‏ قال شيخ الإسلام ابن تيمية في تفاضل الايمان

"لابد من الإيمان الواجب، والعبادة الواجبة، والزهد الواجب، ثم الناس يتفاضلون في الإيمان، كتفاضلهم في شعبه، وكل إنسان يطلب ما يمكنه طلبه، ويقدم ما يقدر على تقديمه من الفاضل‏. ‏‏ والناس يتفاضلون في هذا الباب، فمنهم من يكون العلم أيسر عليه من الزهد، ومنهم من يكون الزهد أيسر عليه، ومنهم من تكون العبادة أيسر عليه منهما، فالمشروع لكل إنسان أن يفعل ما يقدر عليه من الخير، كما قال تعالى‏:‏ ‏"فاتقوا الله ما استطعتم‏" وإذا ازدحمت شعب الإيمان قدم ما كان أرضى لله وهو عليه أقدر، فقد يكون على المفضول أقدر منه على الفاضل، ويحصل له أفضل مما يحصل من الفاضل، فالأفضل لهذا أن يطلب ما هو أنفع له، وهو في حقه أفضل، ولا يطلب ما هو أفضل مطلقًا، إذا كان متعذرًا في حقه أو متعسرا يفوته ما هو أفضل له وأنفع، كمن يقرأ القرآن بالليل فيتدبره وينتفع بتلاوته، والصلاة تثقل عليه، ولا ينتفع منها بعمل، أو ينتفع بالذكر أعظم مما ينتفع بالقراءة‏. ‏‏ فأي عمل كان له أنفع ولله أطوع أفضل في حقه من تكلف عمل لا يأتي به على وجهه بل على وجه ناقص، ويفوته به ما هو أنفع له، ومعلوم أن الصلاة أكد من قراءة القرآن، وقراءة القرآن أفضل من الذكر والدعاء، ومعلوم أيضًا أن الذكر في فعله الخاص كالركوع والسجود أفضل من قراءة القرآن في ذلك المحل، وأن الذكر والقراءة والدعاء عند طلوع الشمس وغروبها خير من الصلاة‏.‏

مجموع الفتاوى (7 / 651).