إن عدو الله إبليس ليسعى جاهداً لإيقاع البشر في هاوية الكفر والشرك، بل إن هذا هدفه الأخير والأسمى في إضلال البشر، وغايته القصوى، إذ هو يتدرج مع العباد بحسب حالهم، ولا بد لـه من واحدة من ست ينالها: وأول ذلك الشرك بالله تعالى، يليه البدعة – كما سيأتي – ثم إيقاعهم في كبائر الذنوب، فإن لم يستطع أوقعهم في صغائر الذنوب، فإن لم يفلح زين لهم الإفراط في المباحات، فإن لم يستطع إلى كل ذلك سبيلاً أشغلهم بالمفضول عن الفاضل ([1]) ، والمعصوم من عصمه الله من كيد هذا العدو المتربص.

ومن هنا نجد أنه قد تفتن في وسائل الكيد لإغواء البشر وإيقاعهم في الكفر والشرك.......

ولهذا قال الله تعالى مخبراً عنه: { قال أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا * قال اذهب فمن تبعك منهم فإن جزاءكم جزاء موفورا } ([2]) . ومعنى قوله لأحتنكن «أي لأستولين عليهم بالإغواء والإضلال... وقيل معناه: لأسوقنهم حيث شئت وأقودنهم حيث أردت» ([3]) .

وفي الحديث عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن إبليس قال لربه عز وجل: وعزتك وجلالك لا أبرح أغوي بني آدم مادامت الأرواح فيهم، فقال لـه ربه عز وجل: فبعزتي وجلالي لا أبرح أغفر لهم ما استغفروني).

وفي الصحيح عن ابن عمر في حديث أشراط الساعة وفيه: «... ثم يرسل الله ريحاً باردة من قبل الشام فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته حتى لو أن أحدكم دخل في كبد جبل لدخلته عليه حتى تقبضه، قال سمعتها من رسول الله × قال: فيبقى شرار الناس في خفة الطير وأحلام السباع لا يعرفون معروفاً ولا ينكرون منكراً فيتمثل لهم الشيطان فيقول: ألا تستجيبون؟! فيقولون: فما تأمرنا؟! فيأمرهم بعبادة الأوثان وهم في ذلك دارٌّ رزقهم حسن عيشهم...» ([4]) .

فهو يقود العباد إلى الكفر والشرك بمكايد عدة نستطيع إبرازها فيما يلي:

أولاً: التشكيك.

ثانياً: التشريك في الألوهية.

ثالثاً: الغلو في المخلوقين ودعاؤهم من دون الله.

رابعاً: التعلق بالآثار.

خامساً: التصوير، ونصب الأنصاب وإقامة التماثيل.

سادساً: التحليل والتحريم، والقول على الله بغير علم.

سابعاً: تحريف الأديان.

ثامناً: السحر والكهانة.

تاسعاً: التقليد.

وإليك شرحها وتوضيحها.

أولاً: التشكيك:

يحاول إبليس جاهداً أن يشكك العبد في خالقه سبحانه بشتى الطرق والأساليب، ولهذا يتخذ لذلك عدة أساليب منها ([5])

أ- التشكيك في الخالق جل وعلا:

ففي الحديث «يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول: من خلق ربك فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته» ([6]) .

وعن ابن عباس قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله: إني لأحدث نفسي بالشيء لأن أخر من السماء أحب إليّ من أن أتكلم به، قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الحمد لله الذي ردَّ كيده إلى الوسوسة» ([7]) .

وهو لا ييأس من حملته في التشكيك، ففي الحديث: «لن يدع الشيطان أن يأتي أحدكم فيقول: من خلق السموات والأرض؟ فيقول: الله، فيقول: من خلقك؟ فيقول: الله، فيقول: من خلق الله؟ فإذا أحس أحدكم بذلك فليقل: آمنت بالله ورسله» ([8]) .

«وقد يأتي بصورة رجل ليشكك العباد في دينهم كما في الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاء رجل من أقبح الناس وجهاً وأقبحهم ثياباً وأنتن الناس ريحاً جلق ([9]) جاف يتخطى رقاب الناس حتى جلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من خلقك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الله، قال: من خلق الناس؟ قال: الله. قال: من خلق الأرض؟ قال: الله. قال: من خلق الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سبحان الله. وأمسك بجبهته وطأطأ رأسه، وقام الرجل فذهب فرفع رسول الله × رأسه فقال: عليَّ بالرجل، فطلبناه فكأن لم يكن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هذا إبليس جاء ليشككم في دينكم)([10]) .

ب- التشريك في ألوهية الخالق:

فحيث عجز إبليس عن حمل العباد على الكفر والإلحاد، اتخذ أسلوباً آخر ألا وهو التشريك في ألوهية الخالق وأنه المستحق وحده للعبادة دون سواه.

فزين لهم عبادة الأصنام، ودعاءها من دون الله والاستغاثة بها، وزين لهم التبرك بالأولياء والصالحين وعبادتهم من دون الله، وزين لهم التمسح بالقبور والأضرحة، والبناء عليها والذبح والنذر لها من دون الله.

وزين لهم الاعتقاد في الأجرام السماوية واتخاذها إلهاً معبوداً من دون الله. وزين لهم التمسك بما كان عليه آباؤهم وأسلافهم من الشرك والوثنية. إلى غير ذلك من الشرك الصريح أو وسائله.

جـ- إنكار العقائد الإيمانية الغيبية:

كالإيمان بالملائكة والجن واليوم الآخر، والبعث حتى أنكر كثير من الخلق وجود الملائكة والجن واليوم الآخر – كما سيأتي إن شاء الله – وأَوَّلوا النصوص الواردة في إثباتها بنوع من التعسف والتحريف، وإنكار القدر والتكذيب به - كما سيأتي إن شاء الله - ([11]) .

ثانياً: الغلو في المخلوقين ودعاؤهم من دون الله:

سواء كانوا أنبياء أو صالحين أو ملائكة؛ إذ زين الشيطان لهم دعاءهم والاستغاثة بهم وطلب الشفاعة منهم، حيث يتخذ الشيطان من ذلك وسيلة لإيقاع البشر في الشرك والكفر؛ إذ حسن لهؤلاء الخلق أن هؤلاء عباد صالحون وأنبياء مقربون، وأنهم من أولياء الله،حتى يعتقد العبد العابد لهم بأنه بهذا العمل مطيع لله حيث أحب من أحب الله، فكانت الشياطين تتصور لهم في صورة الشخص المستغاث به وتقضي حوائجهم وتخاطبهم، وتدخل في قبورهم وترد على من يدعو القبر أو يستغيث به حتى زادهم هذا الأمر فتنة وضلالاً.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – :

«وأعرف من ذلك وقائع كثيرة في أقوام استغاثوا بي وبغيري في حال غيبتنا عنهم فرأوني أو ذاك الآخر الذي استغاثوا به قد جئنا في الهواء ورفعنا عنهم، ولما حدثوني بذلك بينت لهم أن ذلك إنما هو شيطان تصور بصورتي وصورة غيري من الشيوخ الذين استغاثوا بهم ليظنوا أن تلك كرامات للشيخ فتقوى عزائمهم في الاستغاثة بالشيوخ الغائبين والميتين» ([12]) أ. هـ.

وقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته من الغلو أشد التحذير فقال: «لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم، فإنما أنا عبده فقولوا عبدالله ورسوله» .

وبين أنه سبب لهلاك الأمم «إياكم والغلو فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين» .

حيث حسن الشيطان لعباد القبور دعاء هؤلاء الأموات واعتقاد أن بيدهم النفع والضر والشفاعة عند الله لهؤلاء الداعين بشبهة ألقاها لهم فيقولون: «نحن نشهد أن لا إله إلا الله، ونشهد أن محمد رسول الله ونعتقد أن الله هو الخالق وهو الرازق وهو المدبر... ونحن نعلم أن الميت (الولي) لا يملك النفع والضرر وحده ولكنه رجل صالح وله جاه عند الله، فنحن ندعوه ونتوسل به إلى الله ليشفع لنا عند الله في قبول دعائنا، فهو الواسطة بيننا وبين الله لأننا مقصرون في طاعة الله... فإذا سألنا الله بلا واسطة قد لا يستجيب دعاءنا لكثرة ذنوبنا، لكن نجعل الولي هو الواسطة بيننا وبين الله» ([13]) .

وهي شبهة المشركين كما قال تعالى: {ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السموات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون} ([14]) .

والمتأمل لحال أغلب المسلمين اليوم يجدهم وقد تعلقوا بهؤلاء الأموات الذين لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً بل هم أحوج لدعاء الأحياء.

وكلما مات رجل واعتقدوا صلاحه بنوا على قبره مسجداً واتخذوه مزاراً وأقاموا عليه الموالد وصرفت لأجل ذلك النذور، والتمس في تراب قبره البركة والشفاء ([15]) .

يقول الإمام السيوطي – رحمه الله – :

«ولهذا تجد أقواماً كثيرين من الضالين يتضرعون عند قبور الصالحين ويخشعون، ويتذللون، ويعبدونهم بقلوبهم عبادة لا يفعلونها في بيوت الله... بل ولا في الأسحار بين يدي الله تعالى» ([16]) أ. هـ.

وأكثر ما يظهر ذلك جلياً عند الصوفية ([17]) والشيعة ([18]) – أخزاهم الله – حيث وصفوا مشايخهم وأئمتهم بصفات الألوهية والربوبية، وادعوا لهم العصمة من جميع الذنوب والخطايا، بل وجعلوهم في منزلة تفوق منازل الأنبياء والمرسلين ([19]) .

يقول صاحب كتاب جواهر المعاني:

«قطب الأقطاب في كل وقت لا تقع بينه وبين الرسول صلى الله عليه وسلم صحابيه أصلاً، وحيثما جال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حضرة الغيب ومن حضرة الشهادة إلا وعين قطب الأقطاب متمكنة من النظر إليه، لا يحتجب عنه في كل لحظة من اللحظات» ([20]) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – :

«ثم إن الغلو في الأنبياء والصالحين قد وقع في طوائف من خلال المتعبدة والمتصوفة، حتى خالط كثير منهم من مذهب الحلول والاتحاد ما هو أقبح من قول النصارى، أو مثله، أو دونه» ([21]) .

وهذا ما حصل فعلاً إذ يقول قائلهم ([22]) في مدح  الرسول صلى الله عليه وسلم :

فإن من جودك الدنيا وضرتها

 

 

 

 

 

ومن علومك علم اللوح والقلم ([23])

 

         

ويقول أيضاً:

دع ما ادعته النصارى في نبيهم

 

 

 

 

 

واحكم بما شئت مدحاً فيه واحتكم([24])

 

         

نعوذ بالله من الضلال!!

وغلاة الشيعة يقولون: «كما إن النبي مرسل من عند الله فأمير المؤمنين علي مرسل من عند الله هو وبقية الأئمة جميعهم، وليس من حق الإمام أن يعين خليفة»([25]) .

ويقول الخميني:

«وعلينا أن لا ننسى بأن النذر للنبي أو الإمام يكون صحيحاً ومشروعاً عندما يكون النذر للإله ويوضع موضع التنفيذ وآنذاك فإن النبي والإمام هما اللذان يعطيان ثوابه وإلا فإنه يعتبر باطلاً بل وقد يكون حراماً» ([26]) !!

«فالرافضة غلوا في الرسل بل في الأئمة حتى اتخذوهم أرباباً من دون الله فتركوا عبادة الله وحده لا شريك له...» ([27]) .

 

ثالثاً: التعلق بالآثار:

وأما التعلق بالآثار، والتماس البركة فيها وتخصيصها بنوع معين من العبادة كالتقبيل أو التمسح أو الطواف أو الصلاة والذكر والدعاء، ونحو ذلك مما لم يشرع فكل ذلك من البدع ومما كاد به إبليس البشر لإيقاعهم في الشرك والكفر.

ومن هذه الآثار بعض المساجد في مكة والمدينة وبلاد الشام، وبعض الجبال، كجبل حراء ([28]) وثور ([29]) وعرفات ([30]) وأحد ([31]) والطور ([32]) ، وبعض الدور كدار الأرقم ([33]) ودار خديجة أم المؤمنين، وبعض المقابر والموالد، كموضع مولد النبي صلى الله عليه وسلم ومولد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وفاطمة ، ومن ذلك أيضاً التبرك بالصخرة التي ببيت المقدس والتبرك بالأشجار والأحجار ([34]) .

ولم يستثن من ذلك إلا ما جاء الشرع بالإذن به كالمساجد الثلاثة والكعبة المشرفة والحجر الأسود.

حيث ثبت في الحديث عن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام ومسجد الرسول × والمسجد الأقصى» ([35]) .

وفي الصحيحين عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه أنه جاء إلى الحجر الأسود فقبله فقال: «إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك» ([36]) .

ولذا قال ابن القيم – رحمه الله – : «ليس على وجه الأرض موضع يشرع تقبيله واستلامه وتحط الخطايا والأوزار فيه غير الحجر الأسود والركن اليماني» ([37]) .

ولقد لبس عليهم إبليس حتى جعلهم يعظمون أماكن وآثاراً ليس فيها أي أثر لما يزعمونه من بركة ميت أو نحو ذلك مما يعظم.

قال أبو شامة ([38]) – رحمه الله – :

«مما قد عم الابتلاء به من تزيين الشيطان للعامة تخليق الحيطان والعمد، وسرج مواضع مخصوصة في كل بلد، يحكي لهم حاك أنه رأى في منامه بها أحداً ممن شهر بالصلاح والولاية فيفعلون ذلك، ويحافظون عليه مع تضييعهم فرائض الله تعالى وسننه، ويظنون أنهم متقربون بذلك.

ثم يتجاوزون هذا إلى أن يعظم وقع تلك الأماكن في قلوبهم فيعظمونها ويرجون الشفاء لمرضاهم وقضاء حوائجهم بالنذر لها، وهي من بين عيون وشجر وحائط وحجر، وفي مدينة دمشق – صانها الله تعالى من ذلك – مواضع متعددة...» ا.هـ ([39]).

ومما يجدر التنبيه له ما نسمع به في هذا الزمان من تعظيم الآثار والعناية بها وزيارتها وإن لم يكن ذلك بقصد العبادة، وهذا مخالف للأدلة وما عليه سلف الأمة من الصحابة ومن جاء بعدهم من التابعين، ولما فيه من مشابهة الكفار، وتبذيرٍ للأموال والأوقات في غير طائل، وهي من وسائل الشرك ومن البدع المحدثة ([40]) .

رابعاً: التصوير ونصب الأنصاب وإقامة التماثيل:

لقد كاد إبليس الأمم بهذه المكيدة العظيمة، حيث أغراهم بتصوير الصور ونصب الأنصاب، التي عبدت من دون الله، روى ابن جرير عن محمد بن قيس ([41]) قال – في قوم نوح – : «كانوا قوماً صالحين من بني آدم، وكان لهم أتباع يقتدون بهم، فلما ماتوا قال أصحابهم الذين كانوا يقتدون بهم: لو صورناهم، كان أشوق لنا على العبادة إذا ذكرناهم، فصوروهم، فلما ماتوا وجاء آخرون دبَّ إليهم إبليس، فقال: إنما كانوا يعبدونهم، وبهم يسقون المطر فعبدوهم ([42]) ، وهكذا بدأت عبادة الأنصاب في قوم نوح ثم انتقلت إلى جزيرة العرب على خلاف في كيفية انتقالها ([43]) والراجح أنها انتقلت عن طريق عمرو بن لحي الخزاعي ([44]) ، ومما يؤيد ذلك قـوله صلى الله عليه وسلم في الحديث: «رأيت عمرو بن لحي الخزاعي يجر قصبه في النار، وكان أول من سيب السوائب» وفي لفظ «وغير دين إبراهيم» ([45]) .

ثم بعد ذلك أصبح لكل دار صنم يعبدونه من دون الله ويتمسحون به ([46]) .

«ولما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وجد حول البيت ثلاثمائة وستين صنماً فجعل يطعن بسهه قوسه في وجوهها وعيونها ويقول: { جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا } ([47]) ، وهي تتساقط على رؤوسها، ثم أمر بها فأخرجت من المسجد وحرقت» ([48]) .

والمتتبع للنصوص يتبين لـه مكايد الشيطان في إغواء الخلق بعبادة الصور والتماثيل من خلال:

1- تعظيم الموتى – كما سبق بيانه – حيث تصور هذه التماثيل على صورهم وتسمى بأسمائهم، ثم تعبد من دون الله – جل وعلا – وهذا كما حصل لقوم نوح – عليه السلام – .

2- تعظيم الكواكب والأجرام السماوية، فكانوا ينحتون هذه التماثيل على صور هذه الكواكب والأجرام السماوية باعتبارها مؤثرة عندهم في هذا العالم كالزهرة والشمس، والقمر، .... إلخ.

3- الغلو في المخلوق كما الحال عند النصارى؛ فلا تجد كنسية من كنائسهم تخلو من صور للمسيح عيسى وغيره من الحواريين وهم يسجدون لها، ويدعونها من دون الله ([49]) .

وهم عندما يعبدون هذه الصور والتماثيل، لا يعتقدون أنها تخلق وترزق، إنما كانوا يعبدونها باعتبار أنهم يعبدون تلك المخلوقات التي يعظمونها كالملائكة والجن والصالحين([50]).

وأحياناً يعظمون مخلوقات من الجمادات، كالنار والشجر والماء عند الحلبانية ([51]) .

4- دخول الشياطين في هذه الأصنام ومخاطبة عابديها وإخبارهم بالمغيبات مما زادهم بها فتنة وضلالاً، ولهذا قال تعالى على لسان إبراهيم – عليه السلام – مبيناً عظم ضلال عباد القبور: { وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبني أن نعبد الأصنام * رب إنهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإني غفور رحيم} ([52]) .

فهؤلاء العباد إنما هم في الحقيقة عابدون للشيطان، كما بين ذلك سبحانه في قوله تعالى: { ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون * قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون([53]) .

«ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة وقت طلوع الشمس ووقت غروبها، فإن الشيطان يقارنها حينئذ حتى يكون سجود عباد الشمس لـه وهم يظنون أنهم يسجدون للشمس وسجودهم للشيطان، وكذلك أصحاب دعوات الكواكب الذين يدعون كوكباً من الكواكب ويسجدون له ويناجونه ويدعونه ويصنعون لـه من الطعام واللباس والبخور والتبركات ما يناسبه... فإن هؤلاء تنزل عليهم أرواح تخاطبهم ببعض الأمور، ومنهم من يظن أنها ملائكة وإنما هي شياطين تنزل عليهم» ([54]) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – :

«والمشركون الذين وصفهم الله ورسوله بالشرك أصلهم صنفان: قوم نوح وقوم إبراهيم، فقوم نوح كان أصل شركهم العكوف على قبور الصالحين ثم صوروا تماثيلهم، ثم عبدوهم. وقوم إبراهيم كان أصل شركهم عبادة الكواكب والشمس والقمر. وكل من هؤلاء يعبدون الجن...» ([55]) .

خامساً: التحليل والتحريم والقول على الله بغير علم:

ومن مكايد الشيطان التي  كاد بها الخلق لإيقاعهم في الكفر تحريم الحلال وتحليل الحرام واتخاذ قوانين وصيغة يحكمون بها سائر شؤون حياتهم، وهذا من عبادة غير الله كما صرح بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث عدي بن حاتم ([56]) – رضي الله عنه – قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه و سلم وفي عنقي صليباً من ذهب فقال يا عدي!! اطرح عنك هذا الوثن، وسمعته يقرأ في سورة براءة:  {اتخذوا أحبارهم وأربابهم أربابا من دون الله} ([57])  قال: «أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم، ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئاً استحلوه، وإذا حرموا عليهم شيئاً حرموه» ([58]) .

وقد ذم الله المشركين المستحلين لما حرم في آيات كثيرة منها: قولـه تعالى: {قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم وحرموا ما رزقهم الله افتراء على الله قد ضلوا وما كانوا مهتدين} ([59]) .

وقوله تعالى: {قل هلم شهداءكم الذين يشهدون أن الله حرم هذا فإن شهدوا فلا تشهد معهم ولا تتبع أهواء الذين كذبوا بآياتنا والذين لا يؤمنون بالآخرة وهم بربهم يعدلون} ([60]) .

وقوله تعالى: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون } ([61]) .

فمن لم يفرد الله تعالى بالحاكمية، فهو منكر مكذب بآياته الشرعية والكونية، فأما الشرعية فالقرآن حافل بالآيات التي تنص على وجوب الحكم لله كما في قوله تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } ([62]) ، وقولـه: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون} ([63]).

وقولـه تعالى: {وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون}([64]) .

وهو مكذب بالآيات الكونية، إذ من يقر بأن الله تعالى هو الخالق الرازق المدبر كيف يتخذ سواه حاكماً ومشرعاً؟! فالحكم بما أنزل الله هو في الحقيقة إقرار بألوهية الله تعالى ونفي ألوهية ما سواه ([65]) .

وتظهر مكايد الشيطان في هذه القضية أنه أوهم كثيراً من حزبه وأوليائه أنه لا علاقة لهذا الدين بقضية التشريع والحاكمية، إذ إن الدين هو علاقة العبد بربه وماعدا ذلك من شؤون الحياة فلا دخل لـه بها، وهكذا انفصلت الحياة السياسية والتشريعية عن الدين فصلاً تاماً في كثير من بلدان المسلمين ولم تبق إلا بقية باقية في بعض الدول الإسلامية، وهذا أبرز ما دعت إليه العلمانية ([66]) ومن أقبح ثمارها الخبيثة.

ولهذا عده شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب – رحمه الله – من نواقض الإسلام العشرة فقال: «الرابع: من اعتقد أن هدي النبي صلى الله عليه وسلم أكمل من هديه أو أن حكم غيره أحسن من حكمه كالذين يفضلون حكم الطواغيت على حكمه فهو كافر» ([67]) أ. هـ.

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية في الرد على من يقول بالحكم بما أنزل الله في بعض الأمور دون بعضها: «فإذا كان بعض الدين لله وبعضه لغير الله وجب القتال حتى يكون الدين كله لله».

وقال أيضاً: «ومعلوم بالاضطرار من دين المسلمين واتفاق جميع المسلمين أن من سوغ اتباع غير دين الإسلام أو اتباع شريعة غير شريعة محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر وهو ككفر من آمن ببعض الكتاب وكفر ببعض الكتاب، كما قال تعالى: {إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا * أولئك هم الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا} ([68]) ...» ([69]) أ. هـ.

ويقول – رحمه الله – :

«كل طائفة خرجت عن شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة فإنه يجب قتالها باتفاق أئمة المسلمين وإن تكلمت بالشهادتين، فإذا أقروا بالشهادتين وامتنعوا عن الصلوات الخمس وجب قتالهم حتى يصلوا وإن امتنعوا عن الزكاة وجب قتالهم حتى يؤدوا الزكاة... وكذلك إن امتنعوا عن الحكم في الدماء والأموال والأعراض والأبضاع ونحوها بحكم الكتاب والسنة...» ([70]) أ. هـ.

وهل لدين أكمله رب الأرباب أن يكمله البشر أو يدعون ذلك؟!!  {كبرت كلمة تخرج من أفواههم }.

ومن اطلع على أسباب ظهور العلمانية في أوربا علم علماً يقيناً أنه لا مجال لها في ديار الإسلام، فأسباب ظهورها هناك لا وجود لها في بلاد الإسلام ولا حول ولا قوة إلا بالله ([71]) .

وأما القول على الله بغير علم، فيقول تعالى في تحريمه: {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون} ([72]) .

اعلم أن أصل الشرك والكفر: «هو القول على الله بلا علم. فإن المشرك يزعم أن من اتخذه معبوداً من دون الله، يقربه إلى الله، فكل مشرك قائل على الله بلا علم. دون العكس، إذ القول على الله بلا علم قد يتضمن التعطيل والابتداع في دين الله. فهو أعم من الشرك. والشرك فرد من أفراده» ([73]) .

ولهذا فالقائلون على الله بلا علم هم سبب ضلال الأمة في آخر الزمان كما ثبت في حديث عبدالله بن عمرو – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء. حتى إذا لم يبق عالماً، اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا» ([74]) .

قال الشاطبي – رحمه الله – تعليقاً على هذا الحديث:

«وهذا إخبار بمقدمة أنتجتها الفتيا بغير علم... وذلك أن الناس لا بد لهم من قائد يقودهم في الدين. وإلا وقع الهرج وفسد النظام، فيضطرون على الخروج إلى من انتصب لهم منصب الهداية، وهو الذي يسمونه عالماً فلا بد أن يحملهم على رأيه في الدين، لأن الفرض أنه جاهل فيضلهم عن الصراط المستقيم، كما أنه ضال عنه، وهذا عين الابتداع» ([75]) أ. هـ.

ولهذا كان من مكايد الشيطان لإيقاع البشر في الكفر والشرك أن زين لهم القول على الله بلا علم، إما رغبة في الرياسة والصدارة وتقرباً للحكام والسلاطين، وإما خوفاً من الاتصاف بالجهل، وإما تهاوناً بشرع الله واتباعاً للرخص واستحساناً في دين الله ما لم يشرع بحجة أن الناس بحاجة إليه وأنه لا ينافي أصول الدين.

ومن هنا أوقعهم الشيطان في عدة أمور منكرة منها:

1- الكذب والافتراء على الخالق سبحانه وتعالى.

2- الأمر بما لم يأمر به الحق.

3- التبديل والتغيير للأديان السماوية.

4- وصف الله سبحانه بما لا يليق به جل وعلا.

5- وأخيراً الوقوع في الشرك والكفر والبدع ([76]) .

سادساً: تحريف الأديان السماوية:

لقد سعى إبليس – لعنه الله – لصرف الناس عن عبادة الله، خصوصاً من لديهم كتب سماوية، وهم على هدى وبينه، إلى تحريف أديانهم وكتبهم السماوية حتى لم يبق من هذه الأديان سوى الأسماء.

يقول ابن القيم – رحمه الله – :

«أخذ دين المسيح في التبديل والتغيير حتى تناسخ واضمحل ولم يبق بأيدي النصارى منه شيء، بل ركبوا ديناً بين دين المسيح ودين الفلاسفة عباد الأصنام، وراموا بذلك أن يتلطفوا للأمم حتى يدخلوهم في النصرانية...» ([77]) أ. هـ.

فدعا إبليس أهل الكتاب إلى:

1- تعطيل الخالق والغلو في المخلوق حتى جعلوه شريكاً واتخاذ القبور مساجد كما سبق بيانه ([78]) .

4- التحايل على شرع الله، كما هو الحال عند اليهود، فكلما حرم الله عليهم شيئاً تحايلوا على أكله واستحلاله.

حيث حرم عليهم الصيد يوم السبت فتحايلوا حتى أمسكوا الحيتان في يوم الأحد، وإرسال الشباك يوم السبت، ولما حرم الله عليهم الشحوم أذابوها ثم باعوها، وأكلوا ثمنها.

5- قتل الأنبياء والرسل الذين جاؤوهم بالهداية والنور، واتخاذهم الأحبار والرهبان أنداداً من دون الله ([79]) .

ولقد اتخذ إبليس طرقاً من التحايل والتلبيس حتى أوقعهم في هذا الكفر والضلال من ذلك:

-إجراء خوارق ظنوها من المعجزات وهي عبارة عن أحوال شيطانية وأفعال سحرية.

-نقل أخبار تناقلوها ظناً منهم أنهم صحيحة، وهي كذب وافتراء.

-تصور الشياطين بصور صالحيهم، وأحياناً بصورة المسيح – عليه السلام – وأحياناً أخرى تتمثل لهم الشياطين وتقول للشخص: أنا ربك، وتخاطبهم بأمور هي سبب ضلالهم حتى ضلوا وأشركوا بالله وعصوا رسله ([80]) .

سابعاً: السحر والكهانة:

وقد سبق الكلام عن السحر، وسيأتي مزيد من التفصيل – إن شاء الله – ولكن المقصود هنا بيان مكايد الشيطان في إيقاع البشر في الشرك والكفر من خلال السحر، حيث تظهر لنا مكايده في هذا الشأن من خلال:

-أن من يتعاملون بالسحر – غالباً – لا بد أن يسجدوا للشياطين، وقد تطلب منهم الشياطين إهانة القرآن أو فعل الفاحشة أو أكل الميتة وشرب الخمر، وقد زين لهم الشيطان أعمالهم هذه، فأكلوا أموال الناس بالباطل.

-إيهام العوام والسذج، ومن قل فهمه لهذا الدين بأن في السحر تحقيق لرغباتهم وقضاء لسائر حوائجهم التي لا يقدر عليها أحد من البشر، ولهذا تمت خدعتهم ووقع ضحية هذا البلاء كثير من البشر.

-التمويه والخداع حيث كانت الشياطين تحمل السحرة في الهواء، وتسير بهم فوق الماء، مما زاد الناس بهم فتنة.

-إغراء الشيطان للسحرة بالحصول على المال والشهرة والجاه والسلطان، فزادهم ذلك طمعاً وشحاً.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – معلقاً على قوله تعالى: {واتبعوا ما تتلو الشياطين ..} ([81]) .

«لما مات سليمان عمدت الشياطين إلى أنواع من الشرك فكتبوها ووضعوها تحت كرسيه، وقالوا: كان سليمان يُسَخِّر الجن بهذا، فصار هذا فتنة لمن صدّق بذلك، وصاروا طائفتين: طائفة علمت أن هذا من الشرك والسحر وأنه لا يجوز، فطعنت في سليمان كما فعل ذلك كثير من أهل الكتاب... وطائفة قال: سليمان نبي، وإذا كان قد سخر بهذا دل على أن هذا جائز؛ فصاروا يقولون ويكتبون من الأقوال التي فيها الشرك والتعزيم والإقسام بالشرك والشياطين ما تحبه الشياطين وتختاره، ويساعدونهم لأجل ذلك على بعض مطالب الإنس...» ([82]) أ. هـ.

ومن مكايد الشيطان لإيقاع الناس في الشرك والكفر والكهانة وادعاء علم الغيب:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – :

(والكهان كان يكون لأحدهم القرين من الشياطين يخبره بكثير من المغيبات بما يسترقه من السمع، وكانوا يخلطون الصدق بالكذب، كما في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري وغيره، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الملائكة تنزل في العنان وهو السحاب فتذكر الأمر قضي في السماء فتسترق الشياطين السمع فتوحيه إلى الكهان فيكذبون معها مائة كذبة من عند أنفسهم» ([83]) ... ) ([84]) .

ثامناً: التقليد الأعمى:

ومن مكايد إبليس لإيقاع البشر في الشرك والكفر: التقليد ([85]) ، فقد كاد به قلوب كثير من الناس؛ حيث حسن، زين لهم التقليد والإتباع بلا دليل، ولهذا كان سبباً من أسباب انحراف الأمم قبلنا، فنجد أن اليهود سألوا موسى – عليه السلام – أن يجعل لهم آلهة من حجر عندما مروا على قوم عاكفين على أصنامهم، قال تعالى: {وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا ياموسى اجعل لنا إلها كما لكم آلهة قال إنكم قوم تجهلون}. ([86]) .

وعبدوا بعد ذلك العجل مقلدين للأمم قبلهم، حتى أشربوا حبه في قلوبهم.

بل إن التقليد هو الذي دفع النصارى للقول بأن المسيح ابن الله،
كما بين ذلك الحق سبحانه وتعالى في كتابه، قال تعالى: {وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون} .
([87]) .

وكذلك قلد النصارى الوثنيين في عقائدهم كعقيدة التثليث ([88]) ، وغير ذلك([89]) .

وهكذا سارت الأمم على هذا النهج كل أمة تقلد الأخرى في كفرها وضلالها، وكذلك الاتباع يقلدون الرؤساء والمترفين في فسقهم وفجورهم بحجة واهية من وحي إبليس – أبعده الله – قال تعالى: {وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون}. ([90]) .

وقوله تعالى: {وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون }. ([91]) .

تاسعاً: اتباع الهوى والشهوات:

قال تعالى: {كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله رب العالمين * فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها وذلك جزاء الظالمين } ([92]) .

وفي تفسير هذه الآية قيل إن المراد بها راهباً من بني إسرائيل وقصته معروفة ([93]) وقال مجاهد: المراد بالإنسان هاهنا جميع الناس في غرور الشيطان إياهم ...» ([94]) ا.هـ.

ومعنى قوله تعالى: {إذ قال للإنسان اكفر} «أي أغواه حتى قال إني كافر» ([95]) فلما أوصله إلى الكفر تخلى عنه – بعد أن وعده ومنّاه – وتركه يواجه مصيره الأخروي والعياذ بالله.

كما أنه يحسن للبشر اتباع الهوى، حتى دفعهم إلى تقرير الحكم الذي يحقق أهواءهم، حتى تصبح الأهواء أحب إليهم من الحق الذي جاء به سيد المرسلين، لهذا كان سبب ضلال من ضلَّ من أهل الكتاب وسبب ضلال من انحرفت وخرجت من الجماعات والفرق الإسلامية.

وقد ذم الله تعالى متبعيه في آيات كثيرة في كتابه، قال تعالى: {فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين } ([96]) ، وقوله تعالى: {أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه و قلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون} ([97]) .

وقال تعالى مخاطباً داود – عليه السلام – : {ياداود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله} ([98]) .


 

([1])   انظر: مفتاح دار السعادة، لابن القيم، (1/206)، وانظر: تفسير المعوذتين، لابن القيم، ص 112 وما بعدها.

([2])   سورة الإسراء، الآيتان: (62-63).

([3])   فتح القدير، للشوكاني، (3/241)، وانظر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير، (4/325).

([4])   رواه مسلم في كتاب الفتن، شرح النووي، (18/76)، ورواه أحمد في المسند، رقم 6555، تحقيق: أحمد شاكر.

([5])   اقتبست بعض العناوين من  كتاب عالم الجن في ضوء الكتاب والسنة، ص 529 وما بعدها، لفواز عبدالله.

([6])   رواه البخاري في صحيحه، كتاب بدء الخلق، باب (صفة إبليس وجنوده،رقم 3102 (3/1194). ورواه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، رقم 134، (1/120).

([7])   أخرجه أحمد في مسنده، (1/235)، وأبو داود في سننه، في كتاب الأدب، باب (في رد الوسوسة)،(5/336)، بنحوه، وابن حبان في صحيحه، (1/362)، رقم 150، ط. الثانية، 1414هـ/ 1993م، مؤسسة الرسالة، بيروت، 490، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، وابن خزيمة في صحيحه، رقم 2559.

([8])   رواه ابن حبان في صحيحه رقم: 150 (1/362).

([9])   جلق الرأس أي محلوق الشعر وهي صفة ذم يقال للرجل جوالق عند إرادة ذمه، انظر لسان العرب (10/36) النهاية في غريب الحديث (1/287).

([10])   رواه البيهقي في دلائل النبوة (7/125)، والطبراني في المعجم الأوسط رقم: 5966 (6/114)، والذهبي في ميزان الاعتدال (2/402) في ترجمة عبدالله بن جعفر، أحد رواة الحديث، وقال عنه: «متفق على ضعفه» ا.هـ، وتشهد له الأحاديث التي قبله.

([11])   انظر ص 232 وما بعدها، وص378.

([12])   التوسل والوسيلة، لشيخ الإسلام ابن تيمية، ص 301.

([13])   الآيات البينات في تحريم دعاء الأموات، علي بابكر، ص 20، ط. الأولى، 1418هـ.

([14])   سورة يونس، الآية: 18.

([15])   انظر: تطهير الاعتقاد، للشوكاني، ص 24.

وتأمل حال أغلب بلاد المسلمين اليوم ففي مصر يدعون ضريح البدوي والسيدة زينب والرفاعي، وفي حضر موت بحر النور، وفي العراق والهند يدعون عبدالقادر الجيلاني.

وتأمل حال الرافضة وكيف اتخذوا من مشهد الحسين وثناً وخالقاً... نعوذ بالله من الضلال.

([16])   الأمر بالاتباع والنهي عن الابتداع، للحافظ جلال الدين السيوطي، ص 138، تحقيق: مشهور حسن سلمان، نشر دار ابن القيم، ط. الأولى، 1410هـ/ 1990م.

([17])   الصوفية فرقة كانت تدعو إلى الزهد والعبادة والانقطاع عن الترف والملذات ثم تحولت إلى انحراف فكري واتخذت لها طرقاً متنوعة وهم أقسام متعددة منهم: الحلولية القائلون بحلول الله تعالى في بعض مخلوقاته، ومنهم الوجودية القائلون بوحدة الوجود، ومنهم الإباحية، ومنهم القبورية عباد قبور الأنبياء والأولياء، ومن أبرز من دعا إلى الحلول والاتحاد الحلاج وابن الفارض وابن عربي والتلمساني وغيرهم. ومن أبرز الطرق الصوفية التيجانية والرفاعية والشاذلية والنقشبندية.

انظر: مجموع الفتاوى (11/5-7)، الموسوعة الميسرة (2/249 وما بعدها).

([18])   الشيعة: هم الذين شايعوا علياً – رضي الله عنه – وادعوا إمامته وخلافته وتقديمه على أبي بكر وعمر، وادعوا العصمة للأئمة من الصغائر والكبائر مطلقاً، وهم فرق كثيرة وأصولها ثلاث: الغلاة، والإمامية، والزيدية، انظر: المقالات لأبي الحسن الأشعري ص5 وما بعدها، الملل والنحل للشهرستاني (1/146).

([19])   انظر: الشيعة والسنة، لإحسان إلهي ظهير، ص 56.

([20])   جواهر المعاني وبلوغ الأماني في فيض أبي العباس التيجاني، تأليف: علي حرازم ابن العربي براده، ص 63، دار الجيل، بيروت، ط. عام 1408هـ/ 1988م.

([21])   اقتضاء الصراط المستقيم، (1/76).

([22])   هو محمد بن سعيد بن حماد بن عبدالله البوصيري المصري، شاعر، نسبته إلى بوصير من أعمال بني سويف، بمصر، أصله من المغرب، توفي بالاسكندرية، سنة 696هـ، لـه ديوان شعر وأشهر شعره البردة ، شرحها وعارضها الكثيرون، انظر: الأعلام، للزركلي، (6/239).

([23])   ديوان البوصيري، ص 200، تحقيق، محمد سيد، مطبعة مصطفى الحلبي، مصر، 1374هـ.

([24])   المرجع السابق، نفس الصفحة.

([25])   الثورة الإيرانية في ميزان الإسلام، محمد منظور نعماني، ص 136، ط. دار عمار، عمان.

([26])   كشف الأسرار، للخميني، ص 140، وانظر: الخميني بين التطرف والاعتدال، د. عبدالله الغريب، ص 43.

([27])   منهاج السنة، لابن تيمية، (1/475).

([28])   يقع شرق مكة، وفيه الغار الذي كان الرسول × يتعبد فيه قبل نزول الوحي. انظر: معجم البلدان للحموي (2/233).

([29])   يقع جنوب مكة، وفيه الغار الذي اختفى فيه الرسول × مع أبي بكر حين هاجر إلى المدينة. انظر: شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام (2/281)، تأليف تقي الدين محمد بن أ؛مد الفاسي ط. دار الكتب العلمية، بيروت.

([30])   الجبل المعروف بمكة والذي يقف عنده الحجيج يوم عرفة ويسمى جبل الرحمة.

([31])   يقع شمال المدينة وعنده وقعت معركة أُحد المشهورة.

([32])   يقع شرقي القدس في صحراء سيناء بمصر حالياً ويسمى بجل الزيتون. انظر: معجم البلدان لحموي (4/48).

([33])   تقع عند الصفا، وهي الدار التي كان يدعو فيها النبي × إلى الإسلام، انظر أخبار مكة للفاكهي (4/12).

([34])   انظر: التفصيل في ذلك في كتاب التبرك، د. ناصر الجديع، ص 428-464.

([35])   رواه البخاري في كتاب التطوع، باب (فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة) رقم1132 (1/398)، ورواه مسلم في كتاب الحج، باب (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد)، رقم 1397، (2/1014)، «بلفظ مسجدي هذا»

([36])   رواه البخاري في كتاب الحج، باب (ما ذكر في الحجر الأسود)، (2/582)، رقم 1582، ورواه مسلم في كتاب الحج، باب (استحباب تقبيل الحجر الأسود في الطواف)، (2/925)، رقم 1270، واللفظ لمسلم.

([37])   زاد المعاد، (1/48)، وانظر: مجموع الفتاوى، (27/79).

([38])   هو أبو القاسم عبدالرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم المقدسي، المشهور بأبي شامة، شافعي المذهب، ولد سنة 599هـ، وتوفي سنة 655هـ، من كتبه الرؤية، الباعث على إنكار البدع والحوادث، كان أحد الائمة، تلا على السخاوي، وعني بالحديث.

وانظر: طبقات الشافعية الكبرى، للسبكي، 8/165-169، ط. الثانية، 1413هـ/ 1992م، نشر هجر.

([39])   الباعث على إنكار البدع والحوادث، لأبي شامة، 101.

([40])   انظر مجموع فتاوى ومقالات سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز، الجزء الأول، في موقع الشيخ على شبكة المعلومات.

وفيها رد طويل على مقال للمدعو صالح محمد جمال بعنوان (الآثار الإسلامية) نشر في صحيفة الندوة في عددها الصادر 24/5/1387هـ.

([41])   محمد بن قيس ابن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف المطلبي، روى عن النبي × مرسلاً، وعن أبي هريرة وعائشة وعن أمه عن عائشة... قال أبو داود ثقة وذكره ابن حبان في الثقات..» تهذيب التهذيب، لابن حجر، 9/366، ط. الاولى، 1404هـ/ 1984م، دار الفكر للنشر والتوزيع.

([42])   رواه ابن جرير في تفسيره، (14/98-99)، وأصله في الصحيحين،انظر:ص 11.

([43])   انظر: رسالة الشرك ومظاهره، تأليف: مبارك الميلي، ص69-71 .

([44])   هو عمرو بن لحي بن حارثة بن عمر ابن عامر الأزدي، وهو جد خزاعة، تولى الحجابة بمكة، وزار بلاد الشام فلما وصل مآب من أرض البلقاء وجدهم يعبدون الأصنام، فأعجبه ذلك فطلب منهم أن يعطوه صنماً فأعطوه «هبل» فقدم به على مكة ونصبه للعبادة والتعظيم، فكان أول من فعل ذلك من العرب.

انظر: السيرة لابن هشام، (1/121-123)، البداية والنهاية، لابن كثير، (2/174)، الأعلام للزركلي، (5/84).

([45])   رواه البخاري في كتاب التفسير، باب {ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام }، رقم 4348، (4/1691)، عن عائشة رضي الله عنها.

([46])   انظر: إغاثة اللهفان، (2/309).

([47])   سورة الإسراء، الآية: 81.

([48])   إغاثة اللهفان، (2/314).

([49])   انظر: إغاثة اللهفان، (2/408).

([50])   انظر: مجموع الفتاوى، لشيخ الإسلام ابن تيمية، (1/361-362).

([51])   «تزعم هذه الفرقة أن الماء لما كان أصلاً لكل شيء وبه كل ولادة ونشوء وطهارة وعمارة، وما من عمل في الدنيا إلا ويحتاج إلى الماء فكان حقه أن يعبد».

إغاثة اللهفان، (2/344)، وانظر: للاستزادة، (2/341) وما بعدها.

([52])   سورة إبراهيم، الآيتان: 35-36.

([53])   سورة سبأ، الآيتان: 40-41.

([54])   مجموع فتاو ى شيخ الإسلام ابن تيمية، (10/450-451).

([55])   المرجع السابق، (1/157).

([56])   عدي بن حاتم بن عبدالله بن سعد بن امرئ القيس بن عدي الطائي، ولد الجواد المشهور... أسلم سنة تسع وقيل سنة عشر، وكان نصرانياً قبل ذلك، وشهد فتوح العراق ثم سكن الكوفة وشهد صفين مع علي، ومات بعد الستين، قيل في زمن المختار وهو ابن مائة وعشرين، كان من الأجواد العقلاء ورئيس طيء في الجاهلية والإسلام، انظر: الإصابة، لابن حجر، (4/228-229)، الأعلام، للزركلي، (4/220).

([57])   سورة التوبة، الآية: 31.

([58])   رواه الترمذي في كتاب التفسير، باب (سورة التوبة)، رقم 3095،   ، وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث عبدالسلام بن حرب وغطيف بن أعين ليس بمعروف في الحديث. أ. هـ.

ورواه ابن جرير في تفسيره، (6/114)، وفي سنده غطيف بن أعين، وروى نحوه من عدة طرق، وراه موقوفاً على حذيفة بن اليمان وابن عباس والحسن وابن البحتري وغيرهم، ونسبه ابن كثير في تفسيره، (3/385)، للإمام أحمد والترمذي، وقال محمد عفيفي في تحقيق إغاثة اللهفان: «لم أجده في مسند الإمام أحمد والحديث: ضعيف لأن فيه غطيف بن أعين، وقد حسنه الشيخ ناصر الألباني في غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام، ص 20»أ.هـ. (2/438-439).

([59])   سورة الأنعام، الآية: 140.

([60])   سورة الأنعام، الآية: 150.

([61])   سورة التوبة، الآية: 29.

([62])   سورة المائدة، الآية: 44.

([63])   سورة المائدة، الآية: 45.

([64])   سورة المائدة، الآية: 47.

([65])   انظر: في ظلال القرآن، لسيد قطب، (3/1228) و(2/828)، دار الشروق، ط.12، عام 1406هـ/ 1986م.

([66])   العلمانية: وهي تعني اللادينية أو الدنيوية، وهي دعوة إلى إقامة الحياة بعيداً عن الدين، نشأت في أوروبا نتيجة لهيمنة الكنسية واستبدادها، ثم انتقلت إلى البلاد العربية والإسلامية بعد الاستعمار، وكان لها دعاة حملوا لواءها ونشروها، ومن أبرزهم كمال أتاتورك حاكم تركيا، وقاسم أمين، وطه حسين، وغيرهم، انظر: الموسوعة الميسرة، ص 365، العلمانية، د. سفر الحوالي.

([67])   مجموع التوحيد، ص 27، لابن تيمية ومحمد بن عبدالوهاب، ونخبه من العلماء، ط. دار الفكر.

([68])   سورة النساء، الآيتان: 150-151.

([69])   الفتاوى الكبرى، لابن تيمية، (4/286).

([70])   المرجع السابق، 4/279.

([71])   انظر: العلمانية وأسباب ظهورها في كتاب العلمانية، للشيخ د. سفر الحوالي، وتهافت العلمانية، لعماد الدين خليل.

([72])   سورة الأعراف، الآية: 33.

([73])   مدارج السالكين، لابن القيم، (1/373)، وانظر: تعليق الشيخ محمد حامد الفقي على المدارج، (1/373).

([74])   رواه البخاري، (1/174)، ورواه مسلم، رقم 2673، (4/2059).

([75])   الاعتصام، للشاطبي، (2/83).

([76])   انظر: مدارج السالكين، لابن القيم، (1/372).

([77])   إغاثة اللهفان، (2/384).

([78])   انظر ص 81 وما بعدها.

([79])   انظر: إغاثة اللهفان، 2/437.

([80])   انظر: فتح المنان في جمع كلام شيخ الإسلام ابن تيمية عن الجان، تأليف أبي عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان، ص 182-183، نشر مكتبة التوحيد، المنامة، البحرين، ط. الأولى، 1419هـ/ 1999م.

([81])   سورة البقرة، الآية: 102.

([82])   فتح المنان في جمع كلام شيخ الإسلام ابن تيمية عن الجان، لأبي عبيدة مشهور آل سلمان، (1/179-180).

([83])   رواه البخاري في كتاب بدء الخلق، باب (ذكر الملائكة)، رقم 3038 (3/1175)، عن عائشة – رضي الله عنها – .

([84])   مجموع الفتاوي، لابن تيمية، (11/283).

([85])   قد سبق الكلام عن التقليد في أسباب الانحراف عن الفطرة,

([86])   سورة الأعراف، الآية: 138.

([87])   سورة التوبة، الآية: 30.

([88])   أحد العقائد المعروفة عن قدماء المصريين وعند الهنود والصينيين والفرس واليونان وغيرهم، ويرى بعض الباحثين أنه نشأ في النصرانية على يد بولس الذي كان متأثراً بالفلسفة الإغريقية والتثليث يعني عندهم بأن الله ثلاثة أقانيم وهي الأب والابن (عيسى عليه السلام) والروح القدس ويزعمون أن الثلاثة أزلية وعلى ذلك تجمع جميع الكنائس على اختلاف بسيط. انظر: الموسوعة الميسرة في الأديان (2/1000).

([89])   انظر: كتاب علم أصول البدع، تأليف علي بن حسن بن علي بن عبدالحميد الأثري،ص 179-183،دار الراية، الرياض، ط. الأولى، 1413هـ/ 1992م، والموسوعة الميسرة في الأديان (2/577-578) ط. الرابعة.

([90])   سورة الزخرف، الآية: 23.

([91])   سورة البقرة، الآية: 170.

([92])   سورة الحشر، الآية: 16 .

([93])   كما روى ابن جرير بسنده عن علي رضي الله عنه يقول: «إن راهباً تعبد ستين سنة وإن الشيطان أراده فأعياه فعمد إلى امرأة فأحبها ولها إخوة فقال لإخوتها عليكم بهذا القس فيداويها فجاءوا بها قال فداواها وكانت عنده فبينما هو يوماً عندها إذ أعجبته فأتاها فحملت فعمد إليها فقتلها فجاء إخوتها فقال الشيطان للراهب أنا صاحبك إنك أعييتني أنا صنعت بك هذا فأطعني أنجك مما صنعت بك اسجد لي سجدة فسجد له فلما سجد له قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين ..».

وقد رواه الحاكم في المستدرك (2/526) وقال: «صحيح الإسناد ولم يخرجاه» ا.هـ. قال السيوطي: «اخرجه عبدالرازق وابن راهويه وأحمد في الزهد وعبد بن حميد والبخاري في تاريخه وابن جرير وابن المنذر والحاكم صححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان ...» الدر المنثور للسيوطي (8/116).

وذكر البخاري في التاريخ الكبير (5/213) ط. دار الفكر، تحقيق السيد هاشم الندوي، والمزي في تهذيب الكمال (13/464) تحقيق د. بشار معروف ط. الأولى 1400هـ/1980م، مؤسسة الرسالة، بيروت.

وروي نحوه عن ابن مسعود وابن عباس وطاووس ومقاتل مرسلاً، انظر جامع البيان (28/48-
51)، قال ابن كثير: «واشتهر عند كثير من الناس أن هذا العابد هو برصيصا فالله أعلم» ا.هـ، حلية الأولياء (4/7).

([94])   الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (18/42)، وانظر جامع البيان لابن جرير (28/51). وقال السيوطي أخرجه عبد بن حميد، الدر المنثور (8/119).

([95])   الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (18/42)، وجامع البيان لابن جرير (28/51).

([96])   سورة القصص، الآية: 50.

([97])   سورة الجاثية، الآية: 23.

([98])   سورة ص، الآية: 26.