سلوا الله المعافاة

ﺣَﺪَّﺛَﻨَﺎ ﻣُﺤَﻤَّﺪُ ﺑْﻦُ ﺟَﻌْﻔَﺮٍ، ﻗَﺎﻝَ: ﺣَﺪَّﺛَﻨَﺎ ﺷُﻌْﺒَﺔُ، ﻋَﻦْ ﻳَﺰِﻳﺪَ ﺑْﻦِ ﺧُﻤَﻴْﺮٍ، ﻋَﻦْ ﺳُﻠَﻴْﻢِ ﺑْﻦِ ﻋَﺎﻣِﺮٍ، ﻋَﻦْ ﺃَﻭْﺳَﻂَ، ﻗَﺎﻝَ: ﺧَﻄَﺒَﻨَﺎ ﺃَﺑُﻮ ﺑَﻜْﺮٍ، ﻓَﻘَﺎﻝَ: ﻗَﺎﻡَ ﺭَﺳُﻮﻝُ اﻟﻠﻪِ ﺻَﻠَّﻰ اﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ ﻣَﻘَﺎﻣِﻲ ﻫَﺬَا ﻋَﺎﻡَ اﻷْﻭَّﻝِ، ﻭَﺑَﻜَﻰ ﺃَﺑُﻮ ﺑَﻜْﺮٍ، ﻓَﻘَﺎﻝَ ﺃَﺑُﻮ ﺑَﻜْﺮٍ: ﺳَﻠُﻮا اﻟﻠﻪَ ...اﻟْﻤُﻌَﺎﻓَﺎﺓَ - ﺃَﻭْ ﻗَﺎﻝَ: اﻟْﻌَﺎﻓِﻴَﺔَ - ﻓَﻠَﻢْ ﻳُﺆْﺕَ ﺃَﺣَﺪٌ ﻗَﻂُّ ﺑَﻌْﺪَ اﻟْﻴَﻘِﻴﻦِ ﺃَﻓْﻀَﻞَ ﻣِﻦَ اﻟْﻌَﺎﻓِﻴَﺔِ - ﺃَﻭِ اﻟْﻤُﻌَﺎﻓَﺎﺓِ - ﻋَﻠَﻴْﻜُﻢْ ﺑِﺎﻟﺼِّﺪْﻕِ ﻓَﺈِﻧَّﻪُ ﻣَﻊَ اﻟْﺒِﺮِّ، ﻭَﻫُﻤَﺎ ﻓِﻲ اﻟْﺠَﻨَّﺔِ، ﻭَﺇِﻳَّﺎﻛُﻢْ ﻭَاﻟْﻜَﺬِﺏَ ﻓَﺈِﻧَّﻪُ ﻣَﻊَ اﻟْﻔُﺠُﻮﺭِ، ﻭَﻫُﻤَﺎ ﻓِﻲ اﻟﻨَّﺎﺭِ، ﻭَﻻ  ﺗَﺤَﺎﺳَﺪُﻭا، ﻭَﻻ ﺗَﺒَﺎﻏَﻀُﻮا، ﻭَﻻ ﺗَﻘَﺎﻃَﻌُﻮا، ﻭَﻻ ﺗَﺪَاﺑَﺮُﻭا، ﻭَﻛُﻮﻧُﻮا ﺇِﺧْﻮَاﻧًﺎ ﻛَﻤَﺎ ﺃَﻣَﺮَﻛُﻢُ اﻟﻠﻪُ .

أخرجه ابن ماجه (3849)، وأحمد (5) واللفظ له، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (10719) درَجته: صحيح

الشّرح:

(ثم بكى) قيل: إنّما بكى لأنه علم وقوع أمته في الفتن وغلبة الشهوة والحرص على جمع المال وتحصيل الجاه ، فأمرهم بطلب العفو والعافية ليعصمهم من الفتن ، فقال :(سلوا الله العفو) أي محو الذنوب وستر العيوب

(والعافية) قيل: هو أن يعافيك الله من الناس ويعافيهم منك.

وقيل أن تعفو عنهم ويعفوا عنك ، والأظهر أن معناه: السلامة في الدين من الفتنة، وفي البدن من سيئ الأسقام وشدة المحنة وأما الذي ذكروه فإنما هو معنى المعافاة كما لا يخفى.

(فإن أحدا لم يعط بعد اليقين) أي علم اليقين وهو الإيمان والبصيرة في الدين

(خيرا من العافية) قال الطيبي: وهي السلامة من الآفات فيندرج فيها العفو اهـ.

يعني ولعموم معنى العافية الشاملة لمعنى العفو اكتفى بذكرها عنه والتنصيص عليه سابقا للإيماء إلى أنه أهم أنواعه

- وأغرب ابن حجر حيث قال بعد ما ذكر خلاصة كلام الطيبي:

فإن قلت كيف أفرد العافية بعد جمعها؟

قلت : لأن معنى العفو محو الذنوب ومعنى العافية السلامة عن الأسقام والبلايا فاستغنى عن ذكر العفو بها لشمولها له ووجه الغرابة أن أخذ الذنوب من البلايا ليس من كتاب اللغة ولا من باب التعارف وإن كانت الصوفية قد يعبرون عن المعصية بالبلية ولكنه من أصحاب العبارات لا من أرباب الإشارات

المرجع : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح

=====

  ( كونوا عباد الله إخوانا كما أمركم)

يعني أنه يجب على الإنسان أن يكون أخا لأخيه، بالمعنى المطابق للأخوة، لا يكن عدوا له، فإن بعض الناس إذا صار بينه وبين أخيه معاملة وساء الظن بينهما في هذه المعاملة اتخذوا عدوا، وهذا لا يجوز، الواجب أن الإنسان يكون أخا لأخيه، في المحبة والألفة وعدم التعرض له بالسوء والدفاع عن عرضه وغير ذلك من مقتضيات الأخوة

-المرجع: شرح رياض الصالحين لابن عثيمين رحمه الله

=====

قوله: (قام رسول الله صلى الله عليه وسلم . . . إلخ) ثم بكى أبو بكر

أي: ثم قال أبو بكر رواية وحكاية (وهما في الجنة) أي: صاحبهما، أي: الصدق والبر في الجنة وكذا قوله: في النار

والصدق أي: اليقين هو المطلوب الأول إذ لا عبرة لشيء من الأعمال بدونه

-المرجع: حاشية السندي على ابن ماجه

=====

(عليكم بالصدق فإنه مع البر.. الخ )

وفي رواية لمسلم: فإن الصدق يهدي الى البر

-قلت: البِرّ اسم جامع للخير كله، وقيل : البِر الجنة

ويجوز ان يتناول العمل الصالح والجنة

والفجور: هو الميل عن الاستقامة، وقيل: الانبعاث في المعاصي

 

ومعنى الحديث ان الصدق يوصل الى العمل الصالح الخالص من كل مذموم بل يصاحبه والكذب يوصل الى العمل السوء بل يصاحبه فالزموا عليكم الصدق واعتنوا به واجتنبوا عن الكذب واحذروا عنه (فخر)

=====

قوله( ولا تحاسدوا ولا تباغضوا.. الخ)

-قال النووي: الحسد تمني زوال النعم وهو حرام والتدابر والمعاداة وقيل المقاطعة لأن كل واحد يولي صاحبه دبره

ومعنى (كونوا عباد الله اخوانا)

أي: تعاملوا وتعاشروا معاملة الاخوة ومعاشرتهم في المودة والمرفق والشفقة والملاطفة والتعاون في الخير ونحو ذلك مع صفاء القلوب والنصيحة بكل حال.

-قال بعض العلماء وفي النهي عن التباغض إشارة الى النهي عن الأهواء المضلة الموجبة للتباغض

قوله( ولا تقاطعوا) أي: الرحم

-قال القاضي عياض : الرحم التي توصل وتقطع تبتر إنما هي معنى من المعاني ليست بجسم وإنما هي قرابة ونسبة تجمعه رحم والدة ويتصل بعضه ببعض فسمى ذلك الاتصال رحما والمعنى لا يتأتى منها القيام ولا الكلام فيكون ذكر قيامها وتعلقها في حديث( قامت الرحم وفي حديث الرحم معلقة بالعرش) ضرب مثل وحسن استعارة على عادة العرب

والمراد: تعظيم شأنها وفضيلة واصليها وعظيم اثم قاطعيها بعقوقهم وحقيقة الصلة العطف والرحمة . قال : ولا خلاف ان صلة الرحم واجبة في الجملة وقطيعتها معصية كبيرة والأحاديث تشهد لهذا ولكن للصلة درجات بعضها ارفع من بعض وادناها ترك المهاجرة وصلتها بالكلام ولو بالسلام ويختلف ذلك باختلاف القدرة والحاجة فمنها واجب ومنها مستحب لو وصل بعض الصلة ولم يصل غايتها لا يسمى قاطعا ولو قصر عما يقدر عليه ينبغي له لم يسم واصلا.

واختلفوا في حد الرحم التي تجب صلتها فقيل :هو كل رحم محرم بحيث لو كان أحدهما ذكر والاخر أنثى حرمت مناكحتها فعلى هذا لا يدخل أولاد الاعمام ولا أولاد الاخوال واحتج هذا القائل بتحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها في النكاح ونحوه وجواز ذلك في بنات الاعمام والاخوال

وقيل: هو عام في كل رحم من ذوي الأرحام في الميراث يستوي المحرم وغيره ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم ثم ادناك ادناك هذا كلام القاضي ، وهذا القول الثاني هو الصواب

قوله :(ولا تدابروا) أي لا يعطى كل واحد اخاه دبره وقفاه فيعرض عنه ويهجره (إنجاح)

-المرجع: شرح سنن ابن ماجه للسيوطي وغيره

      =====               

(عليكم بالصدق) أي ألزموه (فإنه مع البر) بالكسر أي العبادة

(وهما في الجنة) أي يدخلان صاحبهما الجنة (وإياكم والكذب) اجتنبوه واحذروا الوقوع فيه (فإنه مع الفجور) الخروج من الطاعة وهما في النار

(وسلوا الله اليقين والعافية) لأنه ليس شيء مما يعمل للآخرة يتلقى إلا باليقين وليس شيء من الدنيا يهنأ لصاحبه إلا مع العافية وهي إلا من والصحة وفراغ القلب (ولا تحاسدوا) أي: لا يحسد بعضكم بعضا

-المرجع:  التيسير بشرح الجامع الصغير