بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ،والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.                            وبعد

فهذه نبذه عن حياة الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب وجهوده في تقرير عقيدة التوحيد الخالصة قدمتها في الدورة العلمية في بيان منهج الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في تقرير العقيدة لطالبات العقيدة في مركز نماء يوم الاثنين 30/5/1435 هـ

نشأته ونسبه :
ولد الشيخ محمد بن عبدالوهاب بن سليمان بن على بن محمد بن أحمد بن راشد بن بريد بن مشرف التميمي سنة 1115 هجري وتعلم على أبيه في بلدة العيينة وهذه البلدة هي مسقط رأسه رحمة الله عليه ، وهي قرية معلومة في اليمامة في نجد..

ولد فيها رحمة الله عليه ونشأ نشأة صالحة . وقرأ القرآن مبكرا .
واجتهد في الدراسة ، والتفقه على أبيه الشيخ عبد الوهاب بن سليمان - وكان فقيها كبيرا وعالما قديرا ، وكان قاضيا في بلدة العيينة - ثم بعد بلوغ الحلم حج وقصد بيت الله الحرام وأخذ عن بعض علماء الحرم الشريف .
ثم توجه إلى المدينة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام ، فاجتمع بعلمائها ، وأقام فيها مدة ، وأخذ من عالمين كبيرين مشهورين في المدينة ذلك الوقت ،

وهما : الشيخ عبد الله بن إبراهيم بن سيف النجدي ، أصله من المجمعة ، وهو والد الشيخ إبراهيم بن عبد الله صاحب العذب الفائض في علم الفرائض ،

وأخذ أيضا عن الشيخ الكبير محمد حياة السندي بالمدينة . هذان العالمان ممن اشتهر أخذ الشيخ عنهما بالمدينة .

ورحل الشيخ لطلب العلم إلى العراق فقصد البصرة واجتمع بعلمائها ، وأخذ عنهم ما شاء الله من العلم ، وأظهر الدعوة هناك إلى توحيد الله ودعا الناس إلى السنة ، وأظهر للناس أن الواجب على جميع المسلمين أن يأخذوا دينهم عن كتاب الله وسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام ، وناقش وذاكر في ذلك ، وناظر هنالك من العلماء ، واشتهر من مشايخه ، هناك شخص يقال له الشيخ محمد المجموعي ، وقد ثار عليه بعض علماء السوء بالبصرة وحصل عليه وعلى شيخه المذكور بعض الأذى ، فخرج من أجل ذلك وكان من نيته أن يقصد الشام فلم يقدر على ذلك لعدم وجود النفقة الكافية ،  فخرج من البصرة إلى الزبير وتوجه من الزبير إلى الإحساء واجتمع بعلمائها وذاكرهم في أشياء من أصول الدين ثم توجه إلى بلاد حريملاء وذلك ( والله أعلم ) في العقد الخامس من القرن الثاني عشر لأن أباه كان قاضيا في العيينة وصار بينه وبين أميرها نزاع فانتقل عنها إلى حريملاء سنة 1139 هجرية فقدم الشيخ محمد على أبيه في حريملاء بعد انتقاله إليها سنة 1139 هجرية ، فيكون قدومه حريملاء في عام 1140 هـ أو بعدها ، واستقر هناك ولم يزل مشتغلا بالعلم والتعليم والدعوة في حريملاء حتى مات والده في عام 1153 هجرية فحصل من بعض أهل حريملاء شر عليه ..وقيل : إن بعضهم تسور عليه الجدار فعلم بهم بعض الناس فهربوا.
استقراره في العيينة
بعد هذه الحادثة خرج الشيخ للعيينة واستقر بها ، وأسباب غضبهم عليه أنه كان آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر ، وكان يحث الأمراء على تعزير المجرمين الذين يعتدون على الناس بالسلب والنهب والإيذاء .

 ثم انتقل إلى بلدة العيينة وأميرها إذ ذاك عثمان بن محمد بن معمر ، فنزل عليه ورحب به الأمير ، وقال : قم بالدعوة إلى الله ونحن معك وناصروك وأظهر له الخير ، والمحبة والموافقة على ما هو عليه ، فاشتغل الشيخ بالتعليم والإرشاد والدعوة إلى الله عز وجل ، وتوجيه الناس إلى الخير ، والمحبة في الله ، رجالهم ونسائهم ، واشتهر أمره في العيينة وعظم صيته وجاء إليها الناس من القرى المجاورة .
وبلغ أمير الإحساء وتوابعها من بني خالد سليمان بن عريعر الخالدي أمر الشيخ وأنه يدعو إلى الله وأنه يهدم القباب ، وأنه يقيم الحدود فعظم عليه أمر الشيخ...

 فخاف أن هذا الشيخ يعظم أمره ويزيل سلطانه.

فكتب إلى عثمان يتوعده ويأمره أن يقتل هذا المطوع الذي عنده في العيينة ، وقال : إن المطوع الذي عندكم بلغنا عنه كذا ، وكذا!! فإما أن تقتله ، وإما أن نقطع عنك خراجك الذي عندنا!! وكان عنده للأمير عثمان خراج من الذهب ، فعظم على عثمان أمر هذا الأمير ، وخاف إن عصاه أن يقطع عنه خراجه أو يحاربه ، فقال للشيخ : إن هذا الأمير كتب إلينا كذا وكذا ، وأنه لا يحسن منا أن نقتلك وأنا نخاف هذا الأمير ولا نستطيع محاربته ، فإذا رأيت أن تخرج عنا فعلت ، فقال له الشيخ : إن الذي أدعو إليه هو دين الله وتحقيق كلمة لا إله إلا الله ، وتحقيق شهادة أن محمدا رسول الله ، فمن تمسك بهذا الدين ونصره وصدق في ذلك نصره الله وأيده وولاه على بلاد أعدائه ، فإن صبرت واستقمت وقبلت هذا الخبر فأبشر فسينصرك الله ويحميك من هذا البدوي وغيره ، وسوف يوليك الله بلاده وعشيرته ، فقال : أيها الشيخ أنا لا نستطيع محاربته ، ولا صبر لنا على مخالفته.

دخول الشيخ محمد إلى الدرعية :
فخرج الشيخ عند ذلك وتحول من العيينة إلى بلاد الدرعية ، جاء إليها ماشيا فيما ذكروا حتى وصل إليها في آخر النهار ، وقد خرج من العيينة في أول النهار ماشيا على الأقدام لم يرحله عثمان ، فدخل على شخص من خيارها في أعلى البلد يقال له : محمد بن سويلم العريني فنزل عليه ، ويقال : إن هذا الرجل خاف من نزوله عليه وضاقت به الأرض بما رحبت ، وخاف من أمير الدرعية محمد بن سعود فطمأنه الشيخ وقال له : أبشر بخير ، وهذا الذي أدعو الناس إليه دين الله ، وسوف يظهره الله ، فبلغ محمد بن سعود خبر الشيخ محمد ، ويقال :
أخبره به زوجته جاء إليها بعض الصالحين وقال لها : أخبري محمدا بهذا الرجل ، وشجعيه على قبول دعوته وحرضيه على مؤازرته ومساعدته وكانت امرأة صالحة طيبة ، فلما دخل عليها محمد بن سعود أمير الدرعية وملحقاتها قالت له : أبشر بهذه الغنيمة العظيمة! هذه غنيمة ساقها الله إليك ، رجل داعية يدعو إلى دين الله ، ويدعو إلى كتاب الله ، يدعو إلى سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام يا لها من غنيمة! بادر بقبوله وبادر بنصرته ، ولا تقف في ذلك أبدا ، فقبل الأمير مشورتها ، ثم تردد هل يذهب إليه أو يدعوه إليه؟! فأشير عليه ويقال : إن المرأة أيضا هي التي أشارت عليه مع جماعة من الصالحين وقالوا له : لا ينبغي أن تدعوه إليك ، بل ينبغي أن تقصده في منزله ، وأن تقصده أنت وأن تعظم العلم والداعي إلى الخير ، فأجاب إلى ذلك لما كتب الله له من السعادة والخير رحمة الله عليه وأكرم الله مثواه.

فذهب إلى الشيخ في بيت محمد بن سويلم ، وقصده وسلم عليه وتحدث معه ، وقال له يا شيخ محمد أبشر بالنصرة وأبشر بالأمن وأبشر بالمساعدة ، فقال له الشيخ : وأنت أبشر بالنصرة أيضا والتمكين والعاقبة الحميدة ، هذا دين الله من نصره نصره الله ، ومن أيده أيده الله وسوف تجد آثار ذلك سريعا ، فقال : يا شيخ سأبايعك على دين الله ورسوله وعلى الجهاد في سبيل الله ، ولكنني أخشى إذا أيدناك ونصرناك وأظهرك الله على
أعداء الإسلام ، أن تبتغي غير أرضنا ، وأن تنتقل عنا إلى أرض أخرى .

فقال : لا أبايعك على هذا . . . أبايعك على أن الدم بالدم والهدم بالهدم لا أخرج عن بلادك أبدا ، فبايعه على النصرة وعلى البقاء في البلد وأنه يبقى عند الأمير يساعده ، ويجاهد معه في سبيل الله حتى يظهر دين الله ، وتمت البيعة على ذلك

أعمال الشيخ بالدرعية :
توافد الناس إلى الدرعية من كل مكان ، من العيينة ، وعرقة ، ومنفوحة ، والرياض وغير ذلك ، من البلدان المجاورة ، ولم تزل الدرعية موضع هجرة يهاجر إليها الناس من كل مكان ، وتسامع الناس بأخبار الشيخ ، ودروسه في الدرعية ودعوته إلى الله وإرشاده إليه ، فأتوا زرافات ووحدانا .
فأقام الشيخ بالدرعية معظما مؤيدا محبوبا منصورا ورتب الدروس في الدرعية في العقائد ، وفي القرآن الكريم ، وفي التفسير ، وفي الفقه ، وأصوله ، والحديث ، ومصطلحة ، والعلوم العربية ، والتاريخية ، وغير ذلك من العلوم النافعة ، وتوافد الناس عليه من كل مكان ، وتعلم الناس علمه في الدرعية الشباب وغيرهم ، ورتب للناس دروسا كثيرة للعامة ، والخاصة ، ونشر العلم في الدرعية واستمر على الدعوة .
بدأ بالجهاد وكاتب الناس إلى الدخول في هذا الميدان وإزالة الشرك الذي في بلادهم ، وبدأ بأهل نجد ، وكاتب أمراءها وعلماؤها . كاتب علماء الرياض وأميرها دهام بن دواس ، كاتب علماء الخرج وأمراءها ، وعلماء بلاد الجنوب والقصيم وحائل والوشم ، وسدير وغير ذلك ، ولم يزل يكاتبهم ويكاتب علماءهم وأمراءهم .
وهكذا علماء الإحساء وعلماء الحرمين الشريفين ، وهكذا علماء الخارج في مصر ، والشام ، والعراق ، والهند ، واليمن ، وغير ذلك ، ولم يزل يكاتب الناس ويقيم الحجج ويذكر الناس ما وقع فيه أكثر الخلق من الشرك والبدع ، وليس معنى هذا أنه ليس هناك أنصار للدين بل هناك أنصار والله جل وعلا قد ضمن لهذا الدين أن لا بد له من ناصر ولا تزال طائفة في هذه الأمة على الحق منصورة كما قال النبي عليه الصلاة والسلام ، فهناك أنصار للحق في أقطار كثيرة .

علم الشيخ وصفاته :
كان الشيخ رحمه الله تعالى علماً من الأعلام ، ناصراً للسنة وقامعاً للبدعة ، خبيراً مطلعاً ، إماماً في لتفسير والحديث والفقه وأصوله ، وعلوم الآلة كالنحو والصرف والبيان ، عارفاً بأصول عقائد الإسلام وفروعها ، كشافاً للمشكلات ، حلالاً للمعضلات ، فصيح اللسان ، قوي الحجة ، مقتدراً على إبراز الأدلة وواضح البراهين بأبلغ عبارة وأبينها – تلوح على محياه علامات الصلاح وحسن السير ، وصفاء السريرة ، يحب العباد ويغدق عليهم من كرمه ويصلهم ببره وإحسانه ، ويخلص لله في النصح والإرشاد ، كثير الاشتغال بالذكر والعبادة ، قلما يفتر لسانه من ذكر الله .
وكان يعطي عطاء الواثق بربه ، ويتحمل الدَّين الكثير لضيوفه ومن يسأله . وكان عليه أبهة العظمة ، تنظره الناس بعين الإجلال والتعظيم مع كونه متصفاً بالتواضع واللين ، مع الغني والفقير ، والشريف والوضيع .
وكان يخص طلبة العلم بالمحبة الشديدة ، وينفق عليهم من ماله ، ويرشدهم على حسب استعدادهم .
وكان يجلس كل يوم، عدة مجالس ليلقي دروسه في مختلف العلوم، من توحيد ، وتفسير،وحديث ،وفقه ،وأُصول وسائر العلوم العربية.
وكان عالماً بدقائق التفسير والحديث،وله الخبرة التامة في علله ورجاله، غير ملول ولا كسول من التقرير والتحرير،والتأليف والتدريس.
وكان صبوراً عاقلاً ،حليماً ، لا يستفزه الغضب إلا أن تنتهك حرمة الدين أو تهان شعائر المسلمين ، فحينئذ يناضل بسيفه ولسانه ، معظماً للعلماء ، منوهاً بما لهم من الفضائل ، آمراً بالمعروف ، ناهياً عن المنكر ، غير صبور على البدع ، ينكر على فاعليها بلين ورفق، متجنباً الشدة والغضب والعنف ، إلا أن تدعو إليه الحاجة .
ولا غرو إذا اتصف الشيخ بتلك السجايا الحميدة ، والأخلاق الكريمة ، فقد ورث تلك عن آبائه وأسلافه الأبرار ،لأنهم كانوا معروفين بالعلم والفضل والزهد .
فقد كان جده سليمان بن علي عالم نجد في زمانه له اليد الطولي في كثير من الفنون ، فشدت إليه الرحال من أصقاع نجد لتحصيل العلوم .
قال ابن بشر : صنف مصنفات عديدة ، ودرّس وأفتي وأفاد طلاب العلوم من علمه الواسع .
وأبوه الشيخ عبد الوهاب قد كان عالماً كاملاً ، ورعاً ، وزاهداً ،له معرفة تامة في علوم الشريعة وآلاتها .
تولى القضاء في عدة أماكن من نجد ، منها العيينة ، وحريملا ، وله مؤلفات ورسائل مستحسنة ، فرحم الله الجميع رحمة واسعة .

مؤلفات الشيخ :
ألف عدة كتب :

-        منها كتاب التوحيد ، وهو غني بالشهرة عن التعريف به .

-        كشف الشبهات .

-         ثلاثة الأصول.

-        مختصر السيرة النبوية.

-        مختصر الإنصاف والشرح الكبير في الفقه .

-         نصيحة المسلمين بأحاديث خاتم المرسلين .

-        كتاب الكبائر .

-         آداب المشي إلى الصلاة .

-         أصول الإيمان .

-         مختصر زاد المعاد .

-         مختصر صحيح البخاري .

-         مسائل الجاهلية .

-         إستنباط من القرآن ( يقع في جزأين ) .

-         أحاديث الفتن .
وله رسائل عديدة ، وأكثرها في التوحيد

منهج الإمام محمد بن عبدالوهاب في تقرير العقيدة:

 الكلام على منهج أئمة الدعوة هذا هو الذي يقرره أئمة الدعوة قرره الشيخ محمد بن عبد الوهاب، هذا هو منهج ابن تيمية هذا هو منهج ابن القيم، هذا منهج السلف، وكثير منها قضاء بغير علم كما يعرفه المتبصر في هذه المسائل والناس في ذلك ما بين غالٍ فيها وما بين جافٍ، وهذه الأمة وسط ?وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا?[البقرة:143]، وكذلك وسط بين طرفي الغلو والتفريط.
إذا تبين هذا فإن الإمام المصلح مجدد أمر الدين في زمانه محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى كان مقتفيا لأثر من قبله؛ حتى إنه لا يُعرف له في مسألة أنه تكلم فيها من غير سابق له من أئمة الإسلام، وإنما كان يتّبع من قبله من الأئمة وخاصة الإمام أحمد بن حنبل الشيباني رحمه الله المتوفى 241هـ، والإمام ابن تيمية المتوفى سنة 728هـ والعلامة ابن القيم والحافظ الذهبي وابن كثير ونحو ذلك من العلماء الذين قرروا منهج السلف بوضوح.
فإذن هو في منهجه متّبع لأئمة الإسلام من أئمة السلف الصالح فمن بعدهم، ولم يكن في منهجه مبتدعا منهجا جديدا، لا في العقيدة ولا في العلم ولا في التعامل بأي نوع من التعامل.
لهذا إذا تكلمنا على منهجه في الواقع في تقرير العقيدة فإنه منهج للسلف الصالح.
ما هي العقيدة أو التوحيد الذي نبحث في منهجه فيه؟

التوحيد  من أهل العلم من قسمه إلى ثلاثة أقسام:
ومنهم من قسمه إلى قسمين وهو توحيد في المعرفة والإثبات وتوحيد في القصد والطلب.
فالأول ثلاثة أقسام ألوهية وربوبية وأسماء وصفات.
والتقسيم الثاني توحيد في المعرفة والإثبات وهو توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات، وتوحيد في القصد والطلب وهو توحيد العبادة أو توحيد الإلهية.
وهذا القسم ..توحيد القصد والطلب هو الذي شحذ همة الإمام المصلح رحمه الله في دعوته الإصلاحية في تجديد أمر الدين.
كذلك يدخل في العقيدة والتوحيد اتّباع النبي الكريم محمد بن عبد الله عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ في اتباع سنته والحض عليه والنهي عن البدع ومحدثات الأمور.
إذا تبيّن هذا فما هي معالم هذا المنهج ؟؟
المعلم الأول:

  أول معلم من معالم المنهج: أنّ منهج السلف الصالح ومنهج أئمة الإسلام في تقرير العقيدة هي أنّه لا يصح أن تؤخذ العقيدة إلا من كتاب الله جل وعلا ومن سنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومن ما أجمع عليه السلف.
فحينئذ لا يكون الاستدلال بالعقل في مسائل الاعتقاد دليلا ولا منهجا، وحينئذ لا يكون الاستدلال بالوجه أو الاستحسان أو ما يظهر لفلان أو ما يستحسنه فلان من أنه له مدخل في ذلك.

ويبطل حينئذ استدلال الناس بمسائل الاعتقاد بالمنامات أو بما يراه، أو يقول جاءني شبه إلهام كما يدعيه قوم من الصوفية ونحوهم في إثبات أشياء أو نفي أشياء عن طريق المنامات وعن طريق الرؤى وعن طريق الوجد وعن طريق أشياء مشابهة لذلك.
أيضا يبطل في هذا سلوك أهل البدع في تقرير مذاهبهم من الخوارج ومن المرجئة والقدرية والمعتزلة والجهمية والأشاعرة ونحو ذلك، ممن يُثبتون عقائدهم بالاستدلال ببعض الأدلة دون بعض، ولا يأخذون كل ما جاء في المسألة من الأدلة؛ ولكن يأخذون ببعض ويتركون بعضا، ولهم نصيب من قوله (فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ) , فلم يجعل حتى خطبة لكتاب للكتاب التوحيد، الواحد يؤلف كتاب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، هذا كتاب أردت فيه بيان توحيد..، لم يجعل هذا الإمام المصلح لم يجعل ولا كلمة في مقدمة كتابه لأن لا أحد يدل على التوحيد أعظم من رب العالمين، فكان من تعظيم الله جل وعلا ومن الدلالة على أن المنهج في التوحيد أنه لا يُسبق كلام الله بكلام، ولا يسبق كلام رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا بكلام الله جل وعلا وتقدس.
لهذا تجد أن كتاب التوحيد وهو في تقرير توحيد الإلهية وما يضاد توحيد الإلهية وتوحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات وما يتصل بذلك من مباحث كما هو معروف، هذا الكتاب ليس فيه إلا آية أو حديث، وأحيانا يأتي بكلام يوضح معنى كلمة أو جملة أو حكمٍ في الآية والحديث من نقل من بعض أهل العلم المعتبرين في ذلك.
وعلى هذا جميع كتب الإمام رحمه الله تعالى، عاب قوم الإمام رحمه الله فقالوا إنه لا يطنب في التأليف معلوماته قليلة، لا يفصل لا يستطرد، وهذا في الواقع من المنهج؛ لأن الدعوة دعوة التوحيد، ليست هي دعوة لطلبة العلم، ليس علما خاصا بفئة من الناس يتعلمونها، التوحيد حق الله على العبيد، للجميع الصغير والكبير والمرأة والرجل وطالب العلم والبدوي والقريب والبعيد يأخذه، فإذا فصّل فيه وأطال فإن بعض طول الكلام ينسي بعضه بعضا، فلهذا كان يختصر جدا في تقرير التوحيد والعقيدة بالدليل من الكتاب والسنة ليكون المتلقي لهذا المنهج معه الدليل الواضح البين من كتاب الله ومن سنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وليس معه تفصيل كلام يذهب قوة الاستدلال.
ومعلوم أن كثرة البحوث التي نشأت في زمن القرن الثاني والثالث أَضعفت من أخذ العقيدة من مصدرها الكتاب والسنة، وكثر الخلاف فيها لأنه كثر الكلام.

 المعلم الثاني:

 من معالم هذا المنهج المبارك أنّ تقرير التوحيد والعقيدة بعامة هو أولى الأولويات وأولى المهمات،

وذلك لقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمعاذ بن جبل «إنك تأتي قوما أهل كتاب فليكن أو ل ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله» وفي رواية أخرى عند البخاري في كتاب التوحيد «فليكن أول ما تدعوهم إليه إلى أن يوحدوا الله» وعند مسلم في أول صحيحه «إلى أن يعرفوا الله» وهذا يدل على أن أولى الأولويات في الدعوة هو أن يدعا إلى التوحيد.
والدعوة إلى التوحيد لابد فيها من ترتيب للأولويات في داخله.
فإذن عندنا مسألتان في تفرد هذا المنهج:
الأولى أن الدعوة إلى توحيد الله جل وعلا في ألوهيته وعبادة الناس للواحد الأحد دونما سواه، أن هذا هو منهج هذا الإمام المصلح في دعوته، فلم يبدأ دعوته بسلوكيات ولا بزهديات.. وإنما صبر وصبر سنين حتى يقرر توحيد العبادة وما يدل من حق الله في ربوبيته وفي أسمائه وصفاته جل وعلا.
إذا تبين ذلك فإنّ التوحيد إذا كان هو أهم المهماتـ والتوحيد والعقيدة أولا لو كانوا يعلمون، فإن مسائل التوحيد تختلف أيضا في ترتيب أولوياتها، لهذا تجد أن الإمام في دعوته وفيما يقرره وفي رسائله، ما يقرره في كتبه وفي رسائله تجد أنه لا يجعل المسائل المتصلة بالعقيدة والتوحيد في مرتبة واحدة؛ بل أخّر بعض المسائل حتى اتضحت الدعوة وانتشرت، وبدأ بالمسائل العظيمة.
المسألة العظيمة الأولى أن دعوة غير الله جل وعلا شرك، الاستغاثة بغير الله جل وعلا شرك، طلب المدد والحاجات من الأموات وشفاء الأمراض وجعل المخلوق له صفات الخالق أن هذا كفر وشرك.
وأخر بعض المسائل في مثل بعض مسائل تقرير الصفات والرد على الأشاعرة، في بعض مسائل التوسل أخرها، في بعض مسائل التبرك لم يوردها، وذلك بيّن في منهجه .

فإذن إذا قلنا التوحيد أولا وهو أهم المهمات، فليس معنى ذلك لأن يعطى الناس كل مسائل التوحيد دفعة واحدة، يعطى لقوم يجهلون الأصول وعندهم خلل في أصل التوحيد، عندهم وقوع في شركيات كبرى، فنبحث معهم مسألة التبرك بالصالحين، أو التبرك بالماء أو بالسؤر أو التمسح ببعض الصالحين الأحياء أو بعض تأويل الصفات أو نحو ذلك، ليس الأمر هكذا.
الشيخ رحمه الله بدأ دعوته بشيء عظيم واضح؛ لأن حجة الخصم فيه هي أضعف ما يكون، ولو ركّز على بعض المسائل التي فيها من الكلام ما فيها، من النقول عن العلماء مثل مسائل التبرك أو مسائل التوسل أو بعض مسائل تأويل الصفات أو نحو ذلك، لترك العلماء في وقته الذين ناهضوه وآذوه لتركوا الكلام في المسائل المهمة وركزوا على هذه المسائل ليطعنوا فيه أو ليردوا عليه، فكان من الحكمة أنه أخذ بسنة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أنه قرّر توحيد العبادة الأكبر.
تعلمون مثلا مسائل الحلف بغير الله جل وعلا ما جاء تحريم ذلك إلا في المدينة، أما في مكة ما كان تحريم ذلك، فكان الرجل يحلف بأبيه ويحلف بالكعبة ويحلف ببعض الأشياء يعني غير الآلهة، ولكنه لم يُنْهَ عنه بعد ذلك، قوله ما شاء الله وشئت هذا إنما نهي عنه في المدينة في قصة مع اليهود مع بعض أحبار اليهود حيث قالوا لبعض الصحابة: إنكم لأنتم القوم لولا أنكم تنددون تقولون ما شاء الله وشاء محمد. فلما بلغ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك قال «قولوا ما شاء الله وحده» هذا كان في المدينة، المسألة عقدية كانت متصلة بالتوحيد؛ لكن لم تقرر في هدي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مكة.
المعلم الثالث:

 في منهج هذه الدعوة المباركة: أن الإمام المصلح رحمه الله تعالى لم يفرّق في دعوته ما بين أصناف الناس، لم يجعل دعوته خاصة بالشباب، لم بجعل دعوته للأذكياء أو للنابغين، وإنما جعل دعوته لكل مكلّف؛ لأنها دعوة ليست لحزب وليست لسياسة وليست لغرض دنيوي، وإنما هي لتعبيد الناس لرب العالمين، فتارة تتوجه الدعوة إلى شباب، تارة تتوجه الدعوة إلى فئة، هذا لا يجوز لأن المقصود تعبيد الناس لرب العالمين.
فتخصيص الدعوة لطائفة من المكلفين دون طائفة والتركيز عليهم هذا ليس منهجا نبويا، وإنما الدعوة للجميع سيكون الشباب في الغالب هم الأكثر تقبلا لا لأجل تخصيصهم لكن لأجل أنهم هم الأكثر تقبلا كما قال جل وعلا ?فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ?[يونس:83]، وقال ابن كثير معنى ?ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ? يعني أمهم شابا لأن أكثر أتباع الأنبياء كانوا شبابا لا لأجل أن دعوة الأنبياء والمرسلين توجهت إلى الشباب؛ ولكنهم الأسلم من جهة الأهواء في قبول الحق فإذا كانت الدعوة عامة فستقبلها في الغالب هذه الفئة أكثر من غيرها من الفئات لقلة الهوى وفيهم في الغالب، فكان من منهج الإمام رحمه الله في دعوته أن دعوته خاطبت أمراء القرى في وقته، وخاطبت العلماء، وخاطبت العامة، وخاطبت الحضر، وخاطبت البادية، وخاطبت النساء والرجال.
فكان العلم يبث في النساء كما يبث في الرجال، وكان في الدرعية في ذلك الوقت كان هناك مكان يخصص للدروس -كما ذُكر- يحضره الرجال ويحضره النساء كل يوم في أواخر وقت الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
المعلم الرابع:

 من معالم منهج الإمام رحمه الله في تقرير العقيدة أنه رحمه الله تعالى كان يحمل العقيدة حملا كاملا على منهج السلف الصالح.
فحملها في أبواب أركان الإيمان توحيد الله ربوبيته أولهيته أسماءه وصفاته والإيمان بالكتاب وعدم تأويل الصفات وتقرير ما قرره السلف وعدم الدخول في الغيبيات بما ينفي ذلك عن ظاهرها.
ودخل أيضا في مناهج فيما يسمى يسميه بعضهم المنهج أو التعامل دخل فيه على نحو ما كان السلف الصالح.
وقرر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونشره بالطريقة الشرعية على ما توجبه الشريعة دون غلو فيه ودون تفريط، وقرر طاعة ولاة الأمور في ذلك والسمع لهم والطاعة فيما لم يأمروا فيه بمعصية والجهاد معهم ونصرة ذلك.
وقرر المنهج في التعامل مع المخالف من المشركين والمبتدعة.
فكان له في كل مسألة الكلام الأوفى والتقرير البين، فتجد ليونته ورحمته في مسألة، وتجد قوته وشدته في مساكنة المشركين والنوم معهم، وتكثير سواد المشركين في أي مكان.
فنوع التعامل مشى فيه على ما دلت عليه النصوص دون أهواء أو نظر إلى ما لم يدل عليه الدليل، أو لم يكن عليه منهج السلف الصالح.
كذلك في مسائل السلوك والأخلاق.
 المعلم الخامس:

وهو أثر العقيدة أو المنهج في الاعتقاد عند الإمام رحمه الله تعالى في تربية الناس من طلبة العلم ومن غيرهم بل جميع الناس على السلوك الحسن والتعبد لله جل وعلا..

يعنى بالسلوك ما يعمله العبد في سلوكه مع ربه جل وعلا ومع الخلق.
هناك دعوات تهتم بالعقيدة؛ لكن تجد أن العقيدة لا تؤثر في أصحابها من جهة التعبد، فيكونون ضعيفين في التعبد حتى في الواجبات، ربما كان إهمال أو في التطوعات من باب أولى أو كان هناك تساهل في السلوك فيما يتعلق برحمة الخلق والتعامل معهم؛ مع الوالدين مع الأسرة مع الأبناء مع الزوجة مع مع إلى آخره، ..لأن حقيقة الاعتقاد أنه إيمان بالله وبكتبه وبالنبي محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنه إيمان باليوم الآخر، فمن كان عنده إيمان بالله وما يستحقه جل وعلا، وعنده إيمان بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما جاء به، وعنده إيمان بالقرآن وتطبيق لذلك، وعنده إيمان باليوم الآخر وخوف من الله جل وعلا، فلا بد أن يؤثر هذا في سلوكهم:
أولا حرصه على عبادته بربه جل وعلا.
وثانيا في حسن تعامله مع إخوانه والخَلق.
لهذا تجد أن العقيدة التي دعا إليها الإمام رحمه الله نقلت الناس في نجد بالذات نقلت الناس الذين كانوا قريبين من الدعوة إلى أنهم كانوا أكثر تعبدا أكثر إعمارا للمساجد العمارة المعنوية والتبكير للصلوات والتواصي بالحق التواصي بالصبر، البذل.

كان طالب العلم من طلبة الشيخ رحمه الله يقول له نريد أن تكون في منطقة كذا أبعد منطقة في القضاء أو في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو في الدعوة وما شابه ذلك فيذهب؛ لأن عندهم الرغبة العقيدة -يعني في تقريريها- لها سمة يغلب على صاحبه في تعبده وفي سلوكه وفي أنواع تعامله وهذا مهم جدا اليوم في كل دعوة تدعو إلى التوحيد.

 المعلم السادس:
هو أن تقرير التوحيد عند الإمام رحمه الله..كان ظاهرا أتم ظهور
في الحض والدعوة إلى الاتباع بسنة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
الاتباع للسنة من حيث الأخذ بها والاستدلال بها في العلميات، الاتباع للسنة من حيث العمل بها في العمليات،

الاتباع للسنة بالرجوع بالهدي إلى ما كان عليه السلف الصالح رضوان الله عليهم، فكان منهجه يعلمه العوام في المسائل المشتبهة التي تشتبه على كثير من العلماء، فيكون تقريره لها أسهل تقرير.
فيقول لقائل في مسائل مثلا في بعض البدع العامي ممن تربوا وأخذوا من هذه الدعوة، يسأل في مسألة مما يستحسنها الناس يقول هل فعلها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ هل فعلها الصحابة؟

فإذا قالوا: لا. إذن الجواب واضح ولا ندخل في تفصيلات مثل ما دخل فيها طائفة حتى من الأذكياء والعلماء.
مثلا المولد العلماء بحثوا فيه أكثر من مائة بحث وفيه كُتب لكن الشيخ رحمه الله رباهم باتباع السنة على كلمة واحدة، فعل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أم لم يفعل؟ لم يفعل لا نفعل، وهذه الوجازة في الأسلوب للسنة سهلة وتقبلها الفطرة من أي فرد كان، إلا إذا أتت عليها معارضة؛ لكن تبقى في الفطرة مؤثرة، ما فعلها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
مثل هذه الليلة ليلة النصف من شعبان طائفة من الناس يحيون هذه الليلة إما بحفلة وإما باجتماع على عبادة، وإما بشد الرحل إلى مكان ليكون فيه كذا وكذا، ويخصصون هذه الليلة بقيام واجتماع وحفل ويخصون الخامس عشر أيضا بالصيام دون غيره، حتى ولو كان يوم الجمعة فقط يخصون الخامس عشر بصيام، وهنا هذه بالمناسبة.

هنا يسأل السائل فعل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أم لم يفعل؟ إذا قال فعل نفعل إذا قال: لا لم يفعل لكن هذا فيه..، يظهر لك أنه ليس فيها اتباع.
فإذن هنا منهج تعليم الناس للسنة والبدعة لم يتبع فيه رحمه الله المنهج المعقد في تعريف البدع وفي الأخذ بها، وإنما المسألة واضحة جدا لما علّم الناس فيها.
ولهذا قال رحمه الله في كشف الشبهات (والعامي من الموحدين يغلب الألف من علماء هؤلاء المشركين)

لماذا؟ لأنّ معه الحق القليل الواضح الذي لا يستطيع أن يجادل معه خصمه لكن يذهب إلى بنيات الطريق فيضل في ذلك

 المعلم السابع:

 منهجه في تقرير العقيدة، أنه رحمه الله تعالى ومن سلك بعده في ذلك اعتنى بالرد –الرد التفصيلي- على من خالف العقيدة في مسألة أو في أصل التوحيد والاعتقاد، ولأئمة الدعوة كما تعلمون الرّدود الكثيرة.
الرد على المخالف في مسائل التوحيد هذا فيه فائدتان:
الفائدة الأولى: إنكار المنكر.
الفائدة الثانية: في تقرير الحق وبيان المحجة وإقامة الحجة.
لهذا اهتموا أنه من يهاجم الدعوة دعوة الإسلام أو يعني دعوة التوحيد، ويبين مثلا؛ يحسن عبادة الأولياء أو يحسن الذهاب إلى المشاهد أو الاستغاثة بالصالحين أو نحو ذلك؛ يعني من الأموات ردوا عليه،

وهو رحمه الله تعالى وأئمة الدعوة أيضا ردوا على كل من خالف الدعوة في هذا؛ ولكن الرد يكون بعلم وبحلم، والرد يكون بعلم وبحلم؛ لا يكون الرد خالٍ من العلم وفيه قوة في الألفاظ وتعدي، فيفهم منه القابل أنك لست قويا في الحجة، فإنما عندك نزاع وشدة في الكلام وإلى آخره وتتهجم دون قوة في الحجة، فكانوا أقوياء في ردودهم والردود مهمة في تبيين الملة وتبيين الحق.
إذا تبينت هذه المعالم فنمر مرورا سريعا على بعض كتب الإمام رحمه الله تعالى ونأخذ أمثلة أو بيان معالم هذا المنهج في هذه الكتب

 بيان معالم هذا المنهج في هذه الكتب.
أولا وأشهر الكتب كتاب التوحيد كتاب التوحيد ظاهر فيه المنهج:
أولا في تقرير التوحيد في الكتاب والسنة.
الثاني في إنه راعى إجماع السلف حتى أنه، لما أتت مسألة التمائم من القرآن قال لما كانت التمائم من القرآن فقد إلى آخره، فذكر فيها قد أخطأ فيها جماعة إلى آخره وهنا رعى ما اتفقوا عليه ورعى أيضا ما اختلفوا فيه.
الثالث ننظر في كتاب التوحيد إلى أنه قرر الأولويات فيما قرره في المسائل، بيّن أن أول ما يدعى التوحيد، وأنه أهم من الفرائض، وبيّن كيف يعامل المخالف أيضا فيما ذكره في المسائل.
إذا أخذت كتاب ثلاثة الأصول مثلا، أو الأصول الثلاثة وأدلتها؛ يعني ثم كتابان كتاب سهل لتعليم العقيدة العامة ويسمى الأصول الثلاثة أو ثلاثة الأصول والكتاب الكبير المعروف ثلاثة الأصول وأدلتها أو الأصول الثلاثة وأدلتها.
تجد أن هذا الكتاب مبني على شرح ما يهم المتعلم المبتدئ، في بيان واجب العلم وواجب العمل وواجب الدعوة وواجب الصبر وفي بيان أصول الدين الثلاثة معرفة العبد ربه ومعرفة العبد دينه ومعرفة العبد نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأوضح ذلك باختصار كل مسألة بدليلها.
وهنا ننبه تنبيه في هذا الكتاب إلى أن بعض الناس قالوا: إن الشيخ رحمه الله في أن قوله إنه يؤخذ دين الإسلام بالأدلة أن هذا وافق فيه المعتزلة، كما قال بعض طلبة العلم عندنا. وهذا غلط كبير على الشيخ رحمه الله المعتزلة ومن نحا نحوهم في المنهج العقلي، لا يصح عندهم الإسلام إلا بالدليل العقلي؛ يعني بمعنى لابد أن يُحكم الدليل العقلي إما بالنظر عندهم أو يتحرى إلى آخره والدليل عندهم هنا النظر في الكونيات والنظر في النفس.

أما أئمة الإسلام وعلماء السلف فهنا ينظرون إلى معرفة الإسلام إلى الإسلام بالدليل الشرعي يعني من الكتاب والسنة. المعتزلة والجهمية ومن نحا نحوهم والأشاعرة عندهم الدليل العقلي أول واجب عندهم هو النظر أو الشك على أقوال عندهم في ذلك بمعنى النظر في الملكوت حتى تثبت بالعقل أنّ الله جل وعلا واحد في خلقه، وأنه هو الذي يعبد بالعقل؛ لكن عندنا ليس الأمر كذلك، وإنما هو بالدليل الشرعي؛ يعني أن يعرض الدليل على هذه المسألة.
لذلك مثلا إذا أتى لمسألة من المسائل وأما النذر فدليله قول الله تعالى ?يُوفُونَ بِالنَّذْرِ?[الإنسان:7] مثلا، أو نحو ذلك ?وَمَا أَنفَقْتُم مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُم مِّن نَّذْرٍ فَإِنَّ اللّهَ يَعْلَمُهُ? البقرة:27.
كتاب فضل الإسلام

–كل كتب الشيخ يسيرة أوراقها قليلة لكن منهجها واضح وتصلح للجميع في التعرف على المنهج.
فضل الإسلام كتاب في منهج الاتباع، منهج السلوك، منهج العمل، منهج التسمية الموقف من البدع وذم البدع والابتداع وأهله حتى في مسائل المسميات تكلم عنها رحمه الله تعالى في هذا الكتاب؛ لأجل أن لا يظن الظان أنه يدعو إلى أن يسمى هو باسم خاص..
جاء الشيخ في كتاب فضل الإسلام جاء الدليل من الكتاب أو السنة ثم بعض كلام السلف بعض كلام الصحابة في هذه المسائل.
 كتاب مسائل الجاهلية

وجدت أنه رحمه الله عدد مسائل خالف فيها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أهل الجاهلية. لماذا ؟ لأن كما ذكر في أوله لأن الضد لا يعرف حسنه إلا بضده.
........................
والضدُّ يظهر حسنَه الضدُّ
........................
وبضدها تتبين الأشياء

وهذا صحيح لأنك تعلم بهذا الكتاب ما كان عليه أهل الجاهلية وما أمر به الله جل وعلا عن الكتاب أو جاء بالسنة لمخالفة أهل الجاهلية.
أولها في عبادة الله وحده دونما سواه وما كان عليه أهل الجاهلية في ذلك، في الاتباع في كل المسائل التي كانوا عليها سواء في التوحيد أو في مسائل العمل والسلوك.
فكان من منهجه في هذا الكتاب أنه قرر العقيدة طبعا بالكتاب والسنة؛

 لكن قرر العقيدة بمعرفة الضد؛ لأنه كيف تتصور ما جاء في الإسلام إلا بمعرفة ما كان عليه أهل الجاهلية، وقد قال بعض السلف إنما تُنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية، وإذا لم تعرف الجاهلية كيف كانت وكيف نقل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الناس من الجاهلية إلى الإسلام.
إذن لم تتعرف إلى الأحوال المشابهة لأحوال الجاهلية وتظن أن كل شيء جائز في الإسلام، الذين علقوا الصور صور المعظمين، والذين عبدوا غير الله جل وعلا، وبنوا القباب على الكنائس على القبور وجعلوها معابد، هذا كان عليه أهل الجاهلية، فحذّر منها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إذا أتى أتٍ اليوم وقال: لا، هذا شيء طيب. إذا عرف التاريخ وما كان عليه وما يقابله فإنه حينئذ تتبين لك دلالات النصوص وكيف يوقع النص على الواقع أو كيف ينزّل النص على الواقع.
هذه كلمات موجزة في هذا الباب تفتح آفاق دعوية في فهم دعوة الإمام المصلح والمنهج إذ ذاك في تقرير هذه العقيدة والتوحيد، ولا شك أنّنا نرى أن هذه الدعوة بفضل الله جل وعلا وبرحمته ومنته وعونه تنتشر وتنتشر، فاليوم لا نكاد تذهب لبلد وإلا وتجد فيه طائفة ينافحون عن هذه الدعوة ويدعون إلى ما كان عليه السلف الصالح ويقررونها في ذلك؛ لكن الواجب عليهم زيادة العلم وزيادة تعرف هدي العلماء وما كانوا يسيرون عليه في طريقة تقريرهم للتوحيد والعقيدة والعمل والسلوك..
فكل خير في اتباع من سلف وكل شر في ابتداع من خلف
أسأل الله جل وعلا أن يرفع درجة الإمام الأواب محمد بن عبد الوهاب بأعلى الجنان، وأن يجزيه عنا خير ما جزى به مصلحا عن إصلاحه، وداعية عن دعوته..

إنه سبحانه جواد كريم وهو بالإجابة جدير عليه توكلنا وإليه أنبنا، ولا حول ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.

المراجع
- حياة الشيخ محمد بن عبدالوهاب وحقيقة دعوته , تأليف الأستاذ الدكتور سليمان بن عبدالرحمن الحقيل ,الطبعة الأولى , 1999م.

- محمد بن عبدالوهاب مصلح مظلوم ومفترى عليه , الأستاذ مسعود الندوي , ترجمة وتعليق عبدالعليم عبدالعظيم البستوي , مراجعة الدكتور محمد تقي الدين الهلالي , 1420 هجري
- شريط مفرغ لمعالي الشيخ /صالح  بن عبدالعزيز آل الشيخ
- موقع الشيخ بن باز رحمة الله على الانترنت ,
http://www.binbaz.org.sa/
_
http://www.arriyadh.com/tourism/historical_places.htm
- موقع حريملاء والدعوة السلفية
http://www.huraymela.net/daeoh.htm
- بعض مواقع الإنترنت