الإيمان بالكتب هو الركن الثالث من أركان الإيمان كما جاء في القرآن الكريم، والسنة المتواترة.

قال تعالى: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ{285}) [البقرة:285].

وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً{136})  [النساء:136].

ومعنى الكتاب في اللغة:"اسمٌ لما كتب مجموعاً، والكتاب مصدر"(1)، يقال: كتب يكتب كتاباً وكتابة والجمع كُتبُ وسمي القرآن كتاباً لما جُمع فيه من القصص والأمثال والعقائد والأمر والنهي والتشريع، أو لأنه اشتمل على جميع الكتب السابقة وكل شيء جمع بعضه إلى بعض سُمي كتاباً وقد جاء في القرآن الكريم بمعنى اللوح المحفوظ كما في قوله تعالى: (وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ{59})

[الأنعام:59] .

ويأتي بمعنى التوراة والإنجيل وبمعنى القرآن المجيد قال تعالى: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا) [فاطر:32]، وبمعنى الرحمة والمغفرة قال تعالى: (كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) [الأنعام:54] وغير ذلك (2) .

والمراد بالكتب التي يجب الإيمان بها الكتب المنزلة على أنبياء الله ورسله عليهم صلوات الله وسلامه عليهم، التي حوت الدعوة إلى توحيد الله عز وجل، وبيان شرائعه وأحكامه.

وقد جاء الإيمان بالكتب في بعض سور القرآن الكريم في قوله تعالى:

(الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ{1} أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُواْ أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ ) [يونس:1-2].

وقد ذكر ابن جرير – رحمه الله – في قوله تعالى: (تلك آيات الكتاب الحكيم) .

ثلاثة أقوال:

الأول: إن الإشارة إلى التوراة والإنجيل، روي عن مجاهد.

الثاني: إن الإشارة إلى الكتب التي كانت قبل القرآن رواه عن قتادة.

الثالث: روي عن آخرين أن الإشارة إلى آيات القرآن.

ثم قال – رحمه الله – "وأولى التأويلين في ذلك بالصواب تأويل من تأولـه هذه آيات القرآن .. لأنه لم يجيء للتوراة والإنجيل قبل ذكر ولا تلاوة بعده فيوجه إليه الخبر" ا.هـ (3) .

ومن الآيات أيضاً قولـه تعالى: (وَمَا كَانَ هَـذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَى مِن دُونِ اللّهِ وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ{37}) [يونس:37] .

ومحل الشاهد قولـه: (ولكن تصديق الذي بين يديه) ففي هذا إثبات الكتب السابقة وأن القرآن الكريم جاء مفصلاً لها ومهيمناً عليها ومبيناً ما وقع فيها من التحريف والتبديل، ومصدقاً لها "ونفس هذا التصديق معجزة مستقلة، لأن أقاصيصه موافقة لما في الكتب المتقدمة، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يطلع على ذلك، ولا تعلمه ولا سأل عنه ولا اتصل بمن له علم بذلك .." (4) .

ومن الآيات أيضاً قوله تعالى: (فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءكَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ{94}) [يونس:94].

فقوله: (يقرءون الكتاب) إثبات للكتب السابقة.

والإيمان بالكتب يتضمن ما يلي:

أولاً: الاعتقاد الجازم بأن لله جل وعلا كتباً أنزلها على أنبيائه ورسله.

ثانياً: إن الله تعالى تكلم بها على الحقيقة وليس مجازاً، وأن منها المسموع بدون حجاب، ومنها ما سمعه الرسول البشري من الرسول الملائكي مبلغاً عن ربه جل وعلا، قال تعالى: (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ{51}) [الشورى:51].

ومنها ما خطه جل وعلا بيده قال تعالى: (وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ{145}) [الأعراف:145].

ثالثاً: إن جميع هذه الكتب يصدق بعضها بعضاً قال تعالى: (وَمَا كَانَ هَـذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَى مِن دُونِ اللّهِ وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ{37}) [يونس:37].

رابعاً: إن نسخ هذه الكتب بعضها لبعض حق كما نسخ الإنجيل بعض شرائع التوراة وكما كان القرآن ناسخاً لجميع هذه الشرائع.

وأن النسخ جائز في القرآن الكريم فقد ينسخ بعضه بعضاً كما قال تعالى: (مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ) [البقرة:106].

خامساً: إن جميع هذه الكتب قد اتفقت على الدعوة على توحيد الله عز وجل وإن اختلفت الشرائع.

سادساً: الإيمان بأن لله كتباً كثيرة لا يعلم عددها إلا الله فنؤمن بها إجمالاً، ونؤمن بما ورد ذكره تفصيلاً كالتوراة، والإنجيل والزبور، وصحف إبراهيم، والقرآن. أما الإيمان بالقرآن الكريم فيشمل جميع ما سبق ويزيد عليها، بأنه يجب مع الإيمان به، امتثال أوامره واجتناب نواهيه، وتحكيمه في جميع شؤون البشر والعمل بمحكمه، والوقوف عند متشابهه، وأنه ناسخ لجميع الكتب السابقة ومهيمن عليها قال تعالى: (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ ) [المائدة:48] ، وأنه محفوظ بحفظ الله تعالى له، وتلك مزية له خاصة حيث تكفل الله تعالى بحفظه كما قال عز وجل:

(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ{9}) [الحجر:9].

فجميع ما في المصحف هو كلام الله تعالى لم يفت منه شيء (5) .

هذا مجمل معنى الإيمان بالكتب، وإليك التعريف بأشهرها وهي ثلاثة:

1-     التوراة.

2-     الإنجيل.

3-     القرآن الكريم.

1- التـوراة:

التوراة "لفظ عبراني بمعنى التعليم والشريعة" (6) وهي منزلة على نبي الله موسى الكليم – عليه وعلى نبينا صلوات الله وسلامه – .

والتوراة تطلق اليوم عند اليهود (7) على مجموعة الأسفار الخمسة، وهي سفر التكوين، وسفر الخروج، وسفر الأحبار، وسفر العدد، وسفر التثنية (8) .

وقد أخبر الله تعالى بتحريفهم لها كما في قوله تعالى: (فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ{79}) [البقرة:79]

ويقـول تعــالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَـئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ{174}) [البقرة:174].

ومن الأدلة على أن التوراة الموجودة الآن محرفة ما يلي:

1- ما جاء في وصف الرب تعالى بأوصاف لا تليق به تعالى ولا يمكن أن يصف بها نفسه جل وعلا في كتاب من كتبه، ومن أمثلة ذلك ما جاء في الإصحاح الرابع عشر من سفر العدد "فقال موسى للرب فيسمع المصريون الذين أصعدت بقوتك هذا الشعب من وسطهم 14- ويقولون لسكان هذه الأرض قد سمعوا أنك يا رب وسط هذا الشعب الذين أنت يا رب قد ظهرت لهم عيناً لعين، وسحابتك واقفة عليهم وأنت سائر أمامهم بعمود سحاب نهاراً وبعمود نار ليلاً" (9) .

وما جاء في سفر التثنية في الإصحاح الرابع (24- لأن الرب إلهك هو نار أكله إله غيور) (10) .

2- اتهامهم هارون – عليه السلام – بصناعة العجل، وحاشاه وهو نبي من أنبياء الله أن يفتري على الله ويدعو إلى الشرك والوثنية ولكن اليهود إخوان القردة والخنازير، لا يفتؤون يفترون على الأنبياء الكذب والزور، ومن ذلك ما جاء في سفر الخروج في الإصحاح الثاني والثلاثين: "1- ولما رأى الشعب أن موسى أبطأ في النزول من الجبل اجتمع الشعب على هارون، وقالوا له قم اصنع لنا آلهة تسير أمامنا، لأن هذا موسى الرجل الذي أصعدنا من أرض مصر لا نعلم ماذا أصابه. 2- فقال لهم هارون انزعوا أقراط الذهب التي في آذان نسائكم وبنيكم وبناتكم وأتوني بها. 3- فنزع كل الشعب أقراط الذهب التي في آذانهم وأتوا بها إلى هارون. 4- فأخذ ذلك من أيديهم وصوّرهُ بالأزميل وصنعه عجلاً مسبوكاً" (11) .

إلى آخر ما جاء في كتبهم من التحريف والتبديل، بالإضافة إلى انقطاع أسانيدها، وما فيها من التناقض والاختلاف في التواريخ، وقد شهد بعضهم من المنصفين على أن هذه التوراة كتبت في زمن سليمان – عليه السلام – لأن ما فيها شاهد على أن كاتبها ليس موسى – عليه السلام – (12) .

2- الإنجيـل:

الإنجيل: "اسم عبراني أو سرياني وقيل: وهو عربي" (13) قيل "كلمة يونانية معربة معناها البشارة بالخير أو الخبر السار" (14) والإنجيل قبل أن يحرف هو كتاب الله أنزله إلى نبيه عيسى – عليه الصلاة والسلام – وأما اليوم بعد تحريف النصارى (15) وتبديلهم فأصبح يطلق على مجمو عة الأناجيل الأربعة وهي:

1-     إنجيل متي.

2-     إنجيل مرقس.

3-     إنجيل لوقا.

4-     إنجيل يوحنا.

وهذه الأناجيل الأربعة، تحوي تاريخ حياة عيسى عليه السلام وبعض أعماله وأقواله، ممزوجة بالتحريف والتثليث، والكذب على الله تعالى، وتسمى العهد الجديد ويلحق بها عدة رسائل (16) وقد اشتمل الإنجيل على التحريف، والتبديل، كالتوراة وثبت بالدليل القطعي، انقطاع السند بين كاتبه، الذي نقله وأنه لا يعرف له كاتب معروف (17) وفيها من الدعوة إلى التثليث والإشراك بالله تعالى، وزعمهم أن عيسى عليه السلام ابن الله كما في إنجيل متى: في الإصحاح السابع والعشرين

"29- وكان المجتازون يجدفون عليه وهم يهزون رؤوسهم 40- قائلين يا ناقض الهيكل وبانيه في ثلاثة أيام خلص نفسك، إن كنت ابن الله فانزل عن الصليب 42- خلّص آخرين وأما نفسه فما يقدر أن يخلصها إن كان هو ملك إسرائيل فلينزل الآن عن الصليب فنؤمن به 43- قد اتكل على الله فلينقذه الآن إن أراده لأنه قال أنا ابن الله" (18) .

بل وزعمهم أنهم كلهم أبناء الله - تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيرا – كما في إنجيل يوحنا الإصحاح الأول قولـه: "11- إلى خاصته جاء وخاصته لم تقبله. 12- وأمّا كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله أي "المؤمنون" باسمه 13- الذين ولدوا ليس من دم ولا من مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل بل من الله" (19) ومن أدلة التحريف، والتبديل ما جاء في كتبهم من وصف الأنبياء عليهم صلوات الله وسلامه – بالأفعال القبيحة التي لا تصدر من عامة الناس، فكيف بالأنبياء – عليهم صلوات الله وسلامه – كما سيأتي – إن شاء الله (20) ومن أدلة التحريف – أيضاً كتمانهم النصوص الدالة على صدق نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كما سيأتي إن شاء الله (21) والأدلة كثيرة، وليس هذا مجال بسطها (22) .

 

3- القرآن الكريم:

تعريفه:

 في اللغة: هو مصدر قرأ يقرأ قراءة وقرآناً ومعناه الجمع والضم، وسمي القرآن بذلك، لأنها جمعت سوره، وضُم بعضها إلى بعض (23) "ومنه قولهم: ما قرأت هذه الناقة سَلىً قطُّ وما قَرأَتْ جنيناً قط، أي لم يضم رحمها على ولد" (24) .

وقد يطلق لفظ القرآن على القراءة والتلاوة "يقال قرأ قراءةً وقرآناً"(25) .

 في الاصطلاح:

فالقرآن اسم لكلام الله تعالى، المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم الذي عجز الجن والإنس أن يأتوا بمثله، وهو كلام الله حقيقة لا مجازاً، ليس بمخلوق، منه بدأ وإليه يعود، المسموع بالآذان، المتلو بالألسنة، المحفوظ في الصدور، المكتوب في المصاحف، وهذا ما دل عليه الكتاب والسنة، واتفق عليه السلف (26) .

وقد وصف الله تعالى القرآن في بعض السور بأنه حكيم في قوله تعالى: (الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ{1}) [يونس:1] أي "المحكم المبين" (27) وبأنه موعظة، وشفاء، وهدى ورحمة كما في قولـه تعالى:

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ{57}) [يونس:57] وزعمت الجهمية، والمعتزلة ومن وافقهم أن القرآن مخلوق، قال القاضي عبدالجبار: "وأما مذهبنا في ذلك، فهو أن القرآن كلام الله تعالى ووحيه، وهو مخلوق محدث، أنزله الله على نبيه ليكون علماً ودالاً على نبوته .." ا.هـ ( 28) واستدلوا بقوله تعالى: (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) [الزمر:62].

وقالوا القرآن شيء، فهو مخلوق، واستدلوا أيضاً بقولـه: (إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً)  [الزخرف:3] وقالوا جعل خلق، ولهم أدلة أخرى (29) وأما الأشاعرة ومن وافقهم فقالوا: إن القرآن "هو القول القائم بالنفس الذي تدل عليه العبارات وما يصطلح عليه من الإشارات" (30) وهناك فرقة الواقفة، وهم الذين يقولون لا نقول مخلوقاً ولا غير مخلوق وهم فرقتان:

الأولى: تقول: لا نقول إنه مخلوق ولا غير مخلوق وهم الشاكة.

الثانية: تقول: لا نقول هو مخلوق ولا غير مخلوق مع إيمانهم بأنه كلام الله. وقالوا ذلك تورعاً (31) وجميع هذه الأقوال خالف أصحابها إجماع الأئمة، كما نصَّ على ذلك عدد منهم كما روى البخاري – رحمه الله – في خلق أفعال العباد – عن سفيان بن عيينة قال: "أدركت مشايخنا منذ سبعين سنة منهم عمرو بن دينار يقولون: القرآن كلام الله، وليس بمخلوق" (32) وقال القاسم الأصبهاني – رحمه الله : "أجمع المسلمون أن القرآن كلام الله،و إذا صح أنه كلام الله صح أنه صفة تعالى، وأنه عز وجل موصوف به، وهذه الصفة لازمة لذاته" ا.هـ (33) .

وروى عبدالله بن أحمد بن حنبل عن أبيه أنه سمع عبدالرحمن بن مهدي يقول "من زعم أن الله يكلم موسى يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه" (34) .

والسلف – رحمهم الله تعالى – قالوا: "من بدأ" أي بمعنى أن الله تعالى هو المتكلم به فلم يخلقه في غيره، فيكون بدأ من هذا المخلوق وفي هذا رد على من قال بخلق القرآن، إذ لو كان بدأ من ذلك المحل لكان صفة له، وليس صفة للرب تعالى (35) وأما أصوات العباد، وحركاتهم فهي مخلوقة، قال البخاري – رحمه الله: "حركاتهم [أي العباد] وأصواتهم، واكتسابهم وكتابتهم مخلوقة، فأما القرآن المتلو المبين المثبت في المصحف المسطور المكتوب، الموعى في القلوب فهو كلام الله ليس بخلق .." ا.هـ (36) وقال أبو حنيفة – رحمه الله – : "والقرآن كلام الله في المصاحف مكتوب وفي القلوب محفوظ، وعلى الألسن مقروء، وعلى النبي صلى الله عليه وسلم منزل، ولفظنا بالقرآن مخلوق، والقرآن غير مخلوق" ا.هـ (37) وتفصيل ذلك أن اللفظ يطلق على المعنيين: الأول: الملفوظ وهو غير مخلوق قطعاً ولا استطاعة للعبد عليه. الثاني: التلفظ والتلاوة وهو فعل العبد، وهذا مقدور عليه وهو مخلوق (38) ودليل ذلك من سورة يونس في قولـه تعالى: (قُل لَّوْ شَاء اللّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُم بِهِ)  [يونس:16] الآية وقوله تعالى: (وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ )  [يونس:61] الآية فأضاف التلاوة للعبد، وجعلها فعلاً له، ولاشك أن فعل العبد (التلاوة) مخلوق، وأما (المتلو) فليس بمخلوق فإن المبلغ لكلام غيره بلفظ صاحب الكلام، إنـما بلغ غيره كما يقول: روى الحديث بلفظه وإنما يبلغه بصوت نفسه لا بصوت صاحب الكلام" ا.هـ (39) ومن الآيات الكريمة التي تثبت أن القرآن كلام الله قوله تعالى: (وَمَا كَانَ هَـذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَى مِن دُونِ اللّهِ وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ{37}) [يونس:37].

فقولـه: (مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ) دليل على أنه كلام الله. وقوله تعالى:

(فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءكَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ{94}) [يونس:94] فأضاف إنزال القرآن إليه – تعالى – مما يدل على أنه كلامه كما في قوله تعالى: (هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ) [آل عمران:7] الآية.

كقوله تعالى: ( فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ) [الشورى:15] الآية، وليس هذا الإنزال كالإنزال المقيد بالسماء كقوله تعالى: ( إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ ) [يونس:24] الآية فهذا بمعنى العلو، وهو بمعنى نزول الماء من السحاب، وليس كالإنزال المطلق الذي قد يشمل إنزال ذكور الأنعام الماء في أرحام الإناث وإنزال الحديد والسكينة وغير ذلك ولهذا قال تعالى: (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ{102}) [النحل:102] وروح القدس هنا جبريل – عليه السلام – وهو الذي أنزل القرآن الكريم على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم (40) ومن الآيات في الرد على من قال إن القرآن مخلوق قوله تعالى: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ{38}) [يونس:38] .

ولو كان مخلوقاً لأمكن مضاهاته، والإتيان بمثله، كيف، وقد جاء في معرض التحدي لأقوام برزوا في الفصاحة والبلاغة، مع شدة الحرص على تكذيبه؟: ومع ذلك لم يحاولوا ذلك، فدلَّ على أنه كلام الخالق جل وعلا، ثم إن القائل إن كلام الله تعالى مخلوق إما أن يقول: إنه خلقه في ذاته أو منفصلاً عنه، أو قائماً بغيره.

والأول: باطل لأنه يستلزم أن يكون الرب تعالى محلاً للحوادث، فليس في ذاته شيء من خلقه، ولا في خلقه شيء من ذاته، بل هو سبحانه بائن من خلقه.

والثاني: باطل شرعاً وعقلاً فالصفة لا تقوم بغير الموصوف، ومحال أن تقوم الأعراض بذاتها وهذا مما يعلم في بداهة العقول.

والثالث: يلزم منه أن يكون كل كلام في الوجود كلامه الشعر والنثر والسب والشتم، ومن قال بالتفريق فعليه الدليل، وهذا من أبطل الباطل ومن مؤدى قول الحلولية (41) كما يلزم منه أن يكون قوله تعالى: (إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي{14}) [طه:14] هو قول الشجرة وهذا كفر، ولو جاز أن تقوم الصفة بغير الموصوف لجاز أن يسمى الأعمى بصيراً لأن البصر قد قام بغيره، ولجاز أن يسمى البصير أعمى لأن العمي قد قام بغيره وهذا واضح البطلان ولا يقول به عاقل (42) .

ومما يبطل زعمهم هذا قوله تعالى: (إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ{40}) [النحل:40] فلو كان القرآن مخلوقاً لوجب أن يكون مقولاً له: "كن فيكون" ولو كان الله عز وجل قائلاً للقول (كن) لكان للقول قولاً، وهذا يوجب أمرين: إما أن يؤول الأمر إلى قول الله غير مخلوق، أو يكون كل قول واقع بقول لا إلى غاية، وذلك محال، وإذا استحال ذلك صح وثبت أن لله عز وجل قولاً غير مخلوق" (43) .

وأما استدلالهم بقولـه تعالى: (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ{62}) [الزمر:62] فهو استدلال باطل فقد قال الله تعالى في الريح التي أُرسلت على عاد:

(تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا ([الأحقاف:25] ثم أعقبها بقولـه تعالى:(فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ) [الأحقاف:25] 

وقولـه تعالى في قصة بلقيس ملكة سبأ (وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ) [النمل:23] ومعلوم أنها لم تؤت كل شيء، بل ملك سليمان يفوق أضعاف ملكها، وإنما المراد من كل شيء يصلح للملوك.

ثم هؤلاء المعتزلة قد أخرجوا أفعال العباد من هذا العموم وجعلوها من خلق العباد كما سيأتي إن شاء الله (44) فما دليلهم على هذا التفريق والمراد بكل شيء كل شيء مخلوق فيدخل في هذا أفعال العباد جزماً وقطعاً، ومعلوم أن الكلام صفة للرب تعالى، ولا يكون شيء من صفاته مخلوقاً بل هو تعالى – بذاته وصفاته الخالق للخلق أجمعين (45) وكذلك استدلالهم بقوله تعالى: (إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ{3}) [الزخرف:3] .

استدلال باطل وجهل باللغة العربية وكلام العرب لأن (جعل) لها عدة معان منها: صار وأوجد وخلق .. وإذا كانت بمعنى الإيجاد والخلق تعدت إلى مفعول واحد كقولـه تعالى: (وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ) [الأنعام:1] أي بمعنى خلق، وأما إذا كانت بمعنى صير فهي تتعدى إلى مفعولين كقولـه: (إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ{3}) ولا يصح أن يقال: إنه بمعنى خلق وإلا لجاز أن نقول في معنى قولـه تعالى: (وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً ) [النحل:91] أي خلقتم الله - تعالى الله علواً كبيراً – وهذا من أشنع الكفر (46) ومسألة خلق القرآن إنما تفرعت من القول بنفي الكلام عن الله تعالى، ولم تظهر هذه البدعة إلا بعد ظهور الجعد بن درهم (47) .

ثم ظهور الجهم صفوان (48) من بعده سنة 124هـ ولما رأت الأشاعرة فساد هذا القول عدلوا إلى قول وسط جمعوا فيه بين رأي أهل السنة، ورأي مخالفيهم فجعلوا القرآن قديماً قائماً بذات الرب تعالى، وما في المصحف عبارة عنه فشابهوا النصارى في مسألة اللاهوت والناسوت وقولهم هذا باطل ومما يبين بطلانه من سورة يونس قوله تعالى: ( وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَـذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ{15}) [يونس:15]

وقولـه: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ{38}) [يونس:38] فالإشارة في قوله تعالى: (ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَـذَا ) [يونس:15]  بلا شك إلى القرآن الذي بين أيدينا، والرب جل وعلا يطالبهم بأن يأتوا بسورة من مثله فلو كان التحدي واقعاً على المعنى القائم بالنفس لقال المشركون، ومن يعلم بما في نفس الرب جل وعلا، وهذا تكليف بما لا يطاق، وما بالنفس لا يصح أن يشار إليه ثم لما طالبوا الرسول صلى الله عليه وسلم أن يبدله لو كان من عنده – لقال ممكن لي أن أبدله من تلقاء نفسي، ولكن رد عليهم ( قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ ) [يونس:15] وفي الحديث الصحيح عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم : "إن الله تجاوز لي عن أمتي ما وسوست به صدورها، ما لم تعمل أو تتكلم" (49) ففي الحديث تفريق بين حديث النفس وبين الكلام وأخبر أنه لا يؤاخذ به حتى يتكلم به، والمراد حتى ينطق به اللسان باتفاق العلماء، فعلم أن هذا الكلام في اللغة لأن الشارع إنما خاطبنا بلغة العرب" (50) . ويقال لهم موسى عندما سمع كلام الله عز وجل هل سمعه كله، أو بعضه، فإن قالوا كله لزم ذلك أن يكون موسى عليه السلام قد اطلع على جميع علم الله، وإن قالوا بعضه، بطل مذهبهم، ويقال لهم أيضاً إن كان حقيقة الخبر هي الأمر، والنهي والاستفهام .. كان معنى قوله تعالى: (وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ) [البقرة:43] هو معنى: (وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً{32}) [الإسراء:32] الآية وهذا ظاهر بطلانه، ويلزم أيضاً من قولهم أن تكون آية الدين هي معنى آية الكرسي، ومعنى سورة اللهب لأن النوع عندهم واحد (51) .

ويقول تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ ) [الأعراف:11] الآية والترتيب (بثم) التي تقتضي الترتيب مع التراخي، تفيد أن الكلام مع الملائكة كان بعد خلق آدم عليه السلام، وقولهم هذا يلزم منه أن يكون قال الله عز وجل هذا قبل خلقه لآدم والملائكة، كذلك قوله تعالى: ( يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ{30})[ق:30] فهل قال الله تعالى للنار "هل امتلأت" قبل أن يخلقها، وهل قالت: "هل من مزيدٍ" قبل أن يخلقها؟ وهذا من فساد هذا القول وشناعته (52) والنصوص متواترة في بيان فساد هذا القول من جميع الوجوه، ويكفي في ذلك أحاديث الشفاعة وأحاديث الرؤية والحساب وأحاديث تكليم الله لملائكته وأنبيائه ورسله، كما بين ذلك ابن القيم رحمه الله (53) وأما بدعة الوقف في القرآن فقد أنكرها السلف وشددوا في النكير على من اعتقدها وكفروا الفرقة التي لا تقول: إن القرآن كلام الله، وبدعوا الثانية التي تثبت ذلك لأن المسألة ظاهرة لا خفاء فيها (54)

قال الآجري – رحمه الله – :"وأما الذين قالوا: القرآن كلام الله عز وجل ووقفوا وقالوا لا نقول غير مخلوق، فهؤلاء عند كثير من العلماء .. مثل من قال: القرآن مخلوق وأشر، لأنهم شكوا في دينهم .." ا.هـ (55) وقال أيضاً: "القرآن كلام الله عز وجل، غير مخلوق ومن قال: مخلوق فقد كفر ومن قال: القرآن كلام الله عز وجل ووقف فهو جهمي (56) ، ومن قال: لفظي بالقرآن مخلوق جهمي كذا قال أحمد بن حنبل" ا.هـ(57) .

 

ــــــــــــــــــ

 (1)   لسان العرب (1/698).

(2)   انظر بصائر ذوي التمييز (4/329-332)، والصحاح (1/208) والنهاية في غريب الحديث (4/147) ولسان الميزان (1/698).

(3)   جامع البيان (11/80).

(4)   فتح القدير (2/445).

(5)   انظر فيما سبق: المنهاج في شعب الإيمان (1/317-323) وانظر شعب الإيمان للبيهقي

1/447 وما بعدها، وانظر معارج القبول ( 672-675) وانظر شرح الواسطية ص17.

(6)   إظهار الحق (1/99) وانظر دائرة معارف القرن العشرين (2/702).

(7)   اليهود: هم قوم موسى – عليه السلام – وسموا بذلك الاسم نسبة إلى يهوذا ابن يعقوب وقيل: نسبة إلى الهود وهو التوبة والإنابة، وكان اليهود يعرفون ببني إسرائيل ثم أطلق عليهم يهود: وديانتهم أصلها صحيح، ولكنهم حرفوا وبدلوا في دين الله تعالى ما لم يشرعه .. وهم فرق كثيرة منها: العنانية والعيسوية، والمقاربة، والسامرة، وغيرها.

انظر الملل والنحل (1/210 وما بعدها) ودائرة معارف القرن العشرين (1/280-293). والموجز في الأديان والمذاهب المعاصرة ص18 وما بعدها.

(8)   انظر إظهار الحق (1/99)، ودائرة معارف القرن العشرين (2/702).

(9)   سفر العدد الإصحاح الرابع عشر الفقرة 13-14.

(10)   سفر التثنية الإصحاح الرابع الفقرة 24.

(11)   سفر الخروج الإصحاح الثاني والثلاثون الفقرة 1-4، وانظر الفقرة 21-26.

(12)   انظر الفصل في الملل والنحل 1/252 وما بعدها، والجواب الصحيح (1/356 وما بعدها) و (2/18-20)، وإظهار الحق (1/112-128)، و(2/425 وما بعدها).

(13)   لسان العرب (11/648).

(14)   إظهار الحق (1/103) (الهامش).

(15)   النصارى: أمة المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام، وقد مكث فيهم ثلاث سنين، وثلاثة أشهر تقريباً ثم رفعه الله بعد محاولة الصلب، فاختلف الحواريون بعده في أمرين:

الأول: كيفية نزولـه، وتجسد الكلمة بأمه، الثانية: كيفية صعوده واتصاله بالملائكة وكان نتيجة اختلافهم، قول بعضهم بإثبات الأقايم الثلاثة. وسموها: الأب، والابن، والروح القدس، وزعموا أنه قُتل، وأن اليهود قتلوه حسداً وبغياً، وأن القتل وقع على الجزء الناسوتي، وقد انقسمت الكنيسة إلى شرقية وموقعها القسطنطينية وغربية وموقعها: روما، وهم فرق شتى منها: الملكانية، والنسطورية، واليعقوبية ومن الفرق الحديثة: الكاثوليك، والأرثوذكس، والبروتستانت. انظر الملل والنحل للشهرستاني (1/220-228) ومحاضرات في النصرانية محمد أبو زهرة بكامله والموجز في الأديان والمذاهب المعاصرة ص64 وما بعدها.

(16)   انظر لسان العرب (11/648) وإظهار الحق (1/103-104) ودائرة معارف القرن العشرين (1/655-656).

(17)   انظر هداية الحيارى، ص218-221.

(18)   إنجيل متى الإصحاح 27 الفقرة 39-43.

(19)   إنجيل يوحنا الإصحاح الأول الفقرة 11-13.

(20)   انظر ص 227-228.

(21)   انظر ص 310 وما بعدها.

(22)   انظر الفصل في الملل والنحل (2/13 وما بعدها) وانظر الجواب الصحيح (2/9 وما بعدها) وانظر هداية الحيارى لابن القيم ص106، وما بعدها، وانظر إظهار الحق بجميع أجزائه، وانظر الجواب الفسيح للألوسي (2/593 وما بعدها).

(23)   انظر الصحاح (1/65) وانظر لسان العرب (1/128-129) وانظر الجامع لأحكام القرآن 2/298.

(24)   لسان العرب (1/128).

(25)   المرجع السابق (1/129)، وانظر الصحاح (1/65).

(26)   انظر الجامع لأحكام القرآن (2/298)، ومجموع الفتاوى (12/235-236) والوجيز في علم التفسير للسيوطي ص39-40، وشرح الطحاوية ص135-136.

(27)   تفسير ابن كثير (3/482).

(28)   الأصول الخمسة ص528 وانظر مقالات الإسلاميين ص153، 191.

(29)   انظر شرح الأصول الخمسة ص531 وما بعدها وانظر المعنى (7/208 وما بعدها).

(30)   الإرشاد للجويني ص108 وانظر ص109 وما بعدها. وانظر الإنصاف للباقلاني ص58 وشرح الفقه الأكبر بشرح ملا علي القاري، ص15.

(31)   انظر الرد على الجهمية للدارمي ص102 والسنة لعبدالله بن الإمام أحمد ص43 والشريعة للآجري ص87، وشرح أصول الاعتقاد (2/324) والفصل في الملل والنحل (3/11) وتحقيق كتاب التوحيد لابن خزيمة (1/329).

(32)   رواه البخاري في كتاب خلق أفعال العباد ص7، والبيهقي في الأسماء والصفات (1/381) عن البخاري به وقال: "ورواه غير الحكم عن سفيان بن عيينة نحو رواية سلمة بن شبيب عن الحكم بن محمد" ا.هـ ورواه الدارمي في الرد على المريسي (ص116-117) من طريق إسحاق بن إبراهيم الحنظلي به وزاد" الله الخالق وما سواه مخلوق والقرآن كلام الله منه خرج وإليه يعود" رواه الذهبي في العلو من طريق إسحاق بن راهويه بلفظ الدارمي (مختصر العلو ص164) وقال عقبة: وقد تواتر هذا عن ابن عيينة" ا.هـ ومشايخ سفيان بن عيينة هم عدد من الصحابة من أمثال ابن عباس وابن عمر وجابر بن عبدالله وعبدالله بن الزبير – رضي الله عنهم – وأكابر التابعين كعمرو بن دينار.

انظر شعب الإيمان للبيهقي (1/458-459).

(33)   الحجة في بيان الحجة (2/193) وانظر الفصل في الملل والنحل (3/11) والفتاوى الكبرى (5/144) ومختصر الصواعق (2/285-286).

(34)   رواه عبدالله بن أحمد في السنة ص16، والبيهقي في الأسماء والصفات (1/386) عن عبدالله بن أحمد به وإسناده ثقات.

(35)   انظر مجموع الفتاوى (12/40).

(36)   خلق أفعال العباد، ص34.

(37)   الفقه الأكبر مع شرحه ص180.

(38)   انظر خلق أفعال العباد ص137-154 وانظر شرح أصول الاعتقاد (2/346) وانظر تاريخ بغداد (8/64) و(2/30) وانظر مجموع الفتاوى (6/527) وانظر مختصر الصواعق (2/304 وما بعدها) وانظر معارج القبول (1/292).

(39)   مجموع الفتاوى (12/306).

(40)   انظر مجموع الفتاوى (12/117 وما بعدها) وانظر (12/246-257).

(41)   الحلولية: هم فرقة من فرق الصوفية الغلاة، يرون في أنفسهم أحوالاً عجيبة، وليس لهم نصيب من العلم، ويدعون أنه قد حصل لهم الحلول والاتحاد ومنهم الحسين بن منصور الحلاج الذي أفتى العلماء بقتله، فصلب سنة 309هـ، وهم فرق كثيرة ترجع أغلب فرقها إلى غلاة الروافض كالسبابية، البيانية والجناحية والخطابية والنميرية، والروافض أول من أظهر هذه المقالة في الإسلام حيث ادعوا الحلول في الأئمة، انظر الفرق بين الفرق ص(2411-250) واعتقادات فرق المسلمين والمشركين ص116-117.

(42)   انظر الحيدة ص74 وما بعدها، والرد على الجهمية، للإمام أحمد بن حنبل ص130.

(43)   الإبانة: ص86-87.

(44)   انظر ص448.

(45)   انظر الحيدة ص30، واختلاف اللفظ للدين قتيبة ص234، والرد على الجهمية للإمام أحمد بن حنبل ص115-116 ومجموع الفتاوى 6/144 وما بعدها، وشرح الطحاوية ص140.

(46)   انظر الحيدة ص49 وما بعدها، والرد على الجهمية للإمام أحمد ص106 وما بعدها، والمفردات ص94 وفتح الباري (13/503) وشرح العقيدة الطحاوية ص143-144 وفتح الباري 13/503.

(47)   الجعد بن درهم مبتدع ضال زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا، ولم يكلم موسى تكليماً قتله خالد القسري في يوم الأضحى وقصته مشهورة معروفة، وإقرار العلماء على قتله دليل إجماعهم على كفره وكان ذلك سنة 118، انظر الفرق بين الفرق (204-211) والملل والنحل للشهر ستاني (1/86) والميزان 1/369 والأعلام (2/120).

(48)   الجهم بن صفوان، أبو محرز السمرقندي الضال المبتدع، رأس الجهمية قال الذهبي: "هلك في زمان صغار التابعين، وما علمته روى شيئاً، لكنه زرع شراً عظيماً" ا.هـ قتله سليم بن أحوز سنة 128هـ، "وعندما همَّ بقتله قال الجهم: إن لي أماناً من أبيك، فقال: ما كان له أن يؤمنك، ولو فعل ما أمنتك والله لو كنت في بطني لشققت بطني حتى أقتلك" انظر الملل والنحل للبغدادي ص1455، وميزان الاعتدال (1/426) والبداية والنهاية (10/28) والأعلام (2/141).

(49)   رواه البخاري في كتاب العتق باب: الخطأ والنسيان في العتاقة والطلاق ونحوه رقم 2391 (2/894) ورواه مسلم في كتاب الإيمان باب: تجاوز الله عن حديث النفس والخواطر رقم 127 (1/116) عن قتادة به بلفظ (إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم يتكلموا أو يعملوا به).

(50)   شرح الطحاوية ص158,

(51)   انظر القاعدة النافعة في صفة الكلام لشيخ الإسلام ص31 (مطبوعة ضمن الرسائل المنبرية) وانظر مجموع الفتاوى (8/413).

(52)   انظر مختصر الصواعق (2/296).

(53)   انظر المرجع السابق (2/297-298).

(54)   انظر الرد على الجهمية للدارمي ص102، والسنة لعبدالله بن أحمد ص43، والشريعة للآجري ص87، وتحقيق كتاب التوحيد لابن خزيمة (1/329).

(55)   الشريعة: ص87.

(56)   قد سبق بيان معنى اللفظ وتفصيل ذلك ص186 وقد شدد الإمام أحمد بن حنبل في ذلك لأن إطلاق اللفظ يوهم الاشتباه، وأول من قال ببدعة اللفظية الحسين بن علي بن يزيد الكرابيسي، وكان الإمام أحمد يتكلم فيه بسبب مسألة اللفظ هذه، قال فيه الأزدي: ساقط لا يرجع إلى قولـه مات سنة 245هـ، انظر تاريخ بغداد (8/64) وميزان الاعتدال (1/544) والأعلام (2/244).

(57)   الشريعة، ص89.