ومن وسائل التحصين من الشيطان الرجيم، تحصين الأهل والأولاد، ولذلك عدة وسائل شرعية منها:

1- الاستعاذة بالله، وذلك بتعويذ الأطفال بالله، كما كان يفعل الرسول صلى الله عليه وسلم مع الحسن والحسين، كما في البخاري عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين: (أعيذكما بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة، ويقول: إن أباكما يعوذ بها إسماعيل وإسحاق).

2- ذكر الله عند دخول المنزل، كما سبق.

3- التسليم على الأهل والأولاد

عن أبي أمامة الباهلي – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاثة كلهم ضامن على الله عز وجل: رجل خرج غازياً في سبيل الله عز وجل فهو ضامن على الله عز وجل حتى يتوفاه فيدخله الجنة، أو يرده بما نال من أجر وغنيمة، ورجل راح إلى المسجد فهو ضامن على الله حتى يتوفاه فيدخله الجنة أو يرده بما نال من أجر وغنيمة، ورجل دخل بيته بسلام فهو ضامن على الله سبحانه وتعالى) ([1]) .

ومعنى ضامن: «أي صاحب ضمان، والضمان الرعاية للشيء، فمعناه أنه في رعاية الله»أ. هـ ([2]) .

وقد سبق حديث أنس – رضي الله عنه – قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : (يا بني إذا دخلت على أهلك فسلم، يكن بركة عليك وعلى أهل بيتك) ([3]) .

4- كثرة تلاوة القرآن الكريم في البيت كما سبق.

5- تطهير المنازل من الغناء والموسيقى والكلاب والأجراس والصلبان والتصاوير والتماثيل، لأنها جميعاً وسائل إبليس، وقد ورد النهي عنها، قال تعالى:.( وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ ۚ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا )

 

 

قال مجاهد وغيره: صوت الشيطان الغناء، وقد سبق الكلام فيه([4]).

وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب ولا جرس) ([5]) .

وعن عائشة – رضي الله عنها – قالت: (لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يترك في بيته شيئاً فيه تصاليب إلا نقضه) ([6]) .

وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه تماثيل أو تصاوير) ([7]) .

قال النووي – رحمه الله – : «قال أصحابنا ([8]) وغيرهم من العلماء تصوير صورة الحيوان حرام شديد التحريم وهو من الكبائر» ([9]) .

وقال أيضاً: «ولا فرق في هذا كله بين ماله ظل وما لا ظل لـه... وبمعناه قال جماهير العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وهو مذهب الثوري ومالك وأبي حنيفة وغيرهم» أ. هـ ([10]) .

وسبب امتناع الملائكة من دخول بيت فيه صورة؛ «لكونها معصية فاحشة وفيها مضاهاة لخلق الله تعالى، وبعضها في صورة ما يعبد من دون الله تعالى» ([11]) .

وأما امتناعها عن دخول بيت فيه كلب:

1-   بسبب النجاسة العينية الملازمة لها، ولكثرة أكله لها ولنتن رائحته.

2-   ولأن بعضها من الشياطين.

3- وللنهي في اتخاذها فيعاقب من يقتنيها بحرمانه من دخول الملائكة وحصول البركة والخير الذي عدمها يؤدي إلى وجود
الشياطين
([12]).

6- الإكثار من النوافل في البيت.

وفي الحديث: (إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده فليجعل لبيته نصيباً من صلاته، فإن الله جاعل في بيته من صلاته خيراً) ([13]) .

ولا شك أن الشياطين تفر من البيت العامر بذكر الله والصلاة.

قال النووي – رحمه الله – : «وإنما حث على النافلة في البيت لكونه أخفى وأبعد عن الرياء، وأصون عن المحبطات وللتبرك بذلك، وتنزل فيه الرحمة والملائكة، وينفر منه الشيطان» ([14]) .

7- تذكير الأطفال والجهال بالتسمية عند الطعام، حتى لا يتخذ منهم الشيطان وسيلة لاستحلال الطعام، كما في حديث الجارية التي جاءت تدفع وقد سبق ([15]) .

8- الدعاء عند الجماع، بقولـه: (اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا)([16]) .

9- منعهم من الخروج إذا أقبل الليل، لانتشار الشياطين، كما في الحديث: (إذا كان جنح الليل فكفوا صبيانكم فإن الشياطين تنتشر حينئذ، فإذا ذهب ساعة من الليل فخلوهم) ([17]) .

10- تعليمهم الأذكار، وحثهم على المداومة عليها.

ومنها أذكار النوم، وآية الكرسي، والمعوذتين، كما كان فعل الأنبياء والسلف – رحمهم الله – فقد كان إبراهيم – عليه السلام – يعوذ إسماعيل وإسحاق، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يعوذ الحسن والحسين، وفي هذا تعليم لهم، وكان عبدالله بن عمرو بن العاص يعلم من عقل من أبنائه أن يقول عند النوم: (أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وشر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون) ([18]) .



([1])   رواه أبو داود في كتاب: «الجهاد»، باب: (فضل الغزو في البحر)، رقم: 2494، (3/7)، ط. دار الفكر، والحاكم في المستدرك، رقم: 2400، (2/83)، وقال: «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه»أ. هـ، والبيهقي في السنن الكبرى، رقم:18319، (9/166)، وحسنه النووي في الأذكار، ص 2.

([2])   الأذكار، للنووي، ص 2.

([3])   سبق تخريجه.

([4])   انظر: ص

([5])   رواه مسلم في كتاب: «اللباس والزينة»، رقم: 2112، (3/1672).

([6])   رواه البخاري في كتاب: «اللباس»، باب: (نقض الصور)، رقم: 5608، (5/2220).

([7])   رواه البخاري في كتاب: «المغازي»، باب: (التصاوير)، رقم: 5605، (4/1470)، ورواه مسلم، في كتاب: «اللباس والزينة»، رقم: 2112، (3/1672)، واللفظ له.

([8])   يعني الشافعية.

([9])   صحيح مسلم بشرح النووي (14/81).

([10])   المرجع السابق (14/94)، وانظر: التمهيد، لابن عبدالبر (1/302).

([11])   المرجع السابق (14/84).

([12])   انظر: المرجع السابق، نفس الجزء والصفحة، وانظر: فتح الباري (10/381)، ط. دار المعرفة.

* ويرد على ذلك اشكال وهو: هل تكتب الملائكة أعمال من عنده كلب أو صورة، وتدخل لقبض روحه، واجيب عن هذا:

«إن الحديث محمول على أنهم لا يدخلون بيتاً فيه شيء من ذلك، دخول إكرام لصاحبه ودعاء لـه وتبريك عليه، ولا يمنع ذلك من دخولهم لكتابة الأعمال وقبض الأرواح، ومثل هذا غير مستنكر، فإن فساد صاحب المنزل لا يمنع من دخول صلحاء الناس منزلـه مؤاخين لـه أو مترددين إليه، ولا يمنعهم من أن يدخلوه منكرين عليه ومغيرين، أو مطالبين لـه بحق لزمه....»، الهبائك للسيوطي،
ص 215.

فالمراد الملائكة السياحين الذين ينزلون بالرحمة والبركة، لا الملائكة الذين يكتبون الأعمال والذين يقبضون الأرواح، انظر: المرجع السابق، ص 214، وفتح الباري (10/405)، ومعالم السنن (1/65)، وشرح مسلم للنووي (14/84).

وقيل: «لا يدخلون ويبلغهم الله تعالى عمل العبد»، انظر: المنهاج في شعب الإيمان (1/302 وما بعدها)، للحليمي، تحقيق: حلمي محمد فودة، ط. الأولى، عام 1399هـ، دار الفكر.

([13])   رواه مسلم.

([14])   صحيح مسلم بشرح النووي (6/68).

* جاء في حديث ضعيف (إن الشيطان لا يخبل أحداً في دار فيها فرس عتيق) وقد رواه الطبراني في المعجم الكبير رقم: 506 والحارث في مسنده رقم: 6052 (2/676) وأحمد في الآحاد والمثاني رقم: 2696 (5/158)، ط. الأولى 1411-1991م، دار الراية، الرياض، وقال ابن كثير في تفسيره (2/323) ط. دار الفكر، «هذا حديث منكر لا يصح إسناده ولا متنه» ا.هـ، قال القرطبي – رحمه الله – : «وإنما سمي عتيقاً لأنه تخلص من الهجانة .. وروي أن الجن لا تقرب داراً فيها فرس وأنها تنفر من صهيل الخيل ..» ا.هـ، الجامع لأحكام القرآن (8/38).

([15])   سبق تخريجه.

([16])   سبق تخريجه.

([17])   سبق تخريجه.

([18])   سبق تخريجه.