الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لانبي بعده ، وبعد :
فلقد ودّعنا إنساناً نبيلاً ونفساً زكيةً وقلباً رحيما ، ذلكم الإنسان هو أخي الأكبر عبدالله بن محمد ، ودّعناه ورحل عنا في شهر الخير والبركات ، وأحسب أن هذا الوداع هو عاجل بشراه ، رحل مودّعاً أهلاً وجيلاً ممن عاصره شيباً وشبابا ، رأيت فيه -رحمه الله- كما رأى غيري ، عشية الوداع نُبل الرحيل وخفّة الحمل ، رحل نبيلاً كما عاش نبيلا ، أجمع الحضور على بشاشة الوجه الوضّاء الباسم بلقاء ربه ، رأيت الحزن يملأ المكان ، عاش موحداً ورحل موحدا -نحسبه كذلك والله حسيبه ولا نزكي على الله أحدا - الإخوة ، الجيران ، الأصدقاء ، الحضور ، كانت السكينة تغشاهم والرحمة تحفهم في ذلك المكان المهيب ، أول منازل الآخرة ، نسائم الرحمة كانت تعم المكان وتلطّف حرارة الجو ، رحمك الله -أبا محمد- عرفناك قمّة في الخُلق طيّب القلب ، حبيباً للمساكين ، متواضعا ، بسيطاً سهلاً حتى في أدق التفاصيل ، حتى الرحيل كنت فيه سهلاً مُيسرا ، كأنك اخترت وقت رحيلك ، بدعوات استجابها ربك وخالقك ، عندما كنت تلهج دائماً بحسن الختام ، الله أكبر ، ما أعظم ألم الفقد ! وفي ذات اللحظة ، يعظم حسن الرجاء بحسن القدوم ، رحيل جميل كجمال ابتسامتك ، يا عبدالله إن الآخرة بنعيمها وبقاءها وخلودها خير لك من دنيا لاتساوي عند الله جناح بعوضة ، فانعم -بإذن ربك - في قبرٍ نسال الله أن يجعله روضة من رياض الجنة ، ترى فيه مقعدك الخالد الذي لانصب فيه ولاوصب ولاتعب ولامرض ولاكدر ... فيها مالاعين رأت ولا أذن سمعت ولاخطر على قلب بشر ، أن ترحل من دنياك وأهلك وعشيرتك وجيرانك يكفكفون الدمع لرحيك ويرفعون الأكف بالدعاء والثناء فهذا من عاجل بشراك ، سمعت الجيران والأقارب يتألمون لفقدك ، افتقدك مصلاك ومسجدك ، وكأني به لو نطق لأبكى من حوله ، فاللهم ياحي ياقيوم أحسن وفادته وضيافته ، واخلفه في عقبه بخير ، واجعل ابنه محمدا خير خلف لخير سلف ، واجبر مصابه ومصاب والدته ، وأسرته ومحبيه ، اللهم أنزل على قبر عبدالله ووالديه وموتانا أجمعين الضياء والنور والفسحة والسرور ، إنك ولي ذلك والقادر عليه ...

كتبه أخوك / سعيد بن محمد بن عبدالله آل حواش عشية يوم الإثنين الموافق الثالث عشر من شهر رمضان المبارك لعام 1439هجرية .