تأمل اذنيك ما يشبه شبكية العين, فيها (30 الف) خلية سمعية لنقل أدق الاصوات...أليست هذه معجزة؟؟

وفي الدماغ جهاز يقيس التفاضل الزمني لوصول الصوت إلى كل من الاذنين , وهذا التفاضل يقل عن جزء من الف وستمائة جزء من الثانية, وهو يكشف للإنسان جهة الصوت...أليست هذه معجزة؟؟

 

تأمل لسانك لحمة وعظمة أنطقها الخالق بقدرته ..

في سطح اللسان تسعة آلاف نتوء ذوقي ، لمعرفة الطعم الحلو ، والحامض ، والمر ، والمالح .أي حرف تنطقه يسهم في صنعه سبع عشرة عضلة ، كل حرف ، فإن كانت الكلمة خمسة حروف ضرب خمسة ، والجملة خمس كلمات ، فكيف تنطق بجملة ؟ !

 تأمل القلب تلك المضخة العظيمة .. فالقلب يضخ في عمر متوسط ما يملأ أكبر ناطحة سحاب في العالم ، وينبض في الدقيقة الواحدة من ستين إلى ثمانين نبضة ، ينبض في اليوم مئة ألف مرة ، يضخ ثمانية أمتار مكعبة من الدم كل يوم في جدار المعدة مليار خلية تفرز من حمض كلور الماء ما يزيد عن عدة لترات في اليوم الواحد ، وهناك سؤال كبير لماذا لا تهضم المعدة نفسها ؟ تأكل اللحم واللحم يهضم في المعدة و المعدة نفسها من اللحم ، فكيف لا تهضم المعدة نفسها ؟!

 في الأمعاء في كل سنتمتر ثلاثة آلاف وستمائة زغابة ، هذه تتجدد كل ثمان وأربعين ساعة ، أي أمعاؤك في كل ثمان وأربعين ساعة تتجدد كلياً ..

 في الكبد ثلاثمائة مليار خلية يمكن أن تجدد كلياً في أربعة أشهر وبدون الكبد لا يستطيع العيش ثلاث ساعات ..

 في الكليتين مليونا وحدة تصفية ، في كل كلية مليون وحدة تصفية ، طولها مجتمعة مئة كيلو متر ، يمر فيها الدم في اليوم خمس مرات . فهذه نعم عظيمة لذلك يشرع للإنسان إذا أصبح أن يقول " اللهم ما أصبح بي من نعمة فمنك وحدك لا شريك لك فلك الحمد ولك الشكر " 

 في الرئتين سبعمائة مليون سنخ رئوي كعناقيد العنب ، هذه الأسناخ الرئوية لو نشرت لاحتلت مساحة تقدر بمائتي متر مربع ، الرئتان تخفقان في اليوم خمسة وعشرين ألف مرة وتستنشقان مئة وثمانين متراً مكعباً من الأوكسجين ..

بل لو استعرضنا قدرة الله وخلقه سبحانه في السموات والأرض والآفاق لطاشت العقول لا يستطيع الانسان أن يدرك خلقه سبحانه .. قال أبي نواس في وصف النرجس واتخاذها دليلاً على التوحيد .. 

" محاضرة إنه الله جل جلاله ـ للشيخ " علي بن محمد آل ياسين "

   تأمل في نبات الأرض وانظر***إلى آثار ما صنع المليكُ

  عيونٌ من لجينٍ شاخصات  ***بأبصار هي الذهب السبيكُ

  على قضب الزبرجد شاهدات ***بأن الله ليس له شري ..

وهذه جوانب العظمة الألهية في خلق الله الانسان في خلق الكون في خلق النباتات في خلق السماوات وفي خلق البحار نقطة الماء هذه حيرة العالم . سبحان من خلق .. انه الله الذي يعلم ما تكن وما تسر ..

 المشركين إذا ضاقت بهم الحيل واضطربت بهم السفن رفعوا أكف الضراعة لله تعالى وهم على الشرك نادوا ( يالله )

في الكربات وفي البحر إذا اضطربت الأمواج وفي الشدائد إذا أغلقت الأبواب فيستجيب المجيب ويفتح لهم وينجيهم الى البر وهم على الشرك .. فكيف بالمؤمن المخلص إذا رفع يديه لله تعالى . فليس لنا إلا الله إذا أغلقت الأبواب وضاقت الأحوال وسدت الطرق ، فليس لنا إلا هو سبحانه ..

ـ إذا قيل لك من ربك ؟ !

فقل رب الله الذي رباني ورب جميع العالمين بنعمه وهو معبودي ليس لي معبود سواه ..

ـ إذا قيل لك بما عرفت بك ؟

فقل عرفة بآياته ومخلوقاته . قال تعالى :{ وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ۚ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ }( فصلت : 37 )

آيات الله تعالى في خلقه : ـ

لا إله إلا الله ـ ومن آياته أنت أيها البشر . أنت أيها المخلوق فأنت آية من آيات الله تعالى ، أنت آية وعلامة على الربوبية وعلامة على الخلق وعلامة على العظمة ( فهو معبودي ليس لي معبود سواه ) ...

انظر إلى خلق الله لك ، انظر إلى سمعك ، انظر إلى بصرك ،انظر إلى لسانك ، انظر إلى عقلك من خلقها ..

ـ كم جهاز يعمل فيك وأنت جالس لا تملك لنفسك حول ولا قوة ؟ !

ـ في عقلك جهاز رباني . أعظم حاسوب على وجه الأرض ..

ـ في قلبك مضخة لا تعدلها مضخات العالم . جهاز لا يمكن أن يصنع العالم مثله ..

ـ الأجهزة الموجودة في الجسم من الذي يحفظها ؟ من الذي يغذيها ؟ من الذي يجعلها تعمل ؟

ـ كيف تحفظ وهي لحم ودم لم توضع في ثلاجات تبريد وحفظ ؟!

أنه الله الخالق سبحانه جل وعلا . فلا يوجد أحد ينكر الرب سبحانه حتى الكفار والمشركين وأبو جهل و أبو لهب كلهم أقروا بوجود الله تعالى . لأنه في كل شيء له آية تدل على أنه واحد سبحانه جل وعلا ..

ـ بل كيف خرجت من بطن أمك ؟

ـ أين كنت قبل أن تخرج من هذه الدنيا ؟ قال تعالى :{ وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۙ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }  ( النحل : (78)

يخرجك ربك وأنت بهذا الضعف . بل كيف حالك قبل أن تخرج وقد كنت ماء مهيناً ونطفة ً قذرة لا يلتفت إليها .

 ـ كيف خلقها ؟ ـ كيف مازج بينها ؟  ـ كيف انقسمت ؟  ـ كيف تشكلت ؟ ـ كيف ركب العظام ؟

ـ كيف شق سمعك وبصرك ؟  ـ كيف تكون القلب ؟  ـ كيف تكونت الأعضاء ؟

ـ كيف كساها ؟  ـ كيف كملها ؟  ـ كيف غذاها ؟

وأنت في ظلمات لا يعرف بحالك إلا الله حتى هذه الأم الذي سخرها الله لك وجعلها تحملك تسعة أشهر لا تملك لنفسها حول ولا قوة ، بل أنها في غاية الوهن ، وفي غاية التعب ، وهناً بعد وهناً .. وهي لا تملك لنفسها ولا لجنينها شيء بل هي تلتمس من الرب الخالق جل وعلا أن يفرج كربتها ، وأن يحفظ جنينها ، وأن يكمل جنينها ، وأن يخرجه سالم فهي لا تملك حول ولا قوة .. آيات الربوبية في كل ذرة من هذه الذرات ولو تعلم بالعناية الربانية التي رب العالمين يرعاك وأنت في هذه الظلمات لطاش عقلك ..

ـ كيف كان هذا الحبل السري يمتد إلى هذه الرحم ؟

ـ وكيف يغذي هذا الجنين ؟

ـ تتكون أعضاء5 ؟

ـ وكيف تكتمل هذه الأعضاء ؟

ـ وكيف يخرجه الله تعالى بعد تسعة أشهر ؟

إذا أذن الله بخروجه خرج لا يستطيع مخلوق على وجه الأرض أن يأذن بخروج هذا الجنين إلا بساعة معينة قد حددها الله عزوجل ، وإذا خرج من بطن الأم ضعيفاً في غاية الضعف لا يملك أن يتكلم ولا يملك أن يتحرك ولا يملك أن يأكل أو يشرب قطرة ماء .. فمن الذي فتق له الثدي ؟

ومن الذي أجرى هذا الحليب الذي لا تظاهيه شركات العالم لتغذيته ؟

يقطع السر بنفس اليوم لينقطع المدد الذي يأتيه من بطن أمه من المشيمة هذه المشيمة ما هي؟

هذه خزان عظيم للتغذية في بطن الأم التي لا يعلمها إلا الله جلا وعلا وإذا انقطع السر فتق الله هذا الثدي لتقوم هذه الأم بتغذيتك .. لا يستطيع الأكل ولا الحركة ولا الالتفات لكن يعلمه الله تعالى كيف يمص وكيف يشرب الحليب ؟

هذه آيات الربوبية . هذه آيات العظمة لتكون خاضعاً شاكراً لربك لتعرف من هو الرب سبحانه الذي مددت إليه يدك يوم من الأيام وقلت يارب .. وفي يوم من الأيام أعرضت وأذنبت وجفوت وبعدت وارتكبت الكبائر ..

إنه الله جل وعلا الذي يرحم ويغفر .

هذا حالك يوم خرجت من بطن أمك . ماذا عسانا أن نتكلم عن هذه الآيات العظيمة ؟

بل إن علماء الطب اندهشوا في هذه العظمة الربانية التي خلق الله بها هذه الأعضاء . وكيف يقوم كل عضو بمهمته التي خلقها الله , لو يتوقف القلب دقيقة هلك الإنسان ، لو تفشل هذه الكبد هلك الإنسان ، لا يستطيع أن يعيش ثلاث ساعات بدون كبد ، ـ ماهي هذه الكبد ؟ قطعة دم . ماهي وظائف هذه الكبد ؟

ـ ما هذا القلب الذي يضخ هذا الدم الذي يجري في العروق ؟

ـ ما هذا النفس الذي لا يتوقف دقيقة ؟

ـ هل تستطيع التحكم في النفس أو في الرمش ؟

" لا إله إلا الله " إنها عناية الله ، أنه لطف الله ، أنها نعم رب العالمين لك أيها الإنسان وألطافه عليك منذ خلقت ..

ـ هل شكرت الله ؟

ـ هل عرفت الله ؟

أنت تمد اليدين لتطلبه وتسأله ويستحي أن يرد يديك صفرا . فلا إله إلا الله " أيدي خلقها وأيدي جعل الدماء يجري في عروقها وأيدي خلق مفاصلها . فلو كانت هذه الأيدي طبقة ما استطعت الأكل ولا العمل . فلا إله إلا الله .. ومع ذلك يستحي أن يردها صفراً . عن سلـمان رضي الله عنه؛ قال: قـال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((... إنَّ ربكم حيي كريم، يستحي من عبده إذا رفع إليه يديه أنَّ يردهما صفراً خائبتين))[19]

انها نعم .. إنه خلقه . إنه ابداعه . إنه عطاءه .

ـ كيف نعرف ربنا إذا دعوناه ؟

ـ كيف نعلم أن لنا رباً عظيماً ملكاً قيوماً رحيماً ؟

فحين تقرأ سورة الفاتحة في كل صلاة وهي ركن من أركان الصلاة ..

{الحمد لله رب العالمين} رب العالمين الذي خلق العالمين ، الذي خلق البشر وخلق الدواب وخلق الهوام ، الذي خلق الطير ، الذي خلق الأبل ، الذي خلق البقر ، الذي خلق القلم ، الذي خلق الآيات والمخلوقات العظيمة . فكل شيء له حكمة . حكمته سبحانه في خلق الصغير والكبير والحيوان والطير والسماوات والأرض والشمس والقمر .. ـ انظر الى الشمس المأمورة بأمر الله تعالى . هل عصته يوم من الأيام ؟

قال تعالى : { وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ } ( يس : (38)

الشمس هي النجم المركزي للمجموعة الشمسية. وهي تقريباً كروية وتحوي بلازما حارة متشابكة مع الحقل

المغناطيسي. يبلغ قطرها حوالي 1,392,684 كيلومتر، وهو ما يعادل 109 أضعاف قطر الأرض ،

 وكتلتها 2×1030 كيلوغرام وهو ما يعادل 330,000 ضعف من كتلة الأرض وتشكل نسبة 99.86 %

من كتلة كل المجموعة الشمسية .الشمس أحد نجوم مجرتنا ..التي تحوي نحو 200 مليار نجم " [20]

هذه الشمس التي هي أكبر من الدنيا وما فيها بملايين المرات لو اقتربت منا لحرقتنا ولو ابتعدت عنا لتجمدنا ..

ومع ذلك تسير بأمر ربها . بل هي تسجد تحت العرش . إذا غربت تسجد تحت العرش

 . فكيف بك يا ابنى آدم هذا المخلوق الضعيف .. الم ترى ضعفك وأنت تنام على الفراش . انظر إلى النائم كيف يكون كالميت لا يشعر بشيء ، رغم أنه كان في غاية النشاط والحيوية وهو في اليقظة .

ـ من الذي أماته ؟ من الذي يحفظه وهو نائم يجري نفسه ونبض قلبه ؟

ـ من الذي يرعاه ويقوم عليه وهو في هذا الضعف ؟

بل إن الله من محبته لعبده يرسل له في نومه ملك يبيت شعاره يدعو له حتى يستيقظ من نومه إذا بات طاهراً كما في الحديث رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ بَاتَ طَاهِرًا بَاتَ فِي شِعَارِ مَلَكٍ فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ إلَّا قَالَ الْمَلَكُ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَبْدِك فُلَانٍ ، فَإِنَّهُ نَامَ طَاهِرًا )

معه ملك حتى الصباح يدعو له " اللهم اغفرله . اللهم ارحمه " طول الليل ... رعاية ربانية لا إله إلا الله ..

ملك سخره الله لك يدعو لك طول الليل . ومع ذلك يبيت الانسان على غير طهارة . يبيت الانسان مذنب لا يذكر الله . لا يسبح . لا يهلل .

لا إله إلا الله ما أعظمه . لا إله إلا الله ما ألطفه . لا إله إلا الله ما أرحمه ، سبحان الذي علمه وسع كل شيء .

وهذه من الآيات التي يستشعرها العبد في استشعاره بعلم الله تعالى بإن الله يعلم سره . ويعلم جهره ، ويعلم

ما توسوس به النفس ، الآن لو أن الذي في خواطرنا مكتوب ومسطر وبارز ماذا يكون حالنا !!

فسبحانه يعلم السر وما توسوس به النفس ، ويعلم ما تجول به الخواطر ، فليستشعر الأنسان علم الله تعالى وأنه لا يخفى عليه خافية ..قال تعالى :{ وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ۚ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۚ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ } ( الأنعام : 59 )

علم أحوالنا وعلم ماذا يجري في حياتنا ، علمه وكتبه في اللوح المحفوظ . من الولادة إلى الموت مكتوب في اللوح المحفوظ . كم تعيش ؟ الرزق سواء رزق المال , رزق العلم ، رزق الأولاد ، العمل الأجل ...كلها مسجلة في اللوح المحفوظ .

رفعت الأقلام وجفت الصحف ، علم ذك سبحانه وعلم كل ما في حياتك لا يخفى عليه شيء من الأمر ..

ولهذا إذا الله قدر عليك أمر فأعلم أن الله قد علمه وقد كتبه وشاءه وخلقه . فأنت لا تملك لنفسك حول ولا قوة ..

وأسأل الله تعالى أن يكون هذا الأمر خيره ، وأن يرزقك الصبر إذا كان مصيبة ويجعل عاقبته رشداً ولا تعارض القضاء والقدر لا تقول لو أني فعلت كذا ، لأنك مسكين لا تملك لنفسك حول ولا قوة . كم من الأمور كرهناها وجزعنا منها وأكربتنا وكان في عاقبتها خيراً عظيماً ؟ !

لذلك كن مع الله ، وكن راضياً بقدره سبحانه ـ فإذا قلت رضيت بالله رباً ، وبالإسلام ديناً ،

وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً فأعلم أن رضاك هذا هو السعادة لماذا ؟ !

لأنك فوضت أمرك لملك الملوك .العليم سبحانه ..

عن خولة بنت ثعلبة قالت: فيَّ والله وفي أوس بن الصامت أنزل الله صدر سورة المجادلة. قالت: كنت عنده وكان شيخًا كبيرًا قد ساء خلقه. قالت: فدخل عليَّ يومًا، فراجعته بشيء فغضب فقال: أنت عليَّ كظهر أمي. قالت: ثم خرج فجلس في نادي قومه ساعة، ثم دخل عليَّ فإذا هو يريدني عن نفسي. قالت: قلت: كلا والذي نفس خولة بيده، لا تخلص إليَّ وقد قلت ما قلت حتى يحكم الله ورسوله فينا بحكمه. قالت: فواثبني فامتنعت منه، فغلبته بما تغلب به المرأة الشيخ الضعيف، فألقيته عني. قالت: ثم خرجت إلى بعض جاراتي فاستعرت منها ثيابًا، ثم خرجت حتى جئت إلى رسول الله ، فجلست بين يديه فذكرت له ما لقيت منه، وجعلت أشكو إليه ما ألقى من سوء خلقه.

قالت: فجعل رسول الله يقول: "يا خويلة، ابن عمك شيخ كبير، فاتقي الله فيه". قالت: فوالله ما برحت حتى نزل فيَّ قرآن، فتغشى رسول الله ما كان يتغشاه ثم سري عنه، فقال لي: "يا خويلة، قد أنزل الله فيك وفي صاحبك قرآنًا.

 ثم قرأعليَّ {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ * الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ * وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [المجادلة: 1-4].

قالت: فقال لي رسول الله : "مريه فليعتق رقبة". قالت: فقلت يا رسول الله، ما عنده ما يعتق. قال: "فليصم شهرين متتابعين". قالت: فقلت: والله إنه لشيخ كبير، ما به من صيام. قال: "فليطعم ستين مسكينًا وسقًا من تمر".

 قالت: فقلت: والله يا رسول الله، ما ذاك عنده. قالت: فقال رسول الله : "فإنا سنعينه بعرق من تمر". قالت: فقلت يا رسول الله، وأنا سأعينه بعرق آخر. قال: "قد أصبت وأحسنت، فاذهبي فتصدقي به عنه، ثم استوصي بابن عمك خيرًا". قالت: ففعلت " [21]

هذه المرأة المكروبة التي ظاهر منها زوجها يسمعها الله تعالى من فوق سبع سماوات . فينزل الفرج من عنده سبحانه وتعالى . خاص بأمر الظهار لتقر عين خولة وتعرف أن لها رباً رحيماً بصيراً يقبل عليه العباد فيقبل شكواهم ..

وفي هذا الزمن نسمع من النساء من لا تريد الحكم بشرع الله ولا يريدون أمره!!

 لا إله إلا الله .. إلى أين يذهبون ؟

والله أن الذي يطالبون فيه من التمرد على الشرع فيه هلاكهم !!!!!

هذا الدين العظيم الذي احتوى الصغير والكبير . تدخل المرأة على رسول الله في مشكلة كبيرة فتخرج وقد سمع الله شكواها من فوق سبع سماوات . ويأتي الفرج ..

قال تعالى : {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ}.

هذه الشكوى التي سمعها الله من فوق سبع سماوات . كانت تشتكي الى الله ، وتلح على رسول الله عليه الصلاة والسلام ويأتيها الفرج من فوق سبع سماوات قران يتلى إلى يوم الدين ..

 ـ كيف نعرف ربنا سبحاته ؟ 

 ـ كيف نعظمه ؟

الملائكة عندما عرفت ربها لم تتفتر عن العبادة وعبودية الله ليلا ونهاراَ فقد قال الرسول " صلى الله عليه وسلم"

عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إِنِّي أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون. أَطَّتِ السَّماءُ وحق لها أَنْ تَئطَّ، ما فيها موضع أربع أصابع إلا عليه ملك ساجد، لو علمتم ما أعلم لضحكتُم قليلاً ولبكيتم كثيراً ولما تلذذتم بالنِّساء على الفرشات ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله تعالى))[22]

كذلك حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: ( أنَّ يهوديَّاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا محمد! إن الله يمسك السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والجبال على إصبع، والشجر على إصبع، والخلائق على إصبع، ثم يقول:أنا الملك: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه، ثم قرأ: وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ. وفي رواية: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم تعجباً وتصديقاً له )[23]

لا إله إلا الله يضع هذه المخلوقات على عظمتها على أصبع .

فكيف تضيق بك الأحوال وأنت تعرف أن الله ملك السماوات والأرض الذي يمسكها أن تقع إلا بإذنه ؟

فحري بنا أن نذكر بعض الآيات العظيمة في افتقار المخلوقات لله جل وعلا .. نتدبر آيات التوحيد بالقرآن الكريم ..

قال تعالى :{ قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ ۖ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ } يونس (59)

وقال تعالى : { ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ } ( القصص : 71 )

من الذي يأتينا بالنهار والليل وهذه الآيات الربانية ودلائل الربوبية ؟ !

انظر بالليل الدامس والظلام وفجاءة اذن الفجر وجاء النهار وأشرقت الشمس .. هذه آيات قدرته وعظمته سبحانه وإذا جاء الليل وغربت الشمس وجاء الليل بشدته وظلمته وانعدمت الرؤية ..

هذه آيات الربوبية وبراهين التوحيد ..

ولهذا لفت الله تعالى الأنظار إليها فقال سبحانه : "

قال تعالى : { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ } ( القصص 72 )

وهذه الآيات تعرفك بالله تعالى فتعرف أن لك رباً .. الذي إذا أظلم الليل واشتد الليل جاء الصباح ..

أعلم أيها المحزون .. أعلم أيها المكروب .. أعلم يا من ضاقت بك الدنيا أن الفرج قريب .. أنك تدعو الله تعالى ..

ولكن أعبد الله تعالى . بصدق وإخلاص في العبودية لله جل وعلا ..

قال تعالى : {قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَىٰ بَيِّنَتٍ مِنْهُ ۚ بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا} ( فاطر : 40 )

يامن أشركت بالله تعالى . يامن بعدت عن الله . أم لهم شرك في السماوات أروني ماذا خلقوا من الأرض ..

مسائل الخلق من الأدلة العظيمة التي يحاج بها الملحد . يقال له أخلق ! أخلق ذرة ! أخلق حبة ! أخلق يد انسان !

هذه الحبة التي توضع في الأرض ثم تشق الأرض ثم تخرج من الأرض وتخرج نبتة ثم شجرة مثمرة ثم يخرج منها

الثمار ..هذه الثمرة التي أعجزت الخلق فليخلقوا ذرة . لذلك لعن الله المصورون وأشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون .. لماذا ؟

 في الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون))ولهما عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلما: ((إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة يقال لهم أحيوا ما خلقتم)) لفظ البخاري وروى البخاري في الصحيح عن أبي جحيفة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم ((نهى عن ثمن الدم وثمن الكلب وكسب البغي ولعن آكل الربا وموكله والواشمة والمستوشمة والمصور)) ... " موقع الامام ابن باز رحمه الله تعالى"

لأنهم يظاهون خلق الله تعالى . لأنهم حاولوا أن يمثلوا خلق الله وحاولوا أن يقلدون هذا الأمر الذي لا يستطيعه أحد إلا الله تعالى . لا أحد يستطيع أن يخلق إلا هو سبحانه. لا يستطيع أن يخلق حبة. ولا يستطيع أن يخلق شعيره.

فالله تعالى خاطب المشركين وناقشهم في هذه القضية العظيمة بلغت النظر إلى الآيات الكونية التي يشاهدونها أمام أعينهم ليلاً ونهاراً

 وهذه كلها دلائل التوحيد ..

 فعن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: ((سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور، فلما بلغ هذه الآية: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بَل لاَّ يُوقِنُونَ أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ} [الطور:35-37]، كاد قلبي أن يطير)) [24]

وكان أول ما وقر الإيمان في قلبه وأسلم ودخل الإسلام ..

 أخلق يامن تجادل " {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۚ بَل لَّا يُوقِنُونَ أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ } ( الطور 35 ـ 37 )

.. كلها لا يستطيعها الأنداد الذين يعبدونهم فأسلم جبير وحسن اسلامه

 وهذه الآيات والبراهين وقعت في قلبه .. وهذا مما يزيد اليقين ومما يزيد الإيمان

 الحياء من الله : ـ

فعندما نجلس في هذا المجلس نستحي من الله أن نتكلم ونعرف بالله جل وعلا ونحن كلنا دلائل على وجوده سبحانه .

نتكلم بألسنة خلقها ونعرفه بألسنة خلقها ويجري الدماء في عروقها هذا اللسان آية من آيات الإعجاز في خلق الله تعالى . كيف يتذوق ؟

ولهذا في يوم القيامة أنطق الله الأيدي وأنطق الله الجوارح وتشهد بكل ما ارتكبه العبد .

قد يتسأئل الانسان كيف تتكلم اليد ؟ 

مثل ما أنطق لسانك أنطق يدك ورجلك وجوارحك ..

كيف نعرف الله جلا وعلا ؟

من لم يعرف الله حق المعرفة فهو جاهل ومسكين وهو معدم وفقير وأعظم طريق لمعرفة الله هو معرفة كتاب الله جل وعلا من عرف الله من كلامه وآياته فإنه يعرف رب قد اجتمعت له صفات الكمال ونعوت الجلال منزه عن المثال برئ من النقائص والعيوب له كل اسم حسن وكل وصف كمال ..فعال لما يريد ..أكبر من كل شيء ..وأجمل من كل شيء ..أرحم الرحمين .. وأقدر القادرين .. وأحكم الحاكمين .. القرآن أنزل للتعريف للتعريف به جل جلاله لتعريف عباده به وبصراطه الموصل إليه وبحال السالكين بعد الوصول إليه فآيات الله القرآنية تنطق بالتعريف بالله تعالى كما أن آيات الله الكونية تنطق بعظمة الله التفكر ..التدبر .. طريق لمعرفة الله سبحانه وتعالى معرفة الله طريق لمحبة الله محبة الله طريق السعادة والراحة والاطمئنان ..[25]

ـ كيف نعبده ؟

قال تعالى {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ

 إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ } (الذاريات 56ـ 58 )

 ـ لكي تحقق العبودية لابد أن نعرف ربنا وخالقنا ونحقق التوحيد .

ـ العبد يدعو ربه ويلح على الله بالدعاء وإذا بالأمر يأتيه من شخص أخر لا يعرف عن حاجته شيء ..

فالله تعالى هو الذي سمعه وسمع دعاءه وقضى حاجته..

الله علمنا الدعاء لندعوه ونطلبه . لا تطلب الخلق . الله يسخر الخلق وإذا أنت تنظر إلى دلائل التوحيد . يارب كيف قضى حاجتي ؟ كيف سمع صوتي ؟ ما سمع صوتك إلا السميع البصير سمع صوتك وسخر لك هذا العبد فكلكم مسخرين . الله تعالى علمنا هذا الأمر العظيم . كيف ندعوه ؟

وكيف دعاه عباده الصالحين وكيف قضيت حوائجهم ؟

أيوب عليه السلام دعا الله لما فقد الولد وفقد المال وفقد الصحة وما بقي فيه إلا لسانه يذكر الله ويحمده ويدعو الله الدعوة العظيمة قال تعالى : { وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ } ( الأنبياء 83 ـ 84 )

نبي من أنبياء الله وقد بلغ به الألم والكرب مالا يخطر ببال . بل إن كل الناس تركوه لم يبقى فيه إلا لسان يذكر الله به وتأتي الاستجابة فورا َ " فاستجبنا له " ويأمر ه الله تعالى أن يركض برجله و تفيض الأرض بالماء الذي جعله الله شفاء فيشرب منه ويغتسل ويشفي الله جسده ويشفي بدنه ويعيد له أولاده ويعيد له ماله وتمطر السماء عليه جراد من ذهب كما ورد في الحديث .. عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: « بَيْنَمَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا خَرَّ عَلَيْهِ رِجْلُ جَرَادٍ مِنْ ذَهَبٍ ، فَجَعَلَ يَحْثِى فِى ثَوْبِهِ ، فَنَادَى رَبُّهُ: يَا أَيُّوبُ ، أَلَمْ أَكُنْ أَغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى؟؟ قَالَ: بَلَى يَا رَبِّ ، وَلَكِنْ لاَ غِنَى لِى عَنْ بَرَكَتِكَ » [26]

هاجر عليها السلام تعلمنا معنى الافتقار لله تعالى هذه المرأة العظيمة .

 هذه المرأة المتوكلة . هذه المرأة نشأت على التوحيد . لما وضعها إبراهيم عليه السلام بهذه الأرض القحط ليس فيها ماء ولا خضرة ولا ناس ولا طير . يضعهم بأمر الله تعالى وضع زوجته وابنه ومضى . أمر رباني ..

{وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ} من ضمن هذه الكلمات هذا الأمر.

ذكر مهاجرة إبراهيم بابنه إسماعيل وأمه هاجر ...

قال البخاري: قال عبد الله بن محمد - هو أبو بكر بن أبي شيبة - حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن أيوب السختياني، وكثير بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة، يزيد أحدهما على الآخر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: أول ما اتخذ النساء المنطق من قبل أم اسماعيل اتخذت منطقًا لتعفي أثرها على سارة، ثم جاء بها إبراهيم وبابنها إسماعيل وهي ترضعه حتى وضعهما عند البيت، عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد، وليس بمكة يومئذ أحد، وليس بها ماء، فوضعهما هنالك، ووضع عندهما جرابًا فيه تمر، وسقاء فيه ماء. ثم قفى إبراهيم منطلقًا، فتبعته أم إسماعيل فقالت: يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس به أنس ولا شيء؟ فقالت له ذلك مرارًا، وجعل لا يلتفت إليها.فقالت له: الله أمرك بهذا؟

قال: نعم. قالت: إذًا لا يضيعنا، ثم رجعت.

فانطلق إبراهيم حتى إذا كان عند الثنية، حيث لا يرونه، استقبل بوجهه البيت، ثم دعا بهؤلاء الدعوات ورفع يديه فقال: { رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ } [إبراهيم: 37] .

وجعلت أم إسماعيل ترضع إسماعيل، وتشرب من ذلك الماء، حتى إذا نفذ ما في السقاء عطشت وعطش ابنها، وجعلت تنظر إليه يلتوي، أو قال: يتلبط، فانطلقت كراهية أن تنظر إليه، فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها، فقامت عليه.

ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحدًا، فلم ترَ أحدًا، فهبطت من الصفا، حتى إذا بلغت الوادي، رفعت طرف ذراعها، ثم سعت سعي الإنسان المجهود، حتى إذا جاوزت الوادي، ثم أتت المروة فقامت عليها، ونظرت هل ترى أحدًا، فلم تر أحدًا.

ففعلت ذلك سبع مرات. قال ابن عباس: قال النبي صلى الله عليه وسلم:« فلذلك سعى الناس بينهما ».

فلما أشرفت على المروة سمعت صوتًا فقالت: صه، تريد نفسها، ثم تسمعت فسمعت أيضًا، فقالت: قد أسمعت إن كان عندك غواث، فإذا هي بالملك عند موضع زمزم، فبحث بعقبه - أو قال بجناحه - حتى ظهر الماء فجعلت تخوضه، وتقول بيدها هكذا، وجعلت تغرف من الماء في سقائها وهي تفور بعد ما تغرف.

قال ابن عباس: قال النبي صلى الله عليه وسلم:« يرحم الله أم اسماعيل لو تركت زمزم ».

أو قال: « لو لم تغرف من الماء لكانت زمزم عينًا معينًا »

فشربت وأرضعت ولدها، فقال لها الملك: لا تخافي الضيعة، فإن ههنا بيت الله يبني هذا الغلام وأبوه،

 وإن الله لا يضيع أهله .. [27]

تأمل لطفه ورعايته ، ومن بركات هذا الطفل وأمه الموحدين شربت الناس من مغرب الأرض ومشارقها وتشرب الناس آلاف السنين وعين زمزم مازالت باقية تنبع بالماء الذي لاتوجد مياه على وجه الأرض تضاهيه

 ـ إنها معية الله أنها نصرة الله لمرأة حققت التوحيد .

استشعروا براهين التوحيد فالآن نطوف ونسعى على أثر امرأة حققت التوحيد وعرفت الله تعالى فهذه بركات التوحيد!!

هاجر عليها السلام يرزقها الله بهذا الولد وتربية وتنفق عمرها عليه حتى أمره الله أن يرفع الكعبة بالبيت .

 قال تعالى : {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } ( البقرة : 127 )

انظر إلى مقامات الأنبياء وخوفهم وتعظيمهم .

هذا الأبن جعله آية من آيات الله وجعل الله له الكرامات والآيات الباقية الى يومنا هذا . بل بالحج نسير على هذا المنهج .. بعد ذلك يأمر بذبح ابنه بعد أن بلغ معه السعي وبعد شب وأصبح في حال القوة وفي حال تتعلق بها نفس الوالد يؤمر بذبحه ..

قال تعالى : { فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ } ( الصافات : 102ـ 113 )

الى أي مدى هذا الانقياد هذه القصص تحتاج تدبر .

 إذا كان المرء لا يصبر على شهوة محرمة وكبائر وذنوب فكيف يصبر على هذا الأمر العظيم

ولهذا جعلهم الله هداية للعالمين !

ـ كيف نعرف الله في الرخاء والشدة وفي الذنب وعند التوبة ؟ ـ

الله تعالى قال للمذنبين والمسرفين على أنفسهم { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن

رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } ( الزمر : 53 )

هذه أرجى آية في كتاب الله تعالى . يا عبادي أضافهم الى نفسه سبحانه إضافة تشرف وتكريم .

الله غفور رحيم . يفرح بتوبة عبده .. ( لا تقنطوا من رحمة الله ) لا تقنط من رحمة مهما أذنبت فإن الله غفور رحيم.

عن جندب - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حدث : " أن رجلا قال : والله لا يغفر الله لفلان ، وأن الله تعالى قال : من ذا الذي يتألى علي أني لا أغفر لفلان ، فإني قد غفرت لفلان وأحبطت عملك "[28]

( الله كريم يحب الكرم.. تواب يحب التائبين .. حيي يحب أهل الحياء .. يستحي من عبده إذا مد يديه إليه أن يردهما صفرا عفو يحب العفو عن عباده .. غفور يغفر لهم إذا استغفروه .. تكثر الذنوب تعظم العيوب تقسو القلوب ويخشى الإنسان من الخسران ويخاف من الحرمان فيناديه الرحيم الرحمن {قل يا عبادي الذين أسرف على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم}

ينادي عبده نداء المتلطف به ..من الذي يناديك ؟ إنه ملك الملوك جل وعلا .. إنه الغني عن العالمين .. من الذي يناديك أيها العبد الفقير ؟

إنه اللطيف الخبير ينادي عبده نداء المتلطف به يدعوه دعاء المشفق عليه (( يا ابن آدم إنك ما دعوتني و رجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي , يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي , يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لاتشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة , ومن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا , ومن تقرب إلي ذرعا تقربت إليه باعا , وإذا أقبل إلي يمشي أقبلت إليه أهرول ))[29]

 الباب مفتوح ولكن من يلج ؟ باب الرجاء واسع ولكن من يقبل ؟

الحبل ممدود ولكن من يتشبث به ؟

 الخير مبذول ولكن من يتعرض له ؟

أين من يملئ قلبه

 هيبة من الله ؟

أين من يملئ قلبه خشية من الله ؟[30]

. لا تقنط العباد من الله . ..

. عرفهم بربهم .

. افتح لهم باب الرجاء .

. افتح لهم باب التوبة .

 . افتح لهم باب الإقبال على الله .

. افتح لهم باب السعادة في الدنيا والآخرة ..

في آيات كثيرة تنفي الخوف والحزن عن أهل الإيمان وأهل التقوى .

قال تعالى : { أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ*الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ }[يونس:63]

الذين لا يحزنون من هم ؟ ـ

هم الذين امنوا وكانوا يتقون ـ إيمان وتقوى ..

نسأل الله ان يرزقنا معرفته وتعظيمه . فإذا عظمنا الله تعالى عظمة ابناءنا وبناتنا وأصبح البيت كله معظم لله

تعالى ، حتى الطفل الصغير معظم لله تعالى فالحياء من الله معمور فالبيت في محبة الله فالله تعالى إذا أحب أهل بيت أدخل عليهم الرفق يحب الله البيت كله لماذا ؟

لان البيت كله رباني . الأم . الأب . البنت . الولد . كلهم معظمين لله تعالى . بالتوبة والإنابة لله تعالى . وتعظيم الله .

يروى عن أبي هريرة انه كان يقول لا أريد أن يمر على بيت أبي هريرة غافل فكان يقسم الليل بينه وبين زوجته وبين الجارية . "عن أبي عثمان النهدي تضيفت أبا هريرة سبعا فكان هو وامرأته وخادمه يقتسمون الليل أثلاثاً، يصلي هذا، ثم يوقظ هذا، ويصلي هذا، ثم يرقد ويوقظ هذا، قال: قلت: يا أبا هريرة كيف تصوم؟ قال: أما أنا فأصوم من أول الشهر ثلاثاً، فإن حدث لي حادث كان آخر شهري"[31] 

 وقفة ـ

عندما نرى المحرمات . المعاصي . الموسيقى . القنوات . التقنيات . الإنسان عاكف على هذه التقنية بما حرم الله .

الاستهتار بنظر الله للعبد يخلو من الخلق وهو مستهتر بنظر رب العالمين له .

كل هذه الذنوب سبب الانتكاسات وسبب العقوبات .

قال تعالى : {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ } ( النحل : (112)

نسأل أن يرحمنا ويتوب علينا وعلى أمة الإسلام فنحن بحاجة إلى التوبة إلى الله تعالى وتعظيمه جل وعلا ..

 ـ كيف نسير الى الله تعالى ؟ كيف كانت أحوال العارفين بالله ؟

وعلى رأسهم النبي قام حتى تفطرت قدماه "

عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فقلت: يا رسول الله، لم تصنع ذلك وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال: أفلا أحب أن أكون عبداً شكوراً "

أبو بكر رضي الله عنه بذل ماله وأولاده لله تعالى ..

حتى كان معه في الغار ومن صدقه لرسول الله خرج معه في أشد الأحوال ..

{إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}

ابنته أسماء تبذل نفسها لله ... فكان يقال لأسماء بنت أبي بكر ذات النطاق لذلك .

قال ابن هشام : وسمعت غير واحد من أهل العلم يقول ذات النطاقين . وتفسيره أنها لما أرادت أن تعلق السفرة شقت نطاقها باثنين فعلقت السفرة بواحد وانتطقت بالآخر ..

قال ابن إسحاق : فحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير أن أباه عبادا حدثه عن جدته أسماء بنت أبي بكر ، قالت لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج أبو بكر معه احتمل أبو بكر ماله كله ومعه خمسة آلاف درهم أو ستة آلاف فانطلق بها معه . قالت فدخل علينا جدي أبو قحافة وقد ذهب بصره فقال والله إني لا أراه قد فجعكم بماله مع نفسه . قالت قلت : كلا يا أبت إنه قد ترك لنا خيرا كثيرا . قالت فأخذت أحجارا فوضعتها في كوة في البيت الذي كان أبي يضع ماله فيها ، ثم وضعت عليها ثوبا ، ثم أخذت بيده فقلت : يا أبت ضع يدك على هذا المال . قالت فوضع يده عليه فقال لا بأس إذا كان ترك لكم هذا فقد أحسن وفي هذا بلاغ لكم . ولا والله ما ترك لنا شيئا ولكني أردت أن أسكن الشيخ بذلك ..

فتاة العقيدة لا تطيق أذنها أن تسمع شيئا يمس الدعوة المحمدية مهما جاعت ومهما خافت !!

ما النتيجة ؟ أسماء بشرت بالجنة . سيدة من سيدات المحراب ..

أما عائشة فهي .. هِيَ أمُّ المؤمنينَ أمُّ عبدِالله: عائشةُ بنتُ الإمام الصِّدِّيق أفْقَه نِساءِ الأُمَّة على الإطلاق وعالمة النساء ومن حملت الدين وروت للأمة أكثر من ألفين حديث رضي الله عنهم وأرضاهم

يروى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو من المبشرين بالجنة كان في وجهه خطان أسودان من البكاء

 من خشية الله وشدة خوفه من الله ومعرفته بالله .. حتى أنه لما طعن جاء عبدالله بن عباس فقال : يا أمير المؤمنين , أسلمت حين كفر الناس , و جاهدت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم حين خذله الناس , و قتلت شهيدا و لم يختلف عليك اثنان , و توفي رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو عنك راض . فقال له : أعد مقالتك فأعاد عليه , فقال : المغرور من غررتموه , و الله لو أن لي ما طلعت عليه الشمس أو غربت لافتديت به من هول المطلع .

و قال عبدالله بن عمر : كان رأس عمر على فخذي في مرضه الذي مات فيه .

فقال : ضع رأسي على الأرض .

فقلت : ما عليك كان على الأرض أو كان على فخذي ؟!

فقال : لا أم لك , ضعه على الأرض .

 فقال عبدالله : فوضعته على الأرض .

فقال : ويلي وويل أمي إن لم يرحمني ربي عز و جل .. !!

 ويروى عن سفيان الثوري كان يطوف بالبيت وإذا رفع رأسه للسماء سقط مغشياً عليه . اذا نظر إلى عظمة الله يغشى عليه . وعن ابن مهدي قال: "كنت لا أستطيع سماع قراءة سفيان من كثرة بكائه" [32] 

قلوب عرفت الله وعظمته !!

 وبلال ابن رباح في شدة العذاب وهو يقول كلمة التوحيد أحد ، أحد ..

وكان أميّة بن خلف يخرجه إذا حميت الظهيرة فيطرحه على ظهره في بطحاء مكة، ثم يأمر بالصخرة العظيمة على صدره، ثم يقول: لا يزال على ذلك حتى يموت أو يكفر بمحمد. فيقول وهو في ذلك: أحد أحد.

يروى عن محارب ابن ديثار ..

 كَانَ مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ قَاضِي أَهْلِ الْكُوفَةِ قَرِيبَ الْجِوَارِ ، فَرُبَّمَا سَمِعْتُهُ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ يَقُولُ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ : " أَنَا الصَّغِيرُ الَّذِي رَبَّيْتَهُ فَلَكَ الْحَمْدُ ، وَأَنَا الضَّعِيفُ الَّذِي قَوَّيْتَهُ فَلَكَ الْحَمْدُ ، وَأَنَا الْفَقِيرُ الَّذِي أَغْنَيْتَهُ فَلَكَ الْحَمْدُ ، وَأَنَا الْغَرِيبُ الَّذِي وَصَّيْتَهُ فَلَكَ الْحَمْدُ ، وَأَنَا الصُّعْلُوكُ الَّذِي مَوَّلْتَهُ فَلَكَ الْحَمْدُ ، وأنا العزب الَّذِي زوجته فلك الحمد ، وَأَنَا السَّاغِبُ الَّذِي أَشْبَعْتَهُ فَلَكَ الْحَمْدُ ، وَأَنَا الْعَارِي الَّذِي كَسَوْتَهُ فَلَكَ الْحَمْدُ ، وَأَنَا الْمُسَافِرُ الَّذِي صَاحَبْتَهُ فَلَكَ الْحَمْدُ ، وَأَنَا الْغَائِبُ الَّذِي أَدَّيْتَهُ فَلَكَ الْحَمْدُ ، وَأَنَا الرَّاجِلُ الَّذِي حَمَلْتَهُ فَلَكَ الْحَمْدُ ، وَأَنَا الْمَرِيضُ الَّذِي شَفَيْتَهُ فَلَكَ الْحَمْدُ ، وَأَنَا الدَّاعِي الَّذِي أَجَبْتَهُ فَلَكَ الْحَمْدُ , رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ رَبَّنَا حَمْدًا لَكَ عَلَى كُلِّ نِعْمَةٍ "[33]

 عن أبي مالك الحارث بن عاصم الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

( الطهور شطر الإيمان والحمد لله تملأ الميزان ، وسبحان الله والحمد لله تملآن تملأ ما بين السماوات والأرض ، والصلاة نور ، والصدقة برهان ، والصبر ضياء ، والقرآن حجة لك أو عليك ، كل الناس يغدو ، فبائع نفسه ، فمعتقها أو موبقها ) ( رواه مسلم )

فالحمد لله تعدل الدنيا وما فيها .. الله يحب الحمد ويحب الثناء .. فيجب معالجة القلب .. كثير من الناس إذا أراد أن يقرأ القران يكسل وينام واذا أراد أ ن يقوم الليل إذا به كسل ونوم . إذا أراد أن يدعو إذا بقلب بارد ما فيه حياة ما فيه شعور ، مالسبب ؟

السبب القلب راجع القلب ، خلص القلب وغذ الروح لأن القلب هو المضغة الذي إذا صلح صلح الجسد كله .. قال صلى الله عليه وسلم : " (ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت، فسد الجسد كله ، ألا وهي القلب)) [34]

انظر إلى القلب وتلمس حاجاته . وأنت تقرأ القرآن تخيل واستشعر أنك تسمعه من جبريل عليه السلام ..

إذا قرأت القرآن تخيل واستشعر أنك تسمعه من فم رسول الله عليه الصلاة والسلام ..

تعظيم الله تعالى . ننظر الى السلف كيف قاموا حتى تفطرت أقدامهم ، لماذا الإنسان محروم لا يقدر أن يسبح الله ويحمده ولا يقدر القول سبحان الله وبحمده " مئة مرة وهي لا تأخذ دقائق ؟

في حين أنه ممكن أن يكلم مكالمة جوال بالساعات ! كلام . غيبة . قيل وقال . يتصفح ويتكلم .. ويتابع العالم .

 ويسمع قيل وقال ولكن ذكر الله ثقيل عليه !!

فلنستشعر عظمة الله تعالى في كل وقت .. وأقول ان لك رباً عظيماً قوياً

قادراً سميعاً بصيراً يراك ويحرك طرفك ويحب عبوديتك ويحب افتقارك بين يديه يحب تذللك بين يديك .

يحب توبة عبده وتقرب عبده عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل، قال: ((إذا تقرب العبد إلي شبراً تقربت إليه ذراعاً، وإذا تقرب إلي ذراعاً تقربت منه باعاً، وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة)) [35]

( وختاماً ليعلم العبد أن لا إله إلا الله لا تنفع إلا من عرف مدلولها نفياً وإثباتاً واعتقد ذلك وعمل به ،

 أما من قالها وعمل بها ظاهراً من غير اعتقاد فهو منافق ، وأما من قالها وعمل بضدها وخلافها من الشرك فهو الكافر وكذلك من قالها وارتد عن الإسلام بإنكار شيء من لوازمها وحقوقها فإنها لا تنفعه ولو قالها ألف مرة ، وكذلك من قالها وهو يصرف أنواعاً من العبادة لغير الله كالدعاء والذبح والنذر والاستغاثة والتوكل والإنابة والرجاء والخوف والمحبة ونحو ذلك فمن صرف شيئاً مما لا يصلح إلا لله من العبادات لغير الله فهو مشرك بالله العظيم ولو نطق بلا إله إلا الله ، إذا لم يعمل بما تقتضيه من التوحيد والإخلاص الذي هو معنى ومدلول هذه الكلمة العظيمة "

  اللهم اجعلنا من المقربين وممن عرفك ..

اللهم اجعلنا من اعرف خلقك بك واجعلنا من الصادقين . اللهم اغث قلوبنا بغيث الايمان ..

 اغثنا بالإيمان والتوبة والإنابة اغثنا بالصدق والإخلاص .. 

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبة أجمعين ..

   قالته الفقيرة إلى عفو ربها القدير

د . قذلة بنت محمد بن عبد الله آل حواش القحطاني

..............................

 المراجع

1 / بدائع الجامع لما فسره الأمام ابن القيم .. " جمع يسري أحمد ومراجعة أحمد صالح الشامي "

2 / آية الكرسي و براهين التوحيد " د.عبدالرزاق البدر ص17 – ص 18 "

3 / شرح الأربعين النووية ص 24

4 / محاضرة سبحانك ما أعظمك " فيصل الشدي "

5 / شرح أسماء الله الحسنى نقلاً من كتاب الاسمي ص58 – 69

6 / بدائع الفوائد لابن قيم أسماء الله الحسنى الهادية إلى الله و المعرفة به

7 / فقه الأسماء الحسنى ..

8 / الأسني في شرح أسماء الله الحسنى

9 / لواقع البيانات في شرح أسماء الله و الصفات

10 / التنقيح في حديث التسبيح

11 / كشكول ابن عقيل

12 / تيسير العزيز الحميد

13 / محاضرة انه الله على محمد آل ياسين

14 / موقع الموسوعة الحرة

15 / البداية و النهاية لابن كثير

16 / موقع الامام ابن بارز

17 / محاضرة الشيخ إبراهيم الدويش " إنه الله "

.......................



[1] بدائع التفسير الجامع لما فسره الأمام ابن القيم رحمه الله / جمع يسري السيد أحمد ـ ومراجعة صالح أحمد الشامي "

[2] آية الكرسي وبراهين التوحيد ـ د . عبد الرزاق البدر ص 17 ـ18 "

[3] رواه الطبراني في " الكبير" (7532) ، والروياني في " مسنده " (1268) ، وابن السني في " عمل اليوم والليلة " (124) من طريق محمد بن حمير به .وهذا إسناد جيد : محمد بن زياد ؛ قال أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي : ثقة ، وقال ابن معين : ثقة مأمون ، وكذا قال محمد بن عثمان عن ابن المديني ، وقال أبو حاتم : لا بأس به ينظر: "تهذيب التهذيب" (9/170) . - ومحمد بن حمير ؛ قال الإمام أحمد : ما علمت إلا خيرا ، وقال ابن معين ودحيم : ثقة ، وقال أبو حاتم : يكتب حديثه ولا يحتج به ، ومحمد بن حرب , وبقية أحب إلي منه ، وقال النسائي: ليس به بأس ، وذكره ابن حبان في الثقات ، وقال الدارقطني : لا بأس به ، وقال ابن قانع : صالح . ينظر: "تهذيب التهذيب" (9/ 135) . وقال ابن كثير : " فهو إسناد على شرط البخاري " انتهى من " تفسير القرآن العظيم " (1/677) . وله شاهد من حديث المغيرة بن شعبة ، رواه أبو نعيم في " الحلية " (3/221) . وآخر من حديث أنس ، رواه الحاكم ، كما في " تخريج أحاديث الكشاف " للزيلعي (1/160) . وقال المنذري في " الترغيب والترهيب " (2/ 299) :" رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَالطَّبَرَانِيّ بأسانيد أَحدهَا صَحِيح ، وَقَالَ شَيخنَا أَبُو الْحسن : هُوَ على شَرط البُخَارِيّ ، وَابْن حبَان فِي كتاب الصَّلَاة وَصَححهُ " انتهى

وقال الهيثمي في " المجمع " (10/ 102) : " رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ بِأَسَانِيدَ، وَأَحَدُهَا جَيِّدٌ " وقال ابن مفلح الحنبلي : " إسْنَادُهُ جَيِّدٌ ، وَقَدْ تُكُلِّمَ فِيهِ ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ ، وَكَذَا صَحَّحَهُ صَاحِبُ الْمُخْتَارَةِ مِنْ أَصْحَابِنَا " . انتهى من " الفروع " (2/228).

 [4] محاضرة ( سبحانك ما أعظمك ـ فيصل عبد الرحمن الشدي )

[5] شرح الأربعين النووية (ص 24).

[6] شرح أسماء الله الحسنى (91-96)، نقلًا من كتاب النهج الأسمى (ص 68-69).

[7] بدائع الفوائد (1/212).

[8] أسماء الله الحسنى الهادية إلى الله والمعرفة به (ص 33-34).

[9] فقه الأسماء الحسنى (ص 90-91).

[10] الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى (ص 279)

[11] لوامع البينات شرح أسماء الله تعالى والصفات (ص 67-68).

[12] التنقيح في حديث التسبيح (ص 136-137).

[13] كشكول ابن عقيل (ص 289-290) باختصار.

[14] المصدر السابق (ص 137).

[15] التنقيح في حديث التسبيح (ص 138).

[16] أخرجه النسائي في "الكبرى" ( 10602 ) و( 10913 ) وفي "عمل اليوم والليلة" ( ص482 و608 ) والحاكم في*"المستدرك" ( 1 / 710 ) وابن حبان (14 / 105 ) والطبراني في "الدعاء" ( ص435 )

[17] تيسير العزيز الحميد (1/115-116)، قال المحقق: انظر فتح المجيد (1/74-75) ولم أقف عليه في شيء من كتب ابن القيم المطبوعة.

[18] أخرجه مسلم في صلاة المسافرين (1/498)

 [19] رواه أحمد ( 438 / 5 ) ( 23756 ) وأبو داود ( 1488 ) الترمذي ( 3556 ) ، ابن ماجة ( 3865 ) ، الحاكم ( 1618 ) وحسنه الحافظ ابن حجر في الأمالي الجلية ( 26 / 1 ) وصححه ابن باز في فتاوي نور على الدرب ( 74 / 11 ) وصحح على شرط الشيخين ولم يخرجاه والالباني ( صحيح الجامع ) ( 1757 )

[20] موقع الموسوعة الحرة "

[21] ابن كثير: البداية والنهاية 8/36 "

[22] ابن عبد البر: الاستيعاب 4/1831" ابن شبه: تاريخ المدينة 2/773، 774، وابن عبد البر: الاستيعاب 4/1831، وابن قدامة: صفة العلوّ ص 103، وابن حجر: الإصابة 8/69، وهو ضعيف لانقطاعه بين قتادة وعمر بن الخطاب، وفيه أيضاً: خليد بن دعلج ضعيف. (التقريب رقم: 1740) ، وقال ابن حجر في الإصابة: "خليد بن دعلج ضعيف سيّء الحفظ"

[23] رواه البخاري 7414 والفظ له ومسلم 2786 )

[24] ( رواه البخاري : 4854 )

[25] محاضرة الشيخ إبراهيم الدويش " إنه الله "

[26] ( رواه البخاري )

[27] (( البداية والنهاية لابن كثير رحمه الله ـ ج / 1 ))

[28] رواه مسلم )

[30] محاضرة " إنه الله " للشيخ إبراهيم الدويش ..

[31] ( أحمد: المسند 16/260 )

 [32] سير أعلام النبلاء (13/317)

[33] ( الشكر لله لابي الدنيا )

[34] رواه البخاري 52 ـ ومسلم : من حديث النعمان رقم 4178

[35] رواه البخاري.